الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مصر أكبر من أى ميليشيا

شريف مانجستو

2016 / 6 / 16
مواضيع وابحاث سياسية


مع اقتراب الذكرى الثالثة لثورة 30 يونيو ، والتى أطاحت بحُكم جماعة الإخوان المُسلمين . أشعُر بالفخر لقدرة الشعب المصرى على تخطى الصعاب وتخطى المخاطر . فهذا الشعب أطاح بنظام مبارك العلمانى ، و أطاح بنظام الإخوان المُسلمين الإسلامى . رغم أننى لا أميل إلى التصنيفات الأيديلوجية ، إلا أننى أقف مُنبهراً أمام قدرة المصرى فى شق الطريق الصعبة . ومن أخطر الصعاب كانت ظاهرة الإرهاب ، حيث ظهر الإرهاب الدينى فى مصر مع إعادة إحياء التيارات الإسلامية فى بداية السبعينيات بمعرفة الرئيس الأسبق -محمد أنور السادات ، حيث أفسح المجال لتلك التيارات لمجابهة المظاهر الاحتجاجية للتيارات اليسارية والقومية ، خصوصاً و أن تلك التيارات كانت فى أفضل حالاتها . فمع بعث تلك التيارات الدينية _بعد سنوات من الكبت الامنى فى عصر الرئيس الراحل - جمال عبدالناصر_ كانت الإشكالية حاضرة بشراسة . فالتحريض على العُنف والإقصاء ، والدعوات الإقصائية والصُراخ الذى حاصر الجامعات المصرية بحُجة العودة إلى الشريعة الإسلامية والأمجاد التاريخية لدولة الخلافة ، فتلك التيارات التى لم تتعرض لأى قمع أو مُصادرة وفقاً لما قاله السياسى الإسلامى - عبدالمنعم أبوالفتوح فى مذكراته التى صدرت من مكتبة الشروق قُبيل ثورة 25 يناير .بالتأكيد الدولة المصرية واجهت بحزم بعض الأفعال الصبيانية فى فترة السبعينيات من عملية الكلية الفنية العسكرية وغيرها من المحاولات البائسة للتيارات الدينية ، والتى حصلت على دعم وهابى سعودى بمنتهى البذخ . وبالتأكيد تم استخدام تلك التيارات وفى القلب منها جماعة الإخوان المُسلمين فى قمع الحراك الجماهيرى فى يناير 1977 . ولكن دائماً ما تجنح تلك الحركات الدينية إلى الخروج من سيطرة أسيادها ، فتبدأ فى طرح مشروعها القمعى الإقصائى بالقوة . فكانت مُحاولة اغتيال الرئيس -محمد أنور السادات خير دليل على فساد تلك الجماعات وعلى عدم قدرتها على التعايش الإنسانى مع المُختلف . فبعدالاغتيال بدأت المواجهة الدامية بين تلك الجماعات الدينية والدولة المصرية ، فوجدنا الحرق والتفجيرات لمديريات أمن وأقسام شُرطة وتحديداً فى قلب الصعيد ،الذى كان يُعتبر الحاضنة الاجتماعية للتيارات الدينية . و رأينا اغتيالات من رئيس مجلس الشعب إلى المُفكرين وحتى الأطفال نالهم من الاذى الكثير . فلن أنسى شهيدة مدرسة المقريزى الطفلة -شيماء فى أواخر 1993، لن أنسى جنازتها التى خلعت قلوب الجماهير ، ورأينا الإعلامى - احمد موسى ( مندوب جريدة الأهرام فى هذا الوقت لدى وزارة الداخلية ) يؤكد أن تلك الحادثة تم تدبيرها من تنظيم الفتح الإرهابى للتخلص من السيد - عاطف صدقى رئيس الوزراء . فالإرهاب كان له باع طويل من الخسة والخيانة .و حتى بعد اندحاره الفعلى فى نهاية التسعينيات إلا أنه أخذ أشكال أُخرى . فانتشرت قنوات فضائية تحرض على الكراهية والطائفية وتدعوا للانسحاب من الحياة العامة . وبالطبع تلك التيارات التى ظهرت بثوبٍ جديد كانت تجد ترحيب مُطلق من نظام الرئيس الأسبق - حُسنى مبارك اعتقادا منه أن المجتمع يجب أن يبتعد عن مناوشات السياسة ، وعلى الجميع ان يلجأ إلى رب الكون لضمان نصيبه من نعيم الجنة . وهنا تلاحقنى ملاحظة أراها هامة للغاية ، وهى أن الإرهاب والتطرف يبحث له عن حاضنة اجتماعية من جماعات شعبية مُحافظة ، ويبحث له عن مُستبد و مُستغل له الصولجان على الجميع . و رغم حالة المهادنة والمراجعات التى قامت بها التيارات الدينية مع نظام مبارك ، إلا أنه حدثت بعض الحوادث الإجرامية التى أثّرت بشكل سلبى على مجال السياحة . ولكن بعد الخروج الجماهيرى العظيم فى ثورة 25 يناير ، والذى حطّم أسطورة الاستبداد و الرغبة فى التوريث والاستغلال ، ظهرت التيارات الوهابية بثوبٍ جديد ، فقامت بالمناداة على الجميع لتطبيق شرع الله ، كما لو كانت الجماهير تعيش على مرجعيات زرادشت !!. وظهرت جماعة الإخوان المُسلمين بفكرها الرافض للحياة والداعى لحاكمية سيد قطب وحاكمية الهندى أبو الأعلى المودودى . ولكن الشعب المصرى لم يستطع تقبّل تلك التيارات ، رغم ما تقبلته الجماهير من تخدير وتطرف وكراهية من تلك الجماعات الظلامية . وخرج فى مظاهرات رافضة للاستبداد باسم الدين أو الرغبة فى فرض إرادة مُغايرة لرغبة الجماهير فى التعايش السلمى مع الآخر . وجائت ثورة 30 يونيو ، وهى تحمل الرفض المُطلق لجماعات التأسلم والرجعية والتخلف ، ولقد انحاز الجيش المصرى لتحرك الجماهير فى 3 يوليو . ولكن جماعات الشر لم تترك الأمر يمُر بسلام ، بل ذهبت تعتصم فى بؤرة رابعة النهضة مُستغلةً رغبة البعض فى تطبيق الشريعة والعودة للشرعية الإخوانية المدعومة من المولى تبارك وتعالى !!.وبعد فض هذا الاعتصام المُسلّح وسقوط ضحايا من الشُرطة والمتظاهرين ، بدأت جماعة الإخوان المُسلمين و حلفاؤها فى حرق الكنائس و حرق أقسام الشُرطة وحرق الجنود و إلقاء الأطفال من فوق العمارات . وقاست الجماهير غباء هذا التيار الذى حرّض على العُنف وحوّل الصراع من صراع على السياسة إلى صراع على الدين . ولكن الجماهير المصرية بمساندة الجيش المصرى استطاعوا القضاء على الإرهابين بنسبة كبيرة جداً . إلا أننى أُريد ان أخوض حديث ذو شجون ، فالحكومة المصرية لم تتطرق بجدية لمحاربة الإرهاب والتطرف .فاللأسف هُناك داخل المؤسسة الدينية الرسمية من يُشجع على التطرف والرجعية والعودة للماضى بدون فهم حقيقى لتلك اللحظة التاريخية الراهنة . لم نجد خطاب يشفى صدور الأقباط من حالة الخوف من الاعتداءات التى يقوم بها البعض من أنصار وتلاميذ التطرف والتشدد الدينى. لم نجد أيضاً دور واضح لوزارة الثقافة فى نشر الثقافة الجماهيرية .لاسيما و أن ظاهرة الإرهاب دمرت دول شرق أوسطية ، وجعلتها هباءً منثورا . فما يحدث الآن وحدث من قبل كان حرب ضد الإرهابيين ، ولم تكُن أبداً حرب ضد جذور الإرهاب . فمازال السلفيون مُنتشرين فى المساجد ومازالو قادرون على التواصل الاجتماعى مع الفقراء . فأين دور الدولة والمجتمع المدنى فى طرح أفكار بديلة للمواطن . فالمرأة مازالت تُهان و تُسرق حقوقها ، والأطفال مازالو يعانون البؤس والضياع والتخلف ، والشباب تائه ما بين التفريط والإفراط . نُريد خطاب دينى فاعل ، ونُريد تثقيف وتوظيف للشباب ونُريد احترام لحقوق الفئات الضعيفة ، مع نبذ التطرف ونبذ الطائفية والكره . فمصر حتماً أكبر من أى فصيل يسعى لاختطاف الوطن .وستكون أكبر و أكبر من أى خطر مُحتمل بالتنوير والعدل الاجتماعى واحترام حقوق المواطنة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رغم المعارضة والانتقادات.. لأول مرة لندن ترحّل طالب لجوء إلى


.. مفاوضات اللحظات الأخيرة بين إسرائيل وحماس.. الضغوط تتزايد عل




.. استقبال لاجئي قطاع غزة في أميركا.. من هم المستفيدون؟


.. أميركا.. الجامعات تبدأ التفاوض مع المحتجين المؤيدين للفلسطين




.. هيرتسي هاليفي: قواتنا تجهز لهجوم في الجبهة الشمالية