الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الملك و المواطنة .. وأشياء اخرى

رضا كورا

2016 / 5 / 29
مواضيع وابحاث سياسية


رضا كورا - باريس
الملك و المواطنة .. و أشياء أخرى


كثر الحديث عن وثائقي فرانس 3 الذي اعتبره المؤيدون و المعارضين له على حد سواء، لم يحمل جديدا غير الذي يعرفه الجميع، هذا الوثائقي الذي عرض في ساعة من الزمن وجها من أوجه عدة لإستغلال ملك المغرب لسلطته اللامنتهية في مراكمة ثروته ، رغم تجاهل هذا التحقيق الحديث عن الوسائل المستعملة لمراكمتها إذ أن كل شيء في تلك الرقعة الجغرافية المسماة مغربا ملك له .

الوثائقي آثار نقاط جدل مشروعة قد تجعلنا نعيد النظر في مدى مصداقية وطنية الملك ، فكونه مالكا للبلاد والعباد لا يجعل منه بالضرورة مواطنا صالحا ، فالثروة المراكمة من طرف الملك وحاشيته والتي لا يستفيد منها الوطن، يعبر عنها بشكل صريح المثل المغربي القائل : "يتحرق ما يتم " أي ان النار نفسها لن تستطيع احراق جميع ممتلكاته ، فهي ضخمة و هائلة وهي اكبر من أي ارقام رسمية مصرح .

لا يختلف اثنان على أن المغرب بلد تتفشى فيه البطالة و الفقر و انحطاط المنظومة التعليمية التي تعاقبت عليها الإصلاحات لإصلاح ما افسدته الإصلاحات السابقة ، و جل رعايا الوطن الغير النافع لا يستفيدون من خدمات القطاع الصحي ، فضلا عن قمع الأصوات المعارضة بأساليب مختلفة وارتفاع حجم المديونية للخارج ،كل هذا في مقابل إصرار المؤسسة الملكية على الاحتفاظ بالميزانية السنوية المخصصة لها و التي ترتفع من سنة الى أخرى .فلا يجرؤ أحد داخل المؤسسة التشريعية وهو يدافع عن التقشف ،أن يناقش هذه الميزانية او يطالب بتخفيض قيمتها كما هو الحال عليه عندما يتعلق الامر بالتعليم او الصحة او التشغيل، بل ان من المضحكات المبكيات ،تصريح نائب برلماني سنة 2012 يطالب فيه بالزيادة من ميزانية المؤسسة الملكية لأنها قليلة في نظره .

فهذه الأخيرة ، تستنزف حيزا مهما من أموال الشعب التي من المفترض أن توظف في قطاعات حيوية تعيش خصاصا مهولا يستفيد منها المغربي بشكل مباشر، وهنا يحضر سؤال مهم ، ماذا تقدم هذه المؤسسة للمغرب مقارنة مع ما تجنيه خصوصا أنها تستثمر في جميع المجالات الاقتصادية بنوع من الاحتكار التام ، ذلك ؟ فالملك يستثمر عبر شركاته العملاقة في الشاي و السكر و الاتصالات و الفلاحة و الصيد البحري ونور الشمس وكل شيئ . ما جعله ينجح في تسخير كل مقدرات البلاد و مواردها البشرية لغرض واحد هو تنميته ثروته بشكل وحشي على حساب طيبوبة و عرق جبين المغاربة مستغلا بذلك موقعه الذي ينسبه لرسول الاسلام محتميا بالشرعية الدينية و امارة المؤمنين و البيعة التي بالمناسبة تنسفها فتوى الامام مالك القائلة بأن "لا بيعة لمكره" ، فالمغاربة يبايعون و هم مكرهين على ذلك رغم كل ما يظهر من صور سطحية ,فلا أحد من المغاربة يقبل اليوم ان تتم معاملته بأشكال تحط من كرامة الانسان. لكن هذا الرفض لايزال يعبر عنه بشكل جد محتشم نظرا للخوف المتمسك بقلوب المغاربة نتيجة لم عاشوه و يعيشونه من بطش و اضطهاد عند أي محاولة للإنعتاق من قبضة الحكم الديكتاتوري، إذ انه لا يمكن لأي مغربي ان ينفي عدم تلقيه لتعليمات صارمة بدءا من محيطه الاسري و انتهاءا بالشارع و المدرسة، تقضي بعدم الحديث بسوء عن الملك و حاشيته ، لان نتيجة ذلك ستكون اختطافه و احتجازه في مكان مقزز مظلم لن يرى بعده نور الشمس الى الابد ،نظرا لوجود ترسانة من القوانين المعلنة التي تحمي هذا الشخص المقدس المدنس , فضل عن قوانين أخرى غير معلنة يعلمها الجميع.

فانطلاقا من التعريف السطحي لمفهوم المواطنة نجد ان لا صلة بينه و بين ما يوجد في المغرب ، فإذا كان المواطن يتوقع حقوقا سياسية بحكم كونه مواطن و كونه دافع الضرائب, فان الرعية لا تتوقع حقوقا سياسية و إنما التعامل بالحسنى .لذلك تكون المواطنة هي المنطلق للمطالبة بالديموقراطية بغرض الوصول إلى السلطة و توسيع مفهوم المواطنة. لأن الديموقراطية هي في الحقيقة حكم الشعب نفسه بنفسه بموجب القيم الديموقراطية و على رأسها المواطنة. كما ان تعريف المسؤول لا يتعدى من ان يكون مجرد موظف مؤقت لدى شعبه الذي يختاره بناءا على مشروع سياسي و اقتصادي و مجتمعي مقنع يخضع بسلطة القانون والدستور الىمحاسبة عند انتهاء ولايته في حال الاخلال بوعوده او انحرافه عن المسار المتعاقد عليه اجتماعيا و سياسيا . فالملك ليس مسؤولا مواطنا حقا لأنه ضد كل ما سبق ذكره ،ذلك ان تعرِيفه للتعاقد الذي تحدثنا عنه مرتبط لديه بالبيعة و الولاء، فهو حاكم مستبد لا تهمه مصلحة شعبه بقدر ما تهمه مراكمة الثروة و تهريبها للخارج استعدادا لأي مفاجئة قد تباغته مستقبلا.

ما يجعل المغرب فعلا بلد استثناء ليس الأمن و الاستقرار السياسي الذي ينعم فيه بشكل مقلوب ، بل السبب الرئيس هو نجاح النظام في شراء الذمم بشتى أنواع الريع على حساب دافعي الضرائب، فمن العادي جدا أن تجد قيادات الاحزاب يدافعون بشكل شرس عن الملك و حاشيته لأنه ببساطة لولا وجوده لما عاشوا في النعيم الذي يرتعون فيه ، حيث أن هناك عقدا غير مباشر بينهم و بين الملك ملخص في معادلة سهلة : اثرائهم مرتبط بشعب فقير و ملك ديكتاتوري .

هذه الأحزاب التي نسائلها اليوم ، ماذا قدمت للإنسان المغربي الذي يرق بعد لدرجة مواطن ؟ هل فعلا هذه الأحزاب و قياداتها كان ستكون مستعدة للدفاع عن الملك لو كان الأمر تطور إبان حراك الشعب في 20 فبراير 2011؟ هل كانت ستقف في صف الشعب أم في صف المؤسسة الملكية ؟ اكيد ان موقعها سيكون بجانب الشعب ، فهي انتهازية بطبعها تميل دائما للكفة الرابحة ، وبهذا تكون مستعدة من الآن للتفاعل مع أي حراك شعبي اذا ما ضمنت الركوب عليه .

في المغرب لا توجد معارضة رسمية حقيقية، فعمل المعارضة السياسية كما هومتعارف عليه لا نلمسه داخل المغرب ذلك أن أولائك الذي يعارضون الحكومة لم يرقوا بعد لمستوى المعارضة لأنهم يدركون جيدا انهم جزء من هذه المسرحية البئيسة المستغفلة للشعب، فمادام الملك هو الرئيس الفعلي للبلاد لا يمكن للمعارضة أن تعارض مسؤولا سواه. وهذا ما تترجمه معارضة الخارج رغم تشرذمها الغير مفهوم.

من زاوية أخرى نثير مسألة استعداد عامة الشعب للتغيير ، هل المغاربة على استعداد لتقديم تضحيات في مقابل ازدهار الوطن ، لأن الأكيد أن هذا الازدهار لن يتم في حضور المؤسسة الملكية بشكلها الحالي لأن الفرد من الشعب اصبح زبونا وفيا لدى ملكه المتحكم في كل شيء . ففزاعة الانقسام بين الأمازيغ و العرب بدون الملك أمر لا يمكن لعاقل تصديقه، فأنا مثلا من اب منحدر من أصول قالوا عنها عربية و أم من أصول أمازيغية، ما يجعلني اطرح السؤال : في حالة نشوب حرب أهلية في المغرب ، هل ساقاتل إلى جانب اخوالي أم إلى جانب اعمامي؟ الجواب بشكل صريح هو أني لن أقبل اصلا بهذه الحرب التي لم ولن تكون ، وهذا يتعدى ان يكون الا امتدادا للظهير البربري المشؤوم الذي اخرجه محمد الخامس.

لقد تمكن المخزن من اقناع المغاربة بان الملك هو الضامن للوحدة الترابية ، وهذا غير صحيح تماما ، حيث أن لا احد يحس بأي وطن موحد يضم احو ازه بشكل تام ،و قضية الصحراء الغربية و سبته و مليلية و الجزر الجنوبية خير دليل على ذلك، فلو أن الملك هو الموحد للمغرب لاسترجع المغرب ثغوره المحتلة من طرف إسبانيا من عقود، إذ أنه يتغاضى بشكل مقصود عن الحديث عما تحتله اسبانيا ، مقابل نجاحه في ربط الوحدة الوطنية بقضية الصحراء التي اختلف كثيرا مع قياداتها في طريقة تعاطيهم مع قضيتهم،

كما ان النظام نجح في ترسيخ وهم نظرية المؤامرة ضد الوطن من طرف الغرب ، الشيئ الذي ترجمه خطاب الملك المتضمن لعبارة "اللهم كثر حسادنا" .فلا يمكن أن تتحدث إلى مغربي إلا و يذكرها في سياق ما في حديثه، "امريكا و فرنسا وإسرائيل يتآمرون ضد النظام و الوطن"، ألا تدرك أخي في الوطن أن هذا النظام الذي تتحدث عنه هو من جلب فرنسا لتحميه بعد أن أحس بخطر زواله حيث لا زالت وثيقة الحماية قائمة الأساس لحد الآن ، إذ أنه لم تلغى بأي وثيقة أخرى .

صحيح أننا شعب مستهلك يتوفر على ذاكرة سمكية ممتازة، تحدثنا عن اوراق باناما ،عن طلب الغاء معاشات الوزراء و البرلمانيين ، عن مطلب اصلاح منظومة التعليم ،عن تجريم الاعتداءات الجسدية و المعنوية على الاقليات ،وعن سؤال اين الثروة . هذا ليس ذنبنا، بل هي جريمة النظام و خطيئته ، نطمح لمضاهاة الغرب الكافر في نظرنا ، و نحن لم نستوعب بعد أن مطالب شعبه في الحرية و الكرامة و العدالة الاجتماعية ثار من اجل تحقيقها من أجلها في القرن 16 ونحن لم نطالب بها إلا في القرن 21 ، خمس قرون تفصلنا عن الوصول إلى وصل إليه الغرب اليوم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بلينكن في الرياض.. إلى أين وصل مسار التطبيع بين إسرائيل والس


.. طلاب مؤيدون للفلسطينيين يرفضون إخلاء خيمهم في جامعة كولومبيا




.. واشنطن تحذر من -مذبحة- وشيكة في مدينة الفاشر السودانية


.. مصر: -خليها تعفن-.. حملة لمقاطعة شراء الأسماك في بور سعيد




.. مصر متفائلة وتنتظر الرد على النسخة المعدلة لاقتراح الهدنة في