الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


آليات العمل السياسي

محمد الحاج ابراهيم

2005 / 12 / 10
مواضيع وابحاث سياسية


المعرفة التجريبية التي كان مصدرها أوروبا المُنسجمة قُمّة وقاعدة(رسميا وشعبيا) نتيجة التحولات التراكمية التاريخية نظريا وعمليا وميدانيا بمافيه عقلنة الدين الذي كان فاعلا في حياة الأوروبيين، هذه المعرفة تم نقلها عبر رواد النهضة العربية في أوائل القرن الماضي، والتي امتازت بانفصالها عن الواقع منذ لحظات وصولها الأولى، وحددت بذلك مُثقفا فوقيا أفقد السيا سة العربية آليات عملها بحكم غياب العقل والتجربة عن لغة الواقع، فتأسست منظماته السياسية على أسس النخبة غير الفاعلة في التجربة الضرورية للانتقال الميداني، الذي يُعلّم التجريب فيُصبح ثقافة ووعيا يفرض تغييرا حتى في السلوك الحياتي اليومي للمواطن، بدءا من الحرص على النظافة، إلى التصنيع الحربي الاستراتيجي، والتنمية الاقتصادية والاجتماعية العلمية المتطورة، والقابلة للتطور تلقائيا بحكم التغيُّر في بنية الذهن العام، وذلك عندما تقوم على الضرورة.
بالنسبة لواقعنا المُعاش اليوم والذي لازال غارق في التنظير وهذه سمة مُعظم المهتمين بالشأن العام،التي جعلتهم عاجزين عن الإجابة على سؤال مالعمل؟هذا السؤال المصيبة الذي يُربك نشطاء السياسة والثقافة، والأعظم حين تسمع مواطنا يقول:مللنا من السوالف، نُريد عملا، لم يعد يفيدنا المنشور والجريدة والمقالات والخطابات، وهذا كله من مواصفات النشاط للحاكم والمحكوم في السلطة والمعارضة، أي خُلوّها من ثقافة المؤسسات الميدانية وليس الإدارية، إذ أن الكل يُريد أن يعمل ويُنقذ وطنه إنقاذا مشروطا بكونه هو الراعي لهذا الانقاذ، لكن لايعرف من أين يبدأ وكيف يبدأ!.أي أن حسن النية موجود لكن إمكانية ترجمتها غير متوفر لفقدان ثقافة آلية العمل.
يُمكن أن تنشأ جمعية ما ويتم تحديد أعضاء التأسيس لها، لكن الأهم من هذا كله معرفة ماالذي ستفعله هذه الجمعية بعد التأسيس، وكيف يتم تنظيم ذلك بمشاركة الأعضاء؟ دون مؤامرة مُتشكّلة من خلفية سياسية أو نفسية إن لم يكن للعضو دور رئيسي يُخاطبه الناس من خلاله بالأستاذ فلان أو المعلم أو..أو..الخ.
المصيبة أننا أدمنا اعتمار القبعات الكبيرة، وحمل اليافطات العريضة، والعمل بالقضايا الكبيرة نظريا، لكننا لم نحاول العمل بالمسائل الصغيرة التي تُعلّمنا كيف نعمل،لقد سعينا للعمل على تحقيق الوحدة العربية وهذا أهم شعار طرحه تاريخنا، يعني ساستنا ومُثقفينا وأساتذتنا فتعلمنا في مدارسنا الهتافات من أجل كذا وكذا، ولم نتجاوز شكل الهتافات هذه،فلم نخطو خطوة عملية واحدة لتحقيق ذلك على أرض الواقع، والسبب يعود لطريقة التعلّم التي لقنها لنا مُدرسينا في المدرسة، فربّونا على طريقة رواد النهضة العربية (المشيخات،المواعظ)،وبالتالي صار كل من نوى أن يكون مُثقفا عليه أن يترفع عن الناس ويتحدث كمالك للحقيقة المُطلقة والمعرفة الكلية، وأصبح يستخدم الإيماء بإصبعه مؤكدا ال(لا) أو(النعم)، وصارت الإشكالية شخصية بحتة، أي بحثا عن الذات أو عرضا لها، وهذا كان عنصر التأسيس بالبعد عن الشغل.
السلوك (الأداء) مُنعكس طبيعي للذهن(المشروع)،الأداء(آلية العمل على الأرض) يرتبط بالمشروع ارتباطا صميميا، وبقدر مايكون هذا المشروع صحيحا ومُعافى بقدر مايكون التفعيل ناجحا، ولايمكن للمشروع الوطني أن يكون صحيحا إلاّ بأهله، والوطنية لا يتم حصرها تاريخيا بجماعة ما، بل أن الساحة مَفْرَخَةٌ للوطنيين في كل بقاعها،أما مايتعلق بالحضور الميداني لايتم عبر المُتغربين عن الواقع، بل عبر المُندمجين والعارفين به، والعقل المشيخي الوعظي لايستطيع الخروج عن حالته، أي أنه لايعرف كيفية الحضور عمليا، وبالتالي يعجز عن التفعيل، بل يبقى مُنفعلا بالطروحات غير المستوعَبَة، وبالنتيجة يكون قاصراً عن إنتاج أي عمل.
للعمل السياسي آليات تتكون بنتيجة التجربة العامة التي تبدأ بالمسائل الصغيرة، دون قفز نوعي يترك تحته فراغا يُسقط هذه التجربة بشكل مُفاجىء،وبهذه البداية يمكن للعقل العربي أن يستلم أول الطريق إلى العمل، فتتكون الآليات التي تبدأ بالتغيير زمانا ومكانا دون أمراض ونوازع مرضية تُعطّله.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. روسيا والصين.. تحالف لإقامة -عدالة عالمية- والتصدي لهيمنة ال


.. مجلس النواب الأمريكي يصوت بالأغلبية على مشروع قانون يمنع تجم




.. وصول جندي إسرائيلي مصاب إلى أحد مستشفيات حيفا شمال إسرائيل


.. ماذا تعرف عن صاروخ -إس 5- الروسي الذي أطلقه حزب الله تجاه مس




.. إسرائيل تخطط لإرسال مزيد من الجنود إلى رفح