الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تجديد الخطاب الدوني

طلال سيف
كاتب و روائي. عضو اتحاد كتاب مصر.

(Talal Seif)

2016 / 6 / 11
مواضيع وابحاث سياسية


تجديد الخطاب الدوني
ما بين أبيقورية غرائزية و ماركسية متزنة ، تنتصف مقولة تجديد الخطاب الديني المسافة بينهما وعلى الرغم من آلاف المقالات و التهويمات فى برامج التوك شو حول هذه المسألة ، مازلت لا أعرف المقصود بتجديد الخطاب الديني . هل هو حرق التراث و الموروث حرقا كاملا ؟ و فى هذه الحالة لسنا بصدد تجديد ، بقدر ما هو إنهاء لمحتوى عقائدي متراكم عبر مئات القرون . أم أن المقصود إعادة قراءة للنصوص المقدسة و المتواترة بغرض النقد الممنهج ؟ فى كل الحالات لا يمكن لأي من كان أن يخرس الألسنة أو يلوي عنق الرؤس كي لا تفكر . لكن بأي منطق و بأي طريقة نفكر كي نصل إلى التجديد المزعوم . ما دفعني لتلك التساؤلات تدوينة قرأتها لأحد الأصدقاء ، وهو شاعر كبير و مثقف لا يستهان به . جاء مضمون تلك التدوينه نقدا لمحاولة منع الناس بالمجاهرة بالإفطار فى نهار رمضان ، ولو أتت تدوينته من باب " للإنسان الحق الكامل فى الإفطار أو الصيام " لما كانت تساؤلاتي . فالإنسان حر تماما فيما يعتقد ويؤمن ، حتى و إن اعتزل ممارسة الأديان نهائيا . لكنه أيضا ليس حرا فى ازدراء دين غيره أو على أقل تقدير إذا ما نحينا الدين جانبا ، أن يستهين بمشاعر الآخر . سواء كانت هذه المشاعر نتاج عقيدة دينية أو نتاج فكر إنساني . كان ماركس و الذي يعتبره البعض إله الإلحاد فى عالمنا ، أكثر وعيا بطبيعة و معطيات النفس البشرية ، حينما قال فى مناقشة قضايا الإعلام ، أنه من الضرورة احترام عادات و تقاليد وتراث و موروث الشعوب . فمايضيرك كمفطر فى نهار رمضان ، أن تمارس طقوسك المعتادة بشئ من التحفظ . فقد جرت العادة منذ 1400 سنة خلت ، على تضرر الصائم إذا مارأى مجاهرا بالإفطار فى نهار رمضان . فالأحرى أن تكون ماركسيا متزنا تقدر مشاعر الآخرين على أن تكون أبيقويا لذائذيا ، لا يعنيك سوي رغباتك و شهواتك . فلو أنك فى الهند بين مجموعة من الهندوس لن تستطيع المجاهرة بأكل لحم البقر أمامهم . فاعتبار المجاهرة بالإفطار بين جماعة من المسلمين أمرا عاديا ، ما هى إلا قسمة طيزى . لا علاقة لها بتجديد الخطاب الديني ، بقدر ما هو خطاب دوني استعلائي فارغ ، لا يقدر قيمة المشاعر الجمعية للبشر ، حتى و إن كانت تلك المشاعر خاطئة كخطأ سكان كهف أفلاطون من وجهة نظرك الخاصة . فتقدير الآخر و احترام موروثه هى القيمة الكبرى فى الفكر الليبرالي المتحرر . فبهذه المتناقضات و الأراء السطحية نتوقف عند مقولة تجديد الخطاب الديني ، كي نسأل من هم على شاكلة صديقي الشاعر ، أن يجدد خطابه الدوني . رحم الله ماركس .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. السيسي ينصح بتعلم البرمجة لكسب 100 ألف دولار شهريا!


.. تونس.. رسائل اتحاد الشغل إلى السلطة في عيد العمّال




.. ردّ تونس الرسمي على عقوبات الوكالة العالمية لمكافحة المنشطات


.. لماذا استعانت ليبيا بأوروبا لتأمين حدودها مع تونس؟




.. لماذا عاقبت الوكالة العالمية لمكافحة المنشطات تونس؟