الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التقرير الثاني، وبداية الضغوط الجدّية على سوريا

سامر عبد الحميد

2005 / 12 / 11
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


أيام قليلة تفصلنا عن إصدار "الطبعة الثانية"،والمنقّحة من تقرير اللجنة الدولية المكلفة بالتحقيق في جريمة اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق "رفيق الحريري".
وكما هو متوقع،فإن السيد "ميليس" رئيس اللجنة سيقوم بتجديد التأكيد على عدم التعاون السوري "الكامل" معه.إضافة للتلويح،كما فعل في تقريره الأول،بامتلاك اللجنة لأدلة "مستترة"،تؤكد تورط بعض الرموز الأمنية العليا للنظام بجريمة الاغتيال!.

وبصدور التقرير الثاني،تكون الجولة الأولى من الحرب المعلنة من قبل الـ"شرعية الدولية" بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية،ضد النظام السوري،قد انتهت.
وبانتظار ما سيتمخض عنه تقرير "ميليس" الجديد،فإنه يمكننا الاعتقاد بأن النظام السوري قد استطاع التملّص مؤقتاً من ضغوط الجولة الأولى ،خصوصاً إذا أخذنا بعين الاعتبار الاختلال الكاسح بموازين القوى لصالح التحالف الباحث عن "الحقيقة"!!.
وللمفارقة!،فإن أول ضحايا هذه المعركة التي كان يقودها "ميليس"،هو "ميليس" نفسه!،الذي فاجأ الجميع بإعلانه عن تنحيه عن منصبه بعد صدور التقرير القادم.

ولقد لعبت "البروباغندا"السورية بالتأكيد دوراً كبيراً في الضغط على "ميليس"،وتشويه صورته،والمس بشكل أو بآخر بنزاهته.
كما استطاع الإعلام السوري توظيف براعته الديماغوجية المعروفة في تفكيك الألغام التي نثرتها لجنة التحقيق في طريق النظام ،والعمل على تشكيك الرأي العام بمصداقية الشهود الذين بنى "ميليس" تقريره على إفاداتهم(الصدّيق،المقنّع هسام….).
إضافة إلى عوامل أخرى تتعلق بتسييس التقرير،وتدخل الولايات المتحدة بشؤون وتفاصيل مجرى التحقيق.وكذلك برغبة ألمانيا الابتعاد بنفسها وبمحققها عن "المستنقع القذر" الذي تدور فيه رحى معركة لا مصلحة لها فيها.

كما لعبت بعض الظروف الموضوعية أدواراً هامة في تحقيق "النصر "السوري على "ميليس" ، كالفضائح المتتالية للإدارة الأمريكية،وتدهور الوضع في العراق،وانهيار شعبية "بوش" إلى مستوى قياسي.كذلك أحداث الضواحي في فرنسا وهبوط شعبية" شيراك" أيضا،وهو الحليف القوي للرئيس الأمريكي في معركة الضغوط على النظام السوري المشاكس.
ولا ننسى في هذا المقام الدور الروسي الهام في الحد من العربدة الأمريكية.
كل هذا أدى كما نعرف إلى أن تتجاوز دمشق أولى مطبات ورطتها بنجاح.
غير أن مشوار الضغوطات الأمريكية لم يكد يبدأ بعد.
فالمصالح والأهداف الاستراتيجية للولايات المتحدة أكبر من أن يوقفها نصر صغير لنظام متمرد كالنظام السوري،وبالتالي فإن التوقعات تشير إلى مستوى أسخن للأحداث مع صدور التقرير الثاني،وبالتالي فإن من يراهن على انتصار نهائي للنظام السوري على "الإرادة الدولية"،وضمن المعطيات الحالية، لابد من أن يكون مراهنا على حصول معجزة…في عصر خال من المعجزات!.
لا يعني هذا بأن الحكومة السورية عاجزة عن التقليل من الآثار المدمرة الناتجة عن الضغوط الدولية.
لكن نجاحها متوقف بالضبط على حسن إدارتها لهذه الأزمة.بعنصريها:الخارجي والداخلي.
فعلى صعيد الخارج،لابد من الانحناء المؤقت والذكي للعواصف الأمريكية العاتية،ومحاولة الاستفادة بمهارة من نقاط الخلاف بين الولايات المتحدة وبقية الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن(روسيا،الصين،فرنسا..) ،والسعي الحثيث لفهم المتطلبات الأمريكية ومصالحها في المنطقة وبالتالي محاولة التأقلم معها بأقل قدر من الخسائر.كما عليها إيقاف التصعيد الإعلامي الموجه تجاه الاحتلال الأمريكي للعراق.ومحاولة تجنب افتعال أية أزمات إعلامية مع القوى اللبنانية وحكومتها.والإعلان عن الرغبة الصادقة في دفع عملية السلام دون شروط مسبقة…..
أما على صعيد الداخل،فإن المحور الرئيسي الذي ينبغي للحكومة السورية أن تعمل عليه لدرء المخاطر الداخلية،يتمثل في العمل الجاد والحاسم على تحسين أداء الاقتصاد،ومكافحة الفساد دون هوادة.ومحاولة تحسين مستوى المعيشة بشكل إسعافي عاجل.
إضافة إلى ضرورة العمل على تمتين الوحدة الوطنية تمتينا "حقيقيا"،عبر انفتاح كامل على القوى والأحزاب الوطنية،وإعطائها هامشا للحركة ،وتحميلها قسطا من مسؤولية مواجهة الضغوطات الخارجية.
كما أن إعلانا عن عفو عام عن السياسيين المعتقلين،وسرعة إصدار قانون للأحزاب،يمكن له في الفترة الحرجة القادمة أن يكون له رد فعل طيب ليس على صعيد الداخل فقط،وانما على صعيد الرأي العام العربي والدولي.وربما كان له أثر إيجابي نوعا ما على صعيد توجيه رسالة إيجابية لدول أوروبا وبالأخص فرنسا.
إذاً على الحكومة السورية إنجاز الكثير من متطلبات المرحلة وفي سرعة قياسية.
هذا إن أرادت إنقاذ النظام والشعب من الآثار الكارثية التي يمكن أن تنتج عن المواجهة الخطرة مع أعتى الإمبراطوريات التي عرفها التاريخ…وأقذرها!.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بعد قضية -طفل شبرا- الصادمة بمصر.. إليكم ما نعرفه عن -الدارك


.. رئيسي: صمود الحراك الجامعي الغربي سيخلق حالة من الردع الفعال




.. بايدن يتهم الهند واليابان برهاب الأجانب.. فما ردهما؟


.. -كمبيوتر عملاق- يتنبأ بموعد انقراض البشرية: الأرض لن تكون صا




.. آلاف الفلسطينيين يغادرون أطراف رفح باتجاه مناطق في وسط غزة