الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ما بين حزيران 67 .. وحزيران 2016

بدر الدين شنن

2016 / 6 / 4
مواضيع وابحاث سياسية


ليس من المصلحة الوطنية والقومية ، أ ن يسمى العدوان الإسرائيلي الدولي، في الخامس من حزيران 1967 ، على سوريا ومصر والأردن ، هزيمة ، أو نكسة ، التي تعني أن الدول العربية ضحية العدوان ، هي دول هزيلة فاشلة .. لا بد من أن تهزم ، وإسرائيل المكونة من المهاجرين والعنصريين اليهود في الشتات ، هي دولة عظمى لا تقهر . وذلك لإدخال مفهوم الهزيمة والضعف أمام إسرائيل والأجنبي ، في الوعي والثقافة ، والفشل في بناء الحاضر والمستقبل العربي .

كان بالإمكان استمرار التغاضي عن هذه التسمية للعدوان ، لو أنه ، كما تصوره البسطاء ، وصوره الخبثاء ، عدوان إسرائيل الدولة الناشئة الصغيرة لوحدها على البلدان العربية الثلاثة . لكن ما كشف من حقائق ، خلال الخمسين سنة الماضية ، أثبت أن العدوان لم يكن إسرائيلياً صرفاً .. وإنما كان عدوان قوى دولية " أميركا ودول أوربية استعمارية عريقة " ، وعربية رجعية " المملكة السعودية " ، تمت بالأداة المدعومة إسرائيل ، وتحت العلم الإسرائيلي . لإسقاط النظام القومي العروبي اليساري في سوريا ، والنظام العروبي النهضوي في مصر ، اللذين كانا يسيران قدماً في تسليح قواتهما المسلحة من المعسكر الاشتراكي ، وفي تصنيع البلاد والنهوض الاجتماعي والاقتصادي ، فاتحين المجال لعودة إحياء المشروع القومي العربي النهضوي .

وقد اشتركت " المملكة السعودية " بهذه الحرب ، بمالها ، وحشد عملائها وحلفائها . واشتركت أميركا بتقديم بإنجازاتها الفضائية والسلاح المتطور ، الجوي والبري والصاروخي ، وعشرات آلاف العسكريين الأميركيين " تحت غطاء متطوعين ومتقاعدين " الخبراء في استخدام أحدث الأسلحة . واشتركت دول أوربية عدة بتزويد إسرائيل بأحدث الأسلحة والخبراء ، و بدفع مليارات الدولات مساهمة منها في تغطية نفقات العدوان .

وإذا جرى تقييم حقيقي للقوة الإسرائيلية المجردة ، من الدعم الاستعماري والسعودي ، فإن ما يتبقى من قدراتها ، لا يصمد أمام الجبهة العسكرية السورية لوحدها ، ولا تستطيع الاستمرار في عدوانها ، في سيناء فقط أمام الجيش المصري

إن الأمر المهم اللافت ، عند إضاءة عدوان حزيران 1967 ، هو الهدف السياسي ، الذي تحرك وتجمع من أجله المتآمرون ، وخططوا ، لإسقاط النظام العروبي التقدمي في سوريا ومصر ، وإجراء تغيير في خريطة الوطن العربي ، وتمكين إسرائيل من الرسوخ في فلسطين ، والتوسع في أراضي جوارها .. وما هو أبعد من جوارها .

والسؤال الوارد هنا : هل هناك علاقة بين حزيران 1967 ، وبين عدوان الإرهاب الدولي الذي يجري في بلدان عربية عدة .. منذ 2011 .. وحتى الآن ؟ ..

حين نلقي نظرة على الدول الاستعمارية ، والرجعية العربية " المملكة السعودية " ، التي اشتركت بأدوار وأشكال مختلفة مع إسرائيل بحرب حزيران 1967 ، وإلى أهداف تلك الحرب ، المتمثلة بتدمير جيوش سوريا ومصر والأردن ، وإسقاط القضية الفلسطينية .. ونلقي نظرة على المنظومة الدولية الرجعية الصهيونية ، التي تشترك ، بتوسع وخداع أكثر، بحرب الإرهاب الدولي الجارية منذ السنوات الخمس الماضية ، على عدد من البلدان العربية ، وخاصة سوريا والعراق وليبيا واليمن ، نجدها هي ذاتها تقريباً في كلا الحربين مع تبادل الأدوار والرايات ونوعية الأداة .

حرب حزيران الدولية الإسرائيلية 1967 ، جرت تحت الراية الإسرائيلية ، وبقوات معظمها إسرائيلية ـ مجمعة من أصول صهيونية دينية متطرفة من الشتات اليهودي والمغامرين والمرتزقة ـ . وحرب 2011 تجري تحت رايات سوداء مخادعة ، ابتذلت القيم العزيزة على المجتمعات العربية ، وبقوات معظمها ذات جذور إسلامية متطرفة ، جلبت من مختلف بلدان العالم ، لإشعال حروب طائفية ، وعرقية ، وإقامة كيانات إسلامية وعرقية ، لتمزيق وتدمير البلدان المستهدفة ، بشكل لا تقوم لها قائمة خلال قرون . وهذا ما يرى مباشرة وبكل وسائل الإعلام ، في سوريا والعراق واليمن .. ويتحرك تجريحاً وتخريباً في استقرار مصر والجزائر ولبنان .

وعندما نقرأ التطورات السياسية والحروب ، منذ 1967 وحتى 2011 ، نجد أن الدول العربية الرجعية ـ خاصة المملكة السعودية والإمارات وقطر ـ وأميركا وإسرائيل ، والدول الغربية الاستعمارية العريقة ،تشكل التحالف العدواني الدائم . وهي حاملة مخططات التآمر ، والعدوان ، والحروب ، بأشكال وذرائع متعددة ، لإسقاط وتغيير رؤساء وحكومات ، وتقسيم شعوب ودول . بمعنى أن عدوان حزيران 1967 .. هو عدوان لم يتوقف طوال الخمسين سنة الماضية .. وإنما ينتقل من شكل إلى شكل ومن ذرائع إلى ذرائع ، ومن أداة مباشرة إلى أداة أخرى .

وقد أدى ذلك إلى الكثير من المتغيرات الموجعة في البلدان العربية . ربما كان أسوأها ، عزل مصر " باتفاقية كامب ديفيد " وعزل الأردن " باتفاقية وادي عربة " عن الصراع العربي الإسرائيلي ، وتمييع القضية الفلسطينية " باتفاقية أوسلو " . وكان غزو لبنان أكثر من مرة وغزو غزة المتوالي ، وانفجار الصدامات " الربيعية " الداخلية العربية ، بشكل اتسم بالعشوائية والدموية والتدمير ، لإجراء تغييرات شعبية مزعومة . وتفكك وانحراف قوى قومية ويسارية والتحاقها بليبرالية العولمة الأميركية .
ولعل الأكثر سوءاً وإيلاماً ، هو محاولة وأد المشروع القومي العربي ، وضرب التوجهات القومية العربية الوحدوية .. ووأد القوى القومية واليسارية المعادية للإمبريالية .

ونحن في خضم حربنا ضد عدوان الإرهاب الدولي ، الابن الشرعي للقوى التي قامت بعدوان حزيران 1967 .. لا بد أن نذكر القيادات القومية العربية ، التي كانت أهدافاً مباشرة لعدوان حزيران 1967 في سوريا ومصر . ولابد أن نخص بالذكر الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر ، والرئيس السوري الراحل نورالدين الأتاسي .. اللذين صمدا بوجه العدوان بأقصى استطاعتهما ، وحالا دون انهيار الدولة السورية والدولة المصرية ، كما أراد المعتدون . بل وشرعا بإعادة بناء القوى على كل المستويات ، وخاصة القوات المسلحة ، لاستعادة الأراضي المحتلة ، واستعادة الكرامة العربية .

وفي مرحلة عدوان الإرهاب الدولي " الأميركي ـ الغربي .الرجعي العربي . الإسرائيلي " الجديدة التي بدأت بالتحالف مع قوى كردية ـ انفصالية ـ لإقامة كيان كردي فيدرالي في شمال سوريا ، التي قد تتوسع بإقامة كيانات انفصالية أخرى ، بدعم أميركي سعودي .. عبر تركيا والأردن . فإن من الضرورة بمكان ، العمل على إحياء المشروع القومي العربي ، بمضمون ديمقراطي ، تقدمي ، اجتماعي .
وهذا الإحياء القومي الديمقراطي التقدمي الاجتماعي ، عدا عن أنه الرد المباشر على عمليات الانفصال والتمزيق والتقسيم للدولة وليدة " سايكس ـبيكو " والمعاهدات البريطانية الخليجية .. فهو الطريق الوحيد لوقف الانحدار والانهيار في الواقع العربي
وللحفاظ على الوطن ، والوحدة الوطنية .. وعلى الوجود العربي المقاوم لعدوان الإرهاب الدولي .. والمشروع العنصري الصهيوني ـ الأميركي في الوطن العربي .

الإجلال والاحترام والخلود .. لشهداء الجيش السوري .. والجيش المصري .. والجيش الأردني .. في عدوان حزيران 1967 .. الذين قدموا دماءهم .. دفاعاً وطنهم وكرامته ووجوده .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. روسيا : لماذا أقال بوتين وزير دفاعه ؟ • فرانس 24 / FRANCE 24


.. عنفت طفل من ذوي الهمم.. معلمة تثير غضب الشارع الأردني | #منص




.. تلون السماء وتهدد الاتصالات.. تأثير العاصفة الشمسية يصل بلد


.. بينَ إسرائيل والولايات المتحدة.. تقاربٌ وتضارب.. دعمٌ وتحذير




.. مهاجم مانشستر سيتي إيرلينغ هالاند يحافظ على لقب هداف الدوري