الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحوار المتمدن ضرورة لواقعنا ..!

هادي فريد التكريتي

2005 / 12 / 12
الملف التقييمي - بمناسبة الذكرى الرابعة لانطلاق موقع الحوار المتمدن


لست وحدي من يحتفل بهذه الذكرى ، الذكرى الرابعة ، لتأسيس وتلألأ " الحوار المتمدن " ، النجمة الرائعة الوهج والضوء ، في سماء واقعنا المزري والمنحط ، الذي تكاثرت عليها الخطوب المدلهمة والمحن ، من كل صوب ، بل يشاركني الكثيرون ، من الرفاق والأصدقاء ، وكل المتطلعين لضوء غد مشرق وجميل ، يلف العالم بأجمعه . نحن كلنا اليوم ، من أعياهم الجلادون ، قتلا وسجنا وتشريدا وتزويرا لسجلات حياتهم ، كلنا اليوم نتحدى ، الجلادين ، هواة الظلمة ، ونوقد شمعة أخرى " للحوارالمتمدن " ، إن كان خافت ضوءها ، اليوم ، فغدا ، يزيد من ألق ضوئها ، زيت عظيم قدره ، تستمده من رفات الضحايا ، الذين استشهدوا ، وهم يحاولون أن يوقدوا مشاعل الضوء لحرية البشر .لن يخفت الضوء ، ولن تنتكس الراية ، فالراية يتوارثها رجال ونساء شجعان ، لا زالوا يغذون السير لخلق واقع جديد لعالم أفضل ، رغم خنادق الموت وإرهاب خناجر الغدر . ف " الحوار المتمدن " بسنواتها الأربع اجتازت مرحلة التقييم لنهجها ، وتخطت كل العوائق التي تعترض هويتها ، التي أفصحت عنها منذ بداية مشوارها ، هوية علمانية ، يسارية ، الطابع والاتجاه ، مستقلة عن نفوذ واحتواء كل من يلهث خلف شهرة أو مجد ، أو يتطلع لكرسي حكم ضمن جوق نشاز إيقاعه ، وهذا ما عزز توجه التقدميين ، من ديموقراطيين ، وعلمانيين ، ومناضلين ، نحو ألق صحيفة " الحوار المتمدن " الألكترونية ، فإن ساندوها بعصارة الفكر ، وحسن الرأي ، دون دعم من فيض المال ، فلأنهم قد حرموا من حقوقهم قسرا ، وطوردوا في لقمة عيشهم ظلما ، فهم من المسحوقين ، الذين عافوا مال السحت الحرام ، المستنفذ من عرق الكادحين والمحرومين ، والمال المغمس بدماء الضحايا ، المدافعين عن الوطن وثرواته المنهوبة ، فضيق ذات يد المثقفين الحقيقيين ، أدباء وكتاب وفنانين ، من النساء والرجال ، تشاركهم فيه صحيفة " الحوار المتمدن " الألكترونية ، هو شهادة حسن سلوك للداعم وللمدعوم ، وهذا ما يعتز به كل صاحب رأي مثقف ومفكر ، في كل المراكز والمحاور التي أطلقتها صحيفة " الحوار المتمدن " ، والتي ستطلقها مستقبلا ، وفق حاجة الفكر التقدمي الإنساني ، وتطور أدوات الحوار ، فاحتياجات الفكر للقيم ، كاحتياجات الإنسان المادية ، دائما هل من مزيد ؟ وظرفنا الذي نحن فيه ، يتطلب فتح حوار أكثر جدية وموضوعية ، حول ملفات الفساد ، والمقاومة ، " الشريفة والعاهر " التي أصبحت ضرورة وشغل شاغل ، لكثير من قوى اليسار والعلمانية في مختلف الأقطار ، التي بدأت تنظر لطروحات غير منطقية ، تباعد في المنطلقات الفكرية والفلسفية للفكر المادي ـ الماركسي , وتفرقهم أكثر مما توحد بينهم .فالعمل ضمن هذا المحور يعزز من جهود " الحوار المتمدن " ويزيد من نفوذها وتأثيرها بين مختلف أجنحة اليسار والعلمانية وتقاربها من بعضها ، ويترسخ العمل الديموقراطي ، ويحقق نجاحا ، أكثر إن عولجت أسس الخلاف ، وتوحدت المفاهيم وفق أصول هذا الفكر ، الماركسي والديموقراطي .
فقضايا العصر وما تطرحه الحياة من مشاكل ، متغيرة ومتطورة ، هي هموم الإنسان ، في حياته المعاشية والاجتماعية والسياسية ، لا زالت بحاجة لحلول تتناسب وروح العصر ومنطق الحياة المتطورة . فالمرأة وموقف المجتمع منها ، مساواتها بالرجل ، وحريتها الكاملة ، تتطلب المزيد من الاهتمام ، والضغط على الحكومات بضرورة وضع الحلول المقترحة موضع التطبيق أمام المجتمع . حقوق الإنسان ، ومنظمات المجتمع المدني ، قضية الدين والموقف منه وعلاقته بالمجتمع ، الفن والثقافة والفكر وتأثيرها على حياة الفرد والمجتمع ، كلها أمور تناولتها " الحوار المتمدن " في ملفاتها بموضوعية ، وعالجتها ضمن الظرف والواقع التي هي فيه ، إلا أنها تتطلب المزيد من الشرح والتوضيح والحوار ، بين مختلف الفئات الفكرية ، والتركيز على ما هو مستقبلي ضمن سيرورة المجتمع باتجاه الديموقراطية .
الكثير من هذه المحاور التي تناولتها ملفات " الحوار المدني " وخصوصا المرأة ، وحرية الفكر ، وحقوق الإنسان ، أغاضت وتغيض الكثير من الحكومات والمؤسسات الرجعية ، ذات النهج الديني ـ الطائفي ،الشمولي ، والقومي ـ العنصري ، وحتى تلك التي تتبرقع بالعلمانية ، فناصبت هذا الصرح المتصاعد البناء العداء ، لأنه بدأ يشكل خطرا جادا لهدم الأسس القديمة التي تأسس عليها حكمهم ، فما عادت الكلمة الحرة ، كأيام زمان ، حرفا مطبوعا في كتاب أو صحيفة ورقية ، يتحكم الرقيب من حذفها ، أو منع تداولها وقتما يشاء ، بل أصبحت نورا يدخل البيوت من غير استئذان من هذا الرقيب أو ذاك ، تقض مضاجع الحكام وحراسهم ، وتسعى لتقويض حكم ممالكهم العتيق البالي ، فاستعانوا " بشياطينهم " لمنع هذا المارد الزائر من التأثير على العقول وخصوصا الناشئة ، وعندما لم يفلحوا ، مارسوا التخريب ، أفلحوا للحظات ، إلا أن العاقبة للعلم وللفكر التقدمي . بالنسبة لأعداء التقدم فكل الخطوط حمراء ، إن كان الأمر يتعلق بالفكر وبالتقدم ، وكل الخطوط سالكة ، إن كان الأمر لا يتعلق بهدم فكر لسلطان جائر ، أو التعرض لفضح ما يدور خلف قضبان السجون ، والأسوار العالية ، من جرائم وانتهاكات لحرية الأحرار ، من الرجال والنساء على حد سواء .
لا شك أن موقع " الحوار المدني " هو وليد التكنولوجيا الحديثة وثمرتها ، فلا بد أن يتطور ، ويتعزز موقعه ، وفق تطورها والتوازي معها ومع الحياة المعاشة ، ومن ضمنها هذا الواقع المقروء للكلمة ، الذي اختطته هيئة " الحوار المتمدن " والتي تتعامل به مع قرائها وكتابها ، فهو شيء جميل ورائع ، إلا أنها حتما لن تتخلف عن أساليب وتقنيات جديدة ومتطورة إن وُضعت في متناولها ، ينقلها إلى موقع أكثر تطورا وأكثر جمالية ، من الجمال والروعة التي هي فيه الآن .
الحياة في الجديد المفيد ، فالمحافظة على القديم ، لأنه فقط من نتاج مبدعين ورائعين ، فهذا لا يكفي ، فالمجتمعات في تطور دائم ومستمر ، والتقوقع على ما بين أيدينا واعتباره قدس الأقداس ، لا يمكن المس به ، هو الانحطاط والتدهور فالموت بعينه إن فعلناه ، لندع المسارات المختلفة تتنوع ، والنتاجات من قديم وجديد تتلاقح فيما بينها وتتبارى ، فلا جديد دون أن ينهل من القديم كل محاسنه ، ويتجنب كل عيوبه ومآسيه ، فالحياة بنت الحداثة والتطور ، فلا تضعوا القيود أمام الناشئة ، افتحوا لهم كل السبل ، وشجعوهم ، وضعوا تحت تصرفهم كل الصفحات دون عائق ، بعد تدقيق وتوجيه ، فإن لم تفعلوا فمن يأخذ بأيديهم ؟ ستتلقفهم غربان الظلمة وتعيد نتاجهم بما يخدم فكرهم السلفي ـ الظلامي ، والقومي ـ العنصري الفاشي ، وهذا بالتأكيد لن يرضي كتاب الحوار القدامى الرائعين ، الذين بنوا هذا الصرح الذي يعتز به ويفتخر ، كل مثقف ، يساري وتقدمي ، وطني وديموقراطي ، فالناشئة ، غدا ، هم من سيتسلم الراية ليواصلوا المشوار ، فما فشلنا لتحقيقه لأبنائنا ، فستحققه الناشئة لأحفادنا ولأجيالنا القادمة .لنحافظ على هذا الصرح المجيد ، ولنمده بكل وسائل البقاء والتطور ، ولنرفده بما يجابه به أعداء الكلمة ، أعداء الحرية ، أعداء الوطن . لتزدهر وتتطور " الحوار الوطني ". وكلنا مع مؤسسيها نغذ السير نحو انتصارات لعام جديد ، أكثر حبا ، أكثر عطاء ، أكثر حرية ..؟!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بودكاست درجتين وبس | كيف تنشر الصحافة الاستقصائية الوعي بقضا


.. وكالات أنباء فلسطينية: انتشال جثث 49 شخصا في مقبرة جماعية في




.. بعد اقتراحه إرسال جنود لأوكرانيا.. سالفيني يهاجم ماكرون


.. هجوم رفح.. خيارات إسرائيل | #الظهيرة




.. تواصل الجهود لربط الميناء العائم للمساعدات الإنسانية بشواطئ