الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وريقات صفراء ونقش مزعوم

ابتسام الحاج زكي

2016 / 5 / 29
الادب والفن


"لا أقوى على إقحامهم ولعبة هزيلة"، قالتها لزميلتها التي كانت تشاطرها الأفكار، وأضافت: "كأنهم أناس مهمون!" بازدراء رددت عبارتها هامسة،وكانت تقصد بكلامها المدير ومن معه، فهم لا يتوانون عن إطلاق ضحكات بلهاء في هكذا مناسبات يخال لهم ولا سيما المدير وكأنه راع لتجربة لم تمارس من قبل ولا بعد، ربما يكون محقا في اعتقاده، بل هو الحق بعينه فأية مهزلة تلك التي يجد فيها التلاميذ أنفسهم وقد وئدت ضحكاتهم بدموع أريد لها أن تكون أشد ملوحة ، سنوات من الحنق على هكذا سخافات وفي كل مرة يتكرر المشهد الدرامي عينه ابتسامات خجلى من دموع تحاول الانحباس من دون جدوى، أحضرت المظروف الحاوي على وريقات صفراء مذيلة بنقش مزعوم، يالها من من مهمة شاقة وأية حماقة ارتكبها بحقهم، ألم أطلب إليهم أن يحترم بعضهم بعضا وان لا يسخروا من بعضهم، ألم أعلمهم احترام الذات والعمل بما تمليه علينا أخلاقنا، ألم...ألم...، أية ازدواجية نتعامل بها وأية براءة نغتال بأفعالنا الهجينة هذه؟!.
أحضرت أدوات اللعبة بأكملها هي والمظروف ووجوه ثلاثة من ابنائها الذين يقترب عددهم إلى الخمسين يجمعهم صف متهاو لا يحمل من صفات الصف إلا الاسم، الثلاثة هم ضياء، ووسام، ويونس وقع عليهم الاختيار، شعرت بأنها تزجُّ بهم بلعبة سمجة لا طائل من ورائها سوى البغضاء والضغينة، لعبة أعدَّ لها سلفا واستبقتها تحضيرات أملتها إدارة المدرسة ومن خلفها مديرية التربية ومن خلفها ... إلى أن تصل إلى الجهة التي لا هوية لها.
إحتاطت للأمر كما هي في السنوات السابقة بأن تحطّ من شأنها وتقلل من قيمة تلك الحديدة الصدئة التي كان يعلقها مختالا المدير على صدور لم تخفق بعد، وكأنه زعيم الموت الذي خلع على نفسه لقب الراعي الأول للديمقراطية،
ـ صباح الخير، ألقت التحية وابتسامة خجلى ارتسمت على وجهها.
ـ متى نبدأ؟، قالها جعفر ذلك الفتى المشاكس الذي كانت مشاكساته ومناكفاته لأصدقائه من أروع ما يكون، شعرتُ بمكر سؤاله وبأنه يسخر مني هذه المرة أو تراه نفذ إلى داخلي واستشف ما تبطنه سريرتي "الآن سنبدأ"، قالتها وكأنها حسمت أمرا مقضيا، هم الثلاثة ضياء كان أكبرهم سنا وأكثرهم جرأة كان فارسهم الجسور الذي يذود عن حياض صفهم الهاري ويونس بابتسامته المشرقة وقلبه الرؤوف ووسام بملامحه الخجولة، هم صغار على أن يدركوا غاياتهم ومن ثم كانوا ينتظرون إيحاء يأتيهم مني، لكن من دون جدوى فهم جميعا أحباء إلى قلبي، تركت لهم محنة الاختيار مكتفية بالابتسام الذي تقهقر مع حرقة دمعات أبت إلا أن تتراقص رثاء لآمال تلتهمها الخيبات تلو الخيبات.
بدأت ساعة الصفر واحتدمت حلبة الصراع بفرسانها الثلاثة الذين لا يعون شروط اللعبة فقط يشغلهم صفير الجماهيرالمخمورة، صيحات أقرانهم وترقب آباؤهم ومعلموهم، ضياء يسقط من الجولة الأولى لتكون آخر عهده بالمدرسة ويونس يحظى بالشارة لكنها دموع وسام وحدها التي فازت حينما أدركوا جميعا أن الجائزة هي واحدة من أباطيل الكبار فنبذوها خلف خطواتهم يلعبون.

شتاء 2000








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فنانون مهاجرون يشيّدون جسورا للتواصل مع ثقافاتهم الا?صلية


.. ظافر العابدين يحتفل بعرض فيلمه ا?نف وثلاث عيون في مهرجان مال




.. بيبه عمي حماده بيبه بيبه?? فرقة فلكلوريتا مع منى الشاذلي


.. ميتا أشوفك أشوفك ياقلبي مبسوط?? انبسطوا مع فرقة فلكلوريتا




.. ياحلاوة شعرها تسلم عيون اللي خطب?? يا أبو اللبايش ياقصب من ف