الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تخلي المركزي التونسي عن دوره الوطني هو المتسبب الرئيسي في إنهيار سعر الدينار

محمد نجيب وهيبي
(Ouhibi Med Najib)

2016 / 6 / 16
الادارة و الاقتصاد


ازمة التدهور الفجئي للدينار التونسي ليست حقيقية (الفجئية) أو ليست كما تبدو عليه ، فهي في جزء كبير منها قديمة مُتجدِّدة ، حيثُ أن إنخفاض قيمة الدينار أمام العملات الأجنبية الرئيسية (الدولار واليورو ) قائمة منذ ما قبل 2011 بنسق تصاعدي ، وفي جُزء آخر مُفتعلة أو إرادية نتيجة خيارات سياسية للبنك المركزي التونسي وأخرى إقتصادية للحكومة التونسية ومافيات المال وسماسرة التجارة ..
ففي حين يعتمد البنك المركزي سياسة نقدية قائمة على التعويم الموجّه ، حيث يتدخّلُ في سعر الصرف في حديه الأدنى والاقصى عبر آليتي ضخ العُملة الصعبة أو سحبها من سوق الصرف أعلى أو أقل من سعر التداول وفق الحاجة ، لتحقيق التوازن وضمان عدم الانهيار السريع للدينار التونسي ، وكذلك الأمر مع سعر الفائدة على الادخار والودائع بالدينار عبر رفعها أو خفضها لتقليص السيولة أو رفعها وفق الحاجة وبالتالي رفع أو خفض سعر العملة المحلية ، وهي تدخُّلات كان يقوم بها البنك المركزي دوريا بعد دراسة ميزان الدفوعات وحاجة إقتصادنا للاستيراد وقدرته الانتاجية والتصديرية وبمعنى آخر ضبط تدفُّقات العُملة الصعبة ومصاريفنا منها بما ذلك فوائد القروض المستوجبة وأرباح الشركات الأجنبية ... الخ ، الّا أنَّه تخلَّ بِشكل إرادي عن لعب هذا الدور مِمَّا ترك الدينار عائما عُرضة لقانون السُّوق بوصفه سلعة يخضع سِعرها لقانون العرض والطّلب . ولِأنّ طاقتنا الانتاجية ومعها قدرتنا على التصدير في أدنى مُستوياتها ، فإنَّ الطّلب على الدينار التونسي شحيح وبالتالي ينخفضُ سِعره أمام العُملات الأخرى ، ولأنّنا في بداية فصل الصيف وفي شهر رمضان حيث يرتفعُ الاستهلاك خاصّة للسِّلَعِ المُستوردة من كُلِّ حدب وصوب ومن كُلِّ الاشكال والالوان (سواءا إحتجناها حقًّا أم لا لا يَهُمّ طالما عصابات ومافيات الاستيراد ترتع على هواها في البلد) مِمّا يزيد في الطلب على العُملة الصّعبة من السّوق الداخلية في إتجاه السوق الدولية ويوجِّهُ ضربة ثانية للدينار التونسي .
هذا التدهور المُركّب لِلعُملة المحليّة يُقلِّصُ من قيمتها الشِّرائية وينعكسُ سلبا على أسعار كُلِّ البضائع والسِّلع في السُّوق الداخلية ومنها سعر قوّة العمل (الاجور) وبالتالي كُلفة الانتاج ، حيثُ كُلّما إرتفعت إنخفضت معها قيمة قوّة العمل ، ومنها ومعها قيم كُلُّ السِّلع الأخرى ، وبالتّالي قدرة إقتصادنا الانتاجية كَكُلّ ، وهكذا دواليك وهلُمَّ جرّة ، في دائرة مُتكرِّرة ، ترفعنا كُلّ مرّة من طور للأزمة لآخر أشدّ وطأة ، حيث مع تدهور القدرة الشرائية للدينار ترتفع نسبة التَضخُّم مقارنة بمثيلاتها في الدول المُصدِّرة ، ومعها مزيدا تَسَرُّبِ العُملة الصعبة للخارج ، ومزيدا من ركود الانتاج ، فمزيدا من التوجُّه للاستيراد لتعويض النقص في المواد الاستهلاكية ... الخ .
تُضاف لهذا تدني مداخيل العُملة الصعبة المتأتية من قطاع السياحة أو تدفّقات الاستثمار الاجنبي ، نتيجة الاوضاع السياسية والأمنية المرتبكة التي تحياها البلد ، وهو ما أثقل كاهل إحتياطينا المركزي من العملات الاجنبية خاصّة مع ارتفاع خلاص خدمات الديون الخارجية ، وحلول موسم جني الارباح بالنسبة للشركات الاجنبية وتحويلها بالعُملة الصّعبة الى الخارج . وأمّا التعويل على التعديل الذاتي للامور بإستشراف خفض الواردات وإرتفاع الصّادرات وجوبا مع تدهور الدينار ، فهو أمر مردودٍ عليه من زاويتين : 1) ضُعف نسيجنا الصّناعي وعدم تنوع منتجاتنا أقل من 2000 منتوج صناعي ،2) الوضع السياسي والإجتماعي المرتبك .

كُلُّ هذا يَستوجب من البنك المركزي التونسي التدخُّل العاجل قبل أن يصل الأمر الى ما لا تُحمدُ عُقباه ، وقبل أن يصل تدحرُجُ كُرة الثّلج الى سُرعة لا يُمكِنُ معها تعديل الأمر ، كما يفترض من الحكومة إتِّخاذ قيودٍ صارمة على عمليات الإستيراد ، و تنقية الاجواء السياسيّة حتى تتحرّك عجلة الانتاج .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -فيتش- تُعدل نظرتها المستقبلية لاقتصاد مصر إلى إيجابية


.. عيار 21 الا?ن.. سعر الذهب اليوم السبت 4 مايو بالصاغة




.. أردوغان ونتنياهو .. صدام سياسي واقتصادي | #التاسعة


.. تركيا وإسرائيل.. مقاطعة اقتصادية أم أهداف سياسية؟




.. سعر الذهب عيار 21 يسجل 3080 جنيها للجرام