الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أقانيم الجهالة بين القديم و الجديد

هيثم بن محمد شطورو

2016 / 5 / 30
الادب والفن


قال "قال الإمام".. امرأة حامل في شهرها الثالث و قـد تـوفي زوجها، و أبرقت إلى أخيها أنها تـشعـر بكونها ستـلحـقه بعد الولادة لتوصي أخاها بالاعتـناء بالإبن و كأنه إبنه. التحـقـت بزوجها اثـناء الولادة، و الأخ نكث بوعـده مؤتمرا بزوجته التي خيـرته بينها و أبنائها و بين ابن أخته، فأخـذ الأخ الرضيع ليدفنه إلى جانب أمه، و كان لعابر سبيل أن استمع إلى بكاء الرضيع ليلا إلا انه لم يـبلغ عن الأمر إلا بعد مرور أربعة عشر يـوما و ليلة، لتـكـشف السلطات عن الـقبر فيحـدثهم الرضيع عن كونه كان يرضع من ثـدي أمه الجثة..
بعد أن قـذفـت الإمام بالشتائم قـذفـت الراوي لتصديقه. لكن فيما بعد كنت أفكر في الحكاية. إنها ذات بناء حكائي يـشتمل على الصراع و التـناقض. المرأة فيها اثـنـتين، إحـداهن لم تحتمل العيش دون زوجها في هذه الدنيا و هنا تـتلبس مفهوم الخير، و نعلم أن الأرامل في عـديد الحضارات القـديمة كن ينـتحرن بموت الزوج و قـد اشتهرت الهند بحرق النساء لأنـفـسهن لموت بعولتهن. أما الأخرى فهي شريرة تحكم على زوجها بعـدم إيواء ابن أخته، و هنا نجد إشارة واضحة إلى وجود سلطة للمرأة على الرجل، و هو ما يعتبر شرا أو المرأة مصدر الشرور..
لكن بـقـراءة أخرى نجـد أن الخير شرا، فالمرأة التي أرادت اللحاق بـزوجها و إن لم يكن انـتحارا و إنما رغبة تحـقـقت و هذا ممكن فعـليا في حالات الولادة، فان مكمن الشر في كونها آثـرت عـدم تحمل مسئولية الاعـتـناء بابنها لتحمل أخاها ذاك العبء و زوجته التي رفـضت إنما على أساس كل يتحمل مسئوليته أو أنها بكل بساطة رفضت أنانية أخت زوجها و إن كان في الأمر ضحية. لكن قرار الزوجة يلين شره حتى ترى خيره في العناية الالاهية بالرضيع في القبر، و بالتالي فبقـدر معاقبة أخت الزوج على أنانيتها و إيثارها اللحاق بزوجها على غريزة الأمومة، بقدر الاعتراف بالميل الظاهري إلى جانب الأخت المتوفاة..
إنها تركيبة أسطورية لازالت متحكمة بفـضل أيمة الجهالة. لكن في هذه القصة نـلمح صراعا خـفيا بين عـقـلية قـديمة و أخرى جديدة تـنافـسها. فالمرأة في الثـقافة القديمة مطيعة لزوجها و خاصة في مثل هذه الحالة فان الثـقافـة القديمة تـتعاطف مع الرضيع و أمه التي انعـدمت الحياة لديها بموت زوجها. هذا ما يختـفي وراء الأجمة إن شئـنا القول. فحتى اقانيم الجهالة هم في حالة صراع في الوعي بين القديم و الجديد. و الحقيقة أن العـقـل البشري لا يفكر إلا في إطار زمانه و مكانه و بالتالي فهذا حاصل لا محالة و إن كان بأدوات قديمة تعرقـل حركته الحرة المنـدفعة المتـدفـقة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لما تعزم الكراش على سينما الصبح ??


.. موسيقى وأجواء بهجة في أول أيام العام الدراسى بجامعة القاهرة




.. بتكلفة 22 مليون جنيه.. قصر ثقافة الزعيم جمال عبد الناصر يخلد


.. الكلب رامبو بقى نجم سينمائي بس عايز ينام ?? في استوديو #معكم




.. الحب بين أبطال فيلم السيد رامبو -الصحاب- ?