الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أحداث البرازيل: هل هي ثورة شعبية ضد الفسّاد أم صراعٍ دوليٍ خفيٍ؟ وهل ستعود روسيف للحكم؟

ماهر عدنان قنديل

2016 / 6 / 12
مواضيع وابحاث سياسية


للوهلة الأولى تبدو لنا الأحداث العنيفة التي تعرفها البرازيل، منذ عدّة أشهر، مجرد ثورة شعبية، واحتجاجات جماهيرية ضد فساد حكومي (قضية لاجا فاتو) يتزامن مع فترة ركود اقتصادي حاد تعرفه كامل البلاد، لكن، بالتعمق قليلًا والتغلغل في .المسببات نجد أنها أعمق من ذلك بكثير.

فالبرازيل، والتي تشكل لوحدها نصف مساحة قارة أمريكا الجنوبية، ويعتبر اقتصادها الأقوى في القارة، ومُرشح لكي يصبح من أقوى خمس اقتصادات في العالم بحلول سنة 2025، ويبلغ نسبة الشباب الأقل من 29 سنة حوالي 60 بالمائة من مُجمل عدد السكان، تعيش ما يُمكن اعتباره، صراعًا دوليًا تلعب فيه الأدوات الداخلية أدوار الأرنب بحملها المشعل إلى حيث يبتغيه الطرف الخارجي أن يصل، أي أننا بمعنى أخر لا نستطيع أن نستوعب الأزمة في البرازيل أو في أي دولة أُخرى خصوصًا إن كانت من الدول النامية إلا بالتفتيش عن المستفيد في الخارج وفي الداخل. الصراع في البرازيل، لا يُمكن قراءته من زوايا اليمين واليسار الداخلية فقط، بل امتداده يذهب لما هو أبعد من ذلك، ويصل بحدوده الواسعة إلى .عدة عواصم عالمية أُخرى.

فبعد نجاح تجارب اليمين بالانقلاب على اليسار في عدد من دول أمريكا اللاتينية الأُخرى، أو اقترابه من ذلك كما في .الحالة الفنزويلية، ها هو الدور يأتي على البرازيل لتتجرع من نفس الخلطة التي تُطبخ دائمًا في نفس المخابر على ما يبدو.

فديلما روسيف، من جهتها، تتبع خط اليسار الاشتراكي الديمقراطي، وهو الخط السياسي الذي اتبعتهُ عدةُ دول أمريكية لاتينية منذ بداية القرن الجديد، بما سُميّ بمنظومة "المد الوردي"، التي امتدت لبعض دول أمريكا الوسطى كذلك، وهو نفس الخط الذي اتبعهُ قبلُها شيخها في حزب العمال "لولا داسيلفا"، ذو الشعبية الجارفة في البرازيل، خصوصًا في الأوساط الفقيرة ذو البشرة الداكنة الذين نهض بهم ليتحول بعضهم إلى مصاف الطبقة الوسطى، وأصبح بإمكانهم دخول الجامعات، وتقلد مناصب حكومية، والسكن في أحياء كانت تسمى بيضاء نسبة إلى لون بشرة قاطنيها، ويقدر عددهم بحوالي 35 مليون نسمة.

ورفع كل من روسيف ولولا في سياستهم الخارجية، شعار متعدد الأقطاب، ليس له مركزية سياسية، واقتصادية، واعتمدا منذ توليهما المسؤولية السياسية في البرازيل على استراتيجية اقتصادية مبنية على تأميم الشركات الكبرى، كشركة البترول العملاقة "بتروبراس"، التي كان لها الفضل في النهضة البنيوية والاقتصادية بإكتشافها للكنوز النفطية والغازية قبالة السواحل الأطلنطية في البرازيل. هذه الخطوات بتأميم الشركات الاقتصادية البرازيلية، أزعج الشركات الاحتكارية الكوسموبوليتية الشهيرة، كشركات شل" و"شيفرون" وغيرهما التي لم تأخذ حصتها من الأرباح النفطية، ومن الصفقات المعتادة دومًا في مثل هكذا ظروف في بقية الدول النامية. كما أـن اليسار البرازيلي انفتح على اقتصاد السوق الصينية، وانخرط في مجمع .البريكس الخماسي، وتبنى خطابًا معاديًا للإمبريالية.

وفي ظلّ هذا الانقلاب الدستوري الناعم-إن أمكن تسميته بذلك- والذي تقوده عدد من مؤسسات الدولة، كجزء من مؤسسة القضاة بقيادة القاضي "سرجيو مورو"، وجزء من مؤسسة الرئاسة بقيادة نائب الرئيس "ميشال تامر"، وجزء من مؤسسة البرلمان بقيادة رؤساء مجلس النواب القديم "إدواردو كونا" وخليفته الجديد "فالدار مارانهاو"، وجزء من المؤسسة الإعلامية بقيادة شبكة "رد غلوبو" بقيادة "روبيرتو مارينهو".. تبقى عودة "ديلما روسيف" مفتوحة، لكنها صعبة وشبه مستحيلة، بعد نهاية مدة فصلها من الحكم المقدرة ب180 يومًا (أي 06 أشهر) وفي حال إثبات براءتها من التهم المنسوبة إليها، خلال هذه الفترة، سيُنظم بعدها (حوالي شهر أكتوبر/تشرين الأول المقبل) استفتاء في مجلس الشيوخ للفصل النهائي في قضيتها، وكل المؤشرات توحي على أنه في حال براءتها، سيكون 2/3 من أعضاء مجلس الشيوخ مستعدين لفصلها من الرئاسة بالتصويت ضد عودتها، كل هذه الصعوبات لرجوع "ديلما روسيف" إلى الحكم، زاد عليها تصريحات "تامر ميشال" الأخيرة، التي أشار فيها صراحة إلى برنامجه السياسي الممتد لغاية عام 2019، وكانت هذه الرسالة منه بمثابة تلمّيح منه إلى .استحالة عودة "ديلما روسيف" للحكم مجددًا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. القضية الفلسطينية ليست منسية.. حركات طلابية في أمريكا وفرنسا


.. غزة: إسرائيل توافق على عبور شاحنات المساعدات من معبر إيريز




.. الشرطة الأمريكية تقتحم حرم جامعة كاليفورنيا لفض اعتصام مؤيد


.. الشرطة تقتحم.. وطلبة جامعة كاليفورنيا يرفضون فض الاعتصام الد




.. الملابس الذكية.. ماهي؟ وكيف تنقذ حياتنا؟| #الصباح