الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رمضان و سكيزوفرينيا الصائم

إيمان إغونان

2016 / 6 / 6
كتابات ساخرة


يحيل عنوان المقال على مشاهد و مواقف تتكرر أمام أعيننا عند كل شهر فضيل, و نحن هنا لا نلقي الأحكام بقدر ما نرصد مكامن التناقض و الإختلالات النفسية الحاصلة في مجتمعنا,فيوم واحد بفصلنا على شهر استثنائي ينال منه العرف حصة الأسد, تتغير فيه سلوكات البعض مع ظهور هلال رمضان و تختفي باختفائه,تكثر فيه مظاهر التدين و التقوى و تكتظ فيه المساجد على آخرها بالمصلين.
شهر يقلع فيه مدمن الخمر عن عادته, بعد أن كان لا يفيق من ثمالته في الأيام العادية, بل و يهيء لذلك قبل شهر رمضان ,و ب 40 يوما وفقا للعرف المغربي, وسرعان ما يعود لعادته بعد الإمتثال خوفا من المجتمع, و هنا يظهر جليا خضوع البعض للعادة و العرف رغم عدم وجود سند له في النص القرآني أو السنة, بل و تعارضه في أحيان كثيرة مع الأحكام الشرعية, فشرب الخمر كما لا يخفى محرم شرعا سواء في رمضان أو غيره.
مظاهر الإزدواجية في رمضان كثيرة و نأبى أن نصفها بالنفاق الإجتماعي, لما يحمله المصطلح من حدة وحكم لا يعلمه إلا الله. و مهمتنا تحديد هذه التناقضات الصارخة والإشارة إليها أكثر من توجيه أصابع الإتهام.
فلا شك اننا على موعد مع مشهد خاص حيث الحانات و الملاهي الليلية مغلقة, وتتوقف محلات بيع الكحول المرخص لها في الأيام العادية عن مزاولة نشاطها المعتاد,مجرد استراحة لا أقل و لا أكثر لتعود دار لقمان إلى حالها مباشرة بعد رمضان.
يبدو أن “السكيزوفرينيا” لا تقتصر على سلوك المواطنين فقط بل للدولة و القانون مسؤولية كبيرة في تكريسها.
و أولها, أسمى وثيقة في البلاد,فالدستور المغربي ينص على “منع بيع المشروبات الكحولية للمغاربة المسلمين أو منحها لهم مجانا” في حين لا مكان لهذا البند في سلطة الواقع و الإكراهات الإقتصادية, فالخمر يباع “عاين باين” في الأسواق الممتازة التي يكون في أغلب الأحيان مالكوها قريبين من دوائر القرار, المهزلة لا تقف عند هذا الحد بل و مع حلول شهر رمضان تجد القانون يتحرك و السلطات تسارع على غير العادة لتوقيف تجار الخمور في عقد لا يتعدى 30 يوما.
أوجه التناقض تبلغ أقصى درجاتها و تزداد تجذرا مع كل شهر رمضان. فلا غرابة في صائم لا يصلي, حيث تجد فئة تؤدي شريعة الصيام بمعزل عن الصلاة رغم أنها عماد الدين و أول عبادة يحاسب عليها المسلم,مما يفسر أن الصيام أصبح عند البعض مجرد عادة و تقليد اجتماعي.
و كما جاء في الحديث الشريف أن النبي صلى الله عليه وسلم قال” رُبَّ صَائِمٍ لَيْسَ لَهُ حَظٌّ مِنْ صَوْمِهِ إِلَّا الْجُوعُ وَالْعَطَشُ” وهذا الحديث يجسد واقع فئة عريضة من الصائمين, اللذين يتحولون في رمضان إلى قنابل موقوتة قابلة للإنفجار في أي لحظة حيث يسوء سلوكهم و كأنهم ينتقمون لفريضة يؤدونها قسرا, و هو ما يطلق عليه بالدارجة المغربية “الترمضينة” سواءا في إداراتنا العمومية أو في الأسواق حيث تكثر المشاجرات وعمليات السرقة.. في انتظار ساعة الفرج “آذان المغرب” ليهدأ الجميع .
كل هذه الصور و غيرها تعكس واقعا مقلقا وخللا حقيقيا في البنية النفسية للمجتمع من جهة و في عقيدة عدد من الصائمين اللذين لا يستشعرون جوهر الصيام و مقاصده من جهة أخرى, كما تفسر الإلتزام بالصيام كتقليد اجتماعي للإحساس بنوع من الانتماء أكثر من كونه عبادة خالصة لوجه الله تعالى .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الى عبد الله اغونان
الحلاج ( 2016 / 6 / 6 - 23:40 )
ها سيد اغونان ليش متجاوب ؟! الكاتب من بلدك واهل مكة ادرى بشعابها ..


2 - انها ابنتي
عبد الله اغونان ( 2016 / 6 / 7 - 00:57 )

وفلذة كبدي

ومظاهر التدين الموسمي فكرة ملاحظة وتناولها اخوة هنا في هذا الموقع

كل بأسلوبه وزاوية نظره

سيري أبنتي الله يرضي عليك دنيا واخرة

شكرا سيد الحلاج كنت أنتظر هذه الملاحظة

اللهم اجعل اعتقادنا وعباداتنا وأخلاقنا خالصة لوجهك الكريم

رمضان مبارك

اخر الافلام

.. غياب ظافر العابدين.. 7 تونسيين بقائمة الأكثر تأثيرا في السين


.. عظة الأحد - القس حبيب جرجس: كلمة تذكار في اللغة اليونانية يخ




.. روبي ونجوم الغناء يتألقون في حفل افتتاح Boom Room اول مركز ت


.. تفاصيل اللحظات الحرجة للحالة الصحية للفنان جلال الزكى.. وتصر




.. فاق من الغيبوية.. تطورات الحالة الصحية للفنان جلال الزكي