الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رسالةٌ إليكِ - قد مضى وقتٌ طويل ولم ترسل بعد

عبد الرحمن جاسم

2005 / 12 / 12
الادب والفن


أكتب لكِ، ومنذ زمنٍ لم أفعل، لا أدرِ ماذا أقول، هناك تأرجح للكلمات على شفتي، وهناك شعور مشعٌ بالفرح... كل الخطوات البعيدة قريبة، كل الأحلام بمتناول يد... كل الموسيقى همس، حتى الأغاني هي تواتر للفرح...
لا أدرِ أرى كل شيءٍ جميلاً...
يفرحني أنكِ بجواري، ويفرحني أكثر أنني أفهمك، وأنت من ساعدني على هذا الأمر، أفرح كثيراً؟ نعم... لابد أن أفرح كثيراً، لأول مرة أحس بقربك الشديد إلي... لربما أحتاج أن أتوقف عن هذه اللحظات الجميلة من حياتنا الطويلة، معاً...
لابد أن أكون أنا، وتكونين أنتِ، لا بد أن هذا قدرنا الجميل، لابد أن هذا هو الحلم الذي يتأرجح دائماً في عقولنا، وقلوبنا معاً... ما الذي يسكننا ويربطنا إلى هذا الحد... قبل أيام حدثتكِ كيف أنني كنت أفكر أنني ذات يوم كنت في البقاع، بعيداً عن بيروت، في الخامسة عشر من عمري، ولم أكن أعي ولو لثانيةٍ واحدة أن ترتبط حياتي بشخص بعيد جداً عن مكان سكني، وتفكيري، ونظري، وحتى وجهات نظري... كان الأمر مدهشاً، كم أن الدنيا متغيرة، وكم تحمل من التغيير...
بثوانٍ أصبحت مفتوناً بقمر... بثوانٍ أصبحت مسحوراً... وصرنا قريبين من بعضنا إلى حد التطابق، صار كل شيءٍ يشبهنا، حتى حينما كنت أحزن منكِ، كنت أحزن علينا، كنت أحس بأنني أحزن مني وعلي... لم أكن أعرف كيف يمكن التخلص من شعور بهذا الحد، شعورٍ إلى هذا الحد...
كان الشعور جارحاً ومعالجاً في آن... تستطيع أن تحتمله تنجو، وإن تألمت تنجو... كان التناقض ذروة الأشياء، كان التناقض ذروة الجمال...
وكنت أعرف أن نهايتنا تشبه هكذا... وكنت أعرف أننا سننتهي عاشقين، كنت أعرف أن حياتنا ستغدو جميلة، وكل الخطوات التي تبعد عن ناظرنا ستصبح يوماً قريبةً من أقدامنا، إن تحركنا قليلاً...
كنت أعرف، أنك أقرب لي من أي شخص، كنت أعرف أنني أحبكِ لأنكِ أنت...
"ولكن كان هناك لحظات شتاء، لحظات يصيبنا فيها صدأ البرد، وخوف الجليد، ومزج الشعور بالمرار... فتصبحين خائفة، وأضحي مرتجفاً... تصبحين وردةً متجمدة، وأصبح قمراً مظلماً... وتكون كل مدني سراب...
واستمر الأمر... وبات الظلام يلف الناس، ويقتل كل العشاق السعداء، وصار الحلم ضرباً من المستحيل، كلما ولدٌ طفلٌ قتلته الأنواء، كلما حبلت النساء بالأماني استحال الخوف مسكناً... كل الأشياء صارت لاتشبه أسمائها... حتى إذا ما ندهت قمر، بكى الناس... لأنهم توقعوا قدوم الذئب...
وصارت الوحوش ترتع في كل مكان، وترعى العشب الأخضر، كما ترعى الخراف... صار كل شيءٍ أحمراً قانياً... مخيفاً... كل شيءً صار ينبئ بهول المصيبة، وخوف فقدان المكان... وصار الاهتزاز عنيفاً...
ثم مد الله يده الحانية، مجسداً... أو غير متجسد... مد يده، وارتاح المكان... وسكن كل شيء، وظهرت الشمس، وقوس قزح... بلا مطر... وكان ما كان... وأصبح الظلام ماضياً... فبات الحاضر مقياساً للأحلام...
خرج الناس من خلف السحب، خرجت كل الحيوانات... الخوف أصبح ذكرى... وكل ما كان...
وحتى ثياب الفارس الصدئة باتت جديدة، هو ينظر إليها غير مصدق، غير متأكد، يمد يده، يتأكد، يكاد لا يقول شيئا، يكاد يموت من شدة الفرح، ينظر للبعيد... هل هي يد القمر... هل هي يد القدر... أم أنه الله متجسداً...
ماذا يكون؟
الفارس محتارٌ، كأن ما حدث حلم، كأن ما كان لم يكون... ما الحقيقة، هل مررنا حقاً بهذه التجارب، هل كنا هناك حقاً، هل نشبه حقاً من كانوا هناك... الفارس لا يصدق نفس الكلام، مستحيل أن نكون هم... مستحيل...
يقترب، من أميرته، لا تزال هي آخذةً شكلها النوراني، شكلها الحقيقي، لا تبتعدي ارجوك... ينده... هي تنظر إليه، ببطء شديد... وتكون حلماً، وتكون الحقيقة، وتكون كل الأشياء... وتكون كل الأشياء، لتكتمل الأسطورة...ونصبح بداية لقصةٍ لا تنتهي...". هذا ما تمنيت دائماً أن أوصله لكِ، ما تمنيت أن يصلكِ مني، ما تمنيت أن يصلنا معاً... هذا ما تمنيت ويكفي...
أشكركِ أميرتي، من كل قلبي، أشكركِ... لربما أنا أحياناً لا أفهمكِ... لكنني أحاول... لذا فاعذريني إن أخطأت، وأنا أبادلك نفس الإيمان... ويكفي... وداعاً








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شاهد: دار شوبارد تنظم حفل عشاء لنجوم مهرجان كان السينمائي


.. ربنا سترها.. إصابة المخرج ماندو العدل بـ-جلطة فى القلب-




.. فعاليات المهرجان الدولي للموسيقى السيمفونية في الجزاي?ر


.. سامر أبو طالب: خايف من تجربة الغناء حاليا.. ولحنت لعمرو دياب




.. فيديو يوثق اعتداء مغني الراب الأميركي ديدي على صديقته في فند