الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
سياسة الحرق .. بين ضياع المعالم و إبقاء الأثر ..
ايهاب السنجاري
2016 / 6 / 24مواضيع وابحاث سياسية
منذ أن سَدَفت علينا سحاب الشؤم (داعش ) و أمطرت علينا الدماء و انبتت منها الممارسات الخالية من بذرة الرحمة التي بثها الله في أنحاء السماوات و الأرض للعيش بسلام و نحن نشهد الصور البشعة في فَقْدِ الأبرياء و المظلومين على يد هؤلاء الشرذمة مستخدمين فن التعذيب قبل الموت و التمثيل بعده و الفظاعات التي تقشعر لها الأبدان من رجم و قطع أيدٍ و سمل جفون و فقء عيون و قطع ألسن و الزج من بنايات مرتفعة الى قاع صَلِب ، و لعل ماتعدى الشناعة من اساليب هو .. الحرق ..
إن عدنا بعض الشيء إلى زمن أبي الأنبياء إبراهيم (ع) حينما تكالب عليه قومه ليلقوه في كوم حطب مشتعل أعدوه انتقاماً لآلهتهم التي لا نفع لها و لا ضر ، و لولا رحمة الله لكان إبراهيم (ع) رمادا .
تواتر هذا الموروث - الحرق- للعقاب حتى القرون الوسطى التي لم تَخلُ هي الأخرى من حرق الأحياء المعارضين للكنيسة من ( المهرطقين ) و السحرة و كل من سار عكس تيارها ، و ايضاً عصور ظهور الإسلام و التداعيات بين التصديق
و التكذيب و التحريم و الكراهة لحرق المرتدين كما ورد من قصص مشكوك بصحتها .. ربما! ، بَيْدَ ان النبي صلى الله عليه وسلم قال : "لا تعذبوا بعذاب الله"
و " لا يعذب بالنار إلا رب النار" ، و عذاب الله المقصود هو في الآخرة على وجه الخصوص ، فلم نشهد عذاباً أو عقاباً من الله في الدنيا على قوم ظالمين او عاصين بالحرق ، فهو إما بالغرق أو جعل القرى عاليها سافلها أو إمطار حجارة من سجيل
و غيره ..
لعل من يُعَذِب بالنار في الدنيا أراد أن يعتلي منصة الألوهية و يتحكم بمقدّرات البشر حساباً أو دفاعا .. ربما ! ..
هكذا نجد هتلر و ما قام به بمحرقته الكبرى لليهود ، حيث يقول بعض الباحثين : "وجد هتلر أن العقيدة اليهودية المعبر عنها بالتعاليم الماركسية تنكر قيمة الإنسان الفردية، كما تنكر أهمية الكيان القومي و العنصري، مما يؤدي إلى تجريد البشرية من العناصر اللازمة لإستمرارها و لبقاء حضارتها، وهكذا آمن هتلر بأنه بدفاعه عن نفسه ضد اليهود، إنما يناضل في سبيل الدفاع عن عمل الخالق في الدفاع عن الجنس البشري كله".
اشتد وطء الحرق في عصرنا و لا يخفى على القارئ النماذج التي شوهدت على مرآى و مسمع الرأي العام و الدولي راح ضحيتها العديد ممن لا ناقة لهم و لا جمل في صفقات تحت الطاولة الكبرى و الإتفاقيات التي تُبرم على حسابهم وحساب ابناء جلدتهم من قِبل أفعى متعددة الرؤوس ، لن ننسى الشهداء كل من معاذ الكساسبة الطيار الأردني الذي تلذذ داعش في تصويره و هو يحترق و الـ ( ٢١) جندي عراقي الذين حُرقوا على يد أبناء الغاوية ..
كل ذلك يصب في إضمار معالم البشرية و إيقاد الوحشية التي أكلت الأخضر
و اليابس و رفع راية (الفتنة) ..
لم يقتصر الحرق على الأحياء فقط فهناك مجالات اخرى له ، فحرق مؤسسات العِلم و المعرفة و التأريخ لا تخلو بشاعة و ارهابية هي الأخرى من سابقتها ، فإضرام النيران في آلاف الكتب في المتاحف والمكتبات والجامعات في مدينة الموصل بالعراق من كتب الفلسفة و القانون و الشعر هي خطوة اخرى للتطهير الثقافي و طمس هويه المدينة بالكامل كما التدمير الممنهج للتراث و اضطهاد الأقليات أمور اخرى تهدف إلى حرق التنوع الثقافي الذي هو روح الشعب العراقي ..
كذلك العبث بإقتصاد البلد و مستحقاته المتمثل بحرق المصارف كمصرف الرافدين
و البنك المركزي العراقي و البنوك الأخرى بـ ( تماس كهربائي ) مرة تلو مرة ..
( هو العراق شايف كهرباء حتى يصير تماس !!! ) .. ماعلينا ..
و ما شهدناه من التصرفات الشخصية الهمجية التي قامت بها مجاميع ضالة في قضاء سنجار بعد تحريره من حرق منازل المواطنين الذين اغلبهم نازحين في كورستان و محافظات العراق بعد نهبها ، و غيرها من المناطق الأخرى التي شهدت ذات العمل ..
كل ذلك حرق ، بفعل فاعل ، بنيّة دثر الأخطاء ، أو تفريغ شحنات كراهية ، انعكست كل الأسباب على واقع تشتت به الآراء لصالح من لهم مصالح و اصبحت الفتاوى يتشدق بها القاصي و الداني .. ضد أو مع .. هي فاتورة يدفعها الفقراء في البلدان فقراً و دماً و دمعاً و تشرداً و تهجيرا ، فمهما اضاع الرماد المعالم .. فسيبقى الأثر .. مادياً او معنوياً .. و كلٌ له حساب ..
----------------------------------------------------------------
[email protected]
Facebook : Ehab Anan Sinjary
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. الإدارة الأميركية تبحث إنشاء قوات متعددة الجنسيات لحفظ السلا
.. شاهد| دوي اشتباكات عنيفة في محيط مستشفى الشفاء بغزة
.. بينهم 5 من حزب الله.. عشرات القتلى والجرحى بقصف إسرائيلي على
.. بعد سقوط صواريخ من جنوب لبنان.. اندلاع حريق في غابة بالجليل
.. أميركا ترصد مكافأة 10 ملايين دولار مقابل معلومات عن -القطة ا