الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قتل الأب ومركزية التأويل في محاورة النص النثري المعاصر.. نص دستويفسكي العرب الدكتور عماد أبو حطب : طيران نموذجا

أ.حمد حاجي

2016 / 6 / 8
الادب والفن


قتل الأب ومركزية التأويل
في محاورة النص النثري المعاصر..
نص دستويفسكي العرب الدكتور عماد أبو حطب : طيران نموذجا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
طيران
ادرس، لا تفعل هذا، نم، تحمم، ممنوع الخروج، هذا صديق سيء....مللت من هذه الشرنقة المحيطة بي، غدا فجرا سانطلق، لكن ماذا أخذ معي، بعضا من ملابسي القبيحة؟ القليل من الزاد؟ هذه اللعبة القميئة؟....لا لن أخذ شيئا من هذا...لكني ربما أشتاق الى المنزل، إذا ساحمل معي رأس أبي.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مقدمة
بماأن اللغة هي رحم مختبر النص ،فانه كلما اتسعت تجربة الكاتب أخذ الدال يتمظهر مجراه في بناء النص، وبدأت بصمة الكاتب في ان يعيد إلى الألفاظ التي رثت بفعل حركة تداولاتها الألسنية ، وان يخلع عليها التحديث والجدة، وان ينفخ فيها من روحه التجديدية. وتصبح بذلك اللغة اليومية مادته الخام التي يستقي منها أبعادا جمالية يصنع منها الاديب نصه حتى تبدو تجربة ما وعلى نحو ما ..ابداعا ويكثر التأويل وتتعدد محاورة النص ...
وهذا المبحث هو مركزية التأويل بهذا النص ؟ كيف وفق صاحب النص باليومي هذا ان يحدث المفارقة والتجديد باللغة التكثيفية والايحائية وصولا الى الادهاش وفعل الفانطاستيكا ..؟
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــ أولا : اللغة والرمز
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أ- اللغة اليومي:
ابتدأ النص " طيـــــــــــــران " بالملمح اليومي الاعتيادي المألوف ..
بأفعال أمر ترتبط بواقع ثقافي يومي أسري تحديدا ولغوي من دارج القول بالبيت ..
هذه الافعال والحال تلك مهمتها خلق رموزخاصة يشكل الكاتب منها واقعا ولغة مخصوصة ..
وما ذلك الا بغاية دقيقة يجرؤ الكاتب الى ان يقحم أطرافا شتى في العملية القرائية للنص ..
انها دعوة من الكاتب الى ان يساهم القارئ/الملتقي في إنتاج دلالات نصه باللغة ومن خلالها ..
وأكثر من ذلك اقحامه في توليد المعاني بتلقي رؤية النص لمن حوله...
بل وللعالم بأسره انه أنسنة النص النثري بمركزية بؤرية مخصوصة ..انه مركزية روعة البنى الحكائية ..
انه اقتحام نص القراءة ونص القارئ، وهذا ما أشار إليه الناقد رولان بارت: "هذا الأنا الذي يقترب من النص، إنه الآن هو نفسه جمع من نصوص أخرى، من سنن لا متناهية أو بالضبط ضائعة.."(1)
ب- الرمز :
يلتجئ الكاتب الى الرمز( الشرنقة المحيطة / ملابسي القبيحة/ اللعبة القميئة )
بغاية اقحام أطرافا شتى في العملية القرائية للنص ..
انها دعوة من الكاتب الى التأويل والتمركز حول بؤرة محددة ..
وهكذا يصبح القارئ قائما بدور المشارك والمحاورفي الان نفسه داخل بؤرة نصية مخصوصة .
وهنا تضحى القراءة بعدا من أبعاد النص واحتمالا من احتمالاته الكثيرة.
ــــــــــــــــــــــــــــ وهذه هي المركزية التأويلية التي يجنح لها النقد الادبي المعاصر ...
إذ يحتل التأويل كمقترب نقدي موقعا مهما في التعامل مع النص النثري في تفاعل متداخل بين مقارباته الجمالية وبين مستويات الدلالة في النص التي تخلقها طبيعة المجاز..
وهذا ما يؤكد رؤيتنا بالضبط ان يصير النص الإطار المرجعي للتأويل باللغة وفي اللغة ومن ثمة تفك جميع شفرات رموزه ..يبقى لتأويل الرمز سلطان القراءات، "فأي قراءة إلى يومنا هذا يجوز لها أن تند عن الخضوع لسلطان التأويل، وإلا فلا كانت قراءة.."( 2)
وهكذا وقع تحديد مستويات الدلالة اللغوية في النص وهكذا وقع تبين علاقة الرمز بالتأويل لاحداث الجمالية والفنية...في مثل هذا النص الباذخ المائز..
مراجع :
1-- د.عبد الملك مرتاض، القراءة بين القيود النظرية وحرية التلقي، ص26
2-- د.عبد القادر فيدوح، دلائلية النص الأدبي، ص30.
ملاحظة : ــــــــــــــــــــــــــ يتبع غدا
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــ ثانيا: بؤرة قتل الأب
. عماد أبو حطب : دستويفسكي العرب وجريمة قتل الأب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــ ثانيا: بؤرة قتل الأب
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[...أنه ليس من باب الصدفة على الإطلاق، كون ثلاثة من أروع الأعمال الأدبية على مرِّ العصور، والتي هي أوديب الملك لصفوقليص، وهاملت لشكسبير، والأخوة كارامازوف لدستويفسكي، قد عالجت جميعها نفس الموضوع، الذي هو قتل الأب....]
النص :
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لا لن أخذ شيئا من هذا...
لكني ربما أشتاق الى المنزل،
ـــــــــــــــــــــــــــ [إذا ساحمل معي رأس أبي....]
ان الوصول الى حافة الكتابة أو ذروتها، كما يقول جاك دريدا،عملية متشعبة إلى درجة أن الكاتب يتوقف طواعية هنا عند هذا الحاجز و يتابع هناك خلف تلك الفسحة الشاسعة من طابور المصطلحات النقدية التي تزيد المعنى تشعبا ..مصطلح قتل الاب ..فما المقصود في الادب بقتل الاب ..وما الرؤية المميزة للقصة القصيرة هذه في عملية القتل ؟..
ماذا أضاف د. عماد ابو حطب ..
دستويفسكي العرب لجريمة قتل الأب...؟
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 -- عقدة الخصاء :
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أصدقائي .. صديقاتي ..
عليَّ أن أتوقع أن تثير عقدة الخصاء هذه أشد أنواع التباين والاختلاف بوجهات النظر بيننا
.. لكن اسمحوا لي أن أؤكد بأن دراسات التحليل النفسي أكدت وجود هذه العلاقات تحديدًا بعيدةً عن متناول الشك، فالخصاء وعقدته من مجال بحوث ودراسات علم النفس..وأكدت جدواها..
وعقدة الخصاء هذه المفتاح الذي يجعلنا نفهم كل أنواع العُصاب.
انطلاقًا من هذا سنحاول تفهم نــــص كاتبنا.
واني أسف جدا ان تبدو رؤيتي مفتقرةً إلى الذوق..على نحو مفهوم أخلاقي محدد ..؟؟؟؟
أنا آسف، لأنه رغم أني لا أستطيع تغيير الحقائق، فإن التطورات ذات العلاقة بمواقف الكراهية والحب تجاه الأب، والتحولات التي تتعرض لها بسبب التهديد بالخصاء، تبدو للقارىء غير المتآلف مع الذوق العام لكنها بصلب العلوم الانسانية وبعمق التحليل النفسي،
قدم السَّارد شخصيته رافضة لكل شيء رفض أفكار بيئية وانسانية لها سابقة معرفية..
وقد أظهر الكاتب صراعات منها ما هو ذاتي ومنها ما هو متعلق بالاخر حتى إن بدت خيوط هذه الأفكار تتشابك وفق تزاحمها وتسابقها،لكن كلها تدعو قطعا وافتضاحا الى فكرة الخصاء / القتل، وقد يقصد:
القتل غير العمد / العمد، قتل من ؟ أم قتل الأب المقتول، دون ممارسة القتل..
ولكنها بالاخير رؤية جديدة تقوم على علاقة الصبي بأبيه انهاعلاقة متناقضة.
النص قدَّم لنا احساسا بالكراهية تلك العلاقة التي ترغب في إزالة الأب كمنافس..
والنص أيضًا بشكل عام، قدَّم شعورا بالمودة تجاه العائلة الحاضنة .
وفي كلا الموقفين نرى انهما يؤديان إلى التماثل مع الأب.
فيود الصبي أن يحلَّ محلَّ والده لأنه معجب به ربما وفي الان نفسه يريد أن يصبح مثله، بل وأكثر في الوقت نفسه يريد أن يبعده عن طريقه.
لكن هذا التطور سرعان ما يواجه عائقًا قويًاهو الخصاء ، حين يفهم الطفل أن محاولته ابعاد أبيه كمنافس رئيسي له ..
وبالتالي، خوفًا من هذا الخصاء، ومن أجل الحفاظ على ذكورته، يصرف النظر عن رغبته في امتلاك ( بعضا من ملابسي القبيحة؟ القليل من الزاد؟ هذه اللعبة القميئة؟....لا لن أخذ شيئا من هذا...لكني ربما أشتاق الى المنزل ) وبالتالي لا مفرمن التخلص من أبيه.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
2 -- ايُّ مشروعية لقتل الاب ؟
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
والقتل كما يوهم صاحب النص ليست جريمة قتل الأب فحسب انها خوف من خصاء الابن ..
الكاتب بتقديم شخصية الابن يهيئ لقتل ما، لخصاء ما
انه قتل عادي بدقة لازمة،
إنه خصاء الابن او القتل بطريقة مغايرة انه برؤية ما:
حديث الاخر فيهما هو حديث عن الذات ..
البطل / الشخصية يدرك ما يعنيه الأب بالنسبة إليه، يدرك عطفا أنه لا يمكنه الارتقاء إلى مستوى الأب، دون أن يتلمس في ذاته قوتين بارزتين هما:
1 - قوة الطبيعة العامة الغريزية
2 - القوة الخاصة به
هكذا يبدو الكاتب وكانه يوهمنا انه لا ينطلق من مفاهيم فلسفية ومن مدارس التحليل الذاتي والسيري ليقدم نموذج قتل الاب برؤية إبداعية إشكالية معقدة تعيش التيه والضياع ،ولكنه في الاصل يشرع لقتل الاب الكامن فينا ..
قدم الكاتب شخصية الابن كأنَّ السارد يشرِّع لقتل الاب في المستقبل
فابتدأ النص يستحدث السرد على نحو معين بحيث :
** لا تكون الشخصية الجديدة أب ولا يمكن أن تكون أبداً في مقام الأب بمعناه العام المتداول
** خلق هذا النموذج من الابناء القتلة الذين مسخوا الأب لانبعاث ابن مغاير استمراري ولاحق.
لذلك استعان بالرمز والايحاء وبما هو يوميُُّ معاش كي ينهب صورته الأبوية..
وكي يقوِّض مفهوم الابن نسخة من ابيه او عقدة الخصاء اداة أخرى للصراع الطبقي..
ـــــــــــــــــــــــــــ
3-- عقدة أوديب : الأنا العليا والعقاب بالخصاء
ـــــــــــــــــــــــــــ
ان مفهوم الآخر للأنا، ذلك الذي ندعوه بالأنا العليا، ذلك الوريث لتأثير الأهل، يمثل أكثر الوظائف أهمية من حيث تكوين شخصية الابن ..
فإذا كان الأب صعبًا وعنيدًا وقاسيًا، تأخذ الأنا العليا منه هذه الصفات، ومن خلال علاقتها مع الأنا، تصبح الأنا العليا سادية، وتتحول الأنا إلى ماسوشية، أي سلبيةً وأنثوية في أعماقها. وتشرِّع للعقاب، ففيما تقدِّم نفسها، من جهة، كضحية للقدر، تأتي إشباعًا لرغبتها على شكل معاملة من الأنا العليا (الشعور بالذنب).لأن كل عقاب هو في نهاية الأمر خصاء، وبالتالي، في الوقت نفسه إشباع للموقف السلبي القديم من الأب.
إ ذا أردنا أن نجمل قلنا إن العلاقة بين الشخص الابن وبين الشخص الأب كوجود، قد تحولت إلى علاقة بين الأنا والأنا العليا كما ذهب الى ذلك علماء النفس ؛ انها بمفهوم ما ردود أفعال طفولية ناجمة عن عقدة أوديب، وانهاستبقى بمفهوم آخر شخصية الأب قد تختفي إذا لم يمدها الواقع بأي عنصر جديد.
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
خاتمة
ـــــــــــــــــــــــــ
هكذا تبدو العوالم المتداخلة بين الأدب والفلسفة والتحليل النفسي، وكثيرا ما ارتبطت بفكرة قتل الأب وفقا لمنهج فرويد، وبوصفه الأب المؤسس لنظرية التحليل النفسي، خاصة مقولة "عقدة أوديب".
وتكمن أهمية تلك الفكرة في أنها تختلط بالاجتماعي والاقتصادي ، فتنتج نموذجا للسقوط المتتالي لآباء السلطة والسياسة وكهنتها .
من هنا أعتقد أنه تأتي متعة قراءة نص الدكتور عماد أبو حطب انها مغامرة القول في ذلك النص المقروء والابداع الجمالي..من منظور علم النفس ومن منظور أدبي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ملتقى دولي في الجزاي?ر حول الموسيقى الكلاسيكية بعد تراجع مكا


.. فنانون مهاجرون يشيّدون جسورا للتواصل مع ثقافاتهم الا?صلية




.. ظافر العابدين يحتفل بعرض فيلمه ا?نف وثلاث عيون في مهرجان مال


.. بيبه عمي حماده بيبه بيبه?? فرقة فلكلوريتا مع منى الشاذلي




.. ميتا أشوفك أشوفك ياقلبي مبسوط?? انبسطوا مع فرقة فلكلوريتا