الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


برزان التكريتي يرد الجميل للسيد الرئيس جلال الطلباني

فرات المحسن

2005 / 12 / 11
مواضيع وابحاث سياسية


وسط الهرج والمرج الذي لف ويلف محاكمة الطاغية صدام وأعوانه تتواتر صور ذات دلالات ومعان كبيرة.مناظر وكلمات لا تلاقي الاهتمام المطلوب من لدن السيد رئيس المحكمة وكذلك من هيئة الادعاء العام التي يبدوا وضعها أشد ركاكة وبؤسا من السيد القاضي،ولكن تأثير تلك المشاهد بدا شديد الوقع على أبناء الشعب العراقي.وبشكل ناجز فالجميع يعزو مجريات ووقائع المحكمة ويصفها حسب معتقداته وتصوراته فالبعض يقول أنها مسرحية مفبركة وسيئة الإعداد والبعض يعتقد أن القاضي سبب جميع ما يحدث من ترهات وغير ذلك من الأحاديث. ربما تتحقق الظنون في نهاية المطاف لنجد المحاكمة بقضها وقضيضها،أنها كانت لعبة بائسة سمجة وفي ذات الوقت قاسية الوقع ووحشية أعدت من قبل الأطراف المشاركة في صياغتها وإخراجها، وهي أطراف كثيرة.مثل هذا الهاجس الذي يشاع اليوم بين غالبة أهالي الضحايا، يقابله اعتقاد عند مجاميع أخرى تجد في المحكمة ومجرياتها تأسيس جديد لنموذج عقلاني لقضاء ومحاكم عراقية تبنى وفق منظور الحقوق الإنسانية والعدالة الكاملة وحق الجميع من الضحايا وخصومهم في تقديم الأدلة والترافع والتقاضي والدفاع عن النفس بشكل واضح وشفاف للوصول في النهاية الى الحقيقة المجردة.
ولكن المحاكمة ورئيسها والادعاء العام وحتى هيئة الدفاع عن المتهمين خرجوا وابتعدوا إداريا وقانونيا وبشكل واضح وصريح عن طرق وأساليب المحاكمات والمرافعات المعروفة على مستوى العالم المتحضر والمتخلف.فما شاهدناه من أسلوب التعامل مع المتهمين والشهود من قبل السيد القاضي رزكار محمد أمين يبدوا من الهشاشة والتبسيط وسوء الإدارة ما ينم عن شخصية يتلبسها الحذر الشديد يخالطه خوف واضح وصريح من المتهمين أنفسهم.فهو يسمح لهم بالحديث والإسهاب والتجاوز دون أن يأخذ بحق وقواعد إدارة المحاكمات لمنع التجاوز أو إيقافه حسب القواعد المعروفة في جلسات المحاكم .فالقاضي رزكار حين يريد إيقاف ذلك يظهر عليه التردد وعدم القناعة بما يريده منهم. وكان يكلمهم بلطف ولين ويخاطبهم بتودد، ولكن هذا الشيء يختفي حين يريد الحديث مع الشهود، فلغته تكتسي فجأة نوع من الصرامة والجد،ولوحظ هذا عندما شتم المجرم برزان التكريتي الشاهد الأول أحمد محسن محمد الدجيلي الذي رد على شتيمته، فما كان من القاضي غير توجيه الكلام للشاهد وتنبيهه بعدم التجاوز والتطاول.وحين افتعلت هيئة الدفاع عن صدام وأعوانه مسألة وجود شخص جالس بين الجمهور،كان يوجه لهم التهديد، وكانت تلك لعبة ذكية من محاميي الدفاع أخذت من وقت الحاكم وحرفت القضية جانبا لبعض الوقت.عند تلك الحادثة راح السيد رازكار محمد أمين يفر بأذنيه ببلاهة واضحة ويشارك محامو الدفاع في البحث عن ذلك الشخص ثم أمر أفراد الشرطة بأخذه والتحقيق معه وفي نفس الوقت تغاضى عما فعله برزان التكريتي الذي وقف واستدار نحو منصة جلوس المشاهدين ورفع رأسه وبعد أن كال لهم سيل من السباب والشتائم القذرة بصق بقوة باتجاه أماكن المشاهدين.وفجأة نجد القاضي يشيح بوجهه جانبا ويوجه اللوم للشاهد ويطلب منه البقاء في الموضوع دون تجاوز أو كلمات غير لائقة وكأن من شتم أو بصق على الجمهور كان الشاهد وليس المجرم برزان التكريتي.
السيد القاضي رزكار أمين كان مراوغا بائسا متصنعا لا يملك الحبكة والدراية في تقمص الجد وأخذ دور الحاكم الحقيقي وفي نفس الوقت كانت علائم الخوف بادية عليه وتتمظهر في البلاهة التي يكتسي بها وجهه حين يواجه حديث من صدام أوشقيقه أو محاميي دفاعهم.
الكلمات البذيئة والبصاق الذي وجهه المجرم برزان الى الجمهور كان بحد ذاته جريمة يستحق عليها الإدانة والمحاكمة ليس لأنها جناية متعمدة وإنما كونها حدثت داخل المحكمة وهي تطاول علني وصريح وإهانة لجميع من كان هناك.ولكن القضاة والادعاء العام وقائده سيد جعفر الذي قدم مرافعته وهو يرتجف وصوته يتهدج من الخوف، أغمضوا عيونهم وبلعوا الشتيمة وهذا ما فعله أيضا السيد رزكار محمد أمين قائد المحكمة الميمون وزاد الطين بلة حين وجه اللوم للشاهد أحمد محسن الدجيلي.
كل تلك الوقائع تبدوا وكأنها سوف تكون الطابع الغالب للباقي من جلسات المحاكمة وربما سوف تصل الى مرحلة جديدة بائسة بكل ما تملكه تلك الكلمة من معنى، ليصبح معها ضحايا البعث القذر في حال يرثى له، وقد يجبرهم ذلك الحال ليس فقط على طلب الحماية من قبل السلطة (أن وجدت) خوفا من التصفيات الجسدية، وإنما يدفعهم للامتناع عن الإدلاء بشهادتهم.
أسلوب ولغة المجرم برزان التكريتي وتعامله مع الواقعة داخل المحكمة كان واضحا وصريحا ينم عن طبيعة بعثية متأصلة،فقد أظهر دونية وسفالة في الخلق وضحالة في التصرف ووقاحة وصلافة وصفاقة لا تليق بغير شخصية بعثية متعفنة حد النخاع.ولنتصور ما كان عليه موقف ذلك الشخص الذي ادعت هيئة الدفاع أنه هددها، لو بقي برزان رئيسا لجهاز المخابرات وكم طره سوف يطره هذا الوحش الكاسر.
لم تعد تستهويني وقائع المحاكمة بالرغم من شعوري بأهمية لحظتها التاريخية التي وضعت الفاشي صدام في قفص اتهام واضطرته للجلوس كمجرم توجه له الاتهامات والطعون ويعيش مشاعر الذل والمهانة في كل مواجهة بالرغم مما يبذله من عنجهية فارغة. ولكني أجد أن المحكمة وتصرفات القاضي والأدعاء العام باتت تشكل عامل أضافي وفاعل في زيادة أوجاعي وأمراضي. وأعتقد أن القادم منها سيلوك أهالي الضحايا بعذاباته ويطحنهم بوجعه دون هوادة، وربما ستكون وقائع المحاكمة هذه وغيرها من الدعاوى القادمة سببا في الموت كمدا لضحايا جدد يلتحقون بأهاليهم ممن طحنتهم سابقا ماكنة البعث الفاشي.
ولكني اليوم أود أن أشير الى جانب أخر مهم. فالجميع يتذكر رسالة الاستعطاف التي وجهها المجرم برزان الى جهات عديدة من أجل إطلاق سراحه بسبب إصابته بالسرطان، وكان ضمن من وجهت لهم تلك الرسالة السيد رئيس الجمهورية مام جلال الطلباني.والسيد الطلباني كان الوحيد الذي استجاب لرسالة المجرم برزان وكان جوابه واضح وعلني دون لف ودوران أو لبس وتمويه.فقد طلب السيد مام جلال من رئيس الوزراء السيد إبراهيم الجعفري إطلاق سراح المجرم برزان التكريتي مستندا لحالته الصحية وشفع طلبه ذلك والذي نشر في جميع الصحف العربية والكردية ، بإيضاح عاطفي مهم وفاعل عن العلاقة السابقة التي ربطته ببرزان التكريتي شخصيا وعائليا.أثار ذلك الطلب في حينه لغطا بين الأوساط الشعبية والرسمية والشارع السياسي العراقي بعربه وكرده، ووصل في بعض الحالات الى عتب شديد وأحيانا تقريع واتهامات.

في المحكمة وقف الشاهد الأول أحمد محسن محمد وهو أخ لستة شهداء وقريب لشهداء أخرين أعدمهم برزان التكريتي.في بداية شهادته طلب من المحكمة الموقرة قراءة سورة الفاتحة على أرواح شهداء مدينة بلد ومدينة الدجيل ومدينة حلبجة والأنفال فما كان من المجرم برزان التكريتي غير أن أطلقها كلمة مدوية سمعها الجميع.كلمة واضحة المعنى والقصد والنية.كلمة لا لبس فيها ولا توريات.لحظتها توقفت أنا عند تلك الكلمة وتذكرت طلب السيد مام جلال الطلباني.صحيح أن المجرم برزان التكريتي معتوه لا يملك شيء من الحياء ووضيع ومن سقط متاع الرعاع وفاقد للضمير والأخلاق.ولكني أعتقد أنه وبكلمته تلك قدم للسيد رئيس الجمهورية رسالة واضحة ورد سريع، ليس فقط عن المعنى الأخلاقي للصداقة والعشرة والعمل المشترك وإنما كذلك عن مفهوم الحق العام والضمير الإنساني والعمل السياسي وقواعد إدارة الدولة وقوانينها.
منع القاضي رزكار محمد أمين الشاهد أحمد محسن الدجيلي من قراءة الفاتحة على أرواح الضحايا فذكر الشاهد القاضي بأنه سبق وأن سمح بقراءة سورة الفاتحة على روح المحاميين اللذين قتلتهما يد من يريد نقل المحاكمة خارج العراق.ولكن الحاكم رزكار أمين أصر في منعه وتمنعه.
عندما طلب الشاهد المشتكي أحمد محسن قراءة الفاتحة على أرواح شهداء بلد والدجيل وحلبجة والأنفال،صرخ المجرم برزان التكريتي من مقعده ( الى جهنم ).
لقد أرسل المجرم برزان التكريتي ضحاياه الى جهنم وهو جالس في قفص الاتهام وفي الأيام الأخيرة من حياته.لقد كانت تلك الكلمة الوقحة ردا على نداء السيد رئيس الجمهورية مام جلال لإطلاق سراحه وتوفير العلاج له. كانت كلمته القبيحة وفاء وتقدير عال لأرواح ضحايا الكرد والعرب وبارك مسعى مام جلال بكلمة طيبة ؟؟؟!! رشت ماء الورد وزرعت آلاف الزهور عند قبور ضحايا حلبجة والأنفال والدجيل والمقابر الجماعية.رسالة (وفاء !!!؟؟؟) وعرفان بالجميل تستحق المعاينة والصفنة الطويلة.ومع هذا الرد القذر الوقح من المجرم برزان فهل نستطيع أن نمنع ظنوننا من أن تنمو وتتشعب وتتلبس بالشكوك ونحن نشاهد وقائع المحاكمة البائسة.. أليس كذلك سيدي العزيز مام جلال الطلباني.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إغلاق مراكز التصويت في الانتخابات البريطانية| #عاجل


.. إيران.. تعرف على مواقف جليلي وبزشكيان في ملفات السياسة الخار




.. مقابلة خاصة مع نائب وزير الخارجية التركي ياسين أكرم سرم


.. أوضاع الشرق الأوسط وحرب غزة تحظى باهتمام كبير في قمة شانغهاي




.. نتنياهو بين ضغط عائلات المحتجزين وتهديدات ائتلافه اليميني