الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نسخة طبق الاصل

طارق الخولي

2016 / 6 / 8
كتابات ساخرة


علني أغفوا وأصحوا وأتحول إلي كائن آخر. .
تلك الكائنات اللزجة، التي تحاول الالتصاق بكل شئ. وتطول لطوله، وتنكمش لانكماشه..
كانت بعض اوراقي تحتاج إلي توقيعات وأختام..وهو اليوم الذي يستحق مني النواح وربط الرأس بكوفية أو قطعة قماش ممزقة مع شد الرباط جيداً لكي نصل إلي النتيجة المطلوبة، كما تفعل إحدي بائعات الجبن وهي عائدة من الاسكندرية في قطار مخرب النوافذ ومفتوح الابواب دائماً. فأكثر شئ يجعلك تنزف عرقاً، وتشعر بضغطك يركب صاروخاً، هو رؤية موظف غائب عن العالم الخارجي وهو يحدق في جريدة، وتري في صفحاتها المواجهة لك وانت تتسمر أمامه في ضيق، صور جثة ملطخة بالدماء، وعنوان بالخط الاحمر الغليظ ”قتل زوجته وقطع جثتها في أكياس الزبالة” وبجانبه كوب من الشاي الفتلة من ماركة ”ليبتون” وبعض الارغفة وحزمة من الفجل والبصل الاخضر وقرطاس من الطعمية..
بعد دوران وهرولة إلي المكاتب، لم أنجز ما أريده. وقال لي الموظف صاحب الجملة الشهيرة ” فوت علينا بكرة ياسيد ”.
ورجعت مستاء مخضباً في العرق. الشمس تغلي فوق رأسي، عندها تذكرت الفيلم العربي” ثرثرة فوق النيل” أصدق فيلم رأيته- جملة عالقة دائماً في خيالي.” تقارير تقاير،كل ساعة تقرير”. وصورة تلك السيدة البدينة المنكفئة علي ملف، وبجانبها كيس مملوء بالبطاطس والخيار، ذلك الخيار هو جزاء كل من يدخل المكتب ويطلب خدمة.. عندها لابد أن تحتاط لمؤخرتك، قد يكون نصيبك من الخيار واحدة أو أكثر علي حسب حبك لمصر. ووجهها وهي تنظر لي من تحت النظارة الطبية عريضة الاطاربإندهاش.
لا تشعر بشئ وأنت تنزل علي درج السلالم خائباً وقد ركلك أحدهم ودفعك خارجاً. وانت تضع أوراقك فوق رأسك محتمياً بها كالابله من وهج الظهيرة. وتنظر لذلك الجهاز المعلق بجانب النافذة الزجاجية اللامعة، علي واجهة المبني الحكومي لكي يتكيف الموظفين ويكيفونا معهم..
ثم تقف منتظراً أتوبيس لينتشلك، وأنت تفتح عين وتغمض أخري وتنظر هنا وهناك كاللصوص وتتحسس جيوبك بين حين وآخر خوفاً من اللصوص.
جاء أتوبيس ضخم يكتظ بالايادي القابضة بالمواسير الحديدية قرب سقف الاتوبيس. والجميع يشهق ويزفر في ضيق. وسيل من العرق..
موقف موقف.. موقف يا بيه موقف يا أستاذ؟
وكأنه يوم الحشر، أو أن هذا هو الاتوبيس الوحيد التي تمتلكه الدولة، وكيف تركب تلك السيدة المسنة وهي تحمل شنطة يبدوا أن بها بعض البطيخ.. وما شأني.. فكر في أمر واحد، كيف تركب الماكوك.
وفي أوج الزحام ، عند الباب الصغير، هناك يد تعبث في جيبي الخلفي، وضعت يدي علي جيبي سريعاً. وقلت ”فيه أيه” نظر إلي أحدهم وقال لزميله ”خلاص تبعنا” ودلفت في الاتوبيس ولم يركب ذلك الشابان السارقان. ولا أعرف لماذا كان يحدق بي كل من كان بالاتوبيس، أظن انهم يعتقدونني لصاّ.
وتلك الوجوه البائسة المنكسرة، منكسي الرؤوس. كأنهم هاربون من الجحيم. وهناك وقعت عيني علي شخص بدين الجسد بارز الكرش، كثيف الشعر، يحمل جريدة عليها صورة أكياس سوداء، وعنوان غليظ ”قتل زوجته وقطعها في أكياس زبالة” لا أصدق أنه ذلك الموظف اللعين الذي رأيته هناك.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عام على رحيل مصطفى درويش.. آخر ما قاله الفنان الراحل


.. أفلام رسوم متحركة للأطفال بمخيمات النزوح في قطاع غزة




.. أبطال السرب يشاهدون الفيلم مع أسرهم بعد طرحه فى السينمات


.. تفاعلكم | أغاني وحوار مع الفنانة كنزة مرسلي




.. مرضي الخَمعلي: سباقات الهجن تدعم السياحة الثقافية سواء بشكل