الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التخلف الايديولوجي 2

المهدي مالك

2005 / 12 / 12
مواضيع وابحاث سياسية


زمن التخلف الايديولوجي .2
و نحن نعيش اليوم على ايقاع العهد الجديد الذي بدء يدرك ان العالم اخذ يتغير من حيث المفاهيم و المصطلحات كفلسفة حقوق الانسان و رد الاعتبار للتعدد الثقافي و التنمية البشرية .
و هذا العهد المبارك اخذ يسير على خطى التغيير و الاعتراف بمجموعة من الاخطاء و ارتكبت في زمان سابق و الذي سماه الكثيرين بزمن الرصاص او زمن الخوف او زمن الاعتقالات السرية التي كانت تستهدف إسكات الاصوات و الاقلام و كانت تنادي الى اقامة دولة الحق و القانون و المؤسسات ذات اهتمامات مختلفة كحقوق الانسان و في هذا الاطار اهتم العهد الجديد بترسيخ مفهوم المصالحة مع الماضي و هذا الاخير يتحدث بكل مرارة عن انتهاكات لحقوق الانسان بمختلف اشكالها و ألوانها .
و جاءت هيئة الانصاف و المصالحة تجسيدا لهذا النهج الرشيد و الذي اراد ان يفتح ملف مصالحة الدولة مع ماضيها أسود و تعتبر هذه التجربة نادرة في عالمنا الاسلامي و حيث عملت هذه الهيئة الموقرة على قراءة هذا الملف الثقيل امام الشعب المغربي الذي لم يكن يحلم بهذا التقدم و الصراحة في يوم من الايام.
و جلسات الاستماع لضحايا سنوات الرصاص تجعلك تسافر عبر الزمن و تجعلك تتخيل تلك السنوات العجاف من تاريخنا المعاصر كشعب الذي اعتد الصمت و دفن احزانه و ماساته في نفسه او مذكراته الشخصية و هذه التجربة تعلمنا ان مغرب الاستقلال ارتكب مجموعة من التجاوزات في مجالات عديدة مثلا ترسيخ ثقافة الخوف في نفوس المغاربة الذين عاشوا كانهم بلا لسان يتحدثون به عن معاناتهم الكثيرة مع تلك الانتهاكات التي قمعت الاف و قتلت من يتكلم عن المقدسات التي كانت انذاك كالعروبة و التعريب و غيرهما من المقدسات.
و كما قمعت هذه الانتهاكات كل ما يتعلق بالمكون الامازيغي الذي عانى هو الاخر من هذا الماضي و الذي اعترف بمجموعة من الحقائق و تقول بوجود بعض الاحداث كاحداث الريف في اواخر سنة 1958 و بداية سنة 1959 و منطقة الريف معروفة بمقاومتها ضد الاحتلال الاسباني بقيادة قائد عبد الكريم الخطابي الذي يعتبر رمزا من رموز المقاومة المغربية لكن المقررات الدراسية لا تعترف بذلك كانها تتجاهله للاسباب التي
اصبحنا نعرفها جيدا و منطقة الريف عانت كثيرا من مظاهر التهميش و الاقصاء و القمع من طرف الذين لا يؤمنون حتى اليوم بمفهوم الحقيقي للتعدد الثقافي .
و إذا اردنا ان نسبح في بحور ذلك الزمان المتميز بتعدد الابعاد و الذي نتخيله الان بانه زمان لا يجد فيه الانسان المغربي حقوقه الاجتماعية و الثقافية بل يجد امامه مجموعة من الخطوط الحمراء التي تمنعه من مجرد الكلام عن القضايا و التي كانت تعد من المحرمات الخطيرة و ذلك الزمان كان لا يعترف بالحقوق المدنية او الثقافية بمفهومها المتكامل من حيث الحضارة المغربية التي علمتنا ادب الاختلاف و التعايش تحت ظل الاسلام و ليس العروبة و الذين يظنون بان العروبة مقدسة اكثر من الاسلام لم يقرؤوا تاريخنا الاسلامي قراءة فكرية صحيحة لان الدين الاسلامي يدعوا الى قيم الاختلاف و التعدد السلمي بين المسلمين و الذين يستعدون في هذه الايام المباركة لقيام برحلة العمر الى مكة قصد اذاء فريضة الحج و هذه الفريضة العظيمة تحمل رسائل عديدة و تعلمنا العديد من الدروس و من أهمها ان الاسلام يعترف باداب التعدد الحقيقي من حيث الثقافة و اللغة فالشعوب الاسلامية لا تتكلم كلها باللغة العربية كالشعب الكردي و الشعب الايراني الذي هو شعب اكثر محافظة على قيمنا الاسلامية و كذلك شعبنا الامازيغي الذي اعطى احسن النماذج عبر التاريخ على انه شعب محبا للاسلام و قيمه النبيلة و مدافعا عن ارضه اشد دفاع .
لكن البعض لا يريدون ان يفهموا هذا بل يستمرون في نهجهم القومجي الهادف الى اخفاء الحقائق و تزويق الاكاذيب التاريخية و هذا النهج لم ينجح في ايقاف النضال الامازيغي الذي انطلق منذ عقد الستينات من القرن الماضي مؤمنا بعدالة قضيته الامازيغية و حارب هذا النضال هذه الاتهامات السخيفة بالتي هي احسن عبر تنظيم ندوات فكرية و التي تهدف الى شرح الاهداف الحقيقية لحركتنا الثقافية الامازيغية .
و اعتقد ان النضال الامازيغي قد عانى هو الاخر من هذه الانتهاكات لحقوق الانسان حيث كان تحت الحصار و ممنوعا من مجرد الكلام عن مجموعة من الاشياء كالاعتراف بالامازيغية كمجرد لغة وطنية و كان هذا في بدايات عقد الثمانينات و للاشارة انا من موالد هذا العقد الذي عرف محاكمة تاريخية للمرحوم الاستاذ علي صدقي ازايكو في صيف 1982 بتهمة المس بامن الدولة بسبب صدور مقاله الشهير في سبيل مفهوم الحقيقي لثقافتنا الوطنية و انذاك تعتبر الامازيغية مجرد لهجات ليس الا و فكلورا شعبيا و انذاك من يتكلم عن حقوق الامازيغية العديدة يعتبر احياءا لمؤسسة الظهير البربري الخرافية و النضال الامازيغي عانى كثيرا من هذه الأسطورة التي ساهمت بشكل كبير في ادخال مغرب الاستقلال الى عصر التخلف الايديولوجي و الذي قمع صوت الحرية و الديمقراطية بكل ابعادها السياسية و التنموية .
و نحن اليوم مقبلون على دستور جديد و هذا الدستور يجب ان يتماشى مع ادبيات العهد الجديد الذي اعطى مؤشرات جديدة بخصوص القضية الامازيغية كانشاء المعهد الملكي للثقافة الامازيغية و الاعتماد على حروف تيفيناغ في تدريس هذه اللغة في المدرسة المغربية و مؤشرات اخرى و علينا كنضال امازيغي ان نحارب بالتي هي احسن الذين مازالوا يعيشون في سنة 1934 و لم يسمعوا جيدا خطاب اجدير و الذي فتح الابواب امام اللغة و الثقافة الامازيغيتان .
ان المثقف الامازيغي يستغرب من البعض الذين يحاولون الان احياء مؤسسة الظهير البربري و التي تسعى الان الى اقصاء الامازيغية من الاعتراف الدستوري كلغة وطنية و رسمية الى جانب أختها في الاسلام الذي خرج من بيت الحبيب ص و ليس الاسلام حزب الاستقلال المحترم .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بعد زيارة بوتين للصين.. هل سيتحقق حلم عالم متعدد الأقطاب؟


.. كيربي: لن نؤيد عملية عسكرية إسرائيلية في رفح وما يحدث عمليات




.. طلاب جامعة كامبريدج يرفضون التحدث إلى وزيرة الداخلية البريطا


.. وزيرة بريطانية سابقة تحاول استفزاز الطلبة المتضامنين مع غزة




.. استمرار المظاهرات في جورجيا رفضا لقانون العملاء الأجانب