الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وداعا شاهندة مقلد !

جابر حسين

2016 / 6 / 4
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان


وداعا شاهندة مقلد ، كنت للنساء الضياء ، و النشيد للثورة !
---------------------------------------------------------

( النيل عطشان يا صبايا
يا شاهندة وخبرينا
يا أم الصوت الحزين
يا أم العيون جناين
يرمح فيها الهجين
أيش لون سجن القناطر
أيش لون السجانين
أيش لون الصحبة معاكي
نوار البساتين ؟! ) ...

- أحمد فؤاد نجم ، من قصيدة ( النيل ) عقب أطلاق سراحها من السجن -

ولدت شاهندة بقرية كمشيش بمركز تلا التابع لمحافظة المنوفية في صعيد مصر في 18 يناير 1938 لأب ضابط تقدمي وطني . عائلة مقلد من فقراء الفلاحين في كمشيش ، ولها سجلا حافلا في النضال ضد الأقطاع في قريتها إلي جانب عائلات أخري ، وكانت القرية بأكملها تعاني ظلم وقمع وفساد الأقطاع الذي تمثله عائلة الفقي ! القرية تحتشد في وجهة النضال الضاري ضد الأقطاع في وجوهه جميعها ، فنشأت هي وسط ذلك الكفاح المجيد فشبت مناضلة في مقدمة الأهالي ، في الطليعة منهم حتي ألتحقت بالحزب الشيوعي وهي بعد صبية ناهضة . وكان أن ألتقت ، في معمعان ذلك الكفاح ، القائد الفلاحي الشيوعي صلاح حسين فتشاركا في النضال وفي الحياة و... تزوجا . أكتملت دائرة الوعي والفعل والحياة ، ظلت ملازمة لزوجها في الكفاح الذي أشتعل أواره يومذاك ، جميلان في الطليعة يغنيان الثورة والمجد ، فظلا سويا تسع سنوات من أخصب أزمان الثورة ، حتي كان يوم الرابع من أبريل 1966 حين دبرت عائلة الفقي ، رأس الأقطاع ، أغتيال صلاح حسين بدعم من الأمن المصري . أستشهد صلاح بعد ست أسابيع من ولادة طفلتهما ( بسمة ) ، وكانت شاهندة في السابعة والعشرين ! في موكب التشييع المهيب لزوجها ، أرتدت شاهندة السواد ، وشاركت ببسالة وثبات في الموكب الذي كان تظاهرة كبري ضد الأقطاع ونصيرا لقضايا الفلاحين الفقراء ولأجل التقدم والحرية والحياة ،وعاهدت الحشود أن تكون في مقدمة الكفاح والنضال من أجل قضايا الفلاحين ودعم الشعار الذي رفع رايته زوجها الشهيد حتي النصر ، عاهدت وأوفت حتي عرف العالم كله نضالها وقريتها كمشيش وأهلها الثوار في وجه الظلم والطغيان.
زارها جيفارا برفقة عبد الناصر في قريتها ، حياها لأجل هذا النضال الذي جلل بالفخار جبينها وثباتها الأسطوري في وجه الجلاد وطغيانه ، ثم ، من بعد ، زارها سارتر ، فقد عرفت السجن والإعتقال والمطاردة كل سنوات عمرها ، ومن كل الأنظمة التي تعاقبت علي مصر . ناضلت ضد حكم السادات بجسارة ووعي ، وكم سألوها متي ستخلع عنها رداء السواد ، فكانت تقول : ( مش ها قلع الأسود إلا في حالتين : إذا لقي السادات جزاؤه ، أو قامت الثورة ! ) ، يالها من جميلة ، فقد أغتيل السادات ، فخلعت السواد وأرتدت الثورة ، كيف ؟ ناضلت ضد مبارك من أول عهده وإلي حين الأطاحة به ، نضالا جسورا لم يكف لحظة حتي زواله ، حيث كانت في الطليعة من ثوار 25 يناير . لكن الحزن داخلها حين تسيد الأخوان وغدوا في السلطة ، فظلت تقول : ( لعبوا علي فقر الناس ووعيهم المزيف وفازوا بالسلطة ! ) . لكن قلبها ورؤاها كانا مشبعان بالنور ، بالأمل في الغد والإنتصار ، فظلت تردد : ( الشعب سيفيق حتما من غفلته ) . فكانت تلك التظاهرات المهولة التي لم تشهد مصر في تاريخها كله مثيلا لها ، فأذهلت العالم وأجبرت الأخوان عن التنحي عن حكم مصر ، هكذا تحقق أمل وحلم شاهندة فذهب عنها حزنها وحل بين شغاف قلبها الفرح ، فرح الثورة وإنتصار أرادة الشعب . لكن ، وتلك من مرارات ووجع مسارات الثورات ، فقد عاد يداخلها الحزن وهي تري ثمار الثورة وقد بدت تذبل وتكاد تتلاشي أمامها ، تري هل بقي فيها حين رحلت عن عالمنا مساء الخميس الماضي 2 يونيو 2016 بالمركز الطبي العالمي بالقاهرة عن 78 عاما ؟!
منذ حياة زوجها الشهيد الشيوعي صلاح حسين شغلت شاهندة مقعدا مرموقا في قيادة اتحاد الفلاحين بمصر إلي أن شغلت رئاسته حتي رحيلها ، وظلت عضوة فاعلة في المجلس القومي لحقوق الإنسان ومن مؤسسيه. نذرت شاهندة كل عمرها الخصب كفاحا ونضالا ضد الطغيان والظلم ، مناصرة للنساء والشعب ، لكل الشعوب لأجل تحررها وتقدمها .
كم سعدت ، حين رأيت بنت بلدي ، الكاتبة الروائية النوبية المناضلة سوزان كاشف تزورها قبل شهور قليلة وتجالسها ليكون الحديث في حضرتها عن الثورة في شمال وجنوب الوادي ، فيا لجمالهن النساء . وداعا شاهندة ، الوجه الجميل للنساء في حياتنا ، وداعا رفيقة الشهيد صلاح حسين ، رفيقة الثورة والثوار !








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فخر المطعم اليوناني.. هذه أسرار لفة الجيرو ! | يوروماكس


.. السليمانية.. قتلى ومصابين في الهجوم على حقل كورمور الغازي




.. طالب يؤدي الصلاة مكبل اليدين في كاليفورنيا


.. غارات إسرائيلية شمال وشرق مخيم النصيرات




.. نائب بالكونغرس ينضم للحراك الطلابي المؤيد لغزة