الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تغول السلفية في الجنوب العربي قنبلة موقوتة

بكر أحمد

2016 / 6 / 4
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية


بخلاف المذاهب الدينية المتسامحة مع الذات ومع المحيط الذي حولها والتي لها جذور عميقة في الجنوب العربي، تظهر السلفية كمذهب جديد ينأى بنفسه عن تلك الشعارات ويأخذ اتجاه آخر أكثر حدة في الطرح والتواصل والتعامل، أن السلفية وبتشعب فروعها هي نتاج آخر للوعي الديني المتزمت والأكثر جفوة مع الامتدادات الدينية والفكرية المغايرة، رغم أنها _ السلفية _ تشترك مع المذاهب الأخرى بالأخذ من نفس المنهل ونفس المصدر إلا أنه يظل الخلاف دائما فيمن يستطيع ان يفهم ويفسر هذا المورد ومن له الأحقية بالأخذ من ذلك المنهل.
ماذا تعني السلفية:
أنه فكر ديني مذهبي يعتمد على ما جاء من علم وكتب وفتاوى قدمها السلف، وهم الناس السابقون، والمنحصرون تحديدا في الثلاثة القرون الأولى التي تلي عهد النبي، تلك الفترة وحسب ما يعتقدون هم به قد أنتجت خيرة رجال الأرض وأكثرهم فهما واستيعابا لنصوص الدين وأن أي اجتهاد بعدهم سيكون اجتهادا ناقصا لا يرقى لمصاف ما ذهب اليه السلف الصالح، بل أنهم يذهبون أكثر من ذلك تجاه السلف حيث أنهم يصفونهم جسديا بأنهم الأكمل طولا والأكثر عرضا وجمالا، بينما الناس اللاحقون لهم، فعليهم أتباع ملتهم والاقتداء بهم وعدم الخروج عن ما كتبوه ودونوه .
والسلفية نوعان:
الأولى سلفية دعوية: وهي البذرة التي تحرص على زرعها في داخل كل إنسان من حيث التقيد بالتعاليم الإسلامية والحرص على تطبيقها بكل السبل المتاحة، وهي في الغالب تعاليم صارمة تستقي منبعها من كتب ابن تيمية وابن القيم وأخيرا من محمد ابن عبد الوهاب، وتتعامل مع الآخر من منطلق الهداية والاستقطاب، فهي تقسم المذاهب الآخرى الى نوعين لا ثالث لهما
أ: الفرق المغايرة لمذهب أهل السنة والجماعة من الخوارج والشيعة ونحوهم.
ب: المنتسبون لمذهب أهل السنة، ولكنهم غير متقيدين به من كل الوجوه، بل يوجد لديهم مخالفات ومبتدعات فكرية أو سلوكية.
والذي يعني بأن أي شيء آخر لا يكون ضمن جماعتهم فهو ناقص إيمان او مبتدع في الدين، وكلاهما لا يسيران على الطريق القويم.
السلفية الجهادية: وهي السلفية التي تقسم العالم إلى قسمين لا ثالث لهما، اما دار سلم وهي دار المسلمين، واما دار حرب وهي دار الكفار، وبطبيعة الحال فان ديار الكفار هي ديار تنتظر فقط قدوم المسلمين لها حتى يدخلها الأسلام، وهذا لا يكون إلا عن طريق الجهاد وإعلاء راية الله، ومن هذا الفكر السلفي الجهادي تفرعت معظم التنظيمات الجهادية أمثال القاعدة وداعش.

الفكر السلفي هو فكر محافظ يجعل من شعار (كل محدثة مبدعة) طريق يمضي عليه، ويظل يقاوم أي ¬-تجديد مهما كان نوعه، إذ انه يقدم درء المفاسد على جلب المصالح، مما يعني أن وضع سور حول المجتمع وحول الفكر وحول التعليم و حول المرأة هي من أولويات هذا المذهب، فمن المعلوم بأن من وقف ضد تعليم المرأة هو هذا المذهب وهو من أكثر المذاهب الذي يضع قيودا على المرأة من منطلق انها منبع الفتنة وأصل الفساد، وهو الذي يقف امام أي تحديث علمي او تقني منذ ظهور المذياع حتى إعلان كروية الأرض، وبالتالي ومن الطبيعي أنه لديه نظرته التقليدية للدولة ولطريقة نظام حكمها وأن أي تحديث في الإدارة والأنظمة ستندرج تحت بند الابتداع التي هي غير مقبولة في أي حال من الأحوال.
نستطيع ان نقول عن السلفية انه فكر دخيل على الجنوب مثله مثل الأثنى العشرية والحوثية، فالتدين في الجنوب هو تدين متسامح يميل إلى العطاء العاطفي والوجداني الصوفي وينحي بذاته عن التدخل في معتقدات الأخرين الدينية الأمر اذي جعل الجنوب العربي وعبر كل تاريخه عبارة عن نسيج ديني واجتماعي متماسك ومترابط وغير مشغول بالنزاعات الطائفية والمذهبية التي تحقن النفوس وتشغل الفكر عن الإبداع والإنتاج.
منذ سقوط الجنوب بيد الاحتلال الشمالي في عام 1994م تزامن مع الغزو العسكري غزوا مذهبيا سفيا شرسا، وبدأ بوضع الأيادي على المساجد في عدن مع وضع مراكز القوى الشمالية أياديهم على أراضي الجنوب، كان هذا الغزو التخريبي غزوا متكاملا لنهب وطمس هوية الجنوب وتغير خارطته المذهبية والجغرافية، وصار الجنوبي ولأول مرة يسمع بان ذلك المذهب رافضي والآخر مذهب مبتدع وان الجهاد ضدهم مقدم على أي شيء آخر في الحياة.
والسلفية حين تضع هذه الشعارات الحادة في مواقفها تعلن أيضا بان الدولة يجب ان تكون دينية على الحجة البيضاء مثلما كانت في عهد النبوة والخلافة الراشدة رافضة وبشكل قاطع النظام الديمقراطي وكل آلياتها من التعددية والتنوع وتستند على كل قوانينها وأنظمتها على ما ورد في كتب كتبت قبل أكثر من قرن من الان متجاهلة البون الواسع والقفزة البشرية الهائلة التي حدثت.
المخيف في الأمر هو حالة التسامح الحالية مع هذا الفكر وإتاحة المجال له بحجة انه كان ضمن من قاوموا الغزوا الحوثي، وهذه حجة لا يمكن السماح بتمريرها، فهم وان قاوموا وخاضوا حرب تحرير عدن، فهم هنا مثل غيرهم من مختلف التيارات الجنوبية التي خاضت تلك الحرب المقدسة، وعليهم ان يسلموا أسلحتهم ويندمجوا بالمجتمع كالون واحد ضمن عدة ألوان جنوبية موجودة، لأن إصرارهم على تطبيق معتقدهم تجاه الآخر لن يؤتي إلا بنتائج كارثية على الجميع.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. 9 شهداء بينهم 4 أطفال في قصف إسرائيلي على منزل في حي التنور


.. الدفاع المدني اللبناني: استشهاد 4 وإصابة 2 في غارة إسرائيلية




.. عائلات المحتجزين في الشوارع تمنع الوزراء من الوصول إلى اجتما


.. مدير المخابرات الأمريكية يتوجه إلى الدوحة وهنية يؤكد حرص الم




.. ليفربول يستعيد انتصاراته بفوز عريض على توتنهام