الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المطلوب فتوى عاجلة من الأزهر االشريف تفسر المفهوم الصحيح للاستشهاد الحقيقي

ميشيل حنا الحاج

2016 / 6 / 11
مواضيع وابحاث سياسية


السلاح الأقوى لدى الدولة الاسلامية هو سلاح الاستشهاد والاستشهادين، وهم كثر لدى الدولة الاسلامية، نظرا لما يغذون به عقولهم بمفهوم خاطىء مضمونه أن عملهم هو عمل استشهادي يحملهم فورا الى الجنة، رغم ما في ذلك القول من خطأ وتضليل وغسل لعقولهم الضعيفة.

وا لواقع أن الدولة الاسلامية تمتلك أسلحة كثيرة بعضها حديث جدا، وبعضها استولت عليه من الجيش العراقي لدى احتلالها للمحافطات العراقية الثلاث وأبرزها محافظة نينوى وعاصمتها الموصل وذلك قبل عامين من الآن.

كما تملك الدولة الاسلامية سلاح المخططين الاستراتيجيين الأكفاء، وما يعتمدونه من نهج الكر والفر والهجمات المفاجئة على مواقع لم تكن في حسابات الطرف الآخر، اضافة الى سلاح الأنفاق لتي حفرتها في المواقع التي سيطرت عليها، ونهج استخدام السيارات المتفجرة، وتفخيخ المواقع بالمتفجرات القاتلة قبل الانسحاب منها. زد على ذلك استخدام العمليات المفاجئة في دول أخرى بعيدة عن مواقع القتال، كتلك العمليات التي نفذتها في كل من فرنسا وبلجيكا، وتلك التي كانت تزمع تنفيذها خلال مباريات كرة القدم الأوروبية والتي اكتشفتها أوكرانيا قبل فوات الأوان. ويقول جاسم محمد، الباحث المتخصص في شؤون الارهاب، في دراسة نشرها مؤخرا، أن عددا من الأجانب المنضوين تحت جناح الدولة الاسلامية، قد بدأوا بالفرار من صفوفها والعودة الى بلادهم اثر الخسائر الي لحقت بالدولة في كل من سوريا والعراق. وهؤلاء أيضا قد يكونون مؤهلين لتنفيذ عمليات ما في داخل بلادهم.

ويظل سلاح الاستشهاديين أقوى أسلحة الدولة الاسلامية لما يسببه من ضربات موجعة، وخسائر بشرية كبرى تلحق في أغلب الأحيان بالمدنيين وخصوصا بالشيوخ والنساء والأطفال منهم. وينفذ هذه العمليات المسماة بالاستشهادية، نفر من الأبرياء الذين غسلت أدمغتهم بمفاهيم خاطئة، مضمونها ذهابهم فورا الى الجنة الموعودة بما فيها من حوريات ووصيفات لهن يفوق جمالهن الوصف، ويتناسى أولئك أن يذكروا لهم بأن الحوريات أشبه بالملائكة، وقد لا يكن مستعدات لتقديم الخدمات الخاصة جدا التي يتطلع ويرنو الاستشهادي المنتحر للحصول عليها منهن.

والمشكلة الكبرى أن أولئك الاستشهاديين لا يفجرون أنفسهم وسط عدو صهيوني مثلا، اغتصب بلدا عربيا وهجر شعبها، ونكل بمن بقي منهم على أرضها، وقتل بدم بارد مقاوم لاحتلالهم... بل هم يفجرون أنفسهم طلبا للاستشهاد كما يرونه، في وسط جمهرة من أبناء شعبهم، بل وبين المدنيين منهم الذين غالبا ما يكونون من النساء والشيوخ المسنين والأطفال الأبرياء. بل وأحيانا يفجر نفسه في جامع أو في حسينية أثناء أداء جمهرة من المصلين لصلواتهم متعبدين لله تعالى. ومع ذلك فانه يفجر نفسه مقتنعا أنه الآن في طريقه الى الجنة، غير مدرك بأنه في طريقه الى النار كما ينبغي أن يوضح له عاجلا، بل وعاجلا جدا، بأنه من المرجح أن يكون في طريقه الى نار احتدم لهيبها، لكونه قتل للتو أناسا أبرياء، أو مصلين يتعبدون لله حتى ولو اختلفوا معه في مذهبه.

فالله هو الله تعالى. اذ ليس هناك اله شيعي وآخر سني، أو اله مسلم وآخر مسيحي، فهناك حسب كل المعتقدات الدينية السائدة بكافة دياناتها وطوائفها، اله واحد أحد لا شريك له. وهذا ما هو مطلوب من الأزهر الشريف أن يفتي به على عجل...أن يفتي مميزا بين الاستشهادي الحقيقي الذي يقاتل أعداء الوطن والأغراب المعتدين عليه، وبين القاتل المتسربل بثياب الاستشهادي، فيقتل أبناء وطنه من نساء وشيوخ وأطفال، أو حتى مصلين من طائفة أخرى. فأولئك قتلة وليسوا استشهاديين، كما ينبغي أن يبادر الأزهر على عجل، أن يوضح لهم عبر اذاعة الأزهر وفقهائه.

وكان أسامة بن لادن مؤسس تنظيم القاعدة وما انبثق عنه من جبهة النصرة وشباب الصومال وغيرهما، اضافة لمن انشق عن تنظيمه كالدولة الاسلامية مثلا، يبشر في أدبياته على وجوب مقاتلة الصليبيين الجدد. وكان يعتبر الأميركيين هم الصليبيون الجدد. واستقى بن لادن أفكاره تلك من سيد قطب الذي استقاها بدوره من محمد بن عبد الوهاب ومن قبله من بن تيمية الذي تواجد قبل عدة قرون، وأصدر فتاويه وتفسيراته المغلوطة المتشددة بلا مبرر لبعض الأحاديث الشريفة وبعض الآيات القرآنية الكريمة. ولكن لا بد من التذكير أن من يفجرون أنفسهم في وسطهم في هذه الأيام، ليس جمعا من أميركيين أو صليبيين، بل من مسلمين مثلهم في غالبيتهم. وحتى أولئك الذين يقتلون في أوروبا، أو يزمعون قتلهم في أميركا، ليسوا صليبيين حقا، فزمن الصليبيين قد ولى وانقضى، ولا عودة اليه مع وجود منظمة الأمم المتحدة ومنظمات حقوق الانسان وغيرها من المواثيق الدولية.

هناك حكومات في بعض الدول الأخرى كالولايات المتحدة مثلا، لم تزل تغتصب حقوق الشعوب وتلحق الأذى بها. هؤلاء يفترض بالكل أن يتصدى لهم ويعمل على احباط قدراتهم عن طريق المقاومة الفعالة، على أن تنصب المقاومة على الحكومات دون الشعوب التي لا ذنب لها ولا حول ولا قوة لها حتى ولو كانت من الشعوب الأوروبية.
وهذا هو دور الأزهر الرئيسي لمساعدة المضللين على التمييز بين الحكومات وبين شعبها المضلل، كما هو دوره في التمييز بين القتل والاستشهاد.

وليس هناك مبرر لعدم تدخل الأزهر الشريف في الافتاء في أمور كهذه. اذ ليس أمام شعوب هذه المنطقة من العالم، من يتوجهون اليه طالبين الفتوى والارشاد منه باعتباره المرجع الأعلى والأوحد المتواجد أمامهم. ولا أحد غيره قادر على الافتاء بوجود الأزهر. كما أن أحدا لا يستطيع أن يتفهم تردد كي لا أقول تقاعس الأزهر الشريف عن تقديم نصيحة، ارشاد، أو فتوى كهذه، خصوصا عندما نلاحظ أن صغار الفقهاء الوهابيين في السعودية، قد أصدروا العديد من الفتاوى المخزية كفتوى اجازة ارضاع الكبير، وفتوى جهاد النكاح، وغيرها من الفتاوي التي يندى لها الجبيل خجلا.

والغريب في الأمر أن الأزهر قد أصدر سابقا بعض الفتاوى التي لم يرض عنها الكثيرون، كفتواه في التفريق بين نصر حامد أبوزيد وزوجته نتيجة كتاباته التي لم ترق لهم، ومثلها رؤيته المدانة حول اجتهاد اسلام البحيري الذي حاول تفسير بعض الأحاديث الشريفة والآيات الكريمة تفسيرا بعيدا عن التفسيرات المتشددة، فانتهى الأمر به الى السجن، ومثله فاطمة ناعوت التي كفرت بسبب تعليق لها حول الأضاحي في الأعياد، اذ بدورها صدر عليها حكم بالسجن.

ألأزهر الشريف اذن يصدر فتاوى، ويقدم أحكاما وارشادات رغم ادانة بعضها، ومع ذلك يتلكأ في ابداء رأيه الواضح الذي يميز بين المنتحر القاتل، والمنتحر المستشهد، علما بأن تلك هي الفتوى المنتظرة منه، والوصول الى صحيحها ليس متعذ را مع وجود نص قرآني واضح يحرم قتل النفس بغير حق.

ولكن المطلوب ليس فحسب فتوى من الأزهر الشريف، بل يطلب مثله من الفاتيكان، عل فتوى وايضاح منه في هذا الصدد ( التمييز بين المنتحر القاتل والمنتحر المستشهد)، قد يساعد بعض مسيحيي أوروبا الذين يهرع بعضهم للانضمام للدولة الاسلامية متأثرا بطروحاتهم التي يملأون بها أدمغتهم. والى جانب الأزهر والفاتيكان، الأمر ذاته مطلوب أيضا من الكتاب والمفكرين، المطالبين بالادلاء بدلوهم في هذا المجال ...والاكثار من الادلاء به على عجل قبل فوات الأوان وسقوط مزيد من الضحايا الأبرياء، أملا أن يرتدع قاتل، يعتقد أنه استشهادي ذاهب الى الجنة حيث الحوريات وأنهار من العسل، ليكتشف أخيرا أنه في طريقه الى نار ...نار الجحيم المستعرة.
ميشيل حنا الحاج
مستشار في المركز الأوروبي العربي لمكافحة الارهاب – برلين
عضو في مركز الحوار العربي الأميركي – واشنطن
كاتب في صفحات الحوار المتمدن – ص. مواضيع وأبحاث سياسية
عضو في رابطة الكتاب الأردنيين – الصفحة الرسمية
عضو في مجموعة صوت اللاجئين الفلسطينيين، ومجموعات أخرى.











التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صفقة الاتحاد الأوروبي مع لبنان..ما خلفياتها؟| المسائية


.. بايدن يشدد على إرساء -النظام- في مواجهة الاحتجاجات الجامعية




.. أمريكا.. طلاب يجتمعون أمام منزل رئيسة جامعة كولومبيا نعمت شف


.. الجيش الإسرائيلي: 12 عسكريا أصيبوا في قطاع غزة خلال الساعات




.. الخارجية الأمريكية: هناك مقترح على الطاولة وعلى حماس قبوله ل