الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أقليات الشرق وخداع الحداثة

عبدالجواد سيد
كاتب مصرى

(Abdelgawad Sayed)

2016 / 6 / 15
مواضيع وابحاث سياسية


أقليات الشرق ، وخداع الحداثة
لقد جرت العادة ، فى الشرق الأوسط ، أن نتحدث دائماً عن جريمة الأغلبية ، الظالمة للأقليات الدينية ، لم نتطرق يوماً ، إلى جريمة هذه الأقليات فى حق نفسها ، وفى حق المجتمعات التى تعيش فيها ، وذلك من خلال تبنيها ، لمشروع سياسى ، أكثر طائفية وعنصرية من مشروع الأغلبية ، فبعكس الأقليات الدينية ، التى عاشت فى أوربا خلال عصر الأنوار مثلاً ، وآمنت بالحداثة ، وبالحرية والإخاء والمساواة ، وإتخذت من أوطانهاً وطناً ، تجاوزت به إنتمائاتها الطائفية ، وحفرت لها مكاناً فى مجتمعاتها ، وإنصهرت فيها ، نجد أقليات الشرق ، وبشكل عام ، تناور بمشروع الحداثة والوطن الواحد ، حيث تؤمن به عندما تكون فى موقع الضعف ، لكنها سرعان ماتكفر به إذا رأت نفسها فى موقع القوة، إن مرور سريع على أحداث السنوات الأخيرة ، يمكن أن يؤكد لنا ذلك .
لقد عاش اللبنانيون المسيحيون ، يكتبون ويترجمون ويتحدثون ، عن حضارة أوربا والأوربيين ، وعن الحداثة والتنوير ، حتى أصبحت بلادهم ، قلعة التنوير الأولى فى الشرق الأوسط فعلاً ، ولكنهم عندما تقاتلوا سنة 1975 ، لم يتقاتلوا على حداثة ولاتنوير، ولكن على الدولة الطائفية ، وحتى وبعد أن إنتهت الحرب ، وأصبح هناك مشروع لتأسيس الدولة اللبنانية الوطنية ، فقد إختاروا فى النهاية ، أو إختار معظمهم ، نموذج الدولة الإيرانية الطائفية ، وقد عاش الأقباط المصريون ، يقاتلون تيار الإسلام السياسى السنى ، بكل قواهم ، من أجل الدولة الحديثة والوطن الواحد ، ولكنهم ، وبمجرد أن بزغ نجم تيار الإسلام السياسى الشيعى ، تخلوا عن مبدأ الكفاح من أجل ذلك الوطن الحديث الواحد ، الذى حملوا راياته مع ثورة 1919، وألقوا بكل قواهم خلف تيار الإسلام السياسى الشيعى، وراحوا يؤكدون على كونهم أقلية دينية ، منفصلة عن نسيج الوطن المسلم ، وعلى بطلان شعارات ثورة 1919 ، وفساد قياداتها المسلمة والمسيحية ، أملاً فى الإنضمام إلى مشروع تمكين الأقليات ، الذى يرعاه ملالى الثورة الإيرانية ، ولقد عاش شيعة العراق يشتكون من ظلم نظام صدام حسين السنى ، وإرتدوا أثواب الشيوعية تارة ، والحداثة الأوربية تارة أخرى ، حتى إذا آلت إليهم السلطة ، بعد زوال نظام صدام ، نسوا كل ذلك ، وإختاروا طريق إيران الطائفية ، وبدأوا فى إضطهاد شركائهم السنة ، ولقد فرض علويى سوريا الأقلية أنفسهم على شعبهم، بقوة الشعارات القومية الزائفة تارة ، وبقوة السلاح تارة أخرى ، ومازالوا مصممين على ذلك حتى اليوم ، حتى ولو إحترق العالم ، ولقد عاش حوثيى اليمن يشتكون الفقر والتهميش ، حتى إذا سنحت لهم الفرصة ، أرادوا الإستيلاء لأنفسهم على الوطن كله.
إن المشهد على هذا النحو سوف يقودنا تلقائياً إلى إدراك ، أن أقليات الشرق هى جزء من المشكلة ، بعكس أقليات الغرب ، التى كانت جزء من الحل ، سوف ندرك أيضا ، أنه ، وكما خرج الإرهاب من تيار الأغلبية ، فإن الذى يقاتل هذا الإرهاب ، هو تيار الأغلبية أيضاً ، وإن العقبة الحقيقية التى يواجهها إرهاب الأغلبية ، هى أن مقاومته تنبع من داخله ، بينما لو ساد إرهاب الأقلية ، فلن يكون هناك من داخله ، أى رفض أو مقاومة. أن أقليات الشرق لاتستحق كل هذا العويل والتعاطف ، وأنه من الأحرى لها ، أن تقاتل معنا من أجل عالم أفضل ، عالم بلاهوية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - المشكلة بالشرق ليست الاقلية انما تعصب الاكثرية
ماري مارديني ( 2016 / 6 / 15 - 09:01 )
تحية لدي ملاحظة يمكنك ان تعتبرها عابرة لكنني اراها هامة جدا و هي ان الفرق بين الغرب و الشرق في التعامل مع الاقليات يختلف من حيث القانون الغربي الذي يساوي بين الجميع و النظام الذي تجاوز القوميات و الاديان في التعامل مع الافراد سواء منذ المنهاج المدرسي و قبله التربية المنزلية الى دوائر الدولة و المناطق السكنية و العلاقات الاجتماعية فلا يفرقون بين احد و يفكرون بالعقل لاجل الحياة الافضل،مع ذلك الاقلية ما زالت متعصبة بالغرب
مسيحين لبنان و غيرها والاقباط يتعاملون بالفكر و الورقة و القلم بمحبة ليعبرون عن فكرهم و لا يفرضون ارائهم و مبادئهم بالقوة و لا بالتسلط و لا بتجاوز القانون مع ان القانون بالبلاد العربية فيه تفرقة ببعض الامور بين الاديان . هذا رأيي من ناحية الاقليات الدينية المسيحية . فالمسيحيين و منهم الاقباط لا يتعاملون بالسلاح مع الغير لكن الغير يراهم غرباء و يعاملهم على هذا الاساس مع انهم اهل الدار و نورها فكريا و ثقافيا حتى بالتعامل مع الخلافات يسلكون بمحبة وعقل و فكر و انسانية ووطنية بكل تجرد عن الدين، الواقع و التاريخ يشهد لهم .الفكر و العمل حداثة لا البندقة و لاالقسوة حداثة


2 - رد على الأستاذة مارى ماردينى - التعليق رقم 1
عبدالجواد سيد ( 2016 / 6 / 15 - 10:53 )
نظرة حضرتك مثالية ظاهرية ليس لها علاقة بالواقع الخفى تحت السطح. الأقليات الأوربية وبالتحديد فى عصر الأنوار واليهود بشكل خاص آمنت بالحداثة مع المجموع المسيحى وليس على سبيل المداراة يكفينا أن سبينوزا نفسه مؤسس المدرسة العقلية كان يهودياً ولاحاجة لذكر ماركس وفرويد وأنشنتاين. أقليات الشرق أكبر عائق للحداثة الحداثة تعنى لديها معاداة الإسلام فى المقام الأول وليس مناصرة الثورة العقلية على نحو ماحدث فى أوربا. أوربا فى العصور الوسطى وبدايات العصور الحديثة كانت لاتختلف عن الشرق المسلم فى التمييز والعنصرية ولكم عندما أراد الجميع الخروج من ذلك النفق المظلم خرجوا جميعا بصدق وإخلاص، أكثرية وأقلية ، وهذا غير قائم مع أقليات الشرق ، أقليات الشرق تناور وتخادع ، وقد ضربت مثلاً بالحرب الأهلية اللبنانية ، كان بشير الجميل يضع فى سيارته جماجم من قتلهم من الفلسطينيين ، ولازال بشيرمثلاً أعلى بين كثير من مسيحى لبنان حتى اليوم ، أما عن أقباط مصر ، فلا تقلقى ، فسوف يحملون السلاح، اليوم أو غداً ، وعندما تتوفر الظروف الموضوعية


3 - الاقليات بالشرق رمز الحداثة لذلك يظطه
ماري مارديني ( 2016 / 6 / 15 - 22:17 )
استاذ عبد الجواد اين الثورة العقلية لدى العرب هل ترى ثورة العرب!و ترى ما يحصل في العراق و ما يجري على اقلياته بكل مدنه؟ و ما يحدث للاقباط و للاقليات السورية هذه حالات واقعية مكررة تكشف عمق التفرقة العربية أترى الواقع و عمقه؟! لماذا لا يحق لليهودي العربي ان يخدم في جيش بلده؟ اليس مواطنا عربيا؟ لماذا لا يوجد رؤساء وزارة و جمهورية مسيحيين لدى العرب؟ الا ترى تدمير و تشويه الكنائس و اهانة رموزها من قبل ناس يخططون لذلك.هل كفرهم احد؟ و مع ذلك فالمسيحيين لا يردون بذات الطريقة و لا اقباط مصر . يجب ان يقوم نظام علماني يرى مواطنين متساويين بالواجب و الحق عند العرب اما الان فالعرب قبائل و اديان و غزو و مجتمعات عديدة في مجتمع واحد ..و مع ذلك سوف لا يحمل قبطي و لا مسيحي سلاح ضد اخيه المواطن من غير دين لان العقل و السلاح لا يجتمعان. ليست نظرتي مثالية ظاهرية انما واقعية عميقة. و من بشير! هو فرد لا يمثل المسيحيين. بل مسيحيين الموصل و بغداد- نون- المشردين و المخطوفين و المقتولين و المغتصبين و مثلهم مسيحيين سوريا و الاقباط كشعب اقلية مضطهد هم المسيحيين و هم الوعي و النور و الحداثة المكروهة عند البعض


4 - الاقليات بالشرق رمز الحداثة لذاهم مضطهدين
ماري مارديني ( 2016 / 6 / 15 - 22:23 )
استاذ عبد الجواد هل تسمع اخبار؟هل ترى ثورة العرب!و ترى ما يحصل في العراق و ما يجري على اقلياته بكل مدنه؟ و ما يحدث للاقباط و للاقليات السورية هذه حالات واقعية مكررة تكشف عمق التفرقة العربية أترى الواقع و عمقه؟! لماذا لا يحق لليهودي العربي ان يخدم في جيش بلده؟ اليس مواطنا عربيا؟ لماذا لا يوجد رؤساء وزارة و جمهورية مسيحيين لدى العرب؟ الا ترى تدمير و تشويه الكنائس و اهانة رموزها من قبل ناس يخططون لذلك.هل كفرهم احد؟ و مع ذلك فالمسيحيين لا يردون بذات الطريقة و لا اقباط مصر . يجب ان يقوم نظام علماني يرى مواطنين متساويين بالواجب و الحق عند العرب اما الان فالعرب قبائل و اديان و غزو و مجتمعات عديدة في مجتمع واحد ..و مع ذلك سوف لا يحمل قبطي و لا مسيحي سلاح ضد اخيه المواطن من غير دين لان العقل و السلاح لا يجتمعان. ليست نظرتي مثالية ظاهرية انما واقعية عميقة. و من بشير! هو فرد لا يمثل المسيحيين. بل مسيحيين الموصل و بغداد- نون- المشردين و المخطوفين و المقتولين و المغتصبين و مثلهم مسيحيين سوريا و الاقباط كشعب اقلية مضطهد هم المسيحيين و هم الوعي و النور و الحداثة المكروهة عند البعض هذا الواقع


5 - الأستاذة مارى الرد على التعليق رقم 2
عبدالجواد سيد ( 2016 / 6 / 15 - 23:53 )
الثورة العقلية التى أقصدها هى تلك الثورة الذى يقوها زملائك الكتاب فى الحوار المتمدن على سبيل المثال والتى انصح حضرتك بالإنضمام إاليهم . هذه هى النقطة الأولى النقطة الثانية شديدة الوضوح وهى خاصة بالإضطهادات التى تقع على الأقليات بمختلف مذاهبها من قبل السسلمين لاحظى حضرتك من قبل المسلمين لقد جعلت كل المسلمين إرهابيين نسيت أن الذى يتصدى لهؤلاء الإرهابيين هم مسلمين أيضا ، معظم الذين يموتون يوميا من ضباط وجنود فى سيناء المصرية على سبيل المثال فى مواجهة الإرهابيين هم مسلمين أيضاً لكن حضرتك تعرفى المسلم الإرهابى فقط لاترى عينيك سوى المسلم الإرهابى فقط لاترى عينيك المسلم الذى يدفع الثمن أكثر مما تدفعين تماما كما لاترى المسلم الذى يقود التنوير والحداثة ولا شباب المسلمين الذين أسقطوا الإخوان وحرقوا مقراتهم معرضين حياتهم للخطر تعرفين المسلم الإرهابى فقط ولن تعرفين المسلم الآخر أبدا أبدا وهذا هو جوهر ماقصدته بمقالى بالضبط ، داخل المسلم السنى توجد كل الفصائل من إرهابى إالى مقاوم الإرهابى ولكن داخل الأقليات يوجد الخضوع التام لسلطة الدين ورجاله يوجد الإرهاب الكامن ولايوجد المقاوم لذلك الإرهاب أبدا !


6 - ااعرف ماذا تقصد
ماري مارديني ( 2016 / 6 / 16 - 06:54 )
و من قال اني اعمم على المسلمين . المسلمين اعرفهم اصدقائي و زملائي ،ليس الارهابيين . انت عممت على المسيحيين من خلال مثالك عن بشير! فأتيت لك بمثال عن اعداد هائلة خربوا العالم العربي و انتشروا بكل العالم و اتوا من كل العالم المسلم الى البلاد العربية للحرب و ليس للفكر ألم تراهم مقابل مثالك عن بشير! و لم اعمم عن المسلمين كافة لانني لا اتعامل مع الانسان على اساس دينه انما على اساس فكره و ليس كل المسلمين سواسية ايضا . مقالك عدائي للاقليات . طبعا يموت مسلمين اكثر من المسيحيين بسبب ان نسبة عددهم كعدد سكاني بالعالم العربي اكثر بكثير من غيرهم الا ترى ان لولا الاقليات لما حدثت نهضة فكرية بالعالم العربي . لكن عندما لا يكون الفكر مرحب به فإن الاقليات لا يجبرون الاخر بالقوة على سماع رأيهم و العمل به لانهم يسعون للخير و ليس للشر. الفكر السليم لا يرى فرق بين مسلم و غير مسلم لان العقل هو الاساس. العقل قبل الدينمع الاحترام للدين و قدسيته .. الفكر و العقل و النفس الايجابية اولا .مع التحية


7 - الرد الثالث والأخير على الأستاذة مارى ماردينى
عبدالجواد سيد ( 2016 / 6 / 16 - 09:57 )
عدائى للأقليات الحالية لاينكر ، وهو ناتج عن أمثلة التناقض التى شرحتها فى مقالى مثل مثل ، ولو ظلوا أصحاب فكر ومبدأ كما عهدناهم ، لما كان هذا العداء أصلاً ، بل لظلوا لنا مثالاً وقدوة ، تحياتى أستاذة مارى وشكراً على إهتمامك ،


8 - تلك ملاحظتي العابرة و ليس اهتمام
ماري مارديني ( 2016 / 6 / 16 - 19:43 )
اهتماماي هو بالفكر و المبدأ الذي اثبت ان ـ العدائية و الفكر نقيضين ـ الاقليات اصحاب مبدأ و فكر فهم لا يعادون انما يحاورون بفكر و عقل و منطق بمبدأ و اسلوب و هدف ايجابي لذلك هم قدوة كانوا و ما زالوا و سيبقوا و القدوة بالعقل و الفكر و المبدأ و هذا لا ينفع مع العدائيين لان القدوة لديهم سلاح و عداء عندما لا يقدرون على الحوار المنطقي.هذه كانت ملاحظتي العابرة و ردي الاخير على موضوعك. و من له فكر يفهم
ايضا تحية بنهاية ردي الاخير


9 - ردى الأخير على ألأستاذة مارى
عبدالجواد سيد ( 2016 / 6 / 17 - 03:11 )
شكراً على ملاحظاتك العابرة ولقد قصدت أننى قلت ماعندى فى هذا المقام فقط ولكن طبعاً للحوار بقية فالمعركة مازلت فى بدايتها. أرجوا من حضرتك محاولة الإطلاع بين الحين والآخر على كتابات زملائنا الثمانية أو التسعة آلاف كاتب فى الحوار المتمدن لتعرفي من هو الذى يخوض المعارك الكبيرة ومن الذى يخوض المعارك الصغيرة؟ من هو الذى يعمل لصالح كل الناس ومن هو الذى يعمل لطائفته فقط . ربما تدركين حينئذ مالذى قصدت من مقالى ، ربما أيضا وهذا حلم صعب ولكن ليس مستحيلاً ، وهو أن تنضمى إلينا فى النهاية . تحياتى

اخر الافلام

.. مقتل حسن نصر الله: الأحزاب السياسية في لبنان تواصل إصدار بيا


.. صفارات الإنذار تدوي في شمال إسرائيل وشوارع خالية من السكان




.. كيف يبدو المشهد في المنطقة بعد مقتل حسن نصر الله؟


.. هل تنفذ إسرائيل اجتياحا بريا في جنوب لبنان؟ • فرانس 24




.. دخان يتصاعد إثر غارة إسرائيلية بينما تصف مراسلة CNN الوضع في