الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المعارك لاستئصال داعش تتجاهل أنها فكر ديني مسيس لا يغتاله السلاح، بل فكر مقابل؟

ميشيل حنا الحاج

2016 / 6 / 6
مواضيع وابحاث سياسية


فجأة تبدل كل شيء في المنطقة وخاصة بالنسبة لكيفية التعامل مع الدولة الاسلامية. فبعد أن كان التعامل معها لزمن طويل يتم بحنان ورأفة من الجانب الأميركي على الأقل، اذا به يتحول فجأة الى تعامل الأسد المفترس الذي يسعى لقضم رقبة الذئب الداعشي.

كل شيء تبدل فجأة، وظهر الأمر وكأن بركانا قد بعثت فيه الحياة بعد رقاد طويل. وفي البداية، بدا الأمر وكأن الرئيس أوباما يسعى لتحقيق انجاز واضح في عهده ضد الدولة الاسلامية، قبل رحيله عن سدة الرئاسة. ولكن ما كان يبدو أنه مسعى لتحرير الفلوجة، وتحقيق موطىء قدم لأكراد سوريا في الشمال السوري المحيط بالرقة (بتعاون ودعم من خبراء أميركيين مهدت له زيارة مفاجئة للمنطقة نفذها الجنرال الأميركي جوزيف بوتيل)... ظهر بعده تطور آخر مفاجىء وسريع، في موقع آخر من مواقع تواجد الدولة الاسلامية.

اذ أن هجوما آخر انطلق من مدينة مصراته باتجاه سرت، أحد معاقل الدولة الاسلامية في ليبيا. وتقول أنباء بأن القوات الليبية المؤازرة لرئيس الوزراء الجديد فايز السراج، باتت تخوض الآن قتال شوارع في داخل مدينة سرت، بينما يقول معلق عسكري ليبي كما ورد في برنامج اخباري على قناة بي بي سي، أنهم يقاتلون في أطراف المدينة، ولم يصلوا بعد الى وسطها ليدخلوا مرحلة قتال في شوارع المدينة.

ولكن مفاجأة أخرى أكبر وأهم، جاءت عندما بدأت القوات السورية، تحت غطاء من سلاح الجو الروسي، بالتقدم بسرعة فائقة نحو محافظة الرقة قادمين من جهتها الجنوبية، ووصلت الى داخل منطقة الحدود الادارية للمحافظة. وهنا وقع المراقبون والمحللون السياسيون في حيرة. فما أعتقد أن ما يجري في شمال منطقة الرقة من زحف قوات سوريا الدمقراطية ذات الأغلبية الكردية في المناطق الواقعة شمال الرقة، في مناطق غالبية سكانها من الأكراد، مع وجود بعض التركمان والآشوريين، وهو زحف يتم تحت جناح غطاء جوي للتحالف المدعوم أميركيا، ولكن بالاتفاق والتنسيق المسبق مع روسيا... شكل التدخل السوري المفاجىء والقادم من جنوب الرقة، مفاجأة مذهلة لأطراف عدة. فهل يجري ذلك نتيجة تنسيق وتخطيط مسبق بين الروس والأميركان، أم جاء، كما قال أحد المحللين على البي بي سي، نتيجة مخاوف سورية مفاجئة، بأن الزحف الكردي لن يتوقف لدى السيطرة على المناطق الكردية الواقعة شمال مدينة الرقة، بل سيسعى لدخول المدينة وضمها بعد تحريرها من مقاتلي الدولة الاسلامية، الى الاقليم الكردي الذي يتم التوجه الى اعلانه منطقة كردية ذات حكم ذاتي، لكن تحت راية مركزية الحكومة السورية.

ومن هنا اضطرت سوريا، كما يرى المعلق السياسي، للتدخل في معركة الرقة، لتكون قواتها هي من يدخل المدينة ويحررها من سيطرة الدولة الاسلامية. وهذا قد يعني دخول القوتين الروسية والأميركية في مرحلة التنافس المعلن، بعد أن كان التنافس بين التحالفين، الروسي والأميركي، في مقاتلة الحركات الجهادية الارهابية بما فيها الدولة الاسلامية وجبهة النصرة، تنافسا صامتا.

لكن زخم التقدم نحو الرقة، سواء من شمالها أو من جنوبها، لم يشكل المفاجأة الوحيدة التي باغتت الجميع لما أفرزته من ارتفاع وتيرة القتال ضد الدولة الاسلامية، وفتح أربع جبهات لها متزامنة وفي آن واحد هي: جبهة الفلوجة حيث تقدمت القوات العراقية لتسيطر على مدينة الصقلاوية القريبة جدا من الفلوجة، وجبهة سرت في ليبيا حيث باتت القوات الليبية على مشارفها أو في داخلها، وجبهة قوات سوريا الدمقراطية المنتشرة في شمال الرقة والمتقدمة نحو مدينة منبج، بل وباتت على مشارفها، علما أن منبج هي المدينة الأكبر في الشمال السوري بعد حلب، اذ يبلغ عدد سكانها 470 ألفا كما قال الدكتور فايز الدويري. والهدف الرئيسي لجيش سوريا الدمقراطي اضافة لأهداف أخرى، هو السعي لاغلاق الحدود التركية في مسافة قد يصل امتدادها لأربعمائة كيلومتر، تمتد من جرابلس الى أعزاز الحدودية. وهذا كله يجري في وقت تتقدم فيه القوات السورية قادمة من جنوب الرقة، لتصل الى عمق 12 كلم داخل الحدود الادارية للمحافظة، في مسعى لمحاصرة مدينة الطبقة الاستراتيجية في تلك المحافظة... ففي خضم وزخم تلك التطورات، جوبهت المجموعات التي تقاتل الدولة الاسلامية، ومن أجل مقاتلتها تخلت الحكومة السورية مؤقتا عن مخططها السابق لتحرير حلب من القوات المعارضة المسيطرة على أجزاء منها... بل وفوجئت أيضا بأن المعارضة المسلحة بما فيها جيش الفتح الذي تقوده جبهة النصرة المنتمية لتنظيم القاعدة، وبمؤازرة قوات تركية تتسربل بكونها تنظيم سوري مسلح اسمه جيش السلطان مراد، قد استغل التطور الجديد، لمهاجمة مواقع الحكومة السورية في مدينة حلب. ويقول مركز المراقبة الروسي في قاعدة حميمين، أن الف جندي تركي يتواجدون الآن في منطقة الشيخ مقصود، بينما يتواجد ألفا آخرين، في منطقة عفرين داخل الأراضي السورية القريبة من محافظة الاسكندرون، وهدفهم مؤازرة المعارضة المسلحة وأبرزها جيش الفتح والجبهة الشامية، في مهمتها المتوقعة الساعية للسيطرة على كامل المدينة الحلبية.

واذا كان التدخل التركي المباشر والمفاجىء له أسبابه المفهومة، وهي رغبته في احباط مشروع قوات الحماية الكردية الموصوفة بجيش سوريا الدمقراطي، من النجاح في السيطرة على المناطق الشمالية للرقة والمحاذية للحدود التركية على امتداد 400 كلم، وذالك كافراز لتصنيفهم قوات الحماية الكردية خصما لكونه تنظيما مؤازرا لتنظيم PKK التركي المصنف من قبل أردوغان بالتنظيم الارهابي... فان الدور الذي تقوم به جبهة النصرة وجيش الفتح من مشاغلة القوات السورية في حلب، لم يفهم بعد ان كان هدفه هو مجرد احكام السيطرة على حلب تمهيدا لاعلانها الى جانب ادلب، امارة اسلامية، أم أن له دورا آخر وهو تخفيف الضغط عن الشقيقة السابقة.. دولة العراق الاسلامية التي جرى فك ارتباطها بجبهة النصرة منذ منتصف عام 2013.

ومهما كانت أهداف جبهة النصرة وتكتل جيش الفتح وجيش السلطان والجبهة الشامية، فان ذلك لا ينفي أهمية ما باتت الدولة الاسلامية تواجهه من معارك متزامنة في أكثر من موقع، وفي آن واحد، مما يشكل بدون أدنى شك، ورقة ضغط كبيرة على الدولة الاسلامية لم تواجه مثيلا لها منذ نشأتها. كل ما في الأمر أن السؤال الذي سيظل قائما هو: هل ستنجح هذه الضغوط والمعارك المتزامنة في استئصال الدولة الاسلامية، أم ستؤدي فحسب الى تحجيمها... ربما لبعض الوقت.

يستبعد العديد من المراقبين والمحللين السياسيين والضالعين في الشأن العسكري، نجاح تلك الهجمات على الدولة في القضاء عليها أو استئصال وجودها. كما بستبعدون احتمال السيطرة على محافظة الرقة، وخصوصا مدينة الرقة، في وقت قريب أو نسبي. ويؤكد هذه الرؤية الدكتور فايز الدويري، وهو أكاديمي أردني متخصص في الشأن العسكري. ويعزز أيضا تلك الرؤية، الدكتور هشام جابر، وهو محلل سياسي لبناني وخبير في الشأن العسكري أيضا، اذ أنه يستبعد ذلك تماما، مذكرا بأن التنظيم يمارس في آن واحد نهجين في القتال: نهج المجابهة الكلاسيكية في المعارك العسكرية، ونهج حرب العصابات، فيلجأ لأسلوب الكر والفر بما ما يفرزه من انسحاب لكن مع العودة فجأة للهجوم. وأود أن اضيف الى قول الدكتور هشام جابر، أنه اضافة الى استخدام المفخخات المتفجرة، هناك العديد من الأنفاق في المنطقة، والتي شقتها الدولة الاسلامية أثناء تواجدها الطويل في المنطقة، مما يساعدها على استخدامها في تنفيذ هجمات مضادة آتية من خلف القوات المهاجمة. فهذه الأنفاق العديدة، سوف تساعده على استخدام عنصر المباغتة في هجماته الشرسة.
ومن تكتيكات الدولة الاسلامية المعروفة، تنفيذ هجمات مفاجئة في مواقع لم تكن متوقعة. وهناك أيضا سلاح التنظيم الأهم، وهو سلاح العمليات الانتحارية المعززة بتواجد العديد من الجهاديين المتحمسين لفكرة الاستشهاد باعتبارها طريق سريع الى الجنة، كما يقال لهم. وسلاح الانتحاريين سلاح ينفرد به تنظيم الدولة الاسلامية ولا تملك مثيلا له القوات السورية أو الروسية أو جيش سوريا الدمقراطي. وهذا سلاح، أي سلاح الانتحاريين، غالبا ما يؤدي الى نجاح أحد الانتحاريين في التسلل الى الصفوف الخلفية للقوات المهاجمة، فيؤدي تفجير نفسه في الصفوف الخلفية وفي وسط تجمع للمقاتلين أو المؤازرين لهم، ملحقا ضربة موجعة ومعوقة لمخططاتهم.

واذا ما اضطر التنظيم للتراجع في بعض المواقع، بحيث كاد يبدو للعلن في حالة من الضعف والوهن والتقهقر قد يؤدي الى فرار بعض اعضائه خوفا من هزيمة، كما يؤدي الى تضاؤل عدد المنتسبين الجدد للتنظيم، فان التنظيم في حالات كهذه، من المتوقفع أن يلجأ لأن يضرب في الصفوف الخلفية للدول المنضوية تحت جناح التحالف الدولي برعاية أميركية.... في صفوف الدول الأوروبية المؤازرة للتحالف، وربما أيضا في صفوف دول التحالف الروسي أو حتى الاسلامي، وذلك عبر عمليات انتحارية قد ينفذها في مواقع أوروبية أو غير أوروبية، ولكنها مواقع لم يقدر أصحابها احتمالات تعرضها للخطر، فلم يتخذوا نتيجة ذلك احتياطات أمنية كافية لتداركها.
فالدولة الاسلامية، كما يرى بعض الدارسين والمتابعين لنشاطها ونهجها، قد حرصت كما يبدو، على ايجاد خلايا نائمة لها في تلك الدول، تستخدم في حالات الضرورة، وخصوصا عندما ترغب في التأكيد للملأ بعد ضربات موجعة وجهت اليها، بأنها لم تزل قوية وقادرة. ويرجح أن سلاح الخلايا النائمة في الدول الأوروبية، قد تعزز بأعداد ملموسة مؤخرا نتيجة تدفق المهاجرين السوريين وغير السوريين على تركيا وعلى دول أوروبا، مما يرجح احتمال تسلل بعض الانتحاريين بينهم تحت ستار اللجوء الانساني، لتعزيز سلاح الخلايا النائمة في تلك الدول.

فالضربات في الصفوف الخلفية للدول المهاجمة تحت أي ستار أو تجمع كان، لا يشكل مجرد ضربات موجعة لعدو، بل هو تذكير بالنهج الاستراتيجي الذي اعتمده التنظيم كتكتيك، بل كاستراتيجية للفت النظر اليه، وللانتشار بسرعة متسترا بعامل تخويف الآخرين منه... والمقصود به نهج الأعمال الوحشية التي تعزز الخوف من التنظيم، والذي من أجل بثه في نفوس الآخرين، لجأت الى قتل الأسرى، وقطع الرؤوس أمام العلن، وسبي النساء واغتصابهن. فالضربات الانتحارية في الدول الأخرى، ستشكل نقلا نسبيا ونوعيا لخط القتال من سوريا والعراق وليبيا، الى خطوط أخرى موجعة واقعة في دول داخلة في التحالفات التي تقاتل الدولة الاسلامية.

وهكذا يبدو أن المعركة طويلة، رغم التزامن في فتح عدة جبهات، وقد تكون أطول مما يتوقع الكثيرون. واذا نجحت تلك الحملة، فقد تنجح فحسب في اضعاف الدولة الاسلامية، لا في استئصالها. ولعل الولايات المتحدة قد تعلمت درسا من طريقة تعاملها مع تنظيم القاعدة في أفغانستان، وهو التنظيم الأم الذي نمت في دفء حضنه، كل الحركات الارهابية السائدة الآن في هذه المنطقة وفي أفريقيا، وكذلك في مواقع أخرى من العالم كأوروبا والمناطق الشيشانية والاسلامية في الاتحاد الروسي.

فالولايات المتحدة رغم حرب خاضتها على مدى أربعة عشر عاما في أفغانستان ضد القاعدة وضد مناصريها من طالبان الذين يقدمون الحماية لتنظيم القاعدة ويضمونها تحت أجنحتهم، لم تفلح في استئصال القاعدة أو انهاء وجودها أو نشاطها، الأمر الذي تؤكده تفجيرات وهجمات تنفذ بين الفترة والأخرى في كل من الصومال واليمن وأحيانا في مناطق قريبة من المغرب العربي، كما في العملية الارهابية التي نفذها قبل شهرين أو أكثر، تنظيم القاعدة في المغرب العربي، في دولة بوكينا فاسو. وهذا الفشل في استئصال القاعدة المتواجدة قيادتها في داخل أفغانستان وفي مناطق باكستانية مجاورة للحدود الأفغانية، يرجح أن الاكتفاء باستخدام القوة المسلحة وحدها لمكافحة تنظيمات جهادية ذات توجهات سياسية نابعة من أصول دينية متشددة كهذه...هو خطوة غير كافية، خصوصا وأن هذه التنظيمات تلجأ للتمدد في مواقع أخرى غير المواقع المتعرضة للهجوم، فتشكل تنظيمات فرعية لها في دول أخرى كما فعلت القاعدة بايجادها تنظيمات لها في عدة بلدان أخرى. ويرجح أن الدولة الاسلامية قد نحت نحو القاعدة في تشكيل فروع كهذه لها وخصوصا بعد مبايعتها من تنظيمات عدة متواجدة خارج سوريا والعراق كبوكو حرام، وأهل بيت المقدس وغيرهما كثر.

اذن أسلحة الحرب التقليدية المستخدمة حاليا في مقاتلة القاعدة أو الدولة الاسلامية، ليست وحدها هي السلاح الفعلي المطلوب أو المنتج. فهذه التوجهات المستندة الى فكر اسلامي متشدد، لا يمكن أن تعالج الا بفكر مقابل قد يستطيع بعد عدة عقود قد تكون طويلة (فالنتائج لن تكون سريعة ولكن طريق الألف ميل يبدأ بخطوة واحدة)، من الوقوف في وجه هذا الفكر الجهادي المتشدد والمضلل بمفاهيم وتفسيرات خاطئة. والفكر الجديد القديم المطلوب، هو من ناحية، قيام الأزهر الشريف بطرح شروحاته المتسمة بالاعتدال، والداعية للتسامح الديني وعدم انكار الآخر. ومن ناحية أخرى، العودة الى رفع شأن الفكر العروبي والقومي الذي كاد يتلاشي في خضم طروحات الجهاديين، اضافة الى توجهات نحو العلمانية ونحو بعض المنحى اليساري في التفكير، ولو المعتدل منه المتناسب مع وضع شعبنا وتقاليدنا. فهذا هو الرد الموضوعي والفاعل لاحتواء الأفكار المتطرفة والمتشددة التي طرحها بعض الفقهاء المتشددين كابن تيمية مثلا وبعده محمد بن عبد الوهاب.

فالفقيه بن تيمية، قد وضع بذور أفكاره المتشددة في بوتقة الفكر الاسلامي والتي تحولت بعد عدة قرون، وعلى يد الفقيه والداعية الاسلامي محمد بن عبد الوهاب، الى نقطة انطلاق لوضع تلك الأفكار في موضع التنفيذ في النهج الحياتي والسياسي، منطلقة في البدء من السعودية، لتنتشر بعدها في بعض دول الخليج، ومن ثم الى مصر على يد سيد قطب، ومنه الى أسامه بن لادن، ومن ثم لأيمن الظواهري، وبعده الى الخليفة أبو بكر البغدادي.

وهكذا يبدو لي، وربما لآخرين، أن هذا التوجه في التشدد الديني الى حد الافراط في التطرف، قد يحجمه أو يؤخره قوة استخدام السلاح، لكنه لن يستأصله. فلا شيء يستأصل فكرا كهذا الا فكرا مقابلا واضحا ومقنعا يدغدغ المشاعر القومية الوطنية، كما دغدغت أفكار بن تيمية ومن والاه، المشاعر والمعتقدات الدينية التي نحترمها كثيرا عندما تكون في اطارها الصحيح كدين اسلامي معتدل ومتسامح كما أراد له الرسول (ص) أن يكون.

ولكن الفكر الأكثر استدعاء للاهتمام به على عجل، هو مفهوم الاستشهاد الذي تغسل به أدمغة المنتحرين المزنرين بكمية قاتلة من المتفجرات. فالمفهوم الذي يقدم لهؤلاء، هو أن مصيرهم الى الجنة فور تفجير أنفسهم في وسط مجموعة، غالبا ما لا تكون من المقاتلين، بل من المدنيين الأبرياء. وهذه نشهدها كثيرا في العراق، وأحيانا في مدينة حماة السورية، بل ونفذت مؤخرا في اللاذقية. فالمطلوب من الأزهر الشريف، أن يبين لهؤلاء، أن المنتحر يذهب الى الجنة الموعودة اذا كان يفجر نفسه في وسط عدو محتل لبلاده، ويغتصب حقوق شعب ما كالشعب الفلسطيني مثلا. ومن أمثلة أولئك جول جمال السوري الذي فجر زورقه عام 1956 مصطدما ببارجة فرنسية تقصف مدينة بورسعيد وتقتل أبناءها المدنيين، وسناء المحيدلي اللبنانية التي فجرت نفسها في موقع للجنود الاسرائيليين على الحدود اللبنانية الاسرائيلية، ودلال المغربي الفلسطينية التي فجرت نفسها في موقع اسرائيلي داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة. ومثلهم أيضا عدة شهداء من حركة حماس فجروا أنفسهم في مواقع اسرائيلية في تسعينات القرن الماضي. أما من يفجر نفسه في أيامنا هذه في وسط مدنيين أبرياء ومن أبناء شعبه، من بينهم النساء والشيوخ والأطفال، فهذا يصعب كثيرا القول بأنه سوف يذهب الى الجنة ليلتقي بالله تعالى، عندما يقتل أطفالا هم أحباب الله.
وهناك حالة أكثر وضوحا، وهي من يفجر نفسه داخل جامع أو حسينية أثناء قيام البعض باداء فروض الصلاة والتعبد لله. وهذه قد حدثت كثيرا في الماضي القريب والبعيد. فكيف يمكن لهذا المنتحر المضلل أن يعتقد أنه حقا في طريقه الى الجنة، مع أنه قتل للتو أبرياء، رغم كونهم من طائفة أخرى، أثناء أدائهم لصلواتهم متعبدين لله تعالى. فهل من الممكن أن يستقبل الله القدير قاتلا اغتال للتو أناس كانوا يتعبدون له,,,لله تعالى؟

على الاخوة في الأزهر الشريف، أن يبادروا فورا لشرح ذلك لهؤلاء الأبرياء... وأن يشرحوه لهم مرارا وتكرارا لعلهم يقنعون بعضا منهم بالتراجع عن هذا المفهوم الخاطىء...بل المفهوم القاتل.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. موسكو تنفي اتهامات واشنطن باستخدام الجيش الروسي للكيماوي في 


.. واشنطن تقول إن إسرائيل قدمت تنازلات بشأن صفقة التبادل ونتنيا




.. مطالبات بسحب الثقة من رئيسة جامعة كولومبيا الأمريكية نعمت شف


.. فيضانات عارمة اجتاحت جنوب البرازيل تسببت بمقتل 30 شخصاً وفقد




.. بايدن أمام خيارات صعبة في التعامل مع احتجاجات الجامعات