الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الانتخابات القادمة ستغير الكثير من المفاهيم والتوازنات السياسية

ابراهيم الداقوقي

2005 / 12 / 12
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


شارك العراقيون في الاستفتاء على الدستور بفعالية فاقت الحسابات التي كانت قد توقعت تراجع المشاركات فيها بسبب الفشل الذي رافق اداء الحكومة وضغوط الارهاب والبطالة وفقدان الامن والاستقرار ، ولكن – مع كل ذلك – فقد بلغت نسبة المشاركة حوالي ( 63 % ) بحسب معطيات الحكومة العراقية ، اي اكثر من نسبة المشاركة في الانتخابات السابقة . وهذا يعني ان الشعب العراقي واع لدوره واهمية صوته وتأثيره في تغيير التوازنات في العملية السياسية – رغم كل الظروف غير المواتية – اولا ، وبان التجاذبات الديموقراطية – العلمانية في اطار الاصطفافات السياسية الاخيرة ، ستلعب دورا كبيرا في اعادة تشكيل توازنات القوى السياسية في الانتخابات القادمة ، اذا ما استطاعت قوى التقدم والتنوير العلماني – الديموقراطي ، رفع مستوى الوعي لدى الجماهير المتعطشة للامن والاستقرار والسلام والحرية ، وإلهاب حماسها لكي تندفع لممارسة حقها بدقة وهمة ونشاط للمشاركة فيها ، من اجل اختيار الافضل والاكفأ والانزه والاكثر اخلاصا ووطنية وشعورا بالمسؤولية تجاه قضايا الشعب العراقي ، والأحرص على الحفاظ على لوحة الموزائيك بجميع الوانه واشكاله واحجامه .
واذا كانت المعركة الوطنية في الانتخابات الماضية قد عبأت الجماهير على ضرورة المشاركة فيها ، فان الحكومة التي انبثقت عنها قد اعتمدت على التركيبة الطائفية – الشوفينية ، ولذلك فانها قد اخفقت في حل المعضلات الاساسية للشعب العراقي ... فان الانتخابات القادمة ، تضع على كاهل المفكرين والمثقفين – الاعلاميين والخطباء السياسيين الوطنيين ، مهمة تأكيد ضرورة ممارسة المواطن لحقه في التصويت والاختيار ، في بلد متعدد الطوائف والاديان والاعراق – مثل العراق – بعيدا عن الانتماءات الطائفية والعنصرية والمذهبية ، من اجل تحقيق تماسك النسيج الاجتماعي الوطني من جهة ، وللنهوض بالمجتمع والدولة على اساس المواطنة الصالحة ، التي تعني تساوي كل المواطنين في الحقوق والواجبات وتمتعهم بالحريات والعدالة ، بغض النظر عن الدين اوالطائفة او اللون او العرق ، لبناء المستقبل الزاهر لعراق الغد .
ورغم ان الطائفية المقيتة – التي ذرت بقرنها في عراق اليوم بدعم من الاحتلال ومساندة دول الجوار – والشوفينية البائدة والمنتفعين من نظرية ( خذ وطالب ) تحاول الالتفاف على مكاسب الشعب العراقي وسرقة منجزاته ، من خلال إعلان السيد ( عمار الحكيم ) نجل السيد عبدالعزيز الحكيم ، في خطاب انتخابي له في كربلاء – الاسبوع الماضي – ان قائمة الائتلاف العراقي الموحد ، التي يرأسها والده ، هي " يد المرجعية " !!! من اجل مصادرة اصوات الشيعة او الغاء قناعاتهم الشخصية ، في الاختيار الحر الرشيد بدون تخويل رسمي او تأييد علني من المرجعيات الشيعية .... فان [ دولة ] البصرة ومحافظها وطاقمه السياسي – العسكري ، تعلن صراحة رغبتها في اقامة حكومتها – لاسيما بعد عقدها لبعض الاتفاقيات مع الاجانب – توطئة للانفصال عن العراق واقامة الوحدة الطائفية – الشوفينية ، مع ايران التي تدعي رغبتها في " محو اسرائيل من الخريطة " لانها ( دولة عدوانية وتحتل القدس ) في وقت تحتل فيه هي ، جزر دولة الامارات العربية المتحدة ، وتضطهد الاقلية العربية في الاهواز وتغري الطائفيين الشوفينيين في العراق ، لإلحاق جنوب العراق بها ، ايضا . كما قام العديد من المسؤولين الحكوميين لتأييد هذا التوجه الذي اصبح يمثل ، التوجه الرسمي للقائمة الائتلافية الموحدة في استغلال مفهوم الفيدرالية على اساس خصائص التكوين العربي – الكردي للعراق ، برفع شعار فدرالية الجنوب والوسط ... وكأن هذه الاقاليم – الجنوبية والوسطية – ليست عربية ، ولها خصائص مميزة عن بقية العرب في العراق .
ومن هنا ، فاننا نعتقد جازمين بان علماء الشيعة الاعلام والمرجعية الدينية في النجف الاشرف ، سوف لن تسكت على هذه النعرة الطائفية الشوفينية ، بل ستتحرك من اجل وضع حد لهذه المأساة – المهزلة التي ضج العراقيون – جميعهم – منها وبكل اطيافهم السياسية وباتوا ينتظرون الكلمة الفصل ، لتلك النخبة الدينية الاصلاحية الوطنية ، وقبل فوات الاوان . لاسيما وإن سادن الروضة الحيدرية المطهرة – السيد محمد رضا الغريفي – قد اكد لجريدة الصباح البغدادية " ان المرجعية الدينية لا تتدخل بالقضايا السياسية ، لان مهامها تتحدد بالتوجيه والارشاد الديني . اضافة الى ان المرجع الديني الشيخ محمد اليعقوبي ، قد اكد " ان المرجعية تريد من الامة ان تتحمل مسؤوليتها في اختيار قادتها ، دون توسط المرجعية الدينية ليكون هؤلاء القادة مسؤولين امامهم مباشرة وحريصين على تحقيق مطلبها " . واكد " ان تصدي المرجعية لتحديد الاسماء يجعل المرجعية بين المطرقة والسندان ولن تستطيع بعد ذلك ، القبول على الكثير من اداء المتصدين للحكومة ولا الدفاع عنهم امام استياء الناس " . لان المشاركة في الانتخابات حق مكتسب لجميع العراقيين ، قبل ان تفرضه اية توجهات سياسية او دينية او قومية .
ومن هنا ، فاننا نعتقد ان الاصوات ستتوزع على اطراف المروحة السياسية ، وفق الارجحية التالية : القائمة العراقية الوطنية فالائتلاف الموحد ثم الائتلاف الكردستاني فجبهة التوافق الوطني ، لانها وحدها تستطيع عبور السد بالفوز باكثر من 10 بالمئة من اصوات الناخبين . كما ان ايا منها سوف لن تحصل – اذا ما جرت الانتخابات دون تدخل او تزوير – على 40 % من الاصوات ، وبذلك سيكون الائتلاف الحكومي القادم ، الذي سيحكم العراق خلال السنوات الاربع القادمة ، ضعيفا وعاجزا عن القيام بحل ركام المشاكل التي تركها النظام البائد .... اذا لم يفاجئ الدكتور علاوي – رئيس القائمة العراقية الوطنية – جميع المرشحين بالفوز باكثر من 40 % من الاصوات لقائمته الوطنية ، وبذلك يستطيع اقامة حكومة لا تعتمد على الطائفية والعرقية ، كما اكد ذلك في برنامجه الانتخابي ، وقوية وقادرة على اعادة اعمار العراق وتحقيق الامن والاستقرار وعقد معاهدة مع قوات الاحتلال للانسحاب من العراق ، ضمن جدولة زمنية محددة ، مع احتفاظ الولايات المتحدة الاميركية لقواعدها العسكرية في العراق ، مثل بقية دول المنطقة العربية والاسلامية .
ولكن .... اذا استطاعت القوى الطائفية – الشوفينية القومية ، تحقيق ثلثي الاصوات في هذه الانتخابات ، فان ذلك يعني ان الايديولوجيات السياسية الحاكمة في العراق والمنطقة ، قد اطلقت العنان لسيناريوهاتها في تقسيم العراق ، توطئة لاعادة تقسيم المنطقة العربية – الاسلامية للمرة الخامسة ، باقامة دول الطوائف في العراق تحقيقا لمصالحها في الهيمنة والاستعباد وفرض الوصاية الفكرية على الجميع ... وبالتالي ابقاء العراق والمنطقة في حالة التخلف والصراعات التي لا تخدم غير القوى الخارجية المهيمنة وغير الراغبة في اعادة بناء العراق والمنطقة ، بحسب متطلبات شعوبها في التطور والتقدم . www.freemediawatch.org








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مجلس الأمن الدولي يعرب عن قلقه إزاء التقارير بشأن اكتشاف مقا


.. سلسلة غارات عنيفة تستهدف عدة منازل في شمال غزة




.. الجيش الإسرائيلي يوسع عملياته في رفح


.. الجيش الإسرائيلي يطالب بإخلاء مناطق جديدة في رفح وشمال غزة




.. نجاة بأعجوبة.. رضيعة فلسطينية قذفها صاروخ بين عمارتين وغطاها