الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


على مذبح اهالي الفلوجة

سمير عادل

2016 / 6 / 12
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


السباق الى الفلوجة العراقية، لا يختلف من حيث معطياته السياسية عن السباق الى الرقة السورية. وفي كلا السباقين، تريد الاطراف السياسية، وخاصة الاقليمية، من تسجيل انتصارات تجير ليها، لتحتل موقع في رسم المعادلة السياسية في العراق وسورية والمنطقة.
ثلاثة اتجاهات داخل التحالف الشيعي، تتصارع فيما بينها لرسم المعادلة السياسية ما بعد مرحلة القضاء على عصابات داعش. اتجاه العبادي - الجبوري المدعوم من قبل الادارة الامريكية رافعة راية الحرب على الارهاب في العراق وسورية. واتجاه التيار الصدري، المرعوب من فصائل الحشد الشعبي وتمدده العسكري والسياسي. والاتجاه الثالث هو الحشد الشعبي المدعوم عسكريا وسياسيا ولوجستيا واعلاميا من قبل الجمهورية الاسلامية في ايران.
حرب الفلوجة، هي العنوان الذي يخبئ ورائه صراع الاتجاهات المذكورة. الا ان الواضح في هذه الحرب، ان اكثر المتخوفين من انتصار اي طرف فيها، هو التيار الصدري. فبعد ان كانت "سرايا السلام" الجناح العسكري الذي حل محل جيش المهدي، تهتف وتصول وتجول في ساحات الوغى، في بداية المعارك مع داعش وخاصة في مناطق صلاح الدين عام ٢٠١٥، انسحبت اليوم من تلك الساحات او على الاقل خفت صوتها، بعد أن تبوء فصائل الحشد الشعبي بقياده العامري - المهندس المشهد العسكري. وعلى إثر ذلك غير التيار الصدري تكتيكه بدل من الظهور العسكري في المعارك، العمل على تغيير بوصلة الحركة الاحتجاجية ضد الفساد والمحاصصة وغياب الخدمات وتفريغها من محتواها، ليتصدر المشهد السياسي للحيلولة دون حذفه من المعادلة السياسية، حيث اقتحم المنطقة الخضراء مرتين، الاولى للبرلمان، والثانية لمكتب رئيس الوزراء، دون تحقيق اهدافه السياسية، ليغير تكتيكه مرة اخرى بالهجوم على مقرات احزاب ومليشيات التحالف الشيعي، الى حد وصف هادي العامري، جماعة الصدر المهاجمة لمقراته، بالدواعش، على غرار وصف العبادي لنفس الجماعة عندما اقتحمت مكتبه قبل اقل من شهر.
بيد ان المشهد لا تكتمل صورته، الا بظهور قائد فيلق القدس قاسم سليماني، وهو يتجول في احد جبهات حرب الفلوجة، بعيد اعلان منظمة العفو الدولية عن الجرائم التي اقترفتها فصائل الحشد الشعبي ضد اهالي الفلوجة، واعتراف حيدر العبادي بتلك الجرائم واستنكاره لها، كي يبعث اي سليماني، برسالة سياسية مفادها بأن الجمهورية الاسلامية حاضرة في هذه الحرب، وتتقاسم انتصاراتها، لو طرد داعش من الفلوجة، وداعمة في نفس الوقت لفصائل الحشد الشعبي، بالرغم من كل ما يقال عن الانتهاكات الفاضحة التي تنتهكها بحق المدنيين، وخاصة الاعدامات الجماعية، التي اظهرتها افلام الفيديو المنتشرة على صفحات التواصل الاجتماعي. اي بعبارة اخرى يعني ظهور سليماني وبهذا الشكل العلني، هو من اجل تفويت الفرصة على العبادي المدعوم امريكيا بالاحتفال لوحده لو رحل داعش عن الفلوجة.
ان الانتهاكات التي ترتكب بحق المدنيين في الفلوجة، ليست حالات فردية، كما يحاول الذين يريدون ان يبرؤوا ساحة فصائل الحشد الشعبي. فهي سياسة مدروسة ومخطط لها، تكررت في مدن ديالى وبيجي وتكريت وجرف الصخر، واليوم تتكرر بأعلى مدياتها في مدينة الفلوجة. ان عمليات القتل والحرق والاعدامات الجماعية والتعذيب والحصار التي تنظمها فصائل الحشد الشعبي ضد اهالي الفلوجة، هي من اجل كسر شوكة المخالفين والمعارضين لسلطة بغداد التي تريد تلك الفصائل حسمها لصالحها في المستقبل المنظور. وهي ضمن خطة مدروسة لترويع سكان المدن، وترويضها للسيطرة عليها في ما بعد مرحلة داعش. ان سياسة فصائل الحشد الشعبي، ضد سكان المدن المصنفة السنية، لا تختلف كليا، عن سياسة داعش او عن سياسة البعث اتجاه المعارضين السياسيين. فالعقاب الجماعي بكل الاشكال وبشتى الصنوف هو حلقة من الحلقات الرئيسية في تأديب معارضيهم او مخالفيهم.
ان العراق لن ينتقل الى بر الامان بعد داعش، بل ستتفاقم ازمة الاوضاع السياسية، وتتصاعد حدة الصراعات بين جميع اجنحة "العملية السياسية". والكل يحاول الفوز او تجيير الانتصارات على داعش لصالحه. وليس اشتداد حدة الصراع بين اطراف التحالف الشيعي، الا مقدمة لصراع اكبر تفتح ابوابه لمرحلة ما بعد داعش. ان تيار الاسلام السياسي وكي يحسم فوزه بالسلطة السياسية، مستعد لارتكاب المزيد من المجازر الدموية في العراق.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حيوان راكون يقتحم ملعب كرة قدم أثناء مباراة قبل أن يتم الإمس


.. قتلى ومصابون وخسائر مادية في يوم حافل بالتصعيد بين إسرائيل و




.. عاجل | أولى شحنات المساعدات تتجه نحو شاطئ غزة عبر الرصيف الع


.. محاولة اغتيال ناشط ا?يطالي يدعم غزة




.. مراسل الجزيرة يرصد آخر التطورات الميدانية في قطاع غزة