الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الشرق الأوسط وصراع الحضارات

عبدالجواد سيد
كاتب مصرى

(Abdelgawad Sayed)

2016 / 6 / 6
مواضيع وابحاث سياسية


الشرق الأوسط وصراع الحضارات
إنه من البساطة أن نتصور، أن السلاح هو الذى سيحسم الصراع فى الشرق الأوسط ، لإن مايحدث فى الشرق الأوسط ، ليس فى الأساس صراع مصالح ، بقدر ماهو صراع هوية ، صراع حضارات ، بتعبير صموئيل هنجنتون ، وصراع الحضارات لايحسمه السلاح ، بل يحسمه المكون الحضارى الأكبر ، الذى يمكنه فى النهاية ، إبتلاع المكونات الحضارية الأصغر. إنها حقيقة يحتاج تجميع جزئياتها المتناثرة، إلى بعض التفصيل والمناقشة، ولذا فلابد من الإشارة سريعاً ، إلى نظريات فوكوياما وهنجنتون.
بعد سنوات قليلة من سقوط الإنحاد السوفيتى ، وبالتحديد سنة 1922، وضع فرانسيس فوكوياما ، أستاذ العلوم السياسية الأمريكى ، ذو الأصل اليابانى ، كتابه الشهير، نهاية التاريخ والإنسان الأخير ، وفى هذا الكتاب قرر فوكوياما ، أن التاريخ قد وصل إلى نهايته، بإنتصار العالم الغربى وقيم الحضارة الغربية العلمانية على العالم الشيوعى الذى قاده الإتحاد السوفيتى ، وأن العالم كله على وشك التحول تدريجياً ، إلى الديموقراطية الغربية ، ومنظومة القيم والمثل التى مثلتها الحضارة الغربية المنتصرة ، أعلى نموذج ممكن للتطور الإنسانى ، فى نظره . وقد أحدث ذلك الكتاب ضجيجاً وقت صدوره ، وترجم إلى معظم لغات العالم ،وأصبح ماخلص إليه من المسلمات بين معظم مثقفى العالم تقريباً ، وذلك حتى ظهر صموئيل هنجنتون ، بنظريته البديلة ، فى صراع الحضارات ، فى كتابه الشهير صدام الحضارات ، سنة 1996 والذى إشتهر فى الثقافة العربية بإسم صراع الحضارات ، وفى هذا الكتاب ، عارض هنجنتون، وهو أيضاً ، أستاذ علوم سياسية أمريكى، ماخلص إليه تلميذه فوكوياما، وقال بأن الدول القومية، وبعد إنتهاء الصراع الأيدولوجى الكبير، بين الغرب الرأسمالى والشرق الشيوعى ، بسقوط الإتحاد السوفيتى ، سوف ترتد إلى حالتها الثقافية الدينية الأولى ، وسوف تنقسم إلى ثمان حضارات متصارعة ، ضد الحضارة الغربية المسيطرة بشكل خاص ، وأن نهاية التاريخ مازالت بعيدة. وقد حدد هنجنتون هذه الحضارات المتصارعة بثمان حضارات رئيسية هى، الحضارة الغربية العلمانية ، والصينية، واليابانية، والروسية الأرثوذكسية ، والإسلامية ، والهندية ، واللاتينية ، والإفريقية ، والبوذية. أحدث كتاب هنجنتون تأثير لايقل عن تاثير كتاب فوكوياما ، لكنه أحدث جدلاً أكبر ، بين مؤيد ومعارض ، بين من يرى العالم فى تقدم وتوحد ، وبين من يراه فى إنتكاسة وتصارع ، وذلك حتى فرضت الصراعات الدولية الأخيرة ، خاصة فى آسيا والشرق الأوسط ، نفسها على الواقع ، لتجعل من كتاب ونظرية هنجنتون ، أكثر واقعية ، من كتاب فوكوياما ، ومع ذلك ، يجب أن نلاحظ أن فوكوياما لم يخطئ تماماً ، كما أن هنجنتون لم يصيب تماماً ، فقد تحققت نظرية فوكوياما فى المناطق الأكثر قرباً من مراكز الحضارة الغربية الأساسية ، دول شرق أوربا القريبة من الغرب الأوربى مثلاً ، دول أمريكا اللاتينية ، القريبة من أمريكا الشمالية مثلا ، بينما تحققت نظرية هنجنتون فى الأماكن البعيدة عن هذه المراكز ، فى الصين وروسيا وآسيا الوسطى مثلاً ، وفى النموذج الكبير ، لشرق أوسطنا المتصارع.
وهكذا يقودنا هذا التحليل - تلقائياً- إلى السؤال عن تلك الحضارات المتصارعة على أرض الشرق الأوسط ، وعن حظوظها فى النصر والهزيمة. الحضارات المتصارعة هى أربع ، السنية ، الشيعية ، الأرثوذكسية وتيارالحضارة الغربية العلمانية ، أما عن حظوظها فى النصروالهزيمة، فبصرف النظرعن عناصرالضعف والقوة فى كل حضارة منها، فإن الحضارات الدينية لاتنتصر أبداً ، أنها فقط تخسر جولة وتكسب جولة أخرى ، وذلك فى سياق دموى أبدى ، ولاتنتهى حروبها الدينية الوحشية ، إلا بتغلب تيار حضارى من خارجها ، وهو فى شرق أوسطنا ، كما فى سائر التجربة الإنسانية ، تيار الحضارة الغربية العلمانية ، فتاريخ شرق أوسطنا لن يشذ فى النهاية عن تاريخ العالم ، مهما حشد من طائرات ومدافع.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. العاهل الأردني يستل سيفه تحية للأجهزة الأمنية والعسكرية


.. غانتس: يجب أن نعمل معا من أجل الوصول إلى انتخابات نشكل بعدها




.. وزير الخارجية الأميركي يبدأ جولة جديدة في المنطقة لبحث سبل ا


.. مصادر يمنية: مهمة إيصال الأسلحة إلى الحوثيين تنفذ عبر جماعات




.. تحقيق أمريكي يفضح فظائع الاحتلال في معتقل سدي تيمان