الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ما اكثر النباح في عصر الحريات

جوتيار تمر
كاتب وباحث

(Jotyar Tamur Sedeeq)

2016 / 6 / 22
مواضيع وابحاث سياسية


ما اكثر النباح في عصر الحريات
جوتيار تمر/ كوردستان
22/6/2016
نعيش في عصر يفترض بانه عصر الحريات، ومن ضمن المقدمات التي توراثها الانسان عن الحريات هو حرية التعبير ، وهذا الامر يطبق في اغلب الاحيان ضمن الهياكل السياسية وضمن اروقة الصراعات السياسية سواء ضمن منظومة السلطوية او ضمن اطارات التعارض مع تلك الهياكل السلطوية او ما يسمى بالمعارضة، والغريب ان المدركات الحسية والانفعالية والانتقامية هي وحدها التي تبرز خلال هذه المنظومة الاخيرة دون اية اعتبارات للظرفية التي يمر بها البلد، او دون اية اعتبارات عقلانية لماهية وجود الاخر، فكل ما يهم عند البعض هو افراغ الغل المغلف بطابع من العصور البليدة ذات الابعاد القبلية او لنقل الحمية القبلية والتي تحولت الان الى الحمية الحزبية، دون التفكير بالكلمات التي تستخدم وتوظف لهذا الغرض اذا ما كانت تتناسب والوضع الراهن، او انها ضمن المصوغات التي يكمن الالتباس فيها، اوانها قد تؤدي الى تفريعات تؤثر على القضية الاساسية التي ينادي ويكافح ويناضل الجميع من اجلها، وعلى هذا الاساس تحولت مقولات الحرية " حرية التعبير " الى ممرات ثأرية يتبناها اصحاب النفوس الضعيفة في الاونة الاخيرة لكسر ولطعن الاخرين دون اي تفكير بالنقد البناء الهادف الذي يمكنه ان يكون مقبولا عند اغلب شرائح المجتمع.. وبالضبط هذه هي الطامة الكبرى، فكل شخص يريد ان ينتقم من اخر يخرج لوسائل الاعلام التي بدورها بعيدة كل البعد عن حمل ثقل القضية الاساسية وانما تسعى لتحقيق اغراضها المادية والشخصية بداعي حرية التعبير ايضا.. ويدلي بتصريح بعيد عن ممكنات العقل وبعيد عن ممكنات تحسين الوضع وبعيد عن الواقع الداعي الى التقارب وليس خلق خنادق اضافية لتوسيع الهوة بين الاطراف المتناحرة.. فكأن الحرية عند هولاء مجردة من كل مقومات التواصل والحوار والتفاهم.. وهي لاتفهم عندهم الا وفق معطيات التحزب او الغباء الحزبي الذي يقودنا الى التهلكة.
الحرية لايمكن ان تفهم الا على ضوء فهمنا للشخصية الانسانية من حيث هي فعل واختيار، ولكن يجب ان نلاحظ ان هذا الفعل وذلك الاختيار لايمكن ان يقوما الا على اساس طائفة من المعطيات السابقة التي تحاول الذات ابتداء منها ان تحقق ذاتها، فللحرية اذن شروط بيولوجية واقتصادية واجتماعية وسياسية يقوم عليها نشاط تلك الذات الانسانية التي لاتألو جهدا في سبيل تحرير ذاتها من اسر الطبيعة، ولكن حينما تسعى الذات الى القضاء على ما في عملية تحقيق الذات من جهد والم ومشقة، فانها تسعى الى الاندماج في منظمة جمعية تتكفل بصهر شخصيتها في بوتقة المجتمع، وعندئذ قد تتوهم الذات انها قد تحررت فعلا من قيود الحياة الشخصية الضيقة، لكنها لن تلبث ان تجد نفسها اسيرة نظام اجتماعي لابد ان تختنق في نطاقه كل حرية شخصية.. وحينها اما ان تختار الذات الاندماج في بوتقة المجتمع او تخرج من اطار الاجتماع الى عوالم الذات وحدها دون اعطاء الاجتماع اية قيمة.. وهذا بالفعل ما يحدث عند البعض، بحيث تحول صراعاتهم الداخلية الى وباء على القضية اجمالاً فاصبحت اصواتهم كنباح يؤذي الاجتماع، لا من حيث تطاولها على الشخصيات والرموز الساعية لتثبيت بعض الركائز التي قد تنطلق منها مستقبلا مصير امة كاملة، بل تعدت ذلك الى ما يشبه التآمر والخيانة.. وكأنهم لايرون في المستقبل الا ما يخدم نظريتهم الثأرية، والتي لاتتناسب الا مع عقليتهم الضيقة التي تنادي بالتغيير ولكنها لاتستطيع ان تغير نفسها، فأي تغيير يمكن ان تحدثوه اذا لم تبدأوا بذواتكم.
ان المعطيات الاخيرة التي تشهدها الساحة الحزبية والاعلامية في جنوب كوردستان لاتبشر بالخير سياسيا داخلياً لكونها لاتأخذ شكلاً ادعائياً ثابتاً، او اتجاهاً يمكن للمجتمع الكوردي ان يستفسر عنه من خلال قنواتها الحزبية والحكومية، لكون الحكومة نفسها تعيش دوامة القلق جراء هذه الافعال الصادرة من بعض الجهات الحزبية، بغض النظر عن القلق الحزبي نفسه طبعا ليس كل الاحزاب، و على الرغم من كونه امر يعد مرحلة يجب ان تمر بها كوردستان لغربلة المتآمرين على القضية وفضحهم بعيداً عن التصريحات الغبية التي يطلقونها بين آن واخر من اجل كسب بعض الوقت او من اجل التأثير على الشارع الكوردي، لكنها كوجهة نظر لي لن تدوم، لانها تبدو وكأنها ثأرية اكثر ما هي واعية، فالوعي غائب عندهم تماماً، لانهم لايمثلون الا جهة اصبح واضحاً لدى الكثيرين من المتابعين بانها جهة لاتريد الخروج من تحت سوط العمامات سواء من خلال الاخذ الاوامر مباشرة منها او التحالف من شركائهم في المنظومة المركزية.
ان الحقائق لاتكشف بهذه الوسائل التي تظنون بانها حرية، لان اية حرية تقوم على استلاب حرية اخرى تصبح في مهدها دكتاتورية تهدد الكيان والقضية معاً، واظن بان انسب مقولة ووصف لمثل هذه الممارسات الكلامية هي النباح الذي لن يؤثر على القافلة، لان القافلة بتاريخها ووجودها وقاعدتها اكبر من ان تتأثر بنباح البعض هنا وهناك.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صحن طائر أو بالون عادي.. ما هي حقيقة الجسم الغريب فوق نيويور


.. دولة الإمارات تنقل الدفعة الـ 17 من مصابي الحرب في غزة للعلا




.. مستشار الأمن القومي: هناك جهود قطرية مصرية جارية لمحاولة الت


.. كيف استطاع طبيب مغربي الدخول إلى غزة؟ وهل وجد أسلحة في المست




.. جامعة كولومبيا الأمريكية تؤجل فض الاعتصام الطلابي المؤيد لفل