الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الأُختين

ليديا يؤانس

2016 / 6 / 8
الادب والفن


في مشهد مؤثر عاطفي، اختلطت الدموع مع ابتسامات الرجاء، ألم الفُراق مع أمل اللقاء، الأُختان مُتعانقتان، امتزجت دموعهما، تشابكت أياديهُما، اختلطت خصلات شعورهما، عيونهما يقولان ما لا يستطيعان قوله!

الأب والأم تشابكت أياديهُما أيضًا، لتحتضنا الأُختين، بمشاعر مُلتهبة وحب فياض ولوعة على الفراق!

إنهم في مطار مونتريال الدولي بكندا، ليودعوا ناتاشا، حيث قررت الذهاب إلى زامبيا.

أعلنت الإذاعة الداخلية للمطار، عن عدم إقلاع الطائرة المُتجهة إلى زامبيا، حيث وجود عُطل فني بمحرك الطائرة، وقد يكون التأخير لمدة ساعتين لإصلاح العطل أو إيجاد طائرة بديلة.

بدأ الشد العاطفي يهدأ، ارتخت العضلات المشدودة، وانفكت الأيادي المُتشابكة.

أخذت الأختان ركنًا، وكذلك الأب والأم ركنًا آخر بعيدًا عنهما، كل أثنين يتناجيان في خلوة الذكريات، لإستعادة الماضي واللهفة على التنبؤ بالمستقبل المجهول.

الأختان جلستا على مقعدان مُتشابكان من الخلف، ربما لكي تشعر كل واحدة، بأن في ظهرها أخت تُحبها وتخاف عليها، وربما أيضًا، لكي تُطلق كل منهما العنان لأفكارها وقراراتها بدون المساس بالمحبة والروابط الأسرية.

الأب والأم جلسا على مقعدان مُتقابلان، ربما لاستعادة ذكرياتهما سويًا، وربما لتكون عيونهما على الأختين.

ناتاشا الأخت الكبرى، ومعنى اسمها "أنا شاكرة"، هذا الاسم من زامبيا "Natasha means I am thankful".


والأخت الصغرى اسمها جويس ومعناه "فرح".

ناتاشا فارعة الطول، سوداء سوداء، شعرها مضفر كله كنوع من الموضة، ولكي لا تستهلك وقتها ومجهودها في تصفيفه، مقاييس جمالها الجسدي يفوق ملكات الجمال، يكفي أن تنظر في وجهها لتقول الله الله، على إبداع الخالق في أن يكون هذا اللون الأسود الذي يلمع مثل الأبانوس، مع دقة التناسق في تقاطيع الوجة الجذابة.

جويس ذات الوجه الملائكي الضاحك تصغر أختها بثلاث سنوات، لونها خمري تحمل الجينات المصرية من أبويها، جميلة رقيقة وتتمتع بخفة الدم المصري.

الأم نظرت للبنتين ونظرت للأب تذكرت أنه لمدة 5 سنوات من زواجهما، وكل شهر حزن ويأس على أنها لم تحمل، وأخيرًا قررت هي وزوجها أن يتبنيا طفلة من إحدى الدول الفقيرة، هؤلاء الأطفال يحتاجون لمن يعُطيهم قسطًا من الحياة، بدلًا من الموت الذي يُلاحقهم في صورة فقر ومرض وجهل.

تبنى الزوجان ناتاشا من زامبيا من أفريقيا، هدأت الأم وفرح الزوجان، وبعد عدة شهور حملت الأم، وجاءت جويس لتصبح الفرحة فرحتين، لم ينسيا الأبوان أن ناتاشا كانت سبب فرحتهم، أنهما لا يشعران إطلاقًا بالفرق في بنوة الطفلتين.

حينما كانت الأم حامل في جويس، جاءت ناتاشا بحُب الاستطلاع، ووضعت يدها الصغيرة على بطن الأم، أخذتها الأم في حضنها وقالت لها، هُنا فيه نونو، حتبقي أختك تحبيها وتحبك، لم تستوعب الصغيرة حتى مجئ جويس، جاءت مرة أخرى بالإحساس الداخلي بأن هناك مخلوق آخر سوف يجعلها تفقد الحب والاهتمام الخاص بها، سألت أمها، جويس جاءت من بطنك وأنا جئت من أين؟


الأم أخذت الطفلة في حضنها، وقالت لها، جويس ولدتها من بطني وإنتي ولدتك من قلبي.

الزوجان مملوءان حكمة ونعمة ومحبة إنسانية، أحبا الطفلتان بنفس الدرجة من الحب والاهتمام، فانعكس ذلك أيضًا على علاقة الأختين ومحبتهما وارتباطهما ببعضهما.

ظهر رامي الشاب الوسيم ذو العضلات المفتولة وخفة الروح، إبن إحدي العائلات المصرية الصديقة، إزدادت الزيارات بين الأسرتين، وزاد اهتمام الأختين بهذا الشاب المصري، رامي يعتز بالأختين، ولكنه بدأ ينجذب بالأكثر لجويس، ربما لأنها تحمل الجينات المصرية.

الأختان ظهراهما لبعض، ولكن هُناك حبل فكري واصل بينهما، ناتاشا أحبت رامي بجنون، ولكن أختها الصغيرة أحبته أيضًا!

رامي لطيف جدًا مع ناتاشا، ولكنها شاهدته وهو يقبل أختها جويس في الحديقة!

جويس بدأت تزف لأُختها الأخبار السعيدة بأن رامي يحبها، ربما أيضًا جويس لاحظت حب أختها لرامي، ويمكن هذا الذي دفعها لإعلانها بحبها لرامي.

الموقف متأزم بين الأختين بسبب رجل!


الأم والأب وقفا مكتوفي الأيدي، إنهما يُراقبان الموقف عن قُرب ولا يُريدان أي ألم أو حزن لأي من الأختين، صليا كثيرًا أن يحفظ الله الأختين وألا يشُق سيف الحب المحبة الأخوية والروابط الأسرية.

في يوم على العشاء فجرت ناتاشا مفاجأة، قررت أن أسافر لإحدى الدول التي ينتشر بها مرض الإيدز، لخدمة مرضى الإيدز، حيث تخصصي الطبي الذي تفوقت فيه بجدارة وامتياز.

عرفت أن بلدي زامبيا، تعتبر في الترتيب رقم 8 بين البلدان التي يُعاني أهلها من هذا المرض اللعين، وأنه يوجد أكثر من مليون شخص مصابين بهذا المرض.

أريد أن أرد لكما محبتكما الإنسانية التي فعلتموها معي، في أن أقدم للآخرين وخصوصًا أهل بلدي جزء من خبرتي وتعليمي الذي يرجع لكما الفضل فيها، سوف أخدم هناك لفترة وأرجع لبلدي كندا وأسرتي وأختي الحبيبة جويس.

الكل يعلم جيدا لماذا قررت ناتاشا الذهاب إلى زامبيا بالإضافة إلى رغبتها في القيام بعمل إنساني!

أعلنت الإذاعة الداخلية للمطار عن تحرك الطائرة إلى زامبيا بعد نصف ساعة، وقفت الأختان يحتضنان بعضهما، والأب والأم يحيطانهما بذراعيهما، رافعين صلوات بالحماية والبركة على الأختين، وأن ترجع ناتاشا بعد مُهمتها الإنسانية لتكتمل سعادة ومحبة الأسرة على الدوام.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مقابلة فنية | المخرجة لينا خوري: تفرّغتُ للإخراح وتركتُ باقي


.. فقرة غنائية بمناسبة شم النسيم مع الفنانة ياسمين علي | اللقاء




.. بعد تألقه في مسلسلي كامل العدد وفراولة.. لقاء خاص مع الفنان


.. كلمة أخيرة - فقرة غنائية بمناسبة شم النسيم مع الفنانة ياسمي




.. كلمة أخيرة - بعد تألقه في مسلسلي كامل العدد وفراولة.. لقاء