الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ماذا بعد اسقاط طائرة الكوبرا التركية في جبال هكاري

عبدالله جاسم ريكاني

2016 / 6 / 1
مواضيع وابحاث سياسية


ماذا بعد اسقاط طائرة الكوبرا التركية في جبال هكاري

العلاقات "النائمة" بين حزب العمال الكوردستاني و كل من روسيا و سوريا قد إستيقظت بسبب الحرب الاهلية السورية، و هذا سيزيد من فرصة انتشار الاسلحة الخطرة و إمكانية التصعيد والدخول في نزاع مباشر مع تركيا.

ترجمة: د. عبدالله جاسم ريكاني

في الرابع من شهر أيار الجاري، نشرت وسائل الاعلام القريبة من حزب العمال الكوردستاني شريط فيديو يظهر فيه قيام مجموعة من انصاره بإسقاط طائرة هيليكوبتر تركية من طراز كوبرا في جنوب شرق تركيا، بإستخدام صاروخ دفاع جوي متجول يحمل على الكتف يدعى إختصاراً ب (MANPADS). ولقد جاء هذا الحادث إثر سقوط ثلاث طائرات سورية في الشهرين الماضيين من قبل اطراف المعارضة السورية المدعومة من قبل تركيا. و في 27 نيسان، حذَر متحدث رسمي روسي علناً، ان موسكو ستزود قوات حزب العمال الكوردستاني بصواريخ MANPADS، لاسقاط الطائرات التركية اذا ما زودت انقرة المعارضة السورية الاسلحة المتطورة و التي يمكنها اسقاط الطائرات السورية.
هذه الحوادث تشير الى تصعيد عسكري متزايد بين موسكو و انقرة و بين المجاميع التي تقاتل بالنيابة عنهما على الارض السورية. و اذا ما فشلت الجهود الدبلوماسية المبذولة حالياً في وضع حد للنزاع في سوريا، فان مشكلة ال MANPADS، قد تتطور بسرعة ويتوقع ان نشهد صيفاً حراً قد يُلَبِد جو الانتخابات الرئاسية الامريكية المنوي اجراؤها في خريف العام الحالي.
لقد تم اسقاط طائرة الهليكوبتر في مقاطعة هكاري بعد ان اصيبت بصاروخ من نوع MANPADS، في منطقة قرب مدينة جقورجة. و لقد أثار سقوطها "علامات تعجب" لان قوات حزب العمال الكوردستاني لم تستطع اسقاط اكثر من طائرتين طيلة السنوات العشرين الماضية (الاولى في عام 1997و الثانية في عام 2008) من القتال بينها و بين الدولة التركية. ولا يزال مصدر الصاروخ MANPADS، غير معلوم بدقةً، على الرغم من ان مصادر الاخبار كانت قد ذكرت ان قوات المعارضة السورية كانت قد نهبت مسستودعات اسلحة للنظام السوري في السنوات الاخيرة و يحتمل ان يكون البعض من هذه الصواريخ في تلك المستودعات قد وصلت الى ايدي قوات حزب العمال بطريقة او أخرى.
كما ان توقيت اسقاط الطائرة التركية يثير هو الاخر اكثر من علامة استفهام، إذا ما أخذنا بنظرالاعتبار، سقوط الطائرات السورية الثلاث في ظروف و توقيتات مختلفة. في 13 آذار، ادًعت مجموعتان سوريتان معارضة للنظام السوري (جيش النصر و جيش الاسلام)، قيامهما بإسقاط طائرتين من نوع ميغ 21 فوق منطقة كفر نابودا. و هناك تقارير متضاربة فيما اذا كانت قد اسقطت بصواريخ مضادة للطائرات او ب ال MANPADS، على الرغم من ان كلا المجموعتين إدَعَتا استخدام النوع الاول من الضواريخ، و لكن وزارتا الدفاع الروسية و السورية، رجَحَت اسقاطها بصواريخ MANPADS. كما ان الفيديو الذي نشره جيش الاسلام يظهر ان الانفجار كان متطابقاً مع الصواريخ الصغيرة و المسيَرة بالاشعة تحت الحمراء.
و في 5 نيسان، إدًعت مجموعة مسلحة مدعومة من قبل تركيا تدعى احرار الشام، مسؤوليتها عن اسقاط طائرة سورية جنوب مدينة حلب بواسطة صاروخ مضاد للجو، لكن مصادر النظام السوري إدًعت ان صاروخ من نوع MANPADS، قد استخدم في اسقاطها. وكما في حادث شهر آذار، سُرِبَت شائعات تدًعي ان الصاروخ المستخدم هو MANPADS صيني من نوع FN-6، مباع اصلاً للسودان، لكن، قد تم شراؤه من السودان من قبل دول الخليج و شحنه الى المعارضة السورية. وفي ابريل 23، اعلنت وكالة أعماق للأنباء التابعة للدولة الاسلامية داعش، ان داعش قد اسقطت طائرة سورية في شرق دمشق و ألقت القبض على الطيار.
في مؤتمر موسكو السنوي حول الأمن العالمي في 27 أبريل ، وخلال جلسة عقدت تحت عنوان "الشرق الاوسط و تشابك التناقضات" علًق عضو مجلس الدوما الروسي وأحد خبراء سياسات الشرق الاوسط، السيد سيميون باغداساروف، على هذه الحوادث قائلاً، إذا ما أستمرَت واشنطن و حلفاؤها "بالخطة باء"- - و هي تزويد مجاميع المعارضة السورية بصواريخ MANPADS و غيرها من الاسلحة المتطورة- - عندها "سيستلم الكورد أسلحة مشابهة أيضاً" تمكنهم من اسقاط الطائرات التركية. و على الرغم من أنَ بقية المسؤولين الروس الحاضرين في المؤتمر أكدوا ان سيميون يبالغ في تصريحاته، إلاً ان نجاح قوات حزب العمال الكوردستاني في استعمال الصاروخ بعد اسبوعين فقط من تصريح سيميون، يشير ان حرب الوكالة قد بدأت بالفعل و أنها تزداد ضراوةً و شدة و خاصة إذا ما فشلت مفاوضات جنيف الجارية بين اطراف النزاع السوري.
العلاقات الروسية مع حزب العمال الكوردستاني:
يجب ان ينظر الى دور حزب العمال الكوردستاني في التصعيد المحتمل بين روسيا و تركيا، من خلال العلاقات التاريخية بين كل من الحزب و دمشق و موسكو. في سبعينيات القرن الماضي، تأسس حزب العمال الكوردستاني بدعم روسي في منطقة سهل البقاع بلبنان. موسكو كانت تعتبر تركيا (عضوة الناتو المجاورة لها)، خاصرة واشنطن الرخوة في المنطقة و التي تزود واشنطن بتسهيلات مهمة و كبيرة مثل قواعد الانصات و التشويش الالكتروني القادرة على تقاطع و تسجيل كافة المكالمات حول البحر الاسود، و بالتالي شعرت موسكو بالحاجة الى حزب العمال الكوردستاني كإحدى وسائل الضغط على واحدة من أكبر حلفاء واشنطن في المنطقة. كما ان الحزب المذكور حصل على دعم الرئيس السوري السابق حافظ الاسد الذي أظهر نظامه و كأنه بطل الدفاع عن الكورد في تركيا، بينما كان يضطهد كورده في سوريا.
في النهاية، ضعف و تلاشى الدعم الروسي لحزب العمال و خاصةً بعد إنتهاء ما سمي بالحرب الباردة و ظهور العديد من المشاكل السياسية و الاقتصادية داخل روسيا نفسها. كما ان سوريا هي الاخرى أنهت دعمها للحزب في عام 1998، بعد أن هددت أنقرة دمشق بالحرب و خاصةً بعد أن عضمت قوة و شوكة حزب العمال العسكرية واستطاعته الدخول في حرب مفتوحة مع الجيش التركي. و كجزء من التحول المفاجئ و السريع في موقف حافظ الاسد تجاه الحزب بسبب التهديد التركي، تم طرد زعيم الحزب السيد عبدالله اوجلان من سوريا و البقاع.
وبالرغم من ذلك، أيقظت الحرب الاهلية السورية الحالية العلاقات بين كل من سوريا و روسيا و حزب العمال الكوردستاني ثانيةَ. أولاً، بعد ان تصاعدت الانتفاضة ضد نظام بشار الاسد، وعد النظام السوري بمنح 30000 من الكورد السوريين حقوق المواطنة بعد ان كانوا محرومين منها بموجب احصاء سكاني مزيف في عام 1962. كما انه وعد بتصحيح سياسات التعريب التي مارسها في المناطق الكوردية و منح الكورد مزيداً من الادارة الذاتية في مناطقهم، ألأمر الذي وفًر لحزب العمال الكوردستاني "خط عرض جغرافي" لاعلان إدارة ذاتية للمناطق الكوردية في شمال سوريا و اطلاق اسم "روژاڤ-;-ا" او كوردستان الغربية عليها.
و ألامر ألأهم، أدت الحرب الاهلية السورية الى تجديد العلاقات الروسية مع حزب العمال الكوردستاني و حزب الاتحاد الديموقراطي (PYD) ايضاً. و بعد ان تم اسقاط الطائرة الروسية من قبل تركيا في شهر نوفمبر 2015، بدأت موسكو في تزويد قوات ال(PYD)، بالاسلحة عن طريق جيب عفرين في غرب كوردستان. كما انها دعمت قوات ال(PYD) في السيطرة على ممر أعزاز و تحريرها من أيدي قوات المعارضة السورية المدعومة من تركيا. و من ثمً، فتح حزب (PYD)، ممثلية سياسية له في موسكو التي أبدت مراراً أستعداها للإعتراف رسمياً ب" روژاڤ-;-ا".
وماذا عن واشنطن؟
تقول واشنطن، لحد الآن، لا يوجد دليل قاطع يثبت ارسال موسكو اية أسلحة لحزب العمال الكوردستاني. و لكن إذا ما إستمرت تركيا و حلفاؤها من دول الخليج في تقويض و محاربة الاهداف الروسية في سوريا من خلال تسليح المجاميع المتمردة بالأسلحة المتطورة و خاصةً في مرحلة ما بعد انتهاء مفاوضات التسوية في جنيف—موسكو بالتأكيد ستقرر هي الاخرى، تقديم دعم عسكري مباشر لحزب العمال الكوردستاني. كما ان دعم موسكو لحزب العمال، سيمكنها من استغلال النزاع السياسي الحالي في تركيا. في 20 من أيار، صوَت البرلمان التركي على رفع الحصانة القانونية عن العديد من البرلمانيين الاتراك و خاصةً مندوبي حزب ديموقراطية الشعوب (HDP)، الممثل الشرعي للكورد في تركيا، ممهداً الطريق لطردهم من البرلمان بحجج ارتباطهم بحزب العمال الكوردستاني و دعم الارهاب. هذا التطور سيزيد من حالة عدم الاستقرار في المناطق ذات الأغلبية الكوردية في جنوب شرق تركيا. بالإضافة الى ذلك، فإنَ نواب حزب (HDP)، قد يشكلون "برلمان في المنفى" في روژاڤ-;-ا"، تحت حماية روسيا و ال(PYD). و هذا الاحتمال قد يفتح صندوق الباندورا "ومعناها " التي منحت كل شئ" أمام وصاية روسية واسعة على الكورد في سوريا و تركيا و من ضمنهم حزب العمال الكوردستاني.
على ضوء هذه الحقائق و الوضع العسكري المتدهور قرب حلب، يجب على واشنطن عدم تشجيع او السماح لمجاميع المعارضة السورية و بالتالي ل PYD/PKK، على استعمال سلاح MANPADS ضد بعضهما البعض.
و لكن و في غياب احراز اي تقدم حقيقي في مفاوضات جنيف، قد تصبح هذه الاسلحة، الخطوة الحتمية القادمة في حرب الاستنزاف الطويلة الامد التي ستنشب بين الاطراف المتنازعة. على المدى القصير، على واشنطن ان تذكر المتمردين، ان التوسع في استخدام هذا السلاح، سيجبر نظام الاسد و حلفائه من الايرانيين و الروس على التصعيد، إما من خلال تسليم اسلحة مشابهة الى حزب العمال الكوردستاني او الى تطويق و محاصرة مدينة حلب بالكامل.
في غياب تأسيس المناطق الآمنة التي تصر عليها تركيا، و التي رفضتها الادارة الامريكية بشكل متكرر و آخرها في 18 من شهر ابريل الماضي "لانها لا تحل المشكلة" كما قال الرئيس أوباما—على المسؤولين الامريكان اقناع الروس ان القصف المستمر و المتواصل على مناطق المعارضة السورية او تزويد حزب العمال الكوردستاني بصواريخ ال MANPADS قد يسحب و يجر تركيا الى صراع مباشر مع روسيا، و قد تطلب تركيا حينذاك الدعم و المساندة من دول الناتو. واشنطن يجب ان توضح بصراحة للكرملين، ان هذا الأمر سوف لن يكون من مصلحة موسكو.

بقلم: أندرو جى. تابلر: زميل في "برنامج" معهد واشنطن للسياسات العربية.و سونر ناغابتاي: مدير برنامج البحوث التركية في معهد باير.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هكذا اعترف عمار لريم بحبه لها ????


.. مصر: طبيبات يكسرن تابو العلاج الجنسي! • فرانس 24 / FRANCE 24




.. كندا: حرائق تحت الثلج! • فرانس 24 / FRANCE 24


.. مارين لوبان: بإمكاننا الفوز بهذه الانتخابات وإخراج فرنسا من




.. أكثر من 3 تريليونات دولار.. لماذا هذه الاستثمارات الضخمة في