الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مسرحية يا رب : أمهات يمهلن الله 24 ساعة لايقاف الحرب

سمرقند الجابري

2016 / 6 / 5
الادب والفن


في الساعة السادسة بتوقيت بغداد، رفعت الستارة عن الممثلة الكبيرة سهى سالم بدور أم عراقية ترتدي السواد في المسرح الوطني يوم أمس المصادف الأول من حزيران .
كانت الام تجلس على طاولة كبيرة ، وتتحدث الى الله وتحمل في حقيبتها تواقيعا من كل
(أمهات العراق) يفوضونها كي تتحدث الى الله ويمهلن الله أربعة وعشرون ساعة وإلا سوف يمتنعن عن الصلاة والصوم والدعاء، وتظل تتحدث بهدوء وسط اضاءة خافتة ، وهنا تكشف عن شعر رأسها قائلة ( إلا اشوفك شيبتي يللة تسمعني ) .
تنتقل الأم الى طاولة أخرى لتشرب القهوة وتردد خطابها لله ( انا اتحدث اليك فهل تسمع) التي تكشف لنا احداث المسرحية عن فقدانها لابناءها بطريق بشعة بين القتل على الهوية وتقطيع اشلاءهم وبين التفجيرات التي تعم بلادنا منذ 13 سنة وعن الشباب الذين قرروا الفرار من هذا الجحيم الى المنافي عبر البحر وغرقوا .
في خلفية خشبة المسرح شاشة كبيرة تعرض للمشاهدين بعض الملاحظات عن العرض ، وهناك نرى رجلا يتمدد على سرير المستشفى ويتحدث الى الام ، تقف قربه فتاة شابة جميلة بشعر طويل وثياب بيضاء تتحرك بايقاع اوتوماتيكي في طريقة تطبيبها للرجل المريض الذي يضع رقبة طبية وكانيولا في يديه ليتضح لنا فيما بعد انه ( النبي موسى ) والذي يطلب منها ان تهدأ ، ولكنها تقول له انها جاءت الى الوادي المقدس كي تعتزل الناس ليجيبها بأن الوادي المقدس مراقب بالكاميرات.
تتابع الام شرب قهوتها وعتاب الرب ، لينهض (موسى) من سرير المستشفى ليتحدث اليها وجها لوجه ويعلو توتر الحوار بينهما الى ان يمسك بفمها ناهرا إياها عن التحدث بطريقة معاتبة لله لان كل ما يحدث علينا تحمله كبشر فهو كنبي ألقت به امه القته في البحر في صندوق خشبي ، وهنا يسالها : من فوضك لتتحدثي باسم كل الأمهات ، فتفتح حقيبتها لتعرض له صور شباب قتلوا وتظل تتلو على مسامعه حكاية كل شاب وكيف قتل وعندما تنهار الام بحزنها يخرج الحوار من منطقته الفصحى الى منطقة اللغة الدارجة وبطريقة فكاهية ، فتطلب منه فعل شيء لحال بلادنا بعصاه .
الإضاءة قاتمة لا مجال للضوء إلا ما ندر ، الموسيقى لا تعدو صوت قرع أجراس الكنيسة او لرنين رتيب ممل ، الأداء كان بطيئا ليقتصر الحوار في هذه المسرحية الثلاثية على الام الثكلى والنبي العاجز ، كان صوت الام من الناحية الهندسية يصل الى الجمهور عكس صوت موسى الذي كان في الغالب غير واضح وغير مؤثر ، كان الحوار رائعا جدا واثار تفاعل الجمهور .
شعرت كأني هذه الام وأخرج كل ما لدي من أسئلة الى الله، عندما تطلب منه ان يقسم الأرض الى نصفين ، نصف للقتلة ليعيشوا مع بعضهم ، ويترك الناس الذين يريدون العيش في سلام في النصف الاخر ، تريد من كل شاب ان يصل على الأقل لعمر الخمسين سنة وان يعيش مع عائلته ويتزوج ويرى ذريته ، تريد الام التي تقف خلف ولدها وهي ترش الماء خلفه عندما يخرج من الدار تلك العادة العراقية العظيمة لكي يعود لها بالسلامة أن يعود، لا ان تظل ترش الماء وتطلب من الله ما عليه القيام به كإله ، ولكنه لا يفعل ويترك شبابنا فريسة لمن يقتنصون خروجهم من بيوتهم ليقرروا هن الله مصير حياتهم هنا تذكرت قول كاتبة عراقية أسمها رشا تلك التي كتبت عبارة اتوقف امامها بخشوع ( هل كانت الحياة هبة الله التي يستردها القتلة )
لم تكن المسرحية سوى الخوض فيما نكتمه من أسئلة داخلنا عن وجوب العدالة الإلهية وانتظار تحقيقها والتعب من كل ما يحصل.
ما بين الثياب السوداء للام ومنح المؤلف لها كل قوة الحوار، وبين عجز النبي بالإجابة على أسئلة الام وبين صمت الفتاة الشابة التي صار دورها ممرضة في آن وعصا للنبي موسى تلك العصا العاطلة عن الاتيان بحل كأن (تلقف ما يأفكون) بدل التحرك كرجل آلي بثياب بيضاء ناصعة ، تكمن تلك النصف ساعة من مسرحية ( يا رب) .
هنا يطلب موسى من الام الصلاة ويقف هو أيضا للصلاة، فلا الصلاة تتوقف ، ولا الحرب تتوقف .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيلم السرب يتخطى 8 ملايين جنيه في شباك التذاكر خلال 4 أيام ع


.. الفنان محمد عبده يكشف عبر برنامج -تفاعلكم- أنه يتلقى الكيماو




.. حوار من المسافة صفر | الفنان نداء ابو مراد | 2024-05-05


.. الشاعر كامل فرحان: الدين هو نفسه الشعر




.. جريمة صادمة في مصر.. أب وأم يدفنان ابنهما بعد تعذيبه بالضرب