الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


صيام اللصوص . . .

صادق إطيمش

2016 / 6 / 16
مواضيع وابحاث سياسية


صيام اللصوص . . .
ظاهرة الإفطار العلني في شهر الصيام الإسلامي، رمضان، تتكرر في كل عام في كل المجتمعات التي تمارس هذا الفرض الإسلامي، يرافقها تكرار الإيحاء السلطوي بفرض الصيام بالقوة من خلال ظاهرة ملاحقة مَن لم يرغب بالصيام لأي سبب من الأسباب وممارسة حقه في الحياة الاعتيادية التي لا ينغصها الإجبار على القيام بعمل ما يداهن فيه هذا او يتملق فيه لذاك او يخشى ملاحقة شرطي او داعية اسلامي مشبع بجنون ملاحقة المخالفين له ولعقيدته ولتصرفاته. وقد حدثت هذه الملاحقات في الأيام الأخيرة في بعض المدن العراقية مما يوحي بوجود سلطة قمعية تلاحق من يعمل طيلة ساعات النهار تحت اجواء صيف لاهب لكسب قوت يومه، ثم يتعرض إلى غضب السلطة الدينية لمجرد انه شرب جرعة ماء او تناول قطعة خبز ليواصل بها جهد العمل المضني والمرهق. هؤلاء الذين يلاحقون ما يسمى بظاهرة الإفطار هذه، التي لا تعبر إلا عن تصرف إنساني بحت، يبررون فعلتهم هذه بعدم احترام مَن افطر في شهر صيامهم لشعائر الدين ولمشاعر من يمارسون هذه الشعائر. تبرير ينم عن جهل بالدين وإهانة لممارسي هذا الفرض الديني. جهل بالدين لأن القائمين على هذا الدين غالباً ما يكررون النصوص الدينية التي تشير إلى ان " لا إكراه في الدين " او " مَن شاء فاليؤمن ومن شاء فاليكفر " او " لكم دينكم ولي ديني " وغيرها الكثير من التأكيد على ان ممارسة الشعائر وتطبيق الفروض الدينية إنما يتم من خلال الإيمان وبلورة العقيدة الذاتية بمثل هذه الممارسات التي لا يمكن ان تخضع للإكراه او لإتخاذ مواقف معينة من قبل الآخرين تجاه ممارسيها. وهي إهانة للصائمين بحق وعن ايمان حيث ان المفروض بمن يمارس الصيام عن عقيدة راسخة، إنما يمارسه لتحقيق غرض روحي وليس دنيوي. وإن تحقيق هذا الغرض الروحي الإيماني ليس بحاجة إلى دعم وإسناد او عطف او شفقة او مداراة من خارج الحلقة الإيمانية التي يتحرك ضمنها الصائم المؤمن بروحانية صيامه هذا وليس بعرضه على المجتمع كدليل على تدينه او ورعه او إلتزامه، إذ ان الذي يجعل الصيام او تطبيق اية شعيرة دينية وسيلة لتحقيق غرض دنيوي، اي التجارة بهذه الشعيرة او تلك، ما هو إلا منافق كذاب يحاربه نفس ذلك الدين الذي يدعي الإلتزام به. فكم من تاجر لدينا اليوم بمثل هذه الفروض الدينية صياماً كانت او صلاة او حجاً او زكاة ؟ وكم من منافق اعلن حربه على الفقراء الذين يصومون اكثر من نصف نهارهم طيلة ايام السنة، وليس في شهر الصيام وحسب، وما " إفطارهم " في هذا الشهر إلا تعبيراً عن الفرصة السانحة لهم لتناول ما يحصلون عليه من أكل او شرب في الآن وليس بعد ساعة او ساعات ؟ وحينما تربط العقيدة الدينية الإسلامية ممارسة هذه الفروض بكثير من الصفات الحميدة التي ينبغي ان يتحلى بها الفرد، خاصة وقت الصيام الذي يجب ان يتشبع فيه الصائم بروح المحبة والعِفة والتسامح، فأين التسامح إذن مع هؤلاء الفقراء الذين لا يقوون على الصيام على الطريقة التي تفرضها العقيدة الإسلامية، حتى وهم مسلمون، بل لهم طريقتهم الإجبارية الخاصة في الصيام على مدار السنة وليس في شهر الصيام فقط؟ وأين العفة من اولئك الصائمين نهاراً والسارقين ليلاً ونهاراً ؟ اين عنهم تلك القوى التي تلاحق انساناً لأنه يبتلع كسرة خبز ولا تلاحق لصاً يبتلع اموال الناس ويستولي على ممتلكاتهم ؟ الجواب على هذا السؤال الأخير يكاد يكون من البساطة بمكان بحيث يمكن الإستهزاء بطرحه اصلاً. إذ ان هؤلاء اللصوص هم انفسهم من يلاحق ذلك الذي سرقوا ماله ونهبوا ثرواته وصادروا ممتلكاته وهم صائمون قائمون لا يخشون لومة لائم لأنهم فقدوا كل ما يمَكِنَهم من الشعور ، مجرد الشعور ، بآلام الصائمين على مدار السنة ومدى حاجتهم إلى تناول كسرة خبز في الوقت الذي يحصلون فيه على هذه الكسرة رمضاناً كان ذلك الوقت او غيره. وبما ان هؤلاء اللصوص لا يمارسون اللصوصية فقط وهم في حالة ورعهم وخشوعهم وصيامهم في هذا الشهر، بل انهم يمارسون السلطة السياسية القمعية ايضاً والتي تربعوا عليها في وطننا منذ ان جاء بهم الإحتلال الأمريكي للعراق بعد إزاحة دكتاتورية البعثفاشية المقيتة، لذلك فإنه ليس من المنطق ان يلاحقوا انفسهم او ان يلاحق بعضهم البعض، فاللص ظهير للص صائماً قائماً هذا اللص ام لا.
هل ينفع توجيه نداء إلى لصوص الإسلام السياسي المتربعين على السلطة في وطننا العراق بأن يكفوا، ولو في هذا الشهر فقط، الذي طالما يتبجحون بتقيدهم بشعائره التي تنم عن التسامح والمحبة، عن ملاحقة الفقراء حينما تحين لهم فرصة إلتقاط رغيف خبز او جرعة ماء في اجواء عمل مرهقة؟ لا نطالبهم الكف عن صيامهم وتعبدهم تحت اجواء مكيفات الهواء وفي غرف القصور المحاطة بالأيك والظلال، حيث ان الصوم واللصوصية لا يجتمعان. لا لا نطالبهم بذلك، إذ ان اللصوصية تجري في دمهم، فليصوموا ما شاء لهم من صوم اللصوص. اننا نطالبهم فقط بأن لا يتمادوا في لصوصيتهم فيسرقون حرية الناس بعد ان سرقوا اموالهم وصادروا ممتلكاتهم.
الدكتور صادق إطيمش








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - إشاعة الإفطار إيذاء لمشاعر الأغلبية الصائمة
مراقب طظ ( 2016 / 6 / 19 - 09:25 )
مشاعر/ شعائر الأغلبية الصائمة في بلاد المسلمين، استهتار بالوجدان العام..،هل أنت جدير بالفتيا؟
فتتوى الإفطار في الصيف اللاهب وأنك أرحم الراحمين؟
أما اللصوص الأسوأ؛ فهم ورثة ملا شمالي العراق
النائب السابق عن محافظة كربلاء فؤاد الدوركي اعتبر انتصار الفلوجة فخر للجيش العراقي والشرطة العراقية مؤكدا ان الدستور العراقي يسمح للجيش الدخول الى كل شبر من ارض العراق ومنها اقليم شمالي العراق وقدم التهاني لابطال الجيش العراقي والشعب بمناسبة تحرير الفلوجة بداية لسيطرة الجيش على كامل التراب العراقي بما فيه اقليم شمالي العراق الذي يعيش حالة (اغير مستقلة) ترتبط مع المركز لجني الاموال والامتيازات فقط وان وضع الاقليم الحالي غير دستوري وان رئيس الاقليم المنتهية صلاحيته مسعود برزاني يعتمد المشروع الخليجي التركي الاميركي في استمراره بالسلطة وان جيش العراق بامكانه السيطرة على كامل التراب العراقي اذا لزم الامر ذلك وان وضع الادارة في الاقليم ليست وفق الدستور العراقي خاصة بعد تشبث برزاني بالسلطة، مؤكدا ان اي خلاف مسلح يحصل بين الاطراف الكردية سوق يتدخل الجيش العراقي لصالح الاستقرار لانها من مسؤوليته الدستورية

اخر الافلام

.. ريبورتاج: مزارعون في الهند مصممون على إلحاق الهزيمة بالحزب ا


.. السباق إلى البيت الأبيض: حظوظ ترامب | #الظهيرة




.. ماهو التوسع الذي تتطلع إليه إسرائيل حالياً؟ وهل يتخطى حدود ا


.. ترامب: لم يتعرض أي مرشح للرئاسة لما أواجهه الآن | #الظهيرة




.. -كهرباء أوكرانيا- في مرمى روسيا.. هجوم ضخم بالصواريخ | #الظه