الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الإدخار ومشكلة الإنتاج في مصر

إسلام موسى

2016 / 5 / 29
الادارة و الاقتصاد


في البلاد النامية - تلك البلاد التي في طريقها إلى النمو أو غير مكتملة أو ضعيفة التصنيع – تظهر فيها مشكلة إنخفاض المحصلة الإنتاجية، وتعود أسباب تلك المشكلة إلى عدد من العوامل؛ من بينها الإدخار، فالدول الفقيرة التي تنخفض فيها الدخول الثابتة لمعظم الأفراد العاملين بها تذهب تلك الدخول بشكل مباشر وكامل إلى الإستهلاك، وبالتالي يصعب للفرد العامل صاحب الدخل الثابت المنخفض تحقيق أى شكل من أشكال الإدخار ويتبع ذلك صعوبة أو انعدام تراكم رأس المال اللازم لتمويل المشروعات الصغيرة.
وعلى الجانب الأخر تستطيع فقط فئة قليلة من أصحاب الدخول الثابتة والمرتفعة – وهم العاملين في فروع عدد من القطاعات كالبترول والكهرباء وغيرها – ممن تكون نسبة إستهلاكهم من السلع الإستهلاكية من كل الأنواع أقل من إيرادتهم تحقيق معدل ثابت من الإدخار؛ ويعود ذلك للنمط الغير مساواتي في توزيع الدخول القومية بين القطاعات الإنتاجية المختلفة وبين فروع القطاعات نفسها.

وإذا نظرنا إلى تلك المشكلة في مصر تحديداً نجدها لا تقف عند حدود الأجور الثابتة وإنما تمتد إلى نسب توزيع الأجور الثابتة إلى الأجور الأجور المتغيرة، فالتقرير الصادر عن وزارة المالية المصرية لهيكل الأجور والبدلات النقدية والعينية عن السنة المالية 2011 / 2012 حتى السنة المالية 2013 / 2014 يبين أن نسبة الأجور الثابتة ( المرتبات الأساسية ) تمثل 19% فقط من هيكل الأجور المدفوعة بينما تمثل الأجور المتغيرة ( مزايا عينية و مزايا نقدية وبدلات نوعية والمكافأت ) تمثل 79% من هيكل الأجور.

لا تكمن مشكلة نسب توزيع الأجور الثابتة إلى الأجور المتغيرة في الفجوة الكبيرة بينهما – وهو وضع غريب – وإنما تكمن المشكلة الحقيقية في إنعدام المعايير الواضحة لتوزيع تلك الأجور المتغيرة على الموظفين العاملين بالقطاعات الحكومية، فمعايير كالكفاءة والخبرة في الأغلب لا يؤخذ بهما في الإعتبار عند توزيع تلك الأجور؛ وإنما يؤخذ بمعايير أخرى كمدى نفوذ وقوة الجهة أو المؤسسة الحكومية في الجهاز الإداري للدولة ومن أبرز تلك الجهات والمؤسسات النافذة لدى الجهاز الإداري للدولة وزارة الداخلية، ووزارة الدفاع، ووالهيئات القضائية، ووزارة المالية، ووزارة الكهرباء والطاقة والشركات القابضة للكهرباء التابعة لها، وعدد من الهيئات كهيئة قناة السويس، والهيئة العامة للبترول.

ونتيجة لذلك تظهر معدلات التفاوت الكبيرة بين دخول الأفراد العاملين في الجهات والمؤسسات الحكومية بعضها البعض، فنجد أفراداً يعملون في عدد من الجهات والمؤسسات الحكومية التي ذكرناها من قبل يتقاضون مرتبات تفوق مرتبات نظرائهم في مؤسسات حكومية أخرى أقل قوة ونفوذ في الجهاز الإداري للدولة بعشرات أضعاف المرات، على الرغم من أنهم قد يحملون جميعاً نفس التخصص العلمي وسنوات الخبرة.

إن إنعدام المعايير والقواعد المنظمة لتوزيع الأجور الثابتة والأجور المتغيرة بالإضافة إلى التباطؤ في إقرار الضرائب التصاعدية على أصحاب الضرائب العليا سيعملان على زيادة الهوة بين أصحاب الدخول الثابتة المنخفضة، وبين أصحاب الدخول الثابتة والمتغيرة المرتفعة، وبالتالي إستمرار عجز الفئة الأولى عن تحقيق أى شكل من أشكال الإدخار تمكنها من إنشاء مشاريع ذاتية، مما سيؤدي في النهاية إلى الترسيخ لعدة قيم ومفاهيم سلبية كإنعدام العدالة الإجتماعية وإنعدام تكافؤ الفرص من جهة، ومن جهة أخرى الإضرار بفرص زيادة القدرة الإنتاجية المحلية في مصر.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. د. أحمد غنيم لخالد أبو بكر: كلما تقدمت الدول كلما تحولت من ا


.. كل يوم - د. أحمد غنيم :الدولة تقدم الدعم النقدي لأصحاب المع




.. د. أحمد غنيم لخالد أبوبكر: الظروف الاجتماعية والتضخم يحولان


.. حمد بن جرحب: سباقات الهجن تشهد حركة اقتصادية انعكست إيجابا ع




.. كل يوم - خالد أبو بكر عن تصريحات الخبير الاقتصادي محمد العري