الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تمخض الجبل فولد فأرا

سليم نجيب

2005 / 12 / 10
حقوق الانسان


أصدر الرئيس حسني مبارك قرارا جمهوريا بتفويض المحافظين في الترخيص للطوائف المسيحية بهدم كنيسة و اقامة كنيسة محلها في موقعها نفسه.

فلقد نص القرار الجمهوري رقم 291 لسنة 2005 أيضا على تفويض المحافظين في الموافقة على بناء أو اقامة أو اجراء تعديلات أو توسعات في كنيسة قائمة ووجوب البت في طلب الترخيص "بعد أخذ رأي الجهات المعنية".. الخ.

ان ما تفضل سيادة رئيس الجمهورية باعطاءه للأقباط ليس الا الفتات لاسكاتهم وتخديرهم والظهور أمام العالم بأن سيادته بدأ يصلح المعوج في مصر.

وللأسف.. كل الأسف.. أن بعض "الطيبين" سارعوا بالتهليل لهذا القرار الجمهوري فمنهم من قال "أن القرار زاد شعوره بالمواطنة المصرية" وأخر قال: "أن القرار الجمهوري يؤكد المساواة في البناء والهدم بين دور العبادة عموما ولا فرق بين المسجد أو الكنيسة". وآخر قال: "بصدور هذا القرار الجمهوري ستنتهي مشكلة بناء الكنيسة تماما" وآخر قال: "ان القرار الجمهوري اعتبر الكنائس كالمساجد وكأي مبنى آخر". (الأهرام – 8 ديسمبر 2005).

وهنا لنا وقفة قانونية:

1- القرار الجمهوري يفوض المحافظين بشأن بناء أو اقامة أو اجراء تعديلات أو توسعات في كنيسة فمن ياترى له سلطة الموافقة على بناء كنيسة جديدة؟
2- ينص القرار الجمهوري قبل الموافقة على اصلاح أو ترميم أو توسيع الكنيسة بضرورة "موافقة الجهات المعنية" أي مباحث أمن الدولة ولقد سبق أن رفضت الموافقة "لدواعي أمنية" فكما يتضح أن القرار الجمهوري لم يغير شيئا جوهريا لحل مشكلة بناء أو ترميم أو توسيع الكنائس.

منذ شهرين تقريبا نشرت الصحف المصرية أن مجلس الشعب بصدد دراسة موضوع بناء الكنائس لاستصدار "قانون موحد" لبناء دور العبادة ولم نسمع أو نقرأ أي شئ بعد ذلك فتبخر الموضوع برمته الى أن فوجئ الأقباط بصدور هذا القرار الجمهوري الناقص المعيب المنافي للدستور المصري (مادة 40 و 46) والمواثيق الدولية لحقوق الانسان (المادة 18).

سيادة الرئيس،

أنتم تعلمون أن كنيسة مار جرجس والأنبا أنطونيوس بقرية منقطين –سمالوط- المنيا تم بنائها منذ عام 1978 بناء على تصريح رسمي صادر من سيادتكم وحتى يومنا هذا أي بعد مرور 27 سنة والكنيسة لم يصرح أمن الدولة بالصلاة بداخلها لأن "الظروف الأمنية لا تسمح بالصلاة داخل هذه الكنيسة".

ان هذه الحالة ليست فريدة في نوعها بل هي مكررة في العديد من المرات للأسف الشديد.

أود هنا أن أشير –للذكرى والتاريخ- أنه في ظل دستور 1923 أصدرت محكمة القضاء الاداري بمجلس الدولة برئاسة الفقيه العلامة الدكتور عبد الرزاق السنهوري باشا حكما تاريخيا في القضية المقيدة بالجدول العمومي بمجلس الدولة رقم 538 لسنة 5 قضائية بالآتي:-

"ان اشتراط ترخيص في انشاء دور العبادة على نحو ما جاء في الخط الهمايوني لا يجوز أن يتخذ ذريعة لاقامة عقبات لا مبرر لها دون انشاء هذه الدور. "لا يتفق مع حرية اقامة الشعائر الدينية"، اذ أن الترخيص المنصوص عليه في هذا الخط لم يقصد به "عرقلة اقامة الشعائر الدينية بل أريد به أن يراعي في انشاء دور العبادة الشروط اللازمة التي تمكن هذه الدور من أن تكون قائمة في بيئة محترمة تتفق مع وقار الشعائر الدينية وطهارتها"..

لذلك حكمت المحكمة باقامة الشعائر الدينية في "أي مكان يتخصص لهذا الغرض" "ولا حق لوزارة الداخلية في وقف أو تعطيل هذه الشعائر".

تحية اجلال واحترام لذكرى فقيه مصر العظيم، الدكتور/ عبد الرزاق السنهوري باشا، رحمة الله عليه.

هل نسيتم أو على الأصح تناسيتم تقرير العطيفي (1972) والذي طالب بوضع نظام موحد لدور العبادة فظل تقرير العطيفي حبيس الأدراج حتى يومنا هذا أي منذ 33 سنة.

ان الخط الهمايوني والشروط العشرة اياها التي أصدرها وكيل وزارة الداخلية العزبي باشا في فبراير سنة 1934 تخالف وتنتهك الدستور المصري في مادتيه 40 و 46. كما تنتهك وتخالف الاعلان العالمي لحقوق الانسان والاتفاقيتين الدوليتين بشأن الحقوق المدنية والسياسية (المادة 18). كما يخالف وينتهك المادة الثانية من القرار رقم 47/135 بشأن اعلان حقوق الأشخاص المنتمين الى أقليات دينية الصادر في ديسمبر 1992 من الجمعية العامة للأمم المتحدة.

يا حضرات السادة،

ان الأقباط يطالبون باستصدار قانون موحد لدور العبادة لكيما تتساوى جميع دور العبادة في اجراءات بنائها وترميمها وتدعيمها بلا خط همايوني ولا شروط عشرة ولا مباحث أمن دولة. فبدون هذا سيظل موضوع حرية العقيدة وممارسة الشعائر الدينية وصمة عار في جبين النظام ونحن في القرن الحادي والعشرين.

اننا نلجأ الى الله والى جميع المؤسسات والمنظمات المعنية بحقوق الانسان المحلية والدولية لكيما تحترم مصرنا المواثيق الدولية لحقوق الانسان التي وقعت عليها وصارت جزءا لا يتجزأ من قانونها الداخلي.

نسأل الله أن يتدارك النظام في مصر هذا الموضوع الخطير الذي يمس سمعة مصر في العالم المتحضر ونحن حريصون على سمعتها والله الموفق.

د. سليم نجيب
رئيس الهيئة القبطية الكندية
دكتوراه في القانون والعلوم السياسية
محام دولي وداعية لحقوق الإنسان - قاض سابق
عضو اللجنة الدولية للقانونيين بجنيف
Fax: (514) 485-1533
E-mail: [email protected] or [email protected]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. البنتاجون كأنه بيقول لإسرائيل اقتـ.لوهم بس بالراحة..لميس: مو


.. مستشار الرئيس الفلسطيني: المخطط الإسرائيلي يتجاوز مسألة استع




.. مخيّمات المهاجرين في تونس: صفاقس.. -كاليه- التونسية؟ • فرانس


.. متظاهرون إسرائيليون يطالبون نتنياهو بإتمام صفقة الأسرى مع حم




.. حماس توافق على مقترح الهدنة المصري القطري.. وقف إطـ ـلاق الن