الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مبادرة الجبهة هي السبيل الوحيد لإنقاذ البلاد

علي البعزاوي

2016 / 6 / 3
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي



يتساءل الكثير من التونسيات والتونسيين عن أسباب الأزمة الشاملة التي تعيشها البلاد والتي ما فتئت تستفحل وتتعمّق وتمسّ كل القطاعات والجهات، فهي اقتصادية ومالية واجتماعية وسياسية وأمنية وأخلاقية وبيئية وتتعلق بالخدمات وتمسّ الفئات والجهات المختلفة. هذه الأزمة لم تستثن إلاّ الأقليّة الثريّة في البلاد (المليونارات والملياردارات) التي استفادت من هذه الأزمة وراكمت الثروات الطائلة ولقت الدعم السياسي والحماية القانونية المناسبة وتنصّلت من الواجب الجبائي.

ائتلاف مرتهن للإملاءات الخارجيّة

الأكيد أنّ أسباب هذه الأزمة تعود في جزء منها إلى مخلّفات النظام النوفمبري وإلى ضعف الأداء الحكومي، خاصة وأنّ تصريحات رئيس الحكومة تؤكّد أنّ ما قيمته عشرة آلاف مليار من المشاريع المعطّلة لم يقع تفعيلها إلى حدّ اليوم لأسباب إدارية وعقارية وقانونية وما يتبع ذلك من استشراء للفساد وهدر للمال العام. لكن يبقى السبب الرئيسي مرتبطا بطبيعة الاختيارات، التي ينتهجها الائتلاف اليميني الحاكم، المملاة من دوائر النهب العالمي ومن الجهات المقرضة التي لها مصلحة في ربط الاقتصاد التونسي بكبرى الشركات الاحتكارية العالمية وتسخيره لخدمة مصالح الرأسمال الأجنبي على حساب مطالب الشعب وضد السيادة الوطنية.

يتذكّر التونسيون جميعا ما أقدمت عليه الأغلبية اليمينية الحاكمة من اتفاقات قروض وقوانين خطيرة (قانون البنك المركزي، قانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص، قانون البنوك والماليّة...) وقع تمريرها بأساليب فيها الكثير من التعسّف والانفراد بالرأي ودون مراعاة للحدّ الأدنى من التوافق الذي يمكن أن يحفظ مصالح الشعب التونسي وباشتراطات واضحة من صندوق النقد الدولي لتسهيل تدفّق القروض. كما يتذكّرون رفض حكومة الحبيب الصيد للإجراءات المستعجلة التي اقترحتها الجبهة الشعبية لمعالجة الأزمة الاجتماعية وهي إصلاحات تتعلّق بالتنمية والتشغيل وسبل توفير الأموال الضّرورية لذلك ولا علاقة مباشرة لها ببرنامج الجبهة الاستراتيجي (توظيف ضريبة استثنائية على الثروات الكبرى، تعليق تسديد المديونية، الضغط على نفقات التصرف، وقف نزيف التهريب والاقتصاد الموازي…).

تماما مثلما يتذكّرون رفض رئيس الحكومة للنقاط البرنامجيّة التي تقدّمت بها الجبهة، قبيل تشكيل الحكومة وتزكيتها من طرف مجلس نواب الشعب دون أن تشترط المشاركة فيها، دون أن ننسى أيضا رفض هذه الحكومة لعقد مؤتمر وطني لمقاومة الإرهاب رغم أهميّته وذلك استجابة لمصالح حزبيّة ضيّقة لاعلاقة لها بأمن التونسيين واستقرارهم وعيشهم.

كلّ شيء يهون في نظر حكومة الائتلاف الرجعي من أجل ضمان استمرارية هذا الأخير وسيطرته على الحياة العامة في البلاد وتقاسم مناطق النفوذ مهما كانت النتائج والاستتباعات. فإغراق البلاد في المديونيّة ورهن الأجيال القادمة وفتح الباب على مصراعيه أمام السلع الأجنبية بما يدمّر النسيج الاقتصادي المحلّي ودهورة الخدمات الصحيّة والتربويّة والثقافيّة وغيرها وتحريرالأسعار ودهورة القدرة الشرائية وتنامي البطالة والتطبيع مع الصهيونية ومع الإرهاب واستثماره لمزيد الضّغط وفرض التنازلات على الشعب التونسي. كلّ هذه المسائل على خطورتها لا تشكّل أيّ حرج بالنسبة إلى الائتلاف مادام ماسكا بزمام الحكم ومتربّعا على العرش ولا تعنيه أوضاع الشعب التونسي، لا من قريب ولا من بعيد.

أيّ طريق لإنقاذ البلاد؟

الائتلاف الحاكم غير معني منطقيا بإنقاذ البلاد لأنّه لا يملك الإرادة السياسية لذلك. وهو سجين الإملاءات والتعليمات الصادرة عن المؤسسات المالية العالمية النهّابة التي تتعارض مع الخيارات الوطنية والشعبية القادرة وحدها على إنقاذ تونس، فالميزانيّات والبرامج أصبحت تدبّج من قبل خبراء تلك المؤسسات، ومشاريع القوانين تأتي من هناك لتمرّر عبر الأغلبية، في انتهاك واضح للسيادة الوطنية وضرب لتطلّعات التونسيين نحو الاستقلال الفعلي والبناء.

الائتلاف الرّباعي الحاكم يعبّر طبقيّا عن مصالح كبار الرأسماليين، وسياساته وبرامجه لا يمكن أن تخرج عن هذا الإطار ولا يمكن أن تكون خادمة لأهداف ثورة الحرية والكرامة ولمصالح الشعب، ولا يمكن بالتالي أن ننتظر من هذا الائتلاف حلولا ومعالجات جدية لأزمة البلاد لأنّ السياسات المفروضة هي السبب الرئيسي في استفحال الأزمة وتعمّقها. لذا فالمراهنة على الائتلاف وعلى حكومة الائتلاف لا تختلف في الحقيقة عن المراهنة في السابق على نظام بن علي لتطوير الديمقراطية ووضع نهاية للفساد والاستبداد، ففاقد الشيء لا يعطيه.

مبادرة الجبهة الشعبية هي الحلّ

أعتقد أنّ المبادرة التي أطلقتها الجبهة الشعبية عبر ندوتها الوطنية الثالثة والمتمثلة في جملة النقاط التالية:

- تكريس الدستور في مؤسسات وتشريعات ديمقراطية...

- تفعيل مسار العدالة الانتقالية...

- وضع استراتيجيا وطنية لمكافحة الإرهاب وكشف حقيقة الاغتيالات...

- الدفاع عن حقوق شهداء الثورة وجرحاها

- تفكيك منظومة الفساد...

- إجراءات استعجاليّة لإيقاف تدهور الاقتصاد ودفع عجلة النّمو…

هي مفتاح الحلّ، وهي مبادرة مفتوحة للإثراء والتطوير والتدقيق، ليس من زاوية الإذعان لتعليمات صندوق النقد الدولي، بل من زاوية تحقيق أهداف الثورة وتلبية المطالب التي ناضل من أجلها التونسيون وأسقطوا، في سبيل تحقيقها، نظام بن علي.

فلا مكان بالتالي في هذه المبادرة لمن لا علاقة لهم بالثورة ولا نيّة لهم في خدمة أهدافها الحقيقية بعيدا عن الوصاية الخارجية، وتبقى وحدها القوى الثوريّة والديمقراطيّة والمدنيّة المنحازة إلى الشعب قادرة على تحمّل أعباء هذه المبادرة من أجل إنجاحها والارتقاء بها إلى مستوى البديل الشعبي.

إنّ النجاح في جعل هذه المبادرة مهمّة شعبيّة للإنجاز هو الطريق لإنقاذ تونس وبنائها على أسس جديدة. أمّا المراهنة على الائتلاف الحاكم وانتظار حلول من خلال سياساته واختياراته المفروضة عليه فرضا فمثلها مثل المراهنة على حصان فاشل.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كيف تأخذ استراحة بشكل صحيح؟ | صحتك بين يديك


.. صياد بيدين عاريتين يواجه تمساحا طليقا.. شاهد لمن كانت الغلبة




.. أمام منزلها وداخل سيارتها.. مسلح يقتل بلوغر عراقية ويسرق هات


.. وقفة أمام جامعة لويولا بمدينة شيكاغو الأمريكية دعما لغزة ورف




.. طلاب جامعة تافتس في ولاية ماساتشوستس الأمريكية ينظمون مسيرة