الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ليبيا والانفجار الكبير

منظمة العمل الشيوعي - تونس

2016 / 5 / 29
مواضيع وابحاث سياسية


ليبيا.. و الانفجار الكبير
------------------------------------
مقال نشر في العدد الرابع من جريدة الشيوعي الصادرة عن منظمة العمل الشيوعي - تونس
------------------------------------
تولي كل القوى السياسية في تونس وكل المتابعين للشأن محليًا وعربيًا العام أهمية كبرى لرصد تطورات المشهد الليبي منذ اندلاع انتفاضة 17 فيفري 2011 والتي سرعان ما تحولت إلى تدخل عسكري امبريالي أدى إلى الإطاحة بنظام معمر القذافي وصولا إلى هيمنة الجماعات المسلحة المتقاتلة على ليبيا وَظهور تنظيم الدولة الإسلامية (داعش). و قد تعاظم الاهتمام بهذا الملف في تونس منذ انكشف ارتباط عديد العمليات الإرهابية في البلاد دعمًا أو تخطيطًا أو تنفيذًا بالمجموعات الإسلامية الإرهابية هناك وخاصة في الفترة التي سبقت بقليل أو زامنت العملية التي نفذها تنظيم الدولة الإسلامية في 7 مارس 2016 في مدينة بنقردان والتي فشلت رغم فشلها لأسباب متعددة كنا قد أتينا على بعضها في مقالات سابقة إلا أنّها شكلت نقلة نوعية في مستوى شكل العمليات الإرهابية التي استهدفت تونس وأهدافها فلم تكن عملية بنقردان والتي سماها التنظيم بعملية "الرقة 2" تهدف إلى "قتال الطاغوت" أو ضرب الاقتصاد بل كانت تهدف إلى إقامة إمارة في بنقردان .
و رغم شحّ المعطيات الميدانية وغموض المشهد الليبي وتضارب المعطيات الإعلامية حوله سنحاول في هذا المقال الإتيان و لو بإيجاز على بعض ملامحه لما له من تأثير مباشر على حركة الصراع الوطني والطبقي في بلادنا خاصة وأنّه شهد مؤخرا تطورات متعلقة بتشكيل "حكومة الوفاق الوطني"
1 - المشهد السياسي الليبي:
لا يخفى على أحد تصحر هذا المشهد أو تخلفه في ارتباط بعقود من غياب التنظيمات السياسية أو النقابية عنه ، فلا تقاليد للنضال السياسي أو النقابي أو للعمل الحزبي في ليبيا طيلة فترة حكم معمر القذافي وحتى الأحزاب التي تشكلت بعد 2011 فهي إمّا تعبيرات للحركات الإسلامية بتلويناتها (الإخوان، السلفية..) أو بعض الأحزاب ذات المنحى الليبرالي غير المتجذرة في الواقع الليبي والتي يطرح حول ارتباطاتها وأجنداتها عدة نقاط استفهام. وَ يقوم النسيج الاجتماعي في ليبيا أساسا على تعايش عدة قبائل (ورفلة، القذاذفة، المقارحة، ورشفانة، العبيدات في الشرق وغيرها وهي بنى اجتماعية محافظة ومتدينة إلى حد كبير مما جعل للحركات السياسية ذات المرجعية الإسلامية وللقبيلة دورا بارزا في الصراع السياسي في البلاد اثر سقوط نظام القذافي .
تتعايش اليوم في ليبيا حكومات ثلاث وبرلمانان وقد تشكلت الحكومة الثالثة "حكومة الوفاق الوطني" التي يرأسها فايز السراج مؤخرًا لكنها لم تمنح الثقة من البرلمان إلى حدود اللحظة وقد جاء تشكيل هذه الحكومة برعاية و دعم امبريالي واضح أساسا أوروبي (ايطالي، فرنسي، ألماني) و قد طرحت كبديل محتمل عن التدخل العسكري المباشر في ليبيا للحد من نفوذ داعش هناك و مارست الدول الراعية "لحكومة الوفاق" ضغوطا على دول المغرب العربي رئيسيًا لاحتضان الحوار الذي أفرزها و لدعمها.
تدعم حركة الأخوان المسلمين و حكومة المؤتمر الوطني المنتهية ولايتها وَبعض الميليشيات حكومة السراج في حين يبرز كل من برلمان طبرق والجيش الليبي بقيادة خليفة حفتر حذرا منها و يعود ذلك لاعتبارها من قبل دوائر مقربة من هؤلاء عودة لمشروع الأخوان المسلمين في ليبيا خاصة وأنّها تحضى بدعم واضح من قطر و تركيا .
2 – الوضع الاقتصادي:
يقوم الاقتصاد الليبي على عوائد النفط و هو بالتالي اقتصاد هش وَغير منتج و تعيش ليبيا أزمة اقتصادية واجتماعية تتمظهر في بلوغ البطالة نسبة 19 بالمائة و في تراجع المقدرة الشرائية و في غياب الخدمات الاجتماعية ليس فقط في مناطق سيطرة داعش بلْ في مناطق متعددة من البلاد و تعود هذه الأزمة إلى انخفاض أسعار النفط إضافة إلى سيطرة داعش على منشآت نفطية وإغلاق أو تدمير منشآت أخرى بسبب الحرب الممتدة من 2011 إلى اليوم و يفاقم من معانات الشعب غياب التنظيمات النقابية والاجتماعية القادرة على الدفاع عن الشرائح المفقرة في البلاد إضافة إلى الانتشار الكبير للعصابات و الميليشيات المسلحة مما يجعل من النضال السلمي مجازفة كبرى.
3 - الوضع الأمني:
لعله من الأصح أن نعنون هذا العنصر بالوضع العسكري ، فليبيا هي -ومنذ سنوات- ساحة حرب مفتوحة حتى أن بعض الليبيين الفارين من جحيمها أو المصابين من معاركها يفاجؤنك بأنهم لا يدركون الجهة أو السبب الذي يقف وراء إصاباتهم أو وراء قرارهم الرحيل واللجوء إلى تونس مثلا.. و رغم تشكيل أو إعادة تشكيل الجيش الليبي بقيادة خليفة حفتر إضافة إلى بعض الوحدات الأمنية النظامية فإنّ ليبيا تعج بالميليشيات والكتائب المسلحة وَهي في جزء قليل منها كتائب مناطقية وقبلية أو إثنية: الطوارق، التبو، جيش الزنتان وَغيرها لكن الجزء الرئيس يبقى الكتائب الاسلامية أو ذات الخلفية الإسلامية: 17 فبراير، فجر ليبيا، درع ليبيا و غيرها و هي كتائب تتغلف أحيانا غلافا مناطقيا "مصراتة مثلا" أو "إسلاميًا معتدلاً" لكن ارتباطاتها بالمجموعات الإسلامية الإرهابية وَتقاطع رؤاها و مصالحها هو أمر ثابت بالنسبة لنا رغم ما يطفوا من صراعاتها أحيانا و رغم ما تروج الدوائر الامبريالية من ضرورة تشريك "المعتدل من الإسلاميين " في السلطة أو حتى تسليمها لهم و العمل على عزل "المتطرفين" منهم. ولعلّ استحضار علاقة الأخوان المسلمين في كل من مصر و تونس بالجماعات الإسلامية الإرهابية سنوات 2012 و2013 عندما كان الإخوان يحتكرون السلطة أبرز دليل على عمق العلاقة ومتانتها بينهم وبين المجموعات الإرهابية الإسلامية.
و سنعدد في ما يلي بعض المجموعات الإسلامية في ليبيا:
- أنصار الشريعة: ينتشر هذا التنظيم في المنطقة الشرقية خاصة في مدن بنغازي ودرنه والبيضاء، أعلن تنظيم أنصار الشريعة عن نفسه للمرة الأولى في ليبيا في شهر فيفري 2012، ونظم مؤتمره التأسيسي في يونيو/حزيران من نفس السنة وحضره ما يقرب من 1000 شخص ويتبنى هذا التنظيم فكر القاعدة (1) و قد بايعت بعض كتائبه تنظيم الدولة الإسلامية.
- كتيبة شهداء أبو سليم: يقدر تعدادها بالمئات وقد قضى جزء كبير من قياداتها سنوات طويلة في السجن فترة حكم القذافي وتتمركز أساسا في درنة.
- كتيبة البتار: تتسم هذه الكتيبة بالسرية الشديدة و يطلق عليها "النصرة" الليبية تأسست في سوريا عام 2012 ثم أسس المقاتلون العائدون من سوريا فرعها الليبي.
- داعش: تأسست رسميًا في ليبيا إبان إعلان "مجلس شورى الشباب الإسلامي"المسيطر على درنة وَهو فرع تنظيم أنصار الشريعة هناك مبايعته للخليفة البغدادي ويقدر عدد مقاتليها بالآلاف ( أرقام متضاربة من 4 إلى 7 آلاف). تضاعف عدد الدواعش في ليبيا بعد التطورات التي شهدها الوضع في سوريا و مساعي التسوية بين القوى الامبريالية والإقليمية والتي تعني ضرورة نقل هؤلاء المقاتلين إلى ساحات أخرى. يركز التنظيم على إقامة مناطق ارتكاز في المناطق النفطية والساحلية لكنه لا يستثني التوجه إلى عمق الصحراء الليبية كلما ضاق الخناق حوله أو تعاظمت احتمالات التدخل العسكري الأطلسي في ليبيا و لا يقصر التنظيم نشاطه على التمدد الداخلي حيث تبقى مسالة بناء قاعدة للتمدد في المغرب العربي وشمال إفريقيا والارتباط بالمجموعات الإسلامية الإرهابية الأخرى مسألة إستراتيجية خاصة مع موجات "العودة من سوريا" وفي هذا الإطار تتنزل عملية بنقردان التي تبناها التنظيم في مارس 2016.

يرى كثيرون أنّ عملية دخول الحكومة الليبية لطرابلس ومباشرتها العمل فيها مع عدم موافقة البرلمان الليبي وتأييده لها في الجلسة الأخيرة سيترتب عليها تقسيم ليبيا فعليًّا و أنّ هذا ما يفسر الضغط الذي مارسته القوى الامبريالية في هذا الاتجاه، و بقطع النظر عن مدى تماسك هذا التحليل من عدمه فأننا وَبمزيد الخوض في تفاصيل المشهد الليبي يمكن أن نستنتج أنّ ليبيا اليوم تشكل خزان بارود ينضب لحرب يمكن استشعار بداياتها لكن لا يمكن استشراف نهاياتها أو حدودها إنْ اندلعت، و لا تكمن خطورة مثل هذه الحرب في خصوصيات الوضع الليبي فحسب بل أنّ هذه الخطورة تجد أسبابها في جغرافيا ليبيا جنوبا وشمالا، شرقا وغربا: بحر متوسط وصحراء كبرى، نظام متخبط أعلن الحرب على شعبه في مصر وقد يستدعي الإخوان المسلمين مجددا بعد أن أزاحهم لإنقاذ نفسه، كما تجد أسبابها في حكم "ناعم" مقنع للنهضة الإخوانية في تونس وَفي نظام تكلس وشعب ينتظر المجهول في الجزائر وفي نزاع صحراوي أعيد إلى السطح مؤخرا.. كل هذا في ظل أزمة تتخبط فيها الرأسمالية في طورها الاحتكاري المعولم منذ سنوات.
-----------------------
( 1 ) الجماعات الإسلامية في ليبيا حظوظ الهيمنة السياسية وتحدياتها : تقرير لمؤسسة فريدريش ايبرت








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حرب غزة..احتجاجات جامعات أميركية | #غرفة_الأخبار


.. مساعدات بمليار يورو.. هل تدفع أوروبا لتوطين السوريين في لبنا




.. طيران الاحتلال يقصف عددا من المنازل في رفح بقطاع غزة


.. مشاهد لفض الشرطة الأمريكية اعتصاما تضامنيا مع غزة في جامعة و




.. جامعة فوردهام تعلق دراسة طلاب مؤيدين لفلسطين في أمريكا