الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من يسعى إلى التحكم لا شرعية له في محاربة التحكم

أحمد عصيد

2016 / 6 / 6
مواضيع وابحاث سياسية


قرأت في الصحافة في الآونة الأخيرة رأيين لزعيمين سياسيين مغربيين نقف عندهما لفهم السياق والأبعاد والمرامي، أحدهما للسيد محمد اليازغي الكاتب الأول السابق لحزب "القوات الشعبية"، الذي صرح بأنّ حركة 20 فبراير أوقفت "المشروع التحكمي للبام"، والتصريح الثاني للسيد عبد الإله بنكيران الأمين العام لحزب "العدالة والتنمية" والذي مفاده أنه يرفض ويعارض فكرة "الملكية البرلمانية".
فبالنسبة لتصريح السيد اليازغي فهو يتحدث بعد خمس سنوات من 2011، وهي مسافة من الزمن تسمح له بأن يطرح السؤال التالي: هل نجا المغاربة في النهاية من التحكم ؟ لأن كلامه قد يوحي لأجنبي لم يتابع الحياة السياسية المغربية بأنّ المغاربة يعيشون في بحبوحة الديمقراطية التي ترفل في ثياب من حرير.
أما تصريح السيد بنكيران فهو يطرح مشكلا أعوص، فالرجل ما فتئ يشتكي من "التحكم" منذ توليه مسؤولية رئاسة الحكومة، ويندّد بشغب "العفاريت" ووحشية "التماسيح"، لكنه في نفس الوقت يُصرح بأنه ضدّ فكرة الملكية البرلمانية، أي ضدّ إنهاء التحكم وتمكين المنتخبين من أن يمارسوا مسؤولية حقيقية ليستطيع المواطنون الحكم على أدائهم ومحاسبتهم على اختياراتهم. مختصر القول أن هذا التصريح يبدو ظاهريا كما لو أن السيد بنكيران "عدو نفسه". إنه يشتكي من التحكم لكنه لا يريد إنهاءه. ليس لأنه يستلذ أن يظل دائما مستخدما لدى المتحكمين وخديما لهم، بل لأن له خطته (التي يعتقد أنها سرية لكنها في الواقع مكشوفة للجميع)، أن يتحالف مرحليا مع التحكم، ليتعلم آلياته وطرقه ويحلّ مكانه بالتدريج.
أمامنا معطيان اثنان: حزب يرأس الحكومة ويشتكي من التحكم القائم والمستمر، ومجتمع مدني يشتكي من تحكم الحزب نفسه الذي يرأس الحكومة والذي لا يعتمد التشاور والتشارك ويفضل تمرير قوانين على مزاجه والسعي إلى التحكم والاستحواذ على الدولة وفق الطريقة الإخوانية التي لم تنجح في مصر وفي تونس، وما زال الأمل يراود الإخوان المغاربة في تحقيقها، رغم ضعف حظوظهم في ذلك.
والحقيقة أن الذي يبدو من الحياة السياسية المغربية هو أن المغاربة لا حظّ لهم حتى الآن في الإفلات من التحكم، وأنهم ما زالوا واقعين بين مطرقة السلطة ولوبياتها وسندان حزب المصباح وتوابعه، أو بتعبير أوضح، بين التحكم السلطوي والتحكم الإرهابي للمحافظين. والأفدح في الأمر هو أن ما يلوح في الأفق هو تحالف بين نمطي التحكم على حساب التطلعات الديمقراطية للمغاربة. وقد عكست بعض مشاريع القوانين المعدّة بين الطرفين التوجّه المستقبلي الذي تتوزع فيه الخدمات على الشكل التالي: أن يطأطئ البيجيديون الرأس في تخاذل أمام مظاهر الفساد الفعلي والاستبداد العلني، مقابل أن تترك لهم السلطة بعض فتات التحكم والضبط للعلاقات الاجتماعية وفق إرادة السلطة وفي حدود مصلحتها، وذلك مثل الإبقاء على بعض عناصر التخلف كاحتقار النساء وتشغيل القاصرات وتزويجهن وحظر الحريات الفردية والجماعية والتضييق على مظاهر التحديث وتحجيم الصحافة وتشجيع الغوغائية وتجاوزات الشارع. مقابل أن يصرف المحافظون النظر عن أسس السلطة ومنطقها في قيادة البلاد وتدبير السياسات الكبرى.
هذه المعطيات تسمح لنا بفهم تصريح بنكيران ووضعه في سياقه، فالشره إلى السلطة والمال والمقاعد قد أصبح ثقافة إسلاميي السلطة، والرغبة في التحكم والاستئثار بالأمر ظلّ مكبوتهم السياسي الذي لا يفارقهم، لأنهم أبناء الفقه التراثي القديم الذي يعتبر الدين دولة وغلبة وتحكما في الرقاب، والحلّ هو التحالف مع الاستبداد من أجل اكتساب الوسائل المؤسساتية للانتشار وضمان "التمكين". لكن من مظاهر ضعف الإسلاميين أنهم دائما ينظرون إلى خطتهم دون أن يحسبوا حساب خطط خصومهم، فقد تحدثوا دائما عن معاداة العلمانية ومحاربة العلمانيين دون أن ينتبهوا إلى أنهم خلال حروبهم المقدسة تلك قد تغيروا كثيرا عما كانوا عليه، أي أنهم تعرضوا لإشعاعات علمانية وهم يحاربونها، كذلك الشأن بالنسبة لمخطط السلطة في تطويع الإسلاميين وتحويلهم إلى أدوات طيّعة في خدمة التحكم وتبريره وشرعنته، والتخلص منهم بعد ذلك عند أول فرصة.
إن مكمن العطب الرئيسي في النهاية ليس في هذا الحزب أو ذاك، بل هو في طبيعة النسق الذي ما زلنا لم نغادره نحو الفضاء الرحب للديمقراطية، وذلك بسبب عدم القدرة على الحسم في الاختيارات، من أجل قطع الطريق على المغامرين والمقامرين بالسياسية وبالدين معا.
أما السيد بنكيران وجماعته فليس لنا إلا أن نهمس في آذانهم: " إن من يسعى إلى التحكم لا شرعية له في محاربة التحكم".








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الجمعيات المتمزغة تمارس التحكم
عبد الله اغونان ( 2016 / 6 / 6 - 14:06 )

استطاعت باستقواء بالخارج فرض أجندة سياسية غير واقعية

فرضت تدريس أمازيغة غير طبيعية مفارقة للواقع اللغوي

واية ذلك فشل ناشطيها الكتابة والتواصل بها اذ لايجب الوقوف عند كتابة حروف وكلمات

مثل -أغيول - تموكايت -أغروم وغيرها اذ اللغة ليست مجرد ألفاظ بل جمل تتضمن أفكارومعاني

من الحسي الى المجرد والى الان لانلمس في القاصرين الذين يدرسونها لهم القدرة على التواصل

والكتابة

هذه الجمعيات تمارس التحكم سياسيا في الاثارة اثارة النعرات العرقية والقبلية والمطالبة بمطالب غير

ممكنة في تعميم الأمازيغية في الادارات والمصالح في حين أن الميزانية لاتسمح بهذا التعميم بل ان

ترسيمها وتعميمها مستحيل اذ لاتتوفر اللهجات على مصطلحات تقنية بل حتى أسماء المعنى والظاهر

أنه مجرد نوع من الابتزاز لطلب الريع والمناصب والاعتمادات المادية الى الان لم تقدم الجمعيات

المتمزغة أي بديل ومشروع لترسيمها فعلا

الأمازيغية مرسمة غير بالقمونة

هذا فضلا أن هناك جمعيات أمازيغية تتنازع النفوذ اذ منها من لايعترف بأخريات حسب الاتجاه السياسي

والعرقي وأحيانا الشخصي

جل مايسمى بالمجتمع المدني لاتمثل المجتمع بل أحزاب


2 - طلب توضيح
أمازيغي تونسي ( 2016 / 6 / 26 - 02:22 )
كل دارس لتاريخنا ومن إكتشف الحقيقة من الأوهام التي غيبت فيها شعوبها يعرف وطنيتك (لا أقصد المروك بل تامزغا) ولكن رجاء تأمل في عتابي هذا عليك : عندنا أمازيغ ناطقين وأمازيغ غيرناطقين بالأمازيغية أفهموهم أنهم عرب ، لايوجد عندنا عرق عربي وكل الإدعات وأشباه الدراسات عن جينات عربية ونسب مزعومة هي مجرد أكاذيب وأظنك تعلم ذلك جيدا ، الخطاب المتبنى عندكم وفي الدزاير والقائل بشعب متفاهم ومنسجم مؤلف من أمازيغ وعرب آن له أن ينتهي: من نتائجه مثلا أن المروك والدزاير فيها شوية أمازيغ لكن التوانسة كلهم عرب!! خطاب يهدم ولا يبني وبالأساس عار من الصحة والحقيقة وسيأسس لجيل جاهل بحقيقة تاريخه لن يحقق إستقلاله لاعن الشرق ولاعن الغرب. مشكور لو وضحت رأيك بوضوح في مقال. تحياتي

اخر الافلام

.. هنية يؤكد تمسك حماس بدور الوسطاء للتوصل لاتفاق متكامل لإنهاء


.. قرار الجيش الإسرائيلي بشأن -الوقف التكتيكي- لأنشطته العسكرية




.. الولايات المتحدة .. قواعد المناظرة الرئاسية | #الظهيرة


.. في أول أيام عيد الأضحى.. مظاهرة قرب السفارة الإسرائيلية بعما




.. بسبب منع وصول المساعدات.. غزيون يصطفون في طوابير طويلة من أج