الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الربيع العربي الذي صار خريفا

فؤاد الصلاحي
استاذ علم الاجتماع السياسي

(Fuad Alsalahi)

2016 / 6 / 18
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية


ككل الثورات التي يسيطر عليها اعدائها والمناهضون لها تتأكل اهداف الثورات وتغيب في زحمة العمل التدميري والعبثي وهنا تظهر مسألة تعقب الكتاب والمثقفين والصحفيين مثلما الحال في مصر حيث تصدر الاحكام تباعا تجاه المثقفين والكتاب بتهم تافهة تنم عن كراهية النظام السياسي للفكر وللحريات العامة .. فهناك تهم ازدراء الاديان وتهم خدش الحياء العام ولايمكن القول الا انها تهم تصدر عن مخبرين بُلهاء اكثر من كونها صادرة عن محاكم وقضاة والامر ذاته في اليمن وليبيا والعراق وسوريا وهكذا تنتهي ثورات الربيع الى يد القوى المضادة التي تعادي الشعب والحريات في آن واحد ..؟
لقد انهارت الاحلام الكبيرة للعرب التي شكلت لبعض الوقت يوتوبيا جميلة اردنا معها -ولانزال- ان تنهض مجتمعاتنا وتخرج من اقبية العصور الوسطى وعقلية البداواة وكان القدر داعما لارادة الشعوب في مرحلة تحرر اعقبها بعض الانجازات وكثير من الاخفاقات ..تتابعت الاخفاقات بفعل تغير في طبيعة النخبة الحاكمة التي نسجت تحالفات مع مجموعات شكلت مراكز قوى تصنع الفساد وتعممه وفق وظيفتها كوكيل للخارج الكولونيالي في سياق فشل تنموي وتعثر في مسار التحول الديمقراطي وتغييب فاعلية الدولة واضعاف مؤسساتها وتهميش الثقافة الوطنية مقابل السماح بثقافات فرعية جهوية ومذهبية واصولية .هنا كان الخارج -ولايزال- يخطط لاغراق المنطقة بالفوضى وفق اجندة تتطلب هدم الدولة الوطنية ومارافقها من تطلع سياسي وتنموي وحضاري والارتداد بالافراد والمجتمعات نحو هويات ماقبل وطنية باعتبارها تمثلات واقعية لحالات الاحتراب والاقتتال الاهلي ..هذه الفوضى صنعتها دوائر غربية امريكية استنادا الى دراسات هامة قدمها متخصصون بالشرق الاوسط منهم برنارد لويس ، هانتجتون ، كلاهما جعلا من العرب -الاسلام - دائرة تصادم حتمية مع الغرب ..واقعنا العربي واليمني خصوصا يظهر بؤس لاحدود له معاشا في اللحظة من قبل الافراد والشعوب حيث الازمات الاقتصادية والاحتراب الاهلي والعدوان الخارجي والتطرف مع غياب للدولة التي تم السيطرة على مؤسساتها من قبل لاعبين جدد لااجندة وطنية لديهم ..العرب يعيشون اليوم مآساة كبيرة اذا لم يتداركوا مخاطرها لن تبقي لهم كيانات قائم سياسيا واجتماعيا ..مع هذا الامر الخطير جميع النخب العسكرية والحزبية ،الحكومية والمليشاوية وغيرهم يتقاتلون لغايات خاصة تظهر جليا في مساومات تعلي من المحاصصة والغنيمة وتغيب معها قضايا الوطن والشعب ..وقد كتبت مرارا خلال عشر سنوات ان المنطقة تشهد فوضى مخطط لها امريكيا بغية هدم الدولة الوطنية وتعويم الدولة والمجتمع وفق هويات ماقبل وطنية تعزز من حالات عدم الاستقرار ، هنا تصنع امريكا وحلفائها نخب جديدة تتولى مع الامريكان اعادة بناء اشكال فضفاضة من الدول المهترئة مقابل قوة مراكز الصراع الجهوية التي تشكل سلطات امر واقع ..وللعلم سيتم تعميم الفوضى خلال العام الجاري نحو بلاد المغرب العربي والسودان ومصر مع خلق اهتزازات امنية كبيرة داخل السعودية كمجال للابتزاز الامريكي لها ..وربما يدخل الخليج كله في مواجهة مع ايران ضمن سياق دولي للعبة تعيد رسم ملامح جيوبوليتكية جديدة تظهر معها دول ونظم لم تكن حاضرة قبل هذا المشهد ..يمنيا ما حدث خلال عام دمر حلم اليمنيين بدولة مدنية وبمؤسسات ترتفع بالمجتمع خارج القبيلة والمذهبية نحو مواطنة متساوية الامر الذي يجعل من القادم اسوأ كابوس سياسي يطلب من اليمنيين التعايش معه والتكيف مع معطياته وهو كابوس يتم فرضه اقليميا وامريكيا .
في هذا السياق يمكن القول انه خلال ستين عاما سابقة ظن العرب - وبعض الظن اثم - انهم بصدد بناء الدولة -الامة وهو امر مطلوب لتحقيق نهضة حضارية وخروج العرب من اقبية تاريخية شكلت ملاذا آمنا للبداوة وعقلية الصحراء لكن المسار السياسي وفق ادارة العسكرتاريا وحلفائهم من احزاب انتهازية لم يكن مسارا باتجاه المستقبل وبناء الدولة المدنية بقدر ماكان يجعل من الدولة والامة شعارات سياسية واعلامية والاساس اعادة بناء الجهويات ضمن مؤسسات حديثة ، ومع اول الازمات الكبيرة التي يشهدها المجتمع العربي ضمن مسار تغييري ظهرت القبيلة والطائفة والمذهب واجهة تم تحشيدها وتسيسها من قبل نخب وقيادات كانوا داخل جسم الدولة ومؤسساتها لسنوات طوال ..وهكذا يتم التحول من الدولة الى القبيلة بل والى الطائفية ومن الامة الى كنتونات مذهبية ومن التعلق بالمستقبل الى ازعومات ماضوية وكل هذا يتم بفعل خطط مقصودة عملت بدأب نحو تغييب مؤسسات الدولة وتهميش حضورها وتكسير مقوماتها خاصة الثقافية والتربوية التي كان يستبدل فيها النشيد الوطني بتحية الجهاد ثم بالصرخة وربما لاحقا امور اخرى ..نحن ازاء ازمة بنيوية شاملى لكل مكونات المجتمع افراد واسر وبنى وتنظيمات ، احدثت شرخا في جسم المجتمع وهويته السياسية ، واهتزازا في منظومة القيم الدينية والاجتماعية والوطنية ، شرعنت للعنف والاقصاء .ولن يكون الحل سهلا ولا العبور الى المستقبل بسيطا بل يحتاج الامر الى ارادة وعزم من رجال كبار في عقولهم وانتامائهم للوطن وارادتهم الوطنية وما هو سائد حاليا ليس الا صغار في الاارادة والعزم والشخصية ..؟
اخيرا .لانمتلك الا ان نتعلق بقليل من الامل فنقول .....نعم من اجل الدولة الوطنية الحديثة ..نعم من اجل الاستقرار والتنمية لنعلي من كرامة الانسان واحترام حقوقه..؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل يستطيع بايدن ان يجذب الناخبين مرة اخرى؟


.. القصف الإسرائيلي يدمر بلدة كفر حمام جنوبي لبنان




.. إيران.. المرشح المحافظ سعيد جليلي يتقدم على منافسيه بعد فرز


.. بعد أدائه -الضغيف-.. مطالبات داخل الحزب الديمقراطي بانسحاب ب




.. إسرائيل تعاقب السلطة الفلسطينية وتوسع استيطانها في الضفة الغ