الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بين الواقع و واقع المغرب

رضا كورا

2016 / 6 / 5
مواضيع وابحاث سياسية


رضاكورا - إعلامي مغربي
رئيس المنظمة المغربية للشباب المواطن

بين الواقع و واقع المغرب

يقر الجميع على ان هيجان الشعب المغربي إبان مرحلة 20 فبراير و قبلها في مناسبات عديدة اخرى ،لم يمكن منطلقا من عبث ، او انه كان فقط احتجاج من اجل الاحتجاج ،او من اجل التشبه بما فعله المحتجون في باقي البلدان العربية ، فشروط الثورة و الانتفاض ضد النظام الملكي المغربي متوفرة اكثر من اي وقت مضى اليوم مع توفر طرق الولوج للمعلومة . بشقيها الذاتي و الموضوعي كما يقال ، فلا احد في المغرب يلمس نية النظام السياسي المغربي في القيام باصلاحات جذرية تعطيه الحق في البقاء جاثما على رؤوس المغاربة كما هو الحال عليه من قرون ، فحديثه على الديمقراطية ما هو الا مجرد ضحك على الذقون ، إذ أن كيف له الحديث عن هذه الدمقراطية وهو نظام وراثي لا يسمح للشعب باخياره ، بل لا يسمح اصلا بمعارضته، محتميا بالغطاء ديني المتمثل في نسبه لرسول الاسلام ، مجسدا بذلك فلسفة الاسلام السياسي في عمقها المختلف حوله .
فتوفر الشرطين معا من الناحية العلمية، لا يمكن لاحد نفيهما، لأن ما يقرب من اربعين في المائة من الأسر المغربية، تعيش فقرها بشكل من الرضى بالقضاء و القدر ، ذلك ان نظام ملك الفقراء الغني، نجح في ترويض الوازع الديني للمغاربة عن طريق احتكاره لمنابر المساجد و الدعاة مستغلا بذلك التعليمات الصارمة القاضية بعد الخروج عن الحاكم و أولي الامر، بل حتى الحركات الاسلامية الغير مفهومة احيانا استطاع ترويضها. فزادت بذلك عوامل الفقر والفساد والتهميش والإقصاء التي تفاقمت على مر السنين، التي لم ينتج عنها سوى خلق المزيد من الفقر بالنسبة لفئات واسعة من عموم المغاربة .
فقوة البرامج السياسية و الاقتصادية التي نهجها و ينهجها النظام المغربي منذ عقود ، كرست بشكل ناجح للفقر و البطالة و الامية و الجريمة ناهيك عن الخوف المترسب في العقول ، و بذلك تحول فقر المغاربة الذي نعرف بدايته و لا نعرف نهايته ، هوية اساسية ملتصقة بعظمهم الهش يصعب التخلص منها ، ذلك ما أكده الملك في وصف نفسه بملك الفقراء .

المغاربة لا ينفون أن بلدهم غني ، ليس بالثروة اللامادية التي يحاول النظام السياسي المستغل للنفوذ و المفسد في المال العام ، ان يجعلها في ذهن المغاربة اكثر من الثروة المادية لصدهم عن التفكير في خيرات البلاد ،لكن اغلبهم لا يدرك أن المغرب بلد زراعي، تغطي أراضيه الصالحة والقابلة للإصلاح ملايين الهكتارات من المفترض أن تحقق فلاحته وزارعته الإكتفاء الذاتي في التغذية في كل اساسياتها وغيرها من المواد التي أجبر الفقر المغرب على استيرادها علانية وبلا رقابة أحيانا.

كما انه بلد بحري، يزخر بثراوت سمكية لا تعد ولا تحصى ، تقول الأرقام أن هذه الثروات قادرة على تزويد المغاربة، بمليوني طن من الأسماك سنويا، وعلى تشغيل ما يقارب مليون مغربي بشكل يحترم شروط العمل المتعارف عليها، لكن النظام السياسي يأبى إلا ان يجعل من البحر، مقبرة جماعية للشباب المحبط و مأساة غرق المهاجرين السريين بشكل شبه يومي خير دليل، فاستغلاله لثرورة البحر دون غيره من المغاربة لا يقابله شيئ غير مراكمة الثروة و تهريبها للخارج بدون أي وجه حق .

ما يخفى على كثيرين ايضا هو استغلال الهولدينج المكلي لثروات المناجم ، فالمغرب يملك ما يعادل ستين في المائة من الإحتياطي العالمي من مادة الفوسفاط، ويملك مناجم لأصناف متعددة من الطاقة .و مما لا شك فيه ان النفط ايضا مندرج ضمن قائمة ما سيعمل الملك عبر شركاته العملاقة على استغلاله كما هو الحال مع نور الشمس الذي لم يسم هو الاخر منه، لكن مع كل هذا نجد المغرب مصنف على لائحة الدول الأكثر فقرا و أمية في العالم .

فكيف للمغربي المهمش أن يصدق، أن بلده الغني بالثروات الباطنية التي غالبا ما يسمع عنها فقط، ،انه في مراتب متأخرة من السلم العالمي للتنمية بجانب دول فقيرة بالفعل . لان بلده يعج بالبطالة و الفقر المذقع الذي نتج عنه تركيز الغنى لدى فئة قليلة تقابلها فئات اوسع من الفقراء،
ناهيك عن العجز الواضح في التعليم والصحة والسكن والتشغيل والأمن و الحماية المخصصة لافراد الشعب نتيجة للارتفاع المهول في نسب الجريمة وتدني الاخلاق الجمعية و الاحساس بالمسؤولية ، دون اغفال الحديث عن الأوضاع المالية واقتصادية للبلاد التي أغرقت الاجيال القادمة في مستنقعات المديونية للخارج بشكل يبعث على القلق.

وهذا ما يحيل في نهاية الامر على القول ان هذا الشعب عليه ان يستفيق من سباته العميق، و ان يعي جيدا ان المغرب في ظل وجود المؤسسة ملكية في شكلها الحالي لن تزيده الا تفقيرا وتجهيلا و انحطاطا ، فهي مسؤول بقوة الواقع عن ظواهر أطفال الفقر والتسول والجريمة والعنف القسري و القمع وكل مظاهر الإحباط الإجتماعي والإقتصادي وغير ها من الظواهر السلبية الناتجة عن سياستها أساسا، والمتناقضة مع حق الانسان المغربي في ان يصبح مواطنا يعيش بشكل كريم يصون كرامته، لأننا مللنا صراحة من الاحساس بالاغتراب داخل حدود الوطن الذي نطمح لجعله ديمقراطيا علمانيا ، و مستعدون لدفع رقابنا ثمنا و فداءا لذلك .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أكثر من 50.000 لاجئ قاصر في عداد المفقودين في أوروبا | الأخب


.. مدينة أسترالية يعيش سكانها تحت الأرض!! • فرانس 24 / FRANCE 2




.. نتنياهو يهدد باجتياح رفح حتى لو جرى اتفاق بشأن الرهائن والهد


.. رفعوا لافتة باسم الشهيدة هند.. الطلاب المعتصمون يقتحمون القا




.. لماذا علقت بوركينا فاسو عمل عدة وسائل أجنبية في البلاد؟