الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحوار المتمدن : خطوة واسعة نحو طموح اوسع

سلام صادق

2005 / 12 / 9
الملف التقييمي - بمناسبة الذكرى الرابعة لانطلاق موقع الحوار المتمدن


ان التقدم التقني وثورة الاتصالات اصبحت واقعا مسلما به لايمكن القفز عليه او تجاهله بالنسبة للمجتمعات التي ترنو الى النهوض والتطور واللحاق بما وصلت اليه مجتمعات اخرى قطعت شأوا طويلا في هذا المجال ، حيث تدفق المعلومات وسرعة انتقال الخبر وتنوع وتعدد المصادر الخبرية ، ففي حين تحرم شعوب بكاملها من التمتع بمزايا هذا التطور من خلال الرقابة واجهزتها الخاصة التي تغذيها الحكومات الرجعية ، نجد على الجانب الآخر فيضان كاسح من الاخبار والمعلومات وتدفقها الحر، لدرجة تجعلنا نوشك على الاختناق

ان ضرورة وجود اعلام يعتمد الدقة والموضوعية والشمولية ، تتأتى من ان حرية الاعلام تعتبر احدى الرافعات الاساسية لاشكال حرية التعبير ، والتي تشكل بدورها احد اهم المرتكزات التي تقوم عليها الديمقراطية في دولة القانون ، ولهذا فليس من المعقول اطلاق يد اصحاب السلطة والمال والجاه من الاغنياء والمتحكمين بالقرار السياسي ، في تقرير شكل وحجم هذه الحريات او تقنينها بما ينسجم مع مصالحهم دون اخذ المصالح العليا للمجتمع بنظر الاعتبار

ثم ان ممارسة حرية التعبير من خلال ابداء الاراء سيقودنا بالضرورة الى انتاج مسؤولية جماعية عامة وهذا مايجعل من سيطرة المجتمع على الاعلام ومساهمته في بناءه اهمية كبرى ، من خلال منظماته المدنية لتشخيص التجاوزات على حقوق الانسان وحرياته الاساسية من قبل الدولة او اصحاب القرار السياسي ، وهذا ما حدا بالصحفي المعروف ادموند بورغيس الى اطلاق مصطلح ( السلطة الرابعة ) على الجهاز الاعلامي في بلد من البلدان ، باعتبار ان الاعلام جهاز مهم من اجهزة الرقابة الشعبية المباشرة على اداء السلطات السياسية
ولا اشك في ان اجيالا عراقية وعربية قد تربت على ثقافة واعلام المنبع الواحد والمصب الواحد ، فقد ساد في العراق والوطن العربي نوع من ( ثقافة ) الحجب والمنع والمصادرة وبقرارات سياسية رعناء لاتمت الى جوهر الثقافة بصلة ، وما زال السائد للان هو الانفلات والترهل الاعلامي كردة فعل على فعلٍ كان مبنيا على التضييق وكم الافواه ومصادرة الآراء ، كما هي حال الاعلام العراقي الآن
ولكن رغم هذا الواقع الاعلامي المزري الذي مافتا يدور بين هذين القطبين المتناقضين ( التضييق والتحريم او الترهل والانفلات ) فان هذا لايمنع من افراز تجارب لها القدرة على التخطي والتجاوز نحو آفاق تبشر باعلام مهني تقدمي مستقل ، كالتجربة التي يخوضها موقع الحوار المتمدن ومنذ انطلاقته لشغل جزء من هذا الفراغ الكبير ، رغم عملية التفريخ الالكتروني الهائلة
ان نعت الحوار المتمدن بصفة ( مستقل) لاتعني انه مستقيل من الصراع ، وانما ينحاز للانسان وينتصر لقضاياه ، ان انحيازه واضح للانسان بقدر ماتكون الثقافة العلمية في هذه العلاقة هي وسيلة للتطوير فالتغيير من اجل خلق انسان معبأ بمفاهيم فاعلة وحية ومتحركة
ان استهداف الحوار المتمدن من قبل الانظمة العربية ( والتي هي رجعية بلا استثناء) يشكل خير دليل على ان الحوار المتمدن قد اختط لنفسه نهجا صحيحا ومؤثرا ، نهج الارتقاء بوعي القراء ، وفتح عيونهم على نقائص ومساويء هذه الانظمة وسياساتها ، ولهذا بات فعله الحضاري يؤرق هذه الانظمة التي تريد لهذه الشعوب ان تستمر في سباتها العميق ، لان في ذلك تكمن الوسيلة الوحيدة لاحكام القبضة عليها وتسييرها حسب اهواءها
ان شعار الحوار المتمدن واسمه المستمد من كلمة ( حوار ) يستبطن معانٍ كبيرة ويعني فيما يعنيه ، بان ليس هنالك ثقافة فاعلة بلا حرية ، وليس هنالك معنى لاي جهد ثقافي لايلتزم بأولويات الحوار واحترام مقولة الرأي والرأي الاخر قولا وفعلا ، وذلك لان مستلزمات الحرية والحوار والعقلانية ، هي ماتضفي على العمل الثقافي عموما والعمل الاعلامي بشكل خاص قوته في التاثير من خلال النقد البناء والوصول بالحوار التام الى اقصاه ، بقصد التجاوز والانفتاح على احتمالات تفسح الطريق لهذا التجاوز الخلاق ، بعيدا عن الضجيج والاسفاف ، وما يستتبعه من فضائح وشتائم ومهاترات
لقد اسهم هذا الموقع وبجد ، ومن خلال العدد الهائل من متصفحيه وقراءه الدائميين وكتابه ، في تنشيط حرية التعبير وتسليح الافراد بلازمة النقد الهادف والبناء ، متحاشيا قدر ما امكنه فوضى الاعلام الطاحنة هذه الايام ، واتخذ لنفسه مسارا ينأى به وبالضرورة عن الرطانة الشعارية الجوفاء ، والنوستالجيا التاريخية غير الضرورية في هذا الحراك المتسارع في عالم اليوم ، دون الانقطاع عن المعين النظري الذي يغذي نسغ تجاربه ويمده بعصارته الفكرية والنظرية الحية ، والتي مازالت تصلح لمعاجة الكثير مما ينتاب عالمنا الاحادي من آفات ، من خلال اطلاق العنان لطاقات الشعوب لتتولى امرها بنفسها وصنع مستقبلها كذلك بعيدا عن الوصاية والاستعباد
ولهذا آمل للحوار المتمدن ان يبقى نافذة مشرعة لاحتضان وتطوير كل التجارب ، شريطة عدم تخليه عن مقدار من الحذر الضروري لادامة نقاءه والحفاظ على هويته وتميزه اليساري العلماني ، داعما هذا التوجه بالانطلاق من حق الاختلاف دون الوقوع في مستنقع التردي والهم الفردي ، ذلك لان الهم الفردي الاناني او الحزبي الضيق او المذهبي او القومي حين يتغلب على الهم الوطني في العمل الاعلامي ، سيقوم بتفريخ اجنة اعلامية مشوهه تحتكر الساحة على حساب الحقيقة والمهنية في العمل الاعلامي
حيث يصبح هدفه الترويج لطروحات وافكار ووجهات نظر تلك الجهة الحزبية او القومية او المذهبية في المسائل العقدية التي تهم مصير ابناء الشعب كافة وبلا استثناء
لابد من الاشادة بالجهد المتميز الذي يوليه الحوار المتمدن لقضية المرأة ، بدأ من طرح مشاكلها ومعاناتها وانتهاء بمحاولة التنبيه الى ضرورة ايجاد الحلول لبعث الحياة في نصف المجتمع المحاصر بالقوانين والتعاليم والفتاوى والتشريعات المجحفة ، لانتشالها من الاوضاع البائسة التي تعيشها في المجتمعات العربية واطلاق طاقاتها الخلاقة للمساهمة في بناء هذه المجتمعات ، وهنا تجدر الاشارة الى تميز ونجاح فكرة انشاء مراكز الدراسات التابعة للحوار المتمدن وضرورة دعمها من اجل البقاء والاغتناء ، وكذلك الاستمرار في حملات التضامن واصدار بيانات الادانة والاحتجاج والنداءات المطلبية المختلفة فان هذا من صلب العمل الاعلامي الناجح والذي يتصف بسرعة ايصال الاصوات الى المعنيين بالامر وفضح الانحرافات
لكن هذا بحد ذاته لايكفي ، فقد ارى ان على الحوار المتمدن ايضا ان يولي عناية خاصة وان تشمل دائرة اهتماماته قطاعات المجتمع الاخرى من نقابات واتحادات عمال ومزارعين ومنظمات الشبيبة والطلبة ومنظمات حقوق الانسان والكتاب والادباء والصحفيين ، فهي نوافذ واسعة ستسهم في ادخال الهواء النقي من اجل مناخ ديمقراطي وحر يكفل الحريات والحقوق الاساسية للجميع

تلزمني هنا الاشارة الى ضرورة الاهتمام بالاداب والفنون كالشعر والقصة والسينما والمسرح والتشكيل ، وكذلك عرض الاصدارات الجديدة في مجال الفكر والكتابات النظرية الجوهرية المعاصرة التي تتناول الفكر الاشتراكي واليساري ومستجدات السجال والصراع الفكري النظري الذي مافتأ يتفاعل في ارجاء عالمنا المعاصر ، ان ما يؤكد هذا كثرة الاصدارات التي ترى النور سنويا والتي تختص وتبحث في هذا المجال
ان على الحوار المتمدن ايضا تقع مسؤولية فرز الغث من السمين من المواد المنشورة فيه والعمل على معالجة الاخطاء اللغوية والاملائية ، وارى ان هذا يتم باسناد هذه المهمة الى محررين متطوعين ( سيما وان مشروع الحوار المتمدن هو مشروع تطوعي مستقل ) من كتاب او قراء الحوار المتمدن ، وقد سبق لي وان بعثت برسالة شخصية الى هيئة تحرير الموقع اقترحت فيها عليهم اسناد هذه المهمة الى احد المتخصصين في شؤون الادب والنقد الادبي او اي كاتب صحفي متمرس يأخذ على عاتقه تقدير مدى صلاحية بعض المواد ادبيا وفنيا ولغويا وفق مقاييس نقدية صرفة تتعلق بنوعية المواد المنوي نشرها واجراء ماهو مطلوب قبل ان ترى النور

أخيرا فان الحوار المتمدن يشكل قفزة نوعية على طريق اختراق حاجز اعلام السلطات وماكناتها القمعية الالكترونية التي دأبت
على شراء الكتبة الصغار ونفخت فيهم من روحها ودنانيرها ما جعل منهم عمالقة رغم خوائهم الفكري وفراغهم المهني
ان ما حققه الحوار المتمدن على مدى عمره القصير ليبعث على الامل والتفاؤل بحق ، رغم جسامة هذا الجهد وكثرة المعوقات
من اجل خلق آلية للحوار والعمل الديمقراطي الحر البعيد عن روح الاحتكار








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل سيؤدي تعليق شحنة الأسلحة الأمريكية لإسرائيل للضغط على نتن


.. الشرطة الهولندية تفض اعتصام طلاب مؤيدين لغزة بجامعة أمستردام




.. هل بدأت معركة الولايات المتأرجحة بين بايدن وترامب؟ | #أميركا


.. طالبة تلاحق رئيسة جامعة كولومبيا نعمت شفيق وتطالبها بالاستقا




.. بايدن يقول إنه لن يزود إسرائيل بأسلحة لاجتياح رفح.. ما دلالة