الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


يوم الروما وحقوق المواطنة!

مصطفى القرة داغي

2016 / 6 / 16
حقوق الانسان


يوم الروما الذي يوافق 8 أبريل هو بمثابة اليوم العالمي للروما، الذين أصطلح على تسميتهم سابقاً بالغجر، وفي ألمانيا يقام سنوياً إحتفال بهذه المناسبة، كالذي أقيم قبل شهرين في العاصمة الألمانية برلين برعاية وحضور الرئيس الألماني غاوك، والذي دعيت المؤسسة الإجتماعية التي أعمل فيها لحضوره قرب بوابة براندنبورغ، حيث يقع النصب التذكاري الذي أقـامه الألمان للرومـا من مواطنيهم قبل سنوات لإستذكار جريمة قتل عشرات الآلاف منهم على يد السفاح هتلر، الذي لا يزال يحبه في هذا العالم بعض من هُم على شاكلته من البشاعة والوضاعة. وضمن فعاليات الحفل التي تخللتها كلمات للحضور، تكلم الناجي الوحيد من إحدى العوائل التي قـام النازيون بقتلها وإبادتها عن بكرة أبيها، ولم ينجو منها غير طفل صغير كبر وبات شيخاً يروي للعالم كشاهد عصر بشاعة هذا النظام وما إرتكبه من جرائم بحق الإنسانية.
هكذا هي الشعوب الراقية الحية المتصالحة مع تأريخها قبل حاضرها، تعترف ليس فقط بأخطائها بل حتى بجرائمها وجرائم قادتها الذين ألّهتهم في يوم من الأيام، وتعتذر لكل من أخطأت في حقهم، ولا تُصِر وهي المتهالكة المنخورة من الداخل والخارج، والغارقة بأخطائها وجرائمها بحق نفسها وبحق الآخرين، على النظر لنفسها كشعوب عظيمة، أو لقادتها المجرمين الذي أوصلوها لهذا الحال البائس كزعيم أوحد وقائد ضرورة ومختار للعصر كما تفعل مجتمعاتنا التي ماتزال مأخوذة بعِزة الإثم! لذا نحن نعيش اليوم في عالم بات فيه نوعان مِن النُظُم والمجتمعات الإنسانية. واحدة إنسانية باتت تقر حتى لغجرها بحقوق المواطنة، لأن هؤلاء الغجر باتوا يعرفون قيمة إنسانيتهم، ويقرون بحقوقها عليهم، ويطالبون بها نُظُمَهم ومجتمعاتهم كاملة، رغم أنها توفر لهم حداً أدنى منها. وأخرى همجية مايزال مواطنوها بلا حقوق لأنهم لا يطالبون بها أصلاً،لأنهم لا يحترمون أنفسهم ولا يقدرون قيمة إنسانيتهم وحقها عليهم، ويستمرأون إذلال نظمهم وقمعها لهم، وإستخفافها بعقولهم، وإستهانتها بأبسط حقوقهم الآدمية!
قد يقول قائل بأن بعض المسؤولية في ما حدث ويحدث للروما تقع عليهم أنفسهم، وبأن نسبة ليست بالقليلة منهم هي ربما شبه عصية على الإندماج بالمجتمعات المدينية، حالهم حال البدوي والمتريف، ليس لأسباب عرقية أو جينية طبعاً كما يقول ويصور العنصريون وبعض من يشاركهم نظرتهم المعتوهة، بل لإعتيادهم وإصرارهم على حياة الحل والترحال وتمسكهم بعادات وتقاليد لا تناسب مجتمع المدينة،إلا أن هنالك نسبة أخرى منهم ترغب بالإندماج في مجتمعات الدول التي وُلِدت وتعيش فيها وهذا من أبسط حقوقهم الإنسانية التي يجب أن تكفلها لهم هذه الدول، وبالتالي من الخطأ التعميم ووضعهم جميعاً بسَلة واحدة والنظر إليهم جميعاً على أنهم غرباء، وهذا للأسف ما لا يزال يفعله الكثيرون اليوم.

مصطفى القرة داغي
[email protected]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. طلاب العلوم السياسية بفرنسا يتظاهرون دعمًا لغزة


.. علي بركة: في الاتفاق الذي وافقنا عليه لا يوجد أي شرط أو قيود




.. خليل الحية: حققنا في هذا الاتفاق أهداف وقف إطلاق النار وعودة


.. البنتاجون كأنه بيقول لإسرائيل اقتـ.لوهم بس بالراحة..لميس: مو




.. مستشار الرئيس الفلسطيني: المخطط الإسرائيلي يتجاوز مسألة استع