الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مؤتمر باريس .. قراءة في النتائج واستراتيجيات الدبلوماسية الفلسطينية المتاحة

رمزي عودة

2016 / 6 / 7
مواضيع وابحاث سياسية


عقد مؤتمر باريس للسلام في الشرق الاوسط في الثالث من حزيران من العام الحالي بمشاركة من أكثر من عشرين دولة بالإضافة الى ممثلين عن الاتحاد الاوربي والامم المتحدة، وقد قد أصدر المؤتمرون بيانا ختاميا يكرس مبدأ حل الدولتين على أسس الشرعية الدولية من خلال مفاوضات مباشرة بين الطرفين الفلسطيني والاسرائيلي وبحضور عربي ودولي مع دور فرنسي مهم في المؤتمر الدولي الذي سيعقد في خريف العام الحالي وبحضور اسرائيلي وفلسطيني مباشر هذه المرة. برغم أن هذا المؤتمر لم يحدد سقفا زمنيا للتفاوض، وهو الامر الذي طالب به الفلسطينيون، الذين ملوا المراوغة الاسرائيلية في عملية التفاوض المباشر دون تحقيق أي تقدم وفي ظل استمرار الاستيطان وبناء الجدار، الا أن هذا المؤتمر يمثل نجاحا مهما للدبلوماسية الفلسطينية في مواجهة جمود العملية السلمية ومراوغة الجانب الاسرائيلي، حيث نجح الفلسطينيون ولأول مرة، في حشد تأييد العديد من الدول والمنظمات الدولية ودعمها للموقف الفلسطيني الذي يلقي باللوم على الجانب الاسرائيلي في فشل العملية السلمية، من جانب أخر، فان قيام فرنسا، كدولة كبرى في النظام الدولي وقريبة من مواقف الفلسطينيين، برعاية مؤتمر السلام يزيل احتكار الولايات المتحدة التاريخي لكل مبادرات التسوية بين الطرفين ويفرض واقعا جديدا على الإسرائيليين الذين اعتمدوا في تعنتهم كثيرا من الأحيان على الموقف الأمريكي المناصر لموقفهم من التسوية أو على الاقل الرافض لممارسة ضغوط عليهم. الأمريكيون بحضورهم لهذا المؤتمر قد أرسلوا رسالة لحلفائهم الإسرائيليين بأن عليهم بعد الأن ألا يعتمدوا كثير على وقوف الولايات المتحدة لجانبهم في العملية السلمية، وأن عليهم مواجهة فرنسا ودولا أخرى لا تستطيع اسرائيل اغضابها كما فعلت مع وزير الخارجية الأمريكي بيكر في عام 2014. ان هذه المقالة تحاول أن ترصد الاستراتيجيات المتاحة للفلسطينيين إذا ما أرادوا استثمار النجاح في دبلوماسيتهم الهادفة الى عزل اسرائيل وارغامها على المضي قدما في التسوية السلمية. يمكن تصنيف هذه الاستراتيجيات بالاستراتيجيات الدولية، والإقليمية، والمحلية.

الاستراتيجية الفلسطينية على الصعيد الدولي يجب أن تركز على حشد تأييد الدول الكبرى لصالح الضغط بإنجاح مؤتمر باريس والعمل كدول ضامنة وداعمة لأي اتفاق، لاسيما من خلال تقديم محفزات اقتصادية لأطراف التفاوض للمضي قدما في التسوية السلمية. ان مثل هذه الاستراتيجية يجب أن تركز على توسيع قاعدة الدول الكبرى التي لم تشارك في مؤتمر باريس مثل انجلترا وروسيا وألمانيا، حيث ان وجود مثل هذه الدول كراعية لأي تسوية سيزيد من الزخم الدولي الضاغط على اسرائيل ويزيد من مخاوف عزلها في حال فشل التسوية السلمية.

أما بالنسبة للاستراتيجية الفلسطينية في المجال الاقليمي، فان الدبلوماسية الفلسطينية يجب عليها أن تقنع الدول العربية بتحديد أي من المزايا الاقتصادية يمكن تقديمها لإسرائيل وفقا للمبادرة العربية، وضمن أي ثمن يمكن تقبله من خلال تطبيع علاقتها مع اسرائيل كثمن لأي عملية سلمية، هذا بالضبط ما تضمنته المبادرة العربية عام 2002 والتي تعتبر أساس التسوية في مؤتمر باريس. ان اسرائيل تدرك جيدا أن عليها أن تنسحب من الأراضي الفلسطينية المحتلة إذا ما أرادت أن تكون جزءا من المنظومة الدولية والاقليمية، ولكن اسرائيل تريد ثمنا لهذا الانسحاب من الدول العربية لاسيما الخليجية منها، الاشكالية أن دول الخليج العربي وحتى في ظل المبادرة العربية قد قدمت مبادرة خجولة اتسمت بالعمومية ولم تقنع بجديتها الإسرائيليين، المتلهفين للدخول الى أسواق الخليج. ان على الفلسطينيين الخروج بموقف عربي واضح ازاء تطبيع العلاقات، ويمكن أن يتضمن هذا الموقف مراحل زمنية وقطاعات سياسية واقتصادية تبعا لكل مرحلة من تطبيع العلاقات، بحيث يتم ضمان التزام اسرائيل بالعملية السلمية واغرائها بتقديم تنازلات، كما أن هذه التقسيم المرحلي سيعزز من عملية الثقة المفقودة بين الجانبين. من جانب أخر، فان تمتين العلاقة الأردنية الفلسطينية على أسس من توحيد المواقف وتنسيق الشكل المستقبلي للعلاقات المتبادلة يعتبر عملية مهمة في انجاح التسوية لاسيما أن الأردنيين متخوفون بشكل مفهوم لكافة الأطراف من أي شكل اتحادي قد يقود الى اعادة طرح فكرة الوطن البديل. ان مزيدا من خطوات ضم الأردن لدول اتحاد الخليج العربي ربما سيقلل من هذه المخاوف، وسيغري الجانب الأردني ليكون طرفا في الحل الأمني والسياسي النهائي.

على الصعيد المحلي، فان نجاح الدبلوماسية الفلسطينية في مرحلة ما بعد باريس يتطلب نجاحا في الدبلوماسية الداخلية لصالح انهاء الانقسام السياسي واتمام عملية المصالحة بين فتح وحماس. ان القيام بهذه المهمة يتطلب تنفيذ المبادرة المصرية عام 2009على أسس من الاصلاح السياسي وتوحيد المواقف لكافة الفصائل الفلسطينية بما فيها فتح وحماس. ان نجاح التسوية السلمية ما بعد باريس لن يصمد طويلا في ظل الانقسام، فحماس تملك أوراقا مهمة قد تمس بأي تسوية تكون هي بعيدة عنها ولا تضمن فك الحصار عنها. هذه الخطورة تستلزم انهاء الانقسام بأي ثمن قبل المضي قدما في أي تسوية. اننا نقترح في هذا السياق، أن يتم التوافق بين فتح وحماس على تجديد دورة الرئيس والمجلس التشريعي لأربع سنوات مقبلة، تكون هذه الفترة كافية لتشكيل حكومة ائتلافية واسعة دون هيمنة الحزب الواحد، وتقوم بالإشراف على تنفيذ المبادرة المصرية واصلاح النظام السياسي والتوافق على مستقبل التسوية السياسية وألياتها.

تبعا لتحليل الاستراتيجيات المتاحة أمام الدبلوماسية الفلسطينية ما بعد مؤتمر باريس، فان هذه المقالة توصي الدبلوماسية الفلسطينية بضرورة اتباع استراتيجيات صارمة على كافة الصعد الدولية والاقليمية والمحلية من أجل الضغط على اسرائيل للمضي قدما في التسوية السلمية. في هذا الاطار، فان السياسة الداخلية للفلسطينيين يجب ان تتسم بالمكاشفة والمصارحة أمام الجماهير حول معطيات العملية السلمية والنتائج المتوقعة لهذه العملية دون المبالغة في هذه النتائج المتوقعة، حتى لا تقع الدبلوماسية الفلسطينية في وطأة الضغط الشعبي، وبالضرورة فان توحيد الصف الوطني حول طبيعة وشكل التسوية السلمية سيعزز الدبلوماسية الفلسطينية، كما ان طرح أي نتائج متوقعة من التسوية على الاستفتاء الشعبي سيعفي الدبلوماسية الفلسطينية من مواجهة أي ضغوط دولية في هذا الصدد، كما أنه سيضمن عدم الوقوع في الاخطاء التي وقت في السابق كما حدث في اوسلو عام 1993.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بين الاتهامات المتبادلة والدعم الكامل.. خبايا العلاقة المعقد


.. الشيف عمر.. أشهر وأطيب الا?كلات والحلويات تركية شغل عمك أبو




.. هل ستنهي إسرائيل حربها في غزة.. وماذا تريد حماس؟


.. احتجاجات طلابية في أستراليا دعما للفلسطينيين




.. أصداء المظاهرات الطلابية المساندة لغزة في الإعلام • فرانس 24