الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الشرطة العربية: إضرب، فليس غيرك مستبد!

سندس القيسي

2016 / 6 / 19
حقوق الانسان


الشرطة العربية: إضرب فليس غيرك مستبد!

الضرب في مجتمعاتنا سلوك متأصل، فالأب يضرب الإبن، والإبن يضرب الأخ، والأخ يضرب الأخت، والأخت تضرب أولادها. والأولاد يضربون أولاد الجيران، وأولاد الجيران يضربون المعلم، والمعلم يضرب التلاميذ، وابن العشيرة يضرب ابن المخيم والشرطة تضرب المواطن، والمواطن يضرب الزوجة والزوجة تضرب الخادمة. وكل المسائل من كبيرها لصغيرها تحل بالضرب والإهانة وإهدار الكرامة.

وكلما سمعت عن حالة ضرب خاصة ضد الأطفال البريئيين العزل، كلما انتفض جسدي وشعرت بالأسى. أما حين تضرب الشرطة المواطن بسبب وبلا سبب، فهل هذا يعني أن المجتمع خربان من راْسه وحتى أساسه؟ إذ أن حاميها حراميها. وعوضًا عن أن توجد قوانين لتحمينا من الضرب وبالتالي العنف ، فإننا نجد أن السلطة تكرسهما في ممارساتها القمعية. ورغم أن الضرب يجب أن يكون محظورًا وممنوعًا منعًا باتًا ليس فقط لأنه يجرح الكبرياء والكرامة، بل أيضًا لأنه يدمر خلايا الدماغ كما أثبتت الأبحاث العلمية وخاصة عند الأطفال. فإن الضرب هو ظلم ما بعده ظلم، فكيف تدافع عن نفسك ضد ظالم مستبد، يكون في العادة أقوى منك؟ هذا، ما يولد شعور الحزن والغضب والإحباط إضافة إلى الشعور بالعجز والرغبة الشديدة بالإنتقام ورد الإعتبار.

في البلاد الأوروبية، يتعلم الشرطي تكبيل المدنب وإن قاوم، دون اللجوء إلى الضرب والإيذاء، مهما كانت درجة الجريمة وبشاعتها. ولا يمارسون القمع والتعسف إلا فيما ندر. وإذا حصل أي انتهاك من قبل الشرطة، تكون هناك فضيحة إعلامية لها أول وليس لها آخر.

حتى انه في إحدى الدعايات البريطانية لاستقطاب الناس لمهنة الشرطي، تم الترويج إلى أن الشرطي مرشد اجتماعي ونفسي يقوم بحل مشاكل الناس والتخفيف من أعبائهم. ولذلك عندما يقوم الشرطي العربي بضرب من يسميهم مجرمين وهم ليسوا جميعًا مجرمين، لأن كثيرًا ما يتم تلفيق التهم للأبرياء أو يساء استخدام السلطة في كثير من الحالات، فإن هذا يولد حالة غضب ويقلل من الشعور بالوطنية والإنتماء ويعمق الرغبة بالهجرة، وكما يقال لا كرامة لنبي في وطنه.

قد نتفهم نحن كعامة الشعب، تعذيب مجرم خطر كمغتصب وقاتل أطفال، فإذا تجاوزت الشرطة حدودها معه، قد نشعر بالرضا بعض الشيء، خاصة إن تعرض مجرم من هذا النوع للتعذيب. وقد تكون ردة فعلنا مشابهة تجاه إرهابي يستهدفنا نحن كمدنيين أبرياء. ورغم أن المبادئ لا تتجزأ، بمعنى أنه لا يجوز تعذيب أي مجرم، مهما كانت درجة خطورته. إلا أن هذه مسائل تستدعي التداول العام والبحث والنقاش قبل اتخاذ موقف دون آخر.

ولكني هنا ضد تعنيف الشرطة العربية للمواطنيين العاديين، وضد ضربهم وإيذائهم وإشعارهم بالغضب الممزوج بالعجز. أنا لا أفهم لماذا علي كمواطن عربي أن أخاف وأرتعد من الشرطة؟
ولم عليها أن تهينني في أبسط المسائل؟ ولم علي أن أتلق صفعة من هنا، وركلة من هناك وأنفجر داخل نفسي من القهر؟ ولم علي أن أتجرع الظلم المر مرارة العلقم؟

فليعلم الشرطي العربي أنه يتلقى راتبه من الشعب، وأن وقته وجهده وإجراءاته هي ملك الشعب. وأن على الشعب أن يحاسب الشرطي على كل ما يفعل. فإن صرفت الشرطة وقتها في قمع الشعب وإجراءاتها التعسفية، فهذا إهدار للمال العام. إن مهمة الشرطي هي خلق أجواء الأمن والأمان بالتعاون مع المواطن وليس من خلال تخويفه وترهيبه وإهانته.
وكما يقولون، فإن الشرطة يجب أن تكون فعلًا في خدمة الشعب. فلولا الشعب، لا وجود لهذه الشرطة. وعلينا جميعًا أن نعمل لإلغاء سياسة الضرب في مجتمعاتنا، لأن الضرب لا يجلب نتيجة مع الحيوانات، فما بالك مع البني آدميين.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تحياتي الأستاذة سندس القيسي
ماهر عدنان قنديل ( 2016 / 6 / 19 - 14:53 )
تحياتي الأستاذة سندس القيسي، أتفق تمامًا معك أن تركيبة الشرطة مختلفة تمامًا عن غيرنا..

اخر الافلام

.. تونس في عهد سعيّد.. من منارة -حرية التعبير- إلى -ساحة استبدا


.. تونس: المرسوم 54.. تهديد لحرية التعبير ومعاقبة الصحافيين بطر




.. الجزائر وليبيا تطالبان المحكمة الجنائية الدولية باعتقال قادة


.. إعلام محلي: اعتقال مسلح أطلق النار على رئيس وزراء سلوفاكيا




.. تحقيق لـ-إندبندنت- البريطانية: بايدن متورط في المجاعة في غزة