الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ومهما كان الثمن.. وكانت التضحيات سنمضي إلى الأمام

رفعت السعيد

2005 / 12 / 11
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان


فما بالنا ونحن أكثر عشاقها عشقاً لها ولترابها ولشعبها؟
ومهما كان الثمن.. وكانت التضحيات سنمضي إلى الأمام

إذا وقعت واقعة عظيمة لا تضحك، ولا تبكي، ولكن فكـِّر. (سبينوزا)
صلينا يا هموم فقد علمنا،
بأن الصلب صلب لا يلينا
لنا جلد علي جلد يقينا
إذا زاد البلا زدنا يقينا

(عبد الله النديم)

وها قد وقعت واقعة عظيمة فتعالوا كي نفكر معاً، لنحدد معاً أين كان الصواب وأين كان الخطأ؟
ولنبدأ بالمواقف السياسية.

* الموقف من الحكمكان إعلان الرئيس لتعديل المادة 76 مترتبا علي حملة واسعة قادها حزبنا للمطالبة بتعديلات جدية علي عديد من مواد الدستور، وتالياً لتحرك واسع شمل ما أسمي توافق أحزاب المعارضة الذي تشرف حزبنا بأن يكون رئيسه متحدثا رسميا باسمه. ومنذ اليوم الأول لإعلان قرار التعديل أكدنا إصرارنا على تعديل مواد أخرى وخاصة المادة 77، وحذرنا من أن يأتي التعديل مجهضاً للأساس الذي يجب أن يقوم عليه. وتابعنا مسار التعديل، وهاجمنا وانتقدنا وحذرنا وقاطعنا الاستفتاء. وكنا علي حق تماماً.
وعندما جرى الاستفتاء كشفنا ما به من عوار وتصدينا ورفضنا النتائج. وكنا على حق تماماً.
وعندما بدأت الانتخابات الرئاسية حذرنا من دور الكومبارس ورفضنا المشاركة.. وكنا علي حق تماماً.
وخلال مؤتمر الحوار الوطني رفضنا إجراء الانتخابات وفق النظام الفردي، وقلنا إنه تكريس لشراء المقعد البرلماني بالمال والبلطجة، وطالبنا بتعديل تجرى به الانتخابات علي أساس القائمة النسبية المفتوحة وحشدنا كل أحزاب المعارضة في هذا الاتجاه وكانت نتيجة التصويت علي الاقتراح 13 حزباً ضد حزب واحد هو الحزب الحاكم.. وقد حذرنا الحزب الحاكم من وهم يسيطر عليه وهو أن النظام الفردي أكثر فائدة في مواجهة المد الإخواني.. لكنه تمسك بالفردي لأسباب تتعلق بسوء التقدير لقدرات مرشحيه ولأجهزة الإدارة.. وقد أثبتت الوقائع أننا كنا على حق.
وخلال مؤتمر الحوار فتحنا ملف الإنفاق في الانتخابات. وحذرنا وكررنا التحذير من خطورة عرض مقاعد البرلمان في مزاد الإنفاق وتقدمنا باقتراح مكتوب يتضمن نصاً اقترحنا إضافته للقانون.. وافق عليه الجميع.. بما فيهم ممثلا الحزب الحاكم في الحوار. لكن تعديلات القانون أتت خالية من هذا النص، ويبدو أن البعض قد رتب لبعض أعضائه فرصاً للفوز عبر عملية شراء الأصوات، فأتي الآخرون لينفقوا أكثر فيشتروا مقاعد أكثر. ولقد أثبتت الأحداث صدق توقعاتنا فالمزاد الانتخابي كان مفتوحاً أمام كل من يدفع أكثر. وتفاقمت عملية البيع والشراء بسبب عملية الإفقار المتزايدة والتي طالت مساحات واسعة من المجتمع، وبسبب افتقاد المواطن العادي- وهو على حق تماما- لأي قدر من الثقة في المؤسسة البرلمانية باعتبارها تابعة للحزب الحاكم. وأمام الحاجة الملحة للمال ينسى المواطن الفقير من كان رمزاً، أو كان نزيها أو كان شجاعا أو كان معبراً عن طموحاته.. ينسى ذلك أمام مبلغ يعتبر بالنسبة له فرصة لا تعوض. وكنا من فرط سذاجتنا نقول لهم خذوا أموالهم وانتخبوا ما يمليه عليكم ضميركم، فإذا بالمشترين للمقعد يستخدمون الموبايل ذا الكاميرا كي يتأكدوا من أن الناخب قد صوت لهم بالفعل وبعدها يعطونه المعلوم. وكان ما كان ووقف الأمن متفرجاً ولجنة الانتخابات متفرجة علي هذه السيول من الإنفاق ربما لأن فتح الملف سيتجه به باتجاه من أنفقوا من رجالهم أيضا. وبطبيعة الحال كان موقفنا في هذا صائباً.
ورافق ذلك كله دفاع حماسي عن مصالح الجماهير وضرورة تحسين أوضاعه المعيشية والاجتماعية وهجوم حماسي أيضا علي سياسات الحكم الاقتصادية والاجتماعية.. وكنا في هذا الأقوى من بين كل القوي وكل الأحزاب.

* الموقف من جماعة الإخوان
وهو أمر واضح، بل وشديد الوضوح، لكن البعض إذ ينظر إليه عبر ثقب إبرة، أو يخضع لتحديد المواقف ليس علي أساس مدي صحتها أو خطئها وإنما علي أساس قوة الخصم أو ضعفه قد يهتز يقينه إزاء وضوح القضية.
ولنبدأ بالمفاهيم الأساسية: نحن حزب يساري؛ وطني؛ تقدمي، يؤمن بالتسامح الديني؛ وبحقوق المواطنة؛ وبالوحدة الوطنية؛ وبحقوق مكافئة للمرأة مثل الرجل؛ أليس كذلك؟ ومن هنا فإن علينا أن نحدد مواقفنا من أي طرف علي أساس توجهاته من هذه القضايا.
نحن حزب يؤمن بالعقل والعلم وحرية الإبداع الثقافي والفكري. ونحن حزب يؤمن بأن الاتجار بالدين في سوق السياسة أو الانتخابات خطأ وخطر. كنا كذلك، ولم نزل كذلك. ويتعين في اعتقادي أن نظل كذلك.
وقرارات مؤتمراتنا تؤكد علي ذلك أيضا فقرارات المؤتمر الرابع للحزب تقول وبوضوح ليست هناك إمكانية للمساومة والحلول الوسط والتنازلات في الصراع الفكري والإيديولوجي الضروري في مواجهة قوى وتيارات الإسلام السياسي التي تمارس العنف والإرهاب، أو التي تقدم نفسها كقوى سياسية وتطرح مقولات خاطئة ويعدد القراء أشكال هذه المقولات الخاطئة فيورد من بينها أن تمس حقوق المواطنة، أو تعطي للأغلبية الدينية حقوقا أكثر من غيرها، أو تفرض قيوداً علي التفكير العقلي والبحث العلمي وحرية الرأي والاعتقاد بإدعاء خروجه علي الدين، أو ترفض المساواة بين الرجل والمرأة.. ثم يقرر المؤتمر علي ضرورة تأكيد رفض الدولة الدينية والأحزاب الدينية والتمسك بالدولة والمجتمع المدني والديمقراطي الذي يستند إلى دستور مدني وقانون مدني يؤكد حق المواطنة لجميع المواطنين والمساواة التامة بينهم بصرف النظر عن الجنس والدين والعقيدة واللون، أو تقسيم المصريين علي أسس دينية، والإلحاح على شعار "الدين لله والوطن للجميع"؛ هذا هو قرار المؤتمر العام الرابع.
لكن أحدا لا يرغب في الاختباء خلف هذا النص.. وإنما نسأل أنفسنا وبوضوح هل يمكن أن نظل حزبا يساريا ووطنيا وتقدميا إذا تخلينا عن هذا النص وعن الواجبات المترتبة عليه؟ ذلك النص الذي يبدأ في حسم مؤكداً أنه ليست هناك إمكانية للمساومة والحلول الوسط والتنازلات.
ومع ذلك فلنسأل أنفسنا: إذا كان موقف ما صحيحاً، ويخدم مصالح الوطن، ويوضح رؤيتنا لمصر المستقبل فهل نطرحه لأن الخصم ضعيف، ثم نخفيه ونتنكر له لأن الخصم قد أصبح قويا.. أم العكس.
إن معيار القوة يختلف تماماً عن معيار الصحة. ثم إذا قويت جماعة الإخوان وسكتنا، واستقوي الحزب الحاكم بأي مصدر للقوة وسكتنا فماذا نقول؟ بل ولماذا نبقي؟
ولقد حدث أن رفعنا صوتنا إلى أقصى مداه ضد الحكم وكنا علي حق، ولم نحصل علي أي مقعد في البرلمان بسبب من ضغوط الحكم فهل كان الأصوب ساعتها أن نسكت علي سطوة المتغلب ونخضع أو نركع أو نتهادن؟ وهل كنا سنكون أفضل في نظر الشعب أو نظر الوطن أو في نظر أجيالنا المقبلة التي قد تعاني أضعافاً مضاعفة إذا ما تهادننا.. أليوم أو غداً؟
وعلي أية حال فإننا في مواقفنا لم نسيء إلي أحد، ولم ننكر حق أحد في الاشتغال بالسياسة ولا في الترشح ولا في الفوز ولكن طالبنا بما يليه علينا ضميرنا الوطني والحزبي، وطالبنا بإيقاف سيول الإنفاق والبلطجة، وبإيضاح المواقف من قضايا الوطن والمواطنين، وبتحديد المواقف من أخطاء ومواقف وأفكار وممارسات وقعت فيها الجماعة في الماضي وتأبي حتى الآن أن تنتقدها. ولعل التمسك بهذه المطالبات تزداد الحاجة إليه مع ازدياد صعود الجماعة.. فالخطر يصبح أكبر وأفدح.. وسيزداد خطورة لو تهادنا وصمتنا، أم ماذا؟ وليس من حق أحد أن يطلب منا أن نصمت ونتراجع لأن جميع الآخرين صمتوا وتراجعوا وتهادنوا.. فمنذ متى كنا نتخذ الموقف الذي يتخذونه، كنا دوماً نتميز بموقف مبدئي.. فهل نتخلى حتى عن هذا الموقف المبدئي؟ وماذا يبقى لنا؟

* وماذا عن الأداء الانتخابي؟
قدمنا برنامجاً متميزاً، ونشط مرشحونا نشاطا لفت أنظار الجميع وكان العاملون بالمقر المركزي على أعلى مستوى من التفاني والكفاءة والعطاء، وقادت العملية الانتخابية لجنة جماعية اتسم أداؤها بالكفاءة. وكانت مؤتمراتنا الانتخابية فرصة كي يعلو فيها صوت الحزب وقياداته ومرشحوه مناجيا الشعب والوطن مبشراً بفجر جديد لمصر..
لكنني ولكي أكون واضحا أقرر وبوضوح أن الانتخابات قد كشفت عن بعض خلل في أوضاعنا التنظيمية لعله لعب دوراً ما في ضعف أداء بعض مرشحينا وخاصة فيما يتعلق بعدد العضوية وانتشارها الجغرافي وبتأخر الاستعداد الانتخابي لبعض مرشحينا، وأوضاع تنظيمية أخرى أعتقد أنها يجب أن تكون محل دراسة متأنية ومعالجة حاسمة.
وعموما كان الأداء جيدا، وكان أيضا كاشفاً لأوضاع سيتحتم معالجتها. وكلا الأمرين مفيد للغاية.
ويبقي أن نسأل وبصوت مسموع. وماذا بعد؟
وأود أولا أن أقرر أننا تمسكنا بالقيم وبالمبدأ في ظل أوضاع لم تعد تهتم لا بالقيم ولا بالمبادئ.
وتمسكنا ببرنامج وطني تقدمي ديمقراطي في إطار لم يعد يعرف سوي لغة واحدة هي لغة المال.
وتمسكنا بالديمقراطية بينما البعض حاول أن يخيفنا منها، لكننا لن نخاف أبداً من الديمقراطية شريطة أن تأتي في إطار صحيح ومتكامل.
وتمسكنا بالوحدة الوطنية وسنظل متمسكين بها، لأنها طوق نجاة لمصر.
وباختصار فإننا سنظل نافذة هذا الوطن علي المستقبل. وطريقه أيضا إلي هذا المستقبل. ومع تراجع الكثيرين وخوفهم وتهافتهم سيكون العبء علي كاهلنا أفدح.. ونحن لها.
نحن لها.. لن نتردد لا إزاء ضغوط، ولا نتائج لا تعبر عن الواقع.. ولا عن موازين القوى.
سنظل معتزين بمواقفنا ومبادئنا، وحتى معتزين بفقرنا الذي جعل مرشحينا يواجهون بقروشهم ملايين اشترت ذمما ومقاعد برلمانية، وأفسدت مناخاً هو فاسد بطبعه وبحكم تكوينه.
سنظل رافعين رايات هذا الشعب، فقرائه وكادحيه، وكل من لا يجد دخلاً يكفيه أو سكنا يأويه.
وسنظل نرفع راية الحق والحقيقة.. وراية العقل وحرية الفكر وحقوق المواطنة المتكافئة.
وسندفع ثمنا لذلك كله.. أعرف. وأعرف أننا مستعدون لدفع هذا الثمن.. فكل ما يمس الوطن ومستقبله والشعب وسعادته يستحق منا التضحية بأي شيء وبكل شيء.
فما كنا ولن نكون إلا ابناء لهذا الوطن وخداماً لهذا الشعب..
كنا هكذا، وسنظل هكذا.. مهما كان الثمن ومهما كانت التضحيات ومهما تجبر الآخرون..
فنحن متحصنون بالشعب وبضمائر لا تعرف المساومة، وبقيم ومبادئ ليست للبيع ولا للشراء.
فهيا يا كتيبة حزب التجمع.. لننهض من جديد، ولنواصل معركتنا.. فهي سبيلنا لكي نستحق أن نكون مصريين حقاً ووطنيين حقا وتقدميين حقاً.
وكم ذا يكابد عاشق ويعاني
في حب مصر كثيرة العشاق
فما بالنا ونحن أكثر عشاقها عشقاً لها ولترابها ولشعبها؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اجتماع مصري إسرائيلي أميركي مرتقب بشأن إعادة فتح معبر رفح| #


.. المتحدث باسم الخارجية الأميركية لسكاي نيوز عربية: الكرة الآن




.. رئيس مجلس النواب الأميركي يعلن أن نتنياهو سيلقي كلمة أمام ال


.. أربعة عشر متنافسا للوصرل إلى كرسي الرئاسة الإيرانية| #غرفة_ا




.. روسيا تواصل تقدمها على جبهة خاركيف وقد فقدت أوكرانيا أكثر من