الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عصر الأنوار والحروب الدينية

عبدالجواد سيد
كاتب مصرى

(Abdelgawad Sayed)

2016 / 6 / 21
مواضيع وابحاث سياسية


عصر الأنوار والحروب الدينية
عصر الأنوار هو أهم عصرمن عصورتاريخ الإنسان ، إنه أهم حتى من العصر الذى إخترع فيه الإنسان الكتابة والزراعة ، والدين والملكية ، وبدأ رحلة الحضارة ، فهو العصر الذى قام فيه الإنسان بمغامرته الكبرى ، وقرر الإنتقال من حضن الدين والملكية ، إلى حضن العقل والحرية ، برغم كل ماإنطوى على ذلك من مخاطر كان يمكن أن تهدد وجوده وإستقراره ، لكنه مع ذلك ، نجح ، وأعطى لرحلة الحياة على الأرض معنى جديد ، معنى جديراً بالحياة.
لم يأت عصر الأنوار من فراغ ، فقد كان ختاماً وتتويجاً لرحلة كفاح طويلة قطعها الإنسان الأوربى منذ بدايات عصر النهضة فى القرن الثالث عشر، حتى الثورة الفرنسية فى أخريات القرن الثامن عشر ، مروراً بمحاكم التفتيش الإيطالية ، التى أنشأها البابا جريجورى التاسع فى القرن الثالث عشر، رداً على حركة النهضة ، ومحاكم التفتيش الأسبانية التى أنشأها الإمبراطور شارل الخامس فى القرن السادس عشر، رداً على حركة الإصلاح الدينى التى قادها يوحنا ركلن وإرزم ومارتن لوثر بعدهما ، وفى الحروب الدينية التى إجتاحت أوربا على أثر ذلك ، والتى جاء عصر الأنوار الأوربى فى القرنين السابع عشر والثامن عشر، برموزه الكبرى ، من سبينوزا ، حنى فولتير وروسو ، بمثابة الرد الحاسم والنهائى عليها.
نحن إذن أمام رحلة عمرها حوالى خمسة قرون، رحلة من أجل العقل والحرية ، فقد كانت القرون العشرة السابقة على القرن الثالث عشر الميلادى، حيث بدأت النهضة ، كلها قرون مسيحية ، لاصوت فيها سوى للعاطفة الدينية ، ولاسلطة فيها إلا للكنيسة ، حياة صدق عليها وصف دانتى وجيبون بالعصور المظلمة ، لاعقل فيها ولا إبداع ، بل مجرد خضوع وهلع وخرافة ، وعندما أراد الإنسان الأوربى أن يبدأ مسيرة الحرية ، نتيجة لمستجدات سياسية وإقتصادية وإجتماعية نشأت حوله ، عارضت الكنيسة الكاثوليكية وحلفائها من الملوك الكاثوليك ، بالحديد والنار فى سلسلة رعب إستغرقت حوالى خمسة قرون ، وصلت ذروتها فى الحروب الدينية التى إجتاحت أوربا فى القرنين السادس عشر والسابع عشر، والتى لاتختلف فى مشهدها العام عما يجرى فى الشرق الأوسط اليوم من قتل وترويع وتهجير وإختلاط لدوافع السياسة بدوافع الدين ، وذلك حتى وضع لها عصر الأنوار حداً ، بماحمله من ثورة ثقافية حطمت الخرافة الدينية بشكل نهائى ، وأسست لحكم العقل والضمير ، وإنتهت بظهور هذا العصر الذى تعيشه دول العالم المتقدم الآن والذى نسميه بالعصر الحديث.
إن نفس سيناريو التاريخ الأوربى يتكرر اليوم على أرض الشرق الأوسط، وإن نفس الحل هو مايحتاجه الشرق الأوسط اليوم ، ثورة ثقافية تحطم الخرافة الدينية بشكل نهائى ، وتؤسس لحكم العقل والضمير. لايوجد حلول وسطى.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ولي العهد السعودي بحث مع سوليفان الصيغة شبه النهائية لمشروعا


.. سوليفان يبحث في تل أبيب تطورات الحرب في غزة ومواقف حكومة نتن




.. تسيير سفن مساعدات من لارنكا إلى غزة بعد تدشين الرصيف الأميرك


.. تقدم- و -حركة تحرير السودان- توقعان إعلاناً يدعو لوقف الحرب




.. حدة الخلافات تتصاعد داخل حكومة الحرب الإسرائيلية وغانتس يهدد