الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


النضال الثوري التحرري وحده من سيغير الواقع الامازيغي

كوسلا ابشن

2016 / 5 / 29
مواضيع وابحاث سياسية


النضال الثوري التحرري وحده من سيغير الواقع الامازيغي

تامازغا آخر مستعمرة في افريقيا, تعرضت للرومنة في عهد الاستعمار الروماني وتعرضت للتعريب في عهد الاستعمار الاستطاني العروبي وما زالت تتعرض للتعريب الشامل وابادة هوية القوم الاصلية.
نتيجة الاستنجاد بالنظام الامبريالي, استطاعة الاقلية الاستطانية الارتزاقية "العروبية" الاستلاء على السلطة السياسية وتشكيل نظام عرقي - طائفي, استبدادي في بلاد ايمازيغن, وبسبب طبيعة النظام العرقي - الطائفي القائم على اساس التمييز بين الاعراق ( العروبي وغير العروبي) والطوائف الدينية ( المسلم السني وغيره), ازدادت التناقضات القومية و الاجتماعية بين العرق الاستطاني العروبي القاهر المستعمر (كسر الميم) وبين ايمازيغن الامة المحلية, المقهورة و المضطهدة والمستعمرة.
طيلة أكثر من نصف قرن من السيطرة المطلقة للسلطة الكولونيالية العروبية على بلاد ايمازيغن, وطيلة هذه الفترة الزمنية القاهرة مارس الاستعمار الاستطاني العروبي, كل اشكال الاضطهاد القومي والاجتماعي ضد ايمازيغن, وتحت ضغط الخطاب الحقوقي الدولي والمحلي, وتغيير التكتيك الامبريالي في التعامل مع دول الاطراف عامة ومنها تامازغا, فرض النظام الامبريالي على الانظمة الكولونيالية العروبية تزيين سياستها العنصرية الاستبدادية ازاء القوم الامازيغي المحلي, تحت هذه الضغوط رضخت هذه الانظمة اللقيطة لارادة اسيادها, ما دفعها في نهج تكتيك جديد يلبي رغبة الامبريالية ويضمن كذلك استمرار سيطرتها على الارض والامة, بحيث انتهجت سياسة التنازلات الشكلية الورقية والخطابية خصوصا في المروك و بشكل اقل في الجزائر, مثل الاعتراف الورقي و الخطابي باللغة الامازيغية, لغة "رسمية" في دستور السلطة الكولونيالية, الكتابة بحرف تيفناغ على لوحات بعض المؤسسات المخزنية او السماح ببث تلفزيوني لبعض السويعات بلغة هجينة عرو-مازيغية.
التنازلات الشكلية لم ولن تغير شيْ في استراتيجية النظام الاستعماري العروبي الهادف للبقاء الابدي باسم العروبة الاستعمارية, والهادف الى تغيير هوية الامة الامازيغية, و كذلك كون التنازلات الشكلية لم ولن تغير سياسة الاستبداد والاضطهاد القومي والاجتماعي الممارسان ضد " الاهالي" ايمازيغن, ستدوم السياسة اللابارتهايدية الاستعمارية العروبية حتى زوال النظام الكولونيالي العروبي او اماتة الهوية الاصلية للامة الامازيغية.
الاصلاحات الكولونيالية الشكلية تعتبر مادة اعلامية لتلميع وتزيين صورة النظام الكولونيالي العرقي الاستبدادي على المستوى الدولي, وتمكين ايديولوجيي الكولونيالية من تسهيل ترويج وتبييض سياسة النظام الاصلاحية الورقية في اوساط النخبة والعامة من الشعب الامازيغي, مما يمكن ايديولوجيي الكولونيالية من استقطاب بعض الاطراف المحسوبة على الخط الامازيغي, من الاصلاحيين والانتهازيين والوصوليين لتبني السياسة الاصلاحية الانتهازية للسلطة الكولونيالية والدفاع عنها ونشرها في اوساط الجماهير الشعبية الامازيغية.
لاعتبارات تكتيكية اعتقدت الجماعة الاصلاحية تحقيق المشروع السرابي المتمثل في تعدد مكونات المجتمع والمساواة بينها في المجتمع المتكامل, الا ان هذه الاعتبارات تتلاشى مع مفهوم النظام للتعدد والمساواة والتعايش, فمن منظور النظام الاستطاني للمجتمع المتكامل, هو التراتبية العرقية, الاولوية للعرق الاستطاني المستعمر و المسيطر على السلطة السياسية والاقتصادية, وفي الدرجة المنحطة يأتي " الاهالي" المقهورين و التابعين. وبشكل سلمي تطمح الكولونيالية الى انصهار المكون المحلي في الرافد الوافد الاستطاني (العروبة-اسلام) الاستعماري, وتشكيل جغرافية هوياتية جديدة باسم (((المغرب العربي))) و الشعب (((العربي))), بالانتساب الى هوية اجنبية شرق اوسطية لا تجمعها بهوية تامازغا, لا الجغرافية ولا التاريخ ولا الثقافة و لا اللغة ولا المكون البشري .
من المعلوم ان الهدف من عملية تصفية الكولونيالية وتحرير الارض, هو انشاء دولة كاملة السيادة, مستقلة عن القوى الخارجية ومستقلة عن الهويات الاجنبية, وما حصل في شمال افريقيا عامة والمروك خاصة هو مجرد تبديل سلطة استعمارية اوروبية بسلطة استعمارية عروبية تابعة للاولى, تحكم بلاد ايمازيغن باسم هويتها الاجنبية, المنتمية لشعب الحجاز والنجد, ومنطقيا فهذه السلطة الاجنبية اللامنتمية لتامازغا تاريخيا وثقافيا ولغويا وحضاريا وتدير البلاد باسم هوية اجنبية, فهي سلطة استعمارية محتلة لبلاد ايمازيغن.
الطبيعة العرقية للسلطة الكولونيالية العروبية جعلها تدمر كل تنازلات دولة الحماية الفرنسية لصالح " الاهالي" ايمازيغن اصحاب الارض الشرعيين, واعادة السياسة العرقية الاستعمارية العروبية في امتدادها التاريخي, بعدم الاعتراف بالتعدد الاثني ولا بالتعدد الثقافي و اللغوي ولا حتى الاعتراف بوجود الامة الاصلية, وما بالك بنهج سياسة التوزيع العادل للثروات, وبالتالي اصبح من المستحيل التعايش مع هذا النوع من الاستعمار ومن المستحيل تلبيته للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية واللغوية والتاريخية والجغرافية "للاهالي" ايمازيغن الغير المنتميين للثقافة الكولونيالية العروبية.
التحولات الدولية والاملاءات الامبريالية اجبرت الكولونيالية العروبية لاعادة تاريخ السياسة الاستعمارية الفرنسية لخلق الجماعة الزبائنية في بلاد ايمازيغن, والاستفادة من نتائجها, وبهذا تمت عملية التنازل الورقي الظرفي, الممكن تجاهلها وتهميشها كما هو سائد الى اليوم, او الغاها والرجوع للسياسة الحقيقية للنظام الاستعماري.
بحكم الطبيعة الاستطانية للسلطة الرامية الى الديمومة والامتلاك ومصادرة حقوق الشعب الاصلي الامازيغي بالقوة والقهر, يستحيل للسلطة الكولونيالية تلبية المطالب الاستراتيجية لايمازيغن سواء المرحلية او النهائية, بل سيعيد التاريخ انتكاسات ايمازيغن وانهزاماتهم في ظل سياسة السلطة اللقيطة المنتهكة بشكل صارخ لأحكام القانون الدولي والعهود والمواثيق الدولية, و كل الانتقادات الاممية المنددة بالسياسة العرقية العروبية وممارساتها المخالفة للقرارات الدولية والمطالبة باحترام المواثيق والعهود, مثل العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية, تواجه بهلوسة مؤامرة الغرب والامازيغ ضد العروبة والاسلام.
السلطة اللقيطة صدقت أكذوبة "وأورثكم ارضهم وديارهم واموالهم وأرضا لم تطئوها وكان الله على كل شيْ قديرا" الاحزاب:27, واعتقدت ان الرب هو من ورثهم شمال افريقيا, و على اساس هذه الهلوسة تتعامل مع ايمازيغن, وتعتبرهم اجانب يجب التخلص منهم. كما قال علال الفاشي( احد قادة العروبة-اسلام الفاشية في شمال افريقيا): " رحيل الفرنسيين محسومة, وبقي كيف اخراج البربر". السلطة اللقيطة لا تحسب نفسها سلطة استعمارية وتتعامل مع ايمازيغن المقهورين على اساس انها صاحبة الارض بشرع الرب والغنية التاريخية, وما تنازلاتها الورقية الظرفية الا هدية من مقتضيات القانون الدولي.
الجماعة الاصلاحية الامازيغية لم تستوعب جوهر النظام الكولونيالي القائم على الديمومة, كما ان الجماعة لم تدرك طبيعة النظام الكولونيالي المحددة في بعده القومي وفي سياسته التراتبية, ولهذا على الجماعة ان تعي جيدا بان التنازلات الورقية ليست باصلاحات جوهرية, بل مجرد قرار شخصي (اعلى الهرم الاستطاني) وظرفي, الهدف منه استقطاب النخبة وتنويم العامة .
ان الهرولة وراء سراب ( الانصاف والمصالحة) ومهادنة النظام الاستطاني سيدخل ايمازيغن في زمن الموت البطئ, وسيقدم للاستعمار الاستطاني ما فشل في تحقيقه طيلة سيطرته القهرية على بلاد الامازيغ, تحقيق هدفه الاستراتيجي في اذابة الهوية الاصلية لتامازغا وديمومة سيادته على ارض ايمازيغن من دون منازع ولا مطالب.
طبقا للظروف التاريخية الملموسة لشروط احقاق حقوق ايمازيغن في تقرير مصيرهم بانفسهم والعيش الكريم, مواطنين احرار في بلدهم وليس رعاع في رعية الاجنبي, وطبقا للحالة الملموسة للواقع الموضوعي يحدد اسلوب النضال التحرري, واطلاقا ليس من خلال هدايا المستعمر لكنه بالنضال وحده سواء باسلوبه السلمي او باسلوب الكفاح المسلح حسب الضرورة الموضوعية والذاتية, النضال المؤسس على مبادئ وقواعد الدفاع عن الحقوق الطبيعية والشرعية لايمازيغن, وضد سياسة النظام الكولونيالي, الابادية والاستبدادية والابارتهايدية, هذه السياسة اللاانسانية المستمرة حاليا فقط في تامازغا الخاضعة للكولونيالية العروبية.
النضال التحرري وحده من سيغير الواقع المزري لايمازيغن و يحررهم من الاستعمار وسياسة العبودية والاضطهاد والتمييز العرقي, اما التنازلات الورقية ( الاصلاحية) للنظام الكولونيالي فتهدف فقط الى تلميع صورته دوليا, اما داخيا فيسعى النظام الى استقطاب التوجه الاصلاحي الامازيغي والعناصر "المحايدة" لصفوف المخزن العروبي والدفاع عن سياسة و ايديولوجية النظام وترويجهما في اوساط الجماهير الشعبية الامازيغية لتزييف وعيها بهدف الاغتراب الذاتي والانجرار وراء المشروع الاستعماري "الاصلاحات الورقية " وتحييد الكتلة اللاواعية عن الصراع القومي التحرري.
القوى الكولونيالية المهيمنة في تامازغا تتخذ كل الاجراءات الممكنة وتنتهج جميع الوسائل الممكنة وتعتمد على جميع الاطراف القابلة للخدمة المخزنية, لهدف الحفاظ على وجودها الكولونيالي وسيطرتها السياسية والاقتصادية والثقافية واللغوية, ولهذا ومن اللازم على احرار ايمازيغن التصدي لاستراتيجية النظام اللقيط واساليبه التضليلية وسياسة الاضطهاد القومي والاجتماعي, بمشروعهم التحرري النابع من آلام وأمال ايمازيغن المقهورين الطامحين الى الانعتاق القومي والاجتماعي, يسهل عليهم التغلغل في الوسط الامازيغي لتصحيح المغالطات المعشعشة في العقول وتنوير دربهم في الكفاح الثوري التحرري ضد السلطة الكولونيالية وبيادقها الهجينة, فالفعل الثوري الامازيغي وفق الشروط الموضوعية والذاتية هو من سيغير الواقع الامازيغي ولا موقع للتنازلات الورقية الكولونيالية في خريطة التحول الثوري القادم في تامازغا الحرة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مسؤول في الحرس الثوري الإيراني: أيدينا مغلولة لشن هجوم ضد إس


.. هيئة البث الإسرائيلية: إعطاء الضوء الأخضر للانتقال تدريجيا ل




.. الكاريبي تستعدّ للإعصار بيريل -البالغ الخطورة-


.. الجيش السوداني يعلن سيطرته على مركبة للدعم السريع في سنار




.. الجيش الإسرائيلي يعلن عن إحباط محاولة لتهريب أسلحة للضفة