الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مسعود المبتسم

حفيظ بورحيم

2016 / 6 / 21
الادب والفن


نظر العالم مسعود إلى حاويات اﻷزبال ، فاقترب منها وطفق يجمع كل ما يمكن أن يصلح للأكل ، وبينما هو منشغل بجمع بقايا الخبز ظهر فجأة جمع من أطفال الحي، ولما رأوه على تلك الحال اتفقوا فيما بينهم على الانتقام منه والتنكيل به . فقد حملوا الحصى المنثور في جنبات الطريق وشرعوا يرشقونه بكل حقد وضغينة وسخرية، فما كان له إلا أن يهرب منهم حتى يضمن السلامة لنفسه، وكيف لا يهرب وهو الذي يردد دائما تلك العبارة الشهيرة : "اهرب اليوم لتقاتل غدا . " ؟
بعدما هرب منهم دخل إلى "الحوش" الذي يعيش فيه منذ أعوام غير قليلة ابتداء من اليوم الذي سمحت له السيدة "لالة فطومة" بالدخول إليه ليحتمي من البرد ويضمن السكينة والمأكل والملبس . أما اﻵن فقد ماتت تلك المرأة وبقي أبناؤها الذين لم يحرموه من الحوش، لكنهم حرموه من الامتيازات الماضية .. وها هو اﻵن نائم متحسر عليها، حزين على كرامته التي اتسخت لما أصبح يستجدي الحاويات بعدما تعب من استجداء أصحابها .
وبعد ساعتين، دخلت الصالحة ابنة المرحومة إلى الحوش وقالت له بنبرة حادة :
- يا أيها الحيوان ألم ترى كرة ابني سهيل ؟!
فأجاب :
- كلا .
- وأين ستكون يا ترى إن لم تكن هنا ؟!
- قد تكون في اﻷعلى .
- آه حسنا سوف أبحث عنها هناك .
بقيت كلماتها عالقة بذهنه وصورتها وحركاتها ثابتة في ذاكرته، فلقد كان وجهها مصفرا مثل وجه الملك محمد السادس في قطعة من فئة خمسة دراهم، وحاجباها كثيفين مثل عفريت من عفاريت ألف ليلة وليلة، أما شفتيها فقد كانت تدهنهما بأحمر الشفاه دهنا عشوائيا ليبدو فمها مثل رسم طفولي سخيف. وكان جسدها بدينا جدا ، حتى إنها لما كانت تخرج إلى السوق كان المشاغبون يرددون خلفها كلمات من قبيل :
- هز حط .. هز حط ..
ولطالما قالت له قبل زواجها اخرج من حوشنا ، لكنه لم يكن يعير كلامها أي اهتمام. حتى تزوجت وأنجبت وتناست أمر طرده مع كرور اﻷيام وتواليها .. وكان هو دائما يتفاءل خيرا لأنه قرأ تحليلا نقديا لمسرحية هارنولد بنتر التي عنوانها الحارس، ففهم أن الواقع لا يمكن أن يكون سيئا دائما .
حط رأسه على عربة لنقل الحجارة واﻹسمنت ونام. وفي اليوم التالي، خرج من حي تناعورت أوسباعي وابتسم في وجه كل الناس الذين كان يجدهم في طريقه، حتى يتصدق عليهم بأقل ما يمكنه أن يقدمه إليهم . ولما دنا من ذلك الحي الذي كان به في اﻷمس وجد نفس اﻷطفال هناك، فقرر أن ينتقم منهم انتقاما كبيرا جراء ما فعلوه به ..
تسلل خلف سيارة من نوع "كات كات" وبدأ ينظر إليهم متخفيا، لقد كانت عيونهم براقة وسحنتهم ضعيفة وملابسهم باهضة الثمن . مطط يده إلى الخلف فجر بعض الحصى المتراكم. سدد الحصية اﻷولى صوب طفل منهم، فلم تصبه لتصيب سيارة الضابط عبد الرحيم .
في الليل وجد العالم مسعود نفسه في زنزانة معتمة ومن حوله أصدقاء جدد، أحدهم يدعى كريميصا والاخر التيباري أما ثالثهما فاسمه الرعدة كلهم أحبوه من النظرة اﻷولى، ولم يبخل عليهم هو بابتساماته التي تشكل صدقات وأعطيات ومنحا لكل الناس .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مختار نوح يرجح وضع سيد قطب في خانة الأدباء بعيدا عن مساحات ا


.. -فيلم يحاكي الأفلام الأجنبية-.. ناقد فني يتحدث عن أهم ما يمي




.. بميزانية حوالي 12 مليون دولار.. الناقد الفني عمرو صحصاح يتحد


.. ما رأيك في فيلم ولاد رزق 3؟.. الجمهور المصري يجيب




.. على ارتفاع 120 متراً.. الفنان المصري تامر حسني يطير في الهوا