الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ما هكذا يكتب التاريخ المنصف

سلام فواز العبيدي

2016 / 6 / 23
العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية


ما هكذا يكتب التاريخ المنصف
سلام فواز العبيدي
16/6/2016

كنت أجلس عصراً في إحدى مكتبات دهوك وأنظر الإصدارات فوق الرفوف ووقع نظري على إحدى مؤلفات السيد علي سنجاري وقد أمضى عقود في صفوف الحزب الديمقراطي الكوردستاني وفي مرحلة متأخرة كان مستشاراً للرئيس مسعود البارزاني في دهوك، تناولت المؤلف الأقرب وعنوانه: أوراق من أرشيف كوردستان - مجموعة مقالات سياسية - الجزء الثاني.
جذبني العنوان وأنا مولع في البحث في دواخل أي أرشيف تصفحت عناوين موضوعاته واستوقفتني فقرة مثيرة للانتباه: بعنوان المقاومة الشعبية الشيوعية، قرأتها بكامل أسطرها وهي تتحدث عن مرحلة الخمسينات من القرن الماضي وكلمة الشيوعية جاءت مقحمة بقصد كي تكبل باتهامات قاسية هي بريئة منها هذه المادة بالنص في صفحة 148-149.
1- المقاومة الشعبية الشيوعية
بعد نجاح ثورة 14/ تموز قام الحزب الشيوعي العراقي بتشكيل ميليشيات باسم المقاومة الشعبية في كافة مدن العراق وبموافقة حكومة الثورة تحت واجهة (حماية الثورة) وفتح الحزب الشيوعي العراقي الأبواب أمام كوادره وجماهيره وغيرهم للانخراط في صفوف المقاومة الشعبية وتم فتح معسكرات تدريب خاصة وتزويد عناصرها بالأسلحة الخفيفة والخ. إلا أن المقاومة الشعبية التي أخذت تضم الآلاف من غير الشيوعيين جلهم من الفاشلين والعاطلين عن العمل بحثاً عن الرزق يستغلون صفاتهم ولباسهم وأسلحتهم للابتزاز والسرقة والترهيب. وبخاصة بعد فشل حركة العقيد عبد الوهاب الشواف قائد موقع الموصل في التاسع من آذار 1959 بعد قصف مقره جواً ومقتله وتبعثر شمل مؤيديه وأنصاره من القوميين العرب والبعثيين. استغلت المقاومة الشعبية في الموصل فشل تلك الحركة التي كان ضمن أهدافها القضاء على نفوذ الحزب الشيوعي العراقي وقيام وحدة فورية مع الجمهورية العربية المتحدة بقيادة الرئيس الراحل جمال عبد الناصر التي كانت تضم القطرين المصري والسوري وقامت المقاومة الشعبية بأعمال إجرامية شملت القتل وسحل المؤيدين لحركة الشواف وتعليق الجثث على أعمدة الكهرباء والهاتف إلى جانب عمليات السرقة والنهب علناً والخ. من الأعمال اللإنسانية باسم حماية الثورة من (المتآمرين الخونة)... في الوقت الذي لم يكن للمقاومة الشعبية أي دور عسكري في القضاء على حركة الشواف والذي أدى إلى فشلها هو موقف كتيبة الهندسة العسكرية ضد الحركة وكذلك مقتل العقيد الشواف في حين استغل الحزب الشيوعي فشل الحركة للانتقام ومحاولة القضاء على نفوذ التيار القومي العربي. وتمكن من اقناع اللواء عبد الكريم قاسم بأنهم وحدهم المخلصون له والمدافعين بإخلاص عن الجمهورية العراقية وأصبح نفوذ المقاومة الشعبية في القمة وتحولت إلى جيش خاص ينافس أفرادها منتسبي الجيش العراقي ويتجاوزون على ضباطه وجنوده والخ. حتى بلغ السيل الزبى لدى عبد الكريم قاسم عندما وصف المقاومة الشعبية بـ(الفوضويين) في كلمته التي ألقاها في كنيسة مار يوسف في بغداد بتاريخ 15 تموز 1960 بمناسة مرور الذكرى الثانية لقيام الثورة. وقد استغل الضباط القوميين الملتفين حول اللواء قاسم الموقف بدورهم لتشجيعه ضد المقاومة الشعبية والحزب الشيوعي العراقي وتم حل المقاومة الشعبية ودفع الحزب الشيوعي ثمن ممارسات المقاومة الشعبية غالياً. كما دفع عبد الكريم قاسم حياته فيما بعد عندما وضع كامل ثقته بخصومه من الضباط القوميين الذين تآمروا عليه وأطاحوا به..
وفي مناقشتي لهذه الفقرة الملغمة بالتضليل ومجافاة الحقائق وخلط الأوراق والدس الضمني والإيهام لابد لي من التأكيد تثبيتاً للأمانة أنني لا أتابع كتابات الاستاذ السنجاري وذلك لتناوله وجهة نظر واحدة فقيرة الموضوعية وتعتمد موضوعات خاصة لا تهم المتابع التاريخي لأوضاع بلادنا ومواقف القوى في مراحل ماضية، فالأستاذ تهمه اختيارات العناوين ليرفدها بما يشاء منها مثلاً: صفحات من نبع ذاكرتي في الحزب الديمقراطي الكوردستاني.
في حين النبع عادة يتدفق نقياً عذباً يرطب الجوارح ويعدل الخواطر ويفتح الذاكرة لتمضي في معطيات الأرشيف الموثق، ورغم مضي عقود على ثورة تموز 1958 لكن أحداثها تركت في أدمغة المناضلين ممن أسهموا في الاعداد لها حتى بلغت مرحلة ساعة الصفر، ومنذ يوم اندلاعها ساندتها جماهير الشعب وقواها الوطنية وإحدى تدابير صيانتها حركة المقاومة الشعبية التي ضمت في صفوفها طاقات شابة وشرائح مجتمعية فاعلة وليس جلهم من الفاشلين والعاطلين عن العمل كما يتصور السيد المؤلف، لم تكن في سجايا وسلوكيات حزبنا الشيوعي إجراءات السحل والتعليق على الأعمدة، ثم لماذا يتجاهل السنجاري أطراف المعادلة لقوى الثورة من جانب والطرف الثاني المناهض لها في الليل والنهار وخاصة التخطيط الانكليزي ومخابرات شركات النفط والتدخلات الناصرية والسورية والبيوتات الرجعية في الموصل التي اغتالت المئات من الشيوعيين والديمقراطيين ودفع الأموال للمرتزقة السائبين.
إن حركة المقاومة الشعبية بلغت مئات الآلاف ويمكن أن يكون من بينهم من يتجاوز أو يرتكب خطأً، لكن الخط العام وطني وتعبير عن الإرادة الشعبية في الحفاظ على المكتسبات والقائد الفريد عبد الكريم قاسم، ثم لماذا يتجاهل المؤلف جوهر المؤامرة الدنيئة للشواف وكأنه بطل وطني؟ وهل يصلح تسمية المقاومة الشعبية التي كانت تساند مفارز البيشمركة بالميليشيات؟ ولماذا الصمت على أفعال سلك الجحوش وقد عبثوا بكردستان الدمار والويلات؟
إن التاريخ لا يرحم ويلتقط الحقائق من مصادرها العليمة وينبغي للتناول التاريخي أن يكون رصيناً علمياً قابلاً للحوارات والمناقشة والتحليل المنطقي ولعلم السيد المؤلف إن الاعداد الانكليزي لمؤامرة الشواف تم قبل شهر من اعلانها في آذار 1959 وليراجع لكتابات في هذا الشأن ترى لمصلحة من هذا النبش في الماضي بالتجني والإيهام.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل وبخ روبرت دينيرو متظاهرين داعمين لفلسطين؟ • فرانس 24 / FR


.. عبد السلام العسال عضو اللجنة المركزية لحزب النهج الديمقراطي




.. عبد الله اغميمط الكاتب الوطني للجامعة الوطنية للتعليم التوجه


.. الاعتداء على أحد المتظاهرين خلال فض اعتصام كاليفورنيا في أمر




.. عمر باعزيز عضو المكتب السياسي لحزب النهج الديمقراطي العمالي