الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الإمام المجدد السيد محمد ماضي أبو العزائم.. سيرة وسريرة [21]

محمد عبد المنعم عرفة

2016 / 6 / 7
الادب والفن


أخذ العهد أو البيعة:
قال الله تعالى : )وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ) (المؤمنون:8) وقال تعالى ) وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا )(البقرة: من الآية177) وقال تعالى ) إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْؤُولاً)(الاسراء: من الآية34) وقال تعالى )إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً) (الفتح:10)، وقال صلى الله عليه وسلم (بايعوني على ألا تشركوا بالله شيئا... الحديث) وقال تعالى )لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ )(الفتح: من الآية18).
فالعهد أولا أخذه الله تعالى على رسله الكرام بأن يكونوا أمة لحبيبه ومصطفاه إن أدرك زمانه أحدهم، وأخذت الرسل صلوات الله وسلامه عليهم العهد لله على أممهم، وقام العلماء الربانيون ورثة الأنبياء بأخذ العهد لله تعالى بالنيابة عن رسوله صلى الله عليه وسلم على أهل عصرهم في كل زمان بأن يبينوا لهم ما أوجبه الله تعالى عليهم وما رغبهم فيه وما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأئمة الهدى، ثم يأخذون عليهم العهد أن يأتمروا بما أمرهم الله ورسوله وينتهوا عما نهي الله ورسوله عنه، قال الله تعالى )إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ ) (التوبة: من الآية111). وكما أن الله أخذ عليهم العهد أن يقوموا بالعمل بوصاياه سبحانه، فقد ضمن لهم فضلا منه وكرما أن يدخلهم الجنة ويبشرهم بأن يفي لهم بعهده سبحانه، قال تعالى ) وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ )(البقرة: من الآية40).
وفي تلك الآية الشريفة سر غامض تلوح أنواره لمن انتشل من أوحال التوحيد إلى فضاء التنزيه والتفريد بعد التزكية والتجريد، وأشرقت أنوار حضرة الرب العلي الكبير على حضرة العبد الذي واجه الرب جل جلاله فأشهده معاني ربوبيته فتحقق بالتمكين بالقيام بحقوق العبودية، فكان الرب جل جلاله مع العبد والعبد المضطر مع الرب معية جعلت العبد متحدا مع ربه جل جلاله فيما يريد بمحو مراد العبد في مراد الرب وهم العبد في استجلاب رضاء الرب جل جلاله، وبذلك تقوى الرهبة والرغبة من عظمة العظيم وفي الفضل العظيم من الله تعالى. ويشتد الخوف من مقام الرب جل جلاله والطمع في عفوه ومغفرته، فتكون معاني الربوبية معالم بين يعني العبد فلا يرى شيئا إلا ويرى أنوار الربوبية قبله وفيه وبعده، وبذلك يكون ربانيا يفقه عن اله ويتلقى بسره عن رسول الله، ويكون لـه وجود عيني بالله تعالى ثابت بإثبات الله لـه ظاهر بإظهار الله لـه عامل في محاب الله ومراضيه بتوفيق الله وهدايته، فيكون لـه من الله الفضل العظيم وعليه الواجب المقدس الذي هو حكمة إيجاده لـه سبحانه وتعالى وسر إمداده منه سبحانه وتعالى، ولذلك فإنه سبحانه بعد أن قال ) وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ )قال ) وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ)(البقرة: من الآية40)، لأن هذا الخطاب المقدس ربما أشهد السالك في مقام فرقة بعد الجمع مشهدا يجعل رغبته ورجاءه وطمعه وأنسه وشهوده سوابغ النعماء وجميل الآلاء وتسخير كل شيء هو في الملك والملكوت يقوي فيستر عنه مشاهد المنة وبوارق العظمة والعزة والكبرياء، فربما يأنس بمشهد دون مشهد ، فاشار سبحانه بقوله ) وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ) إلا أن مقام العبودة أرقى من مقامات العبادة والعبودية. وإنما الأحوال نتائج الشهود، والشهود نتائج المقامات.. فمن غلب عليه مقامه قهر حاله، ومقام الرهبة أعلى المقامات لأنه من علم آيات عظيم كبير متعال علي قادر منان. وكم من سالك وقف عند مشاهد الرغبة والرجاء والطمع ولم يتجاوزها إلى مقامات التمكين وحق اليقين، فتاه شاطحا، فيتداركه الرب جل جلاله بنعمة منه والله أرحم بالسالكين من أنفسهم ورسوله صلى الله عليه وسلم أولى بالمؤمنين من أنفسهم. ولتلك الآية الشريفة من غوامض الأسرار مما تكاشف به النفوس الطاهرة قبس من مشكاة الأنوار توجه به السرائر من أنوار الكوكب الدري، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم.
كيفية أخذ العهد:
لما كان العلماء الربانيون ورثة الرسل عليهم الصلاة والسلام، وكان لابد من تجديد عري الإيمان لأن الإيمان يخلق كما يخلق الثوب وتخفي معالمه ولكن الله سبحانه وتعالى يجدده على ألسنة العارفين به، ولما كان المرشد خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيان شعب الإيمان وتفصيل ما أجمل من السنن وتوضيح ما أبهم منها وبيان سبل الله وكان عليه بعد أن يعلم تلاميذه ما يجب عليهم أن يعاهدهم بالنيابة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ويواثقهم لـه صلوات الله وسلامه عليه مبينا لهم أن يده التي يضعها على أيديهم هي يد رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى يكون صورة كاملة لرسول الله صلى الله عليه وسلم.. فأصطلح أهل الطريق رضي الله عنهم أن يبتدئوا مع المريد بتعليم العلم الواجب على المريد في الوقت من علوم المعرفة والأخلاق والعبادات والمعاملات وآداب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم يواثقونه بعد ذلك على أن يعمل بما علم بقدر استطاعته، وينتهي عما نهي عنه الله جملة واحدة إلا ما أكره عليه كما يبينونه لـه، فيبايعونه البيعة الكاملة على أن لا يشرك بالله شيئا وأن يقيم الصلاة ويؤتي الزكاة ويصوم رمضان ويحج البيت إن استطاع إليه سبيلا، وأن يجتنب الكبائر والفواحش ما ظهر منها وما بطن، وأن يجاهد نفسه وهواه في ذات الله، ويبينون لـه أن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة... الآية، هذا سر العهد عندهم.
ولا ينبغي أن يعاهد المريد إلا عارفا ربانيا يصح أن يكون صورة كاملة لرسول الله صلى الله عليه وسلم بحسب زمانه لا بحسب المعاني المحمدية الكاملة.
وكانت البيعة أيام الإمام رضوان الله عليه تجري في خلوة لا يكون فيها غريب مستندا في ذلك إلى ما روي عن شداد بن أوس وعبادة بن الصامت رضي الله عنهما وهما عند رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أمر بغلق الباب وقال (أرفعوا أيديكم وقولوا لا إله إلا الله، فرفعوا أيديهم، ثم وضع رسول الله يده وقال: الحمد لله ، اللهم إنك بعثتني بهذه الكلمة وأمرتني بها ووعدتني عليها الجنة إنك لا تخلف الميعاد، ثم قال: أبشروا فإن الله قد غفر لكم). وعن عبد الرحمن بن عوف بن مالك الأذمعي رضي الله عنه قال: كنا عند رسول الله تسعة أو ثمانية فقال ألا تبايعون رسول الله- وكنا حديثي عهد بييعته- فقلنا قد بايعناك يا رسول الله، فبسطنا أيدينا وقلنا نبايعك يا رسول الله، قال : (أن تعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وتقيموا الصلوات الخمس وتطيعوا الله ورسوله ولا تسألوا الناس إلحافا).










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أمسيات شعرية- الشاعر فتحي النصري


.. فيلم السرب يقترب من حصد 7 ملايين جنيه خلال 3 أيام عرض




.. تقنيات الرواية- العتبات


.. نون النضال | جنان شحادة ودانا الشاعر وسنين أبو زيد | 2024-05




.. علي بن تميم: لجنة جائزة -البوكر- مستقلة...وللذكاء الاصطناعي