الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العلاقات الروسية التركية من الشراكة الاستراتيجية الى الخصومة المكشوفة

فالح الحمراني

2016 / 5 / 30
مواضيع وابحاث سياسية




زج الهجوم التركي على القاصفة الروسية وبالتالي مصرع احد اعضاء طاقمها، العلاقات بين موسكو وانقرة في طريق مسدود.
وتشير الدلائل الى ان موسكو وانقرة ستظلان في المستقبل المنظور وكحد ادنى متنافستين اذا ليستا بخصمين مكشوفين. ان السبب الحقيقي للنزاع بين روسيا وتركيا يعود الى العملية العسكرية الروسية في سوريا، التي اضعفت موقع تركيا في علاقاتها مع الدول المجاورة والحقت اضرارا فادحة بمصالحها بسوريا، وان حادث اسقاط الطائرة كان مبررا للتأجيج. وما دام الرئيس رجب طيب اوردغان باقيا في السلطة وروسيا تتمسك بنهج سياستها الخارجية الحالي، فان الاوضاع المتازمة وتسويتها في علاقات البلدين ستنشب بين فترة واخرى. وارتبط البلدان قبل حادث اسقاط الطائرة بعلاقات اقتصادية متينة، ولكنها ضعفت بشدة نتيجة المواجهات الجيو / سياسية.
وراحت تركيا تستخدم ورقة روسيا التي كانت تقيم معها علاقات شراكة معها للتقارب مع الغرب . وانتهى شهر عسل العلاقات بين الطرفين الذي تحدثت انقرة خلاله عن افاق التعاون الارور / اسيوي الواعدة، والذي لوحت به للشركاء الغربيين كرسالة بان لدى تركيا خيارات اخرى غير الانضمام للاتحاد الاوروبي والبقاء في محوره. ومن ثم حصلت انقرة على ورقة رابحة اخرى تمثلت بوعدها بالتحكم تدفق موجة اللاجئين الى اوروبا الى هذا المستوى او ذاك، وتوصلت الى استنتاج مفاده ان العلاقات بموسكو لم تعد ملحة الى هذا الحد. وفي لحظة ما تصورت انقرة انها ستغدو الخط الوحيد لتوريدات الغاز الروسي الى اوروبا، وراحت تسعى للحصول من روسيا على تنازلات اقتصادية. واحدثت زيارة الرئيس التركي في ابريل الى كييف اصداءا واسعة، وتزامنت مع مناورات الناتو في البحر الاسود ، وبراي محللي معهد الدراسات الاستراتيجية في انقرة ان الزعيم التركي اظهر بهذه الطريقة ان العلاقات بروسيا لاتقوم على اساس تحالف سياسي، على الرغم من ان البلدين اعلنا حينها انهما " شريكين استراتيجيين" وانما فقط على المصالح الاقتصادية. وعلى حد قول الخبير الروسي "الدآر كساييف" : "ان الاقتصاد لم يتمكن الى ما نهاية اخفاء تنامي المشاكل في المجال السياسي، بين البلدين، على الرغم من تمكنهما من ذلك على مدى ربع قرن"
واعادت الازمة مجموع طيف الخلافات والمنغصات التي فضل الطرفان في بداية اعوام الالفين تجنب الكلام عنها على مستوى رسمي. واتهم الطرفان حينها بعضهما الاخر بالدرجة الاولى بانتهاج سياسة توسعية وبدعم القوى الانفصالية فضلاعن التنافس في مجال نقل مصادر الوقود
ويترك النزاع مع روسيا تداعيات سلبية ملموسة على الاقتصاد التركي وبالدرجة الاولى على القطاعات الزراعية والصناعية والانشاء والسياحة. وليس لدى تركيا بديل فعلي عن السوق الروسي في المنطقة وخارجها، لتصريف منتوجاتها وخدماتها ، وعلى وفق المعطيات الرسمية فان تقليص حجم التبادل التجاري مع روسيا يكلف تركيا 8 مليار دولار في العام. وافادت معطيات خبراء منظمة الدراسات الاستراتيجية التركية ان حصة الغاز الروسي في عام 2014 شكلت 56% من اجمالي استهلاك تركيا، ومن الصعوبة بمكان العثور عن بديل له في المستقبل المنظور. وفي حال تطور الاحداث على هذه الشاكلة فان روسيا بدورها تتكبد الخسائر ، وحسب بعض المعطيات الرسمية فانها قد تصل الى 9 مليار سنويا،علاوة على تجميد مشروع بناء " التيار التركي" لنقل الغاز ومحطة " اكويو" الكهرذرية التي وظفت فيه تمويلات كبرى. ويمكن ان تلحق خسائر ببنك التوفير الروسي وشركة لوكويل النفطية ومصنع المعادن في ماغنتوغ والفا بنك وغيرها من المؤسسات والشركات الروسية.
وتلوح رهانات الخروج من ازمة العلاقات بين موسكو وانقرة باهضة. فروسيا تطالب ان القيادة التركية بالاعراب عن اعتذارها عن اسقاط الطائرة العسكرية، بينما ترى انقره في ذلك استسلاما قد يؤدي بسمعتها السياسية. وثمة مخاوف من ان يتورط الطرفان في ممارسات انتقامية تتمثل في محاولات انقرة بزعزعة الاستقرار في شمال القوقاز او تأليب جمهوريات اسيا الوسطى ذات العروق التركية ضد روسيا، او ان تعمد الى سد مضايق البحر الاسود بوجه السفن الروسية، بينما تلجأ موسكو الى دعم الاكراد في تركيا عسكريا وسياسيا. ومن الواضح ان البلدين غير معنييتان حاليا بتفاقم الوضع ومن غير المنتظر حدوث تصعيد في المواجهة، ولكن من السذاجة عقد الامال على انفراج سريع للازمة في علاقات البلدين لان النزاع ينطوي على طابع مبدأي كما ان نظرة موسكو الى العالم تختلف تماما عن رؤية انقرة. وربما سيكون ممكنا تطبيع العلاقات فقط بعد رحيل احدى قيادات البلدين او كلاهما.









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مفاوضات القاهرة بين الموقف الاسرائيلي وضغط الشارع؟


.. محادثات القاهرة .. حديث عن ضمانات أميركية وتفاصيل عن مقترح ا




.. استمرار التصعيد على حدود لبنان رغم الحديث عن تقدم في المبادر


.. الحوثيون يوسعون رقعة أهدافهم لتطال سفنا متوجهة لموانئ إسرائي




.. تقرير: ارتفاع عوائد النفط الإيرانية يغذي الفوضى في الشرق الأ