الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قصص قصيرة جدا

نواف خلف السنجاري

2005 / 12 / 12
الادب والفن


المفقود..
عندما عاد من إجازته الأخيرة، والتحق بوحدته 0(على مشارف نهر الكارون)، لم
يقدر أن يتخلص من طيف ابنته الصغيرة وكيف تشبثت بملابسه العسكرية. لقد مضى
(22) عاماً على تلك الإجازة، وها هي ابنته قد أصبحت أماً الآن، وكلما
داعبت طفلها.. تذكرت تلك القبلة التي تركها والدها على جبينها..ورحل..دون أن
يعرف احد شيئا عن مصيره حتى هذه اللحظة!

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مدير عام..
بقدر نشاطه الكبير وطموحه اللامحدود، كان مجوفاً وغير مؤمن بالكلمات التي
يتشدق بها، ومع ادعائه النزاهة إلاّ إن مصلحته الشخصية كانت هي الهدف..
انه مزيج غريب من التناقضات، ولكنه استطاع ببراعة أن يوهم الأكثرية ويصبح
مديراً عاماً..لمؤسسة فاشلة!

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
"ليس الارتفاع مخيفاً بل السقطة"
لم نكمل غداءنا أنا وبقية العمال عندما سمعنا صراخاً عالياً، لقد سقط جاسم
اللباخ من الطابق الثاني، انه يتنفس، وعندما اقتربت منه سمعت كلمتين فقط
خرجتا من بين شفتيه الملطختين بالدماء ( أولادي..أولادي..) وانقطع التنفس.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الملياردير
العجوز (خضير) تذكر كيف عمل حمالاً لسنين طويلة، وكيف نصحه صديقه ذات يوم
بفتح محل صغير لبيع الأحذية، ومن ثم ( فتح الله عليه) وأصبحت أكثر محلات
(باب الطوب) ملكه.. مئات الملايين لا تعني له شيئاً، ولكن عندما شيعه الناس
الى مثواه الأخير كانوا يعرفون انه (خضير الحمال) وحسب!

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مذيع
عندما كنا صغاراً، لم نكن نصدق ما يقوله صديقنا (منذر) فقد كان معروفاً
بمبالغته وتضخيمه للحوادث الى درجة الكذب أحياناً، مرت السنون ومضى كل منّا
في طريقه، ولكن الذي أدهشني حقاً، إنني رأيته البارحة على شاشة التلفزيون
بابتسامته التي اعرفها جيداً وهو يقول: مساء الخير أعزائي المشاهدين..
إليكم نشرة الأخبار.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مؤرخ
الأب: ماذا تتمنى أن تصبح في المستقبل؟
الأبن: أحب أن أصبح عالماً فيزيائياً أتفوق على اينشتاين واصل الى سرعة
اكبر من سرعة الضوء، لأسافر الى الماضي السحيق..
الأب: وما حاجتك لكل هذا يابني؟
الأبن: أريد أن أتأكد، هل التاريخ حقيقي أم مزيّف..

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إقطاعي
لم يكن يزعجه انه لا يملك سيارة من بين ملايين السيارات، ولم يحزن يوماً
لعدم امتلاكه بيتاً من بين الآف المنازل، ومع إن له زوجة وأطفال.. إلاّ إن
أكثر ما كان يحزنه ويحزّ في نفسه حدّ البكاء انه لا يملك شبراً من ارض
الوطن.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
دكتورة
خرجت (نغم) من المدرسة تملؤها السعادة ويشع من وجهها بريق عجيب، لقد نجحت
وترتيبها (الأولى) على صفها، وهي تريد أن تطير كفراشة لتبشّر والديها
بنجاحها الباهر وتحصل على (اللعبة) التي وعدوها بها.. قبل أن تصل الى نهاية
الشارع، هزّ انفجار كبير أركان المكان، فسقطت (نغم) كحمامة بيضاء ويدها
الصغيرة تمسك بقوة ورقة ملطخة بالدم هي شهادتها.. رفرفت روحها الطاهرة الى
السماء ومعها حلم طفلة كانت تأمل أن تصبح دكتورة عندما تكبر..!

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المسافر
كان مسافراً حكيماً جاب أصقاع الأرض من شرقها الى غربها، رأى شعوراً
وقبائل وشهد عادات يضحك منها حتى الأطفال، لم يترك مكان على هذا الكوكب من
شماله الى جنوبه إلاّ وعرف شيئاً عن حياة سكانه. لم يكن لديه جواز سفر، كل ما
يملكه هو مكتبة كبيرة وكرسي بعجلات منحته إياه لجنة رعاية معوقي الحرب..
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
موظف مهم
على نفس الكرسي خارج غرفة المدير، ظل يجلس لسنين طويلة، حتى أضفى على
الكرسي بعضاً من ملامحه الشخصية واخذ منه الجمود والسكون، لم يراوده الشك لحظة
بأنه غير مهم وكان يعتقد بان مشاريع الدائرة ستتوقف إن غاب يوماً واحداً
عنها. بعد ثلاثين عاماً أحيل على التقاعد، وبينما هو جالس على كرسيه في
المنزل، ابرق في ذهنه فجأة وحي الهي وأدرك لأول مرة بأنه متقاعد منذ اليوم
الأول لعمله من تلك الدائرة! فضحك ضحكة مجلجلة سقط على أثرها مغشياً عليه.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تناقض
كان مجنوناً بحب الأزهار والفراشات، مولعاً بالطبيعة حدّ الهيام، عاشقاً
للأشجار والنباتات منذ نعومة أظفاره... لقد أنهى دراسته في كلية الزراعة
قبل حوالي خمس سنوات، ولكنه يعمل الآن في حي (الصناعة) حداداً للسيارات،
ممدداً طوال النهار تحت أكوام الحديد! الم اقل لكم من البداية انه مجنون؟؟

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بائع متجول
لم يبلغ (حمودي) الثانية عشرة من عمره بعد، ومع ذلك كان يحمل صندوقاً
مليئاً بالسيكاير وعلب المناديل الورقية وقناني العطر الرخيص، يركض في الشوارع
عند التقاطعات وقرب إشارات المرور لعلّه يسد رمقه بهذه المهنة التي تكبره
بكثير... وبينما حاول اللحاق بأحد السواق داهمته سيارة يقودها شاب لم يذق
في حياته طعم الحرمان... فاختاطت دماء الفتى بتبغ سكاير يفوح منها رائحة
عطر رخيص








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مقابلة فنية | الممثل والمخرج عصام بوخالد: غزة ستقلب العالم |


.. احمد حلمي على العجلة في شوارع روتردام بهولندا قبل تكريمه بمه




.. مراسل الجزيرة هاني الشاعر يرصد التطورات الميدانية في قطاع غز


.. -أنا مع تعدد الزوجات... والقصة مش قصة شرع-... هذا ما قاله ال




.. محمود رشاد: سكربت «ا?م الدنيا 2» كان مكتوب باللغة القبطية وا